واشنطن ترصد "استعدادات عالية المستوى" في صفوف المليشيات العراقية الموالية لإيران
واشنطن طالبت العراق عدة مرات بكبح الميليشيات العراقية ومنع استخدام أراضيها لشن هجمات "إرهابية"

إذا ضربت إسرائيل مواقع الفصائل المسلحة في العراق، فإن بغداد حددت خطتها وأرضيتها التي ستستند إليها في طريقة الرد على هذا الهجوم، الذي قد يحول البلاد إلى ساحة نزاع لقوى إقليمية يصعب ضبطها.

خطة بغداد حددها رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، الذي أوصل رسالة إلى واشنطن مفادها أن الولايات المتحدة مطالبة بالتدخل الفوري لحماية سيادة البلاد، إذا وقع الهجوم، حيث استند في ذلك إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تؤسس لتعاون دفاعي وأمني بين البلدين.

وقال النائب في البرلمان العراقي، ماجد شنكالي، في تصريحات لـ "الحرة" على هامش فعاليات المنتدى الخامس للسلام والأمن في الشرق الأوسط الذي تستضيفه الجامعة الأميركية في محافظة دهوك، إن "الحكومة العراقية وأغلب القوى السياسية تعمل على تجنيب العراق الدخول في الصراع الإقليمي، لكن هناك فصائل مسلحة تدعي المقاومة، وتعلن بين فترة وأخرى عن عمليات عسكرية ضد إسرائيل، لذلك فإن على الحكومة الاتحادية أن تكون أكثر حزما".

وهذه الاتفاقية، التي شكلت أساسا لعلاقة وثيقة بين بغداد وواشنطن، باتت الآن محور اختبار حقيقي في ظل واقع إقليمي متأزم بعد تهديد إسرائيل باستهداف مواقع في العراق تتبع لفصائل تشارك في تنفيذ هجمات ضدها.

وقال النائب في البرلمان العراقي، شيروان الدوبرداني، في تصريحات لـ "الحرة" على هامش المؤتمر، إن "المخاوف من التصعيد في محلها لاسيما في ظل نشاط بعض الفصائل وشن هجمات على إسرائيل من داخل العراق".

وسط توتر عراقي إسرائيلي.. تحركات مريبة للميليشيات في سنجار
على وقع المخاوف من تصعيد بين إسرائيل والعراق بعد تأكيد وزير الخارجية الإسرائيلي أن لبلاده "الحق في الدفاع عن نفسها" في حال استمرت الهجمات من الأراضي العراقية، يخشى سكان قضاء سنجار من تبعات كارثية في حال استخدمت ميليشيات موالية لإيران من جبل سنجار، قاعدة لشن هجمات على إسرائيل ومصالح أميركية في المنطقة.

وقال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن مساعي إسرائيل "بتوسعة الصراع" في المنطقة "يمثل أهم مكامن الخطر لتهديد أمن العراق واستقراره".

المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، ذكر من جهته أن السوداني سارع بالتحرك على المستوى الخارجي والداخلي "لإيجاد معادلة سياسية وطنية تجنب العراق من أن يكون أرضا لمعركة أو طرفا فيها".

الأكاديمي والباحث السياسي العراقي، يحيى الكبيسي، قال لـ "الحرة" إن ردود الفعل العراقية حول التهديدات الإسرائيلية تشير بصراحة إلى "عدم قدرة السلطات العراقية على السيطرة على الجماعات المسلحة".

وأضاف الكبيسي أن هذه الفصائل والميليشيات المسلحة "تعمل تحت غطاء سياسي وتمول من المال العام، لكنها لا تنفذ الأوامر الدولة العراقية".

ورفض المستشار الأمني في رئاسة الوزراء، حسين علاوي، والمتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، تحسين الخفاجي، طلبات موقع "الحرة" التعليق على موقف بغداد المستند إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي كأرضية لحماية العراق من أي هجوم إسرائيلي محتمل.

وكان الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، قال، في بيان الأربعاء، إن "رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني وجه القوات المسلحة والأجهزة الأمنية كافة بمنع وملاحقة أي نشاط عسكري خارج إطار سيطرة الدولة".

وأضاف رسول أن السوداني وجه بتعزيز الحدود العراقية الغربية من خلال النشاط المكثف والانتشار السريع ووضع الخطط اللازمة والعمل على تهيئة وضمان عمق أمني فعّال.

وأكد رسول استمرار الحكومة في إجراءاتها لمنع استخدام الأراضي العراقية لشن أي هجوم، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الإجراءات الامنية أثمرت بالفعل عن ضبط أسلحة معدة للإطلاق، لكنه لم يكشف عن مكان ضبط الأسلحة المعدة للإطلاق.

الميليشيات تشن ثلاث هجمات بالقذائف الصاروخية على مصالح غربية في العراق خلال أسبوع
مع استمرار الهجمات على إسرائيل.. هل فشل العراق في تفادي "الحرب"؟
رغم تأكيدات الحكومة العراقية على إبعاد شبح الحرب عن البلاد ومحاولة إنهاء التوترات في المنطقة إلا أن الحكومة العراقية لم تتمكن حتى الآن من الحد من الهجمات التي تشنها المليشيات الموالية لإيران بشكل شبه مستمر على إسرائيل والمصالح الأميركية.

 

"فجوة الثقة"

موقف بغداد المستند للاتفاقية يعكس تطلع العراق إلى التزام أميركي واضح، لكنه يكشف أيضا هشاشة موقع هذا البلد في لعبة النفوذ الإقليمي، خاصة أن إيران تلعب دورا محوريا في الوقع المتأزم هناك، ولها تأثير مباشر على الفصائل العراقية المسلحة.

وبينما تتمسك بغداد بالاتفاقية كخط دفاع أساسي ضد أي هجوم إسرائيلي محتمل، يرى خبراء أن العراق يعاني من "فجوة ثقة" مع الولايات المتحدة.

ويصف الباحث السياسي العراقي، نزار حيدر، الموقف العراقي المبني على الاتفاقية لحماية أراضيه بأنه "اعتراف بالعجز"، مشيرا إلى أن بغداد "لم تلتزم بتعهداتها في ضبط الفصائل المسلحة، مما يجعل مطالبة الولايات المتحدة بتنفيذ التزاماتها أمرا مثيرا للجدل".

وأضاف حيدر في حديث لموقع "الحرة" أن إمكانية إلغاء الاتفاقية إذا لم تستجب واشنطن لبغداد "تبدو بعيدة المنال، كون الاتفاقية أقرت بقانون من البرلمان العراقي، وأي تعديل أو إلغاء يتطلب أغلبية برلمانية يصعب تحقيقها في ظل الانقسامات السياسية".

شينكر: الأولوية الآن إبعاد العراق عن الصراع في المنطقة
قال مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط ومدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، إن "الأولوية الآن هي إبعاد العراق عن الصراع بالمنطقة"، في سياق تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران.

وفي ظل تصعيد خطير ومؤشرات على نية إسرائيل استهداف الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من إيران، وضعت بغداد ثقلها الدبلوماسي خلف الاتفاقية الاستراتيجية مع واشنطن، حيث طلب رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، من الولايات المتحدة تعاونا حاسما للرد على التهديدات الإسرائيلية.

وبغداد، التي تعتبر الفصائل المسلحة جزءا من تعقيداتها الداخلية، ترى في هذه الاتفاقية مظلة لحماية سيادتها من أي اعتداء خارجي.

وتجد الحكومة العراقية نفسها أمام تحد مزدوج، منع وقوع الهجمات الإسرائيلية المحتملة من جهة، وضبط الفصائل المسلحة التي تعمل خارج سلطة الدولة من جهة أخرى، ما يعقد المهمة الموكلة إليها.

ولم تتردد إسرائيل في اتهام العراق بتسهيل نشاط الفصائل المسلحة، مطالبة مجلس الأمن الدولي بالتدخل وضمان التزام بغداد بالقانون الدولي.

موقف واشنطن

وفي الوقت الذي تلوح فيه بغداد باتفاقية الإطار الاستراتيجي مع واشنطن، لمنع إسرائيل من تنفيذ هجوم ضدها، تواجه الإدارة الأميركية ضغوطا من الطرفين.

فواشنطن، التي وصف متحدث خارجيتها، ماثيو ميلر، الهجمات التي تنفذها الفصائل ضد إسرائيل بأنها "إرهابية"، شددت على ضرورة منع العراق من الانزلاق إلى صراع إقليمي.

ومع ذلك، لم تقدم الولايات المتحدة أي التزامات واضحة تتعلق بمنع الضربات الإسرائيلية المحتملة على العراق، بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعول عليها بغداد.

وتدخلت الولايات المتحدة بالسر والعلن لدفع الحكومة العراقية إلى ضبط الميليشيات المسلحة الموالية لإيران كي لا تتكرر تجربة حزب الله في لبنان مع العراق.

اتفاقية الإطار الاستراتيجي تنص على تعاون عراقي أميركي في مجالات الدفاع والأمن

وإضافة إلى الرسائل الضمنية التي نقلها المسؤولون في السفارة الأميركية في بغداد إلى المسؤولين العراقيين قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر: "لقد تواصلنا مع حكومة العراق بشأن هذه المسألة بالذات، لنوضح لها أنه لا ينبغي أن تسمح باستخدام أراضيها لشن هجمات إرهابية ضد أي أحد".

وأكد المسؤول الأميركي أنه "ليس من مصلحة العراق أن ينجرف إلى صراع إقليمي، ولذلك يتعين على حكومة العراق أن تتخذ كل الخطوات المناسبة لمنع هذه المنظمات الإرهابية من شن مثل هذه الهجمات".

واللافت في تصريحات ميلر أنه يصف الميليشيات العراقية والهجمات التي تقوم بها ضد إسرائيل بـ "الإرهابية".

كما أن ميلر يحذر العراق من الانجرار إلى صراع إقليمي، ويدعو حكومة بغداد إلى التدخل ووضع حد لهذه الفصائل. وبذلك ترمي الولايات المتحدة الكرة في ملعب العراق.

ويؤكد الكبيسي في حديثه لـ "الحرة" أن "قرار منع هذه الفصائل ليس بيد الحكومة العراقية، بل هو قرار إيراني، وأن جميع البيانات العراقية الرسمية التي تتحدث عن جهود تبذل للسيطرة على هذه الفصائل غير صحيح".

ويعتقد الكبيسي أن "الفصائل المسلحة هي أجنحة عسكرية لأحزاب ضمن الإطار التنسيقي الذي هو جزء من تشكيلة الحكومة، وبالتالي الجميع يعرف من يطلق هذه المسيرات والجميع يعرف من هي الجهات المتورطة".

وقال إنه "لا توجد إرادة حقيقية وإمكانية لتطبيق قرارات الحكومة بحصر سلاح الفصائل بيد الدولة، فهذه الفصائل لا يمكن المساس بها .. فهي محصنة ولا يمكن لأي جهة عراقية التعامل معها".

موقف بغداد

في المقابل، ردت الحكومة العراقية الكرة إلى الملعب الأميركي. فبيان مكتب رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بعد اجتماع المجلس الوزاري للأمن القومي، الثلاثاء، حث الولايات المتحدة على "التعاون مع العراق من أجل اتخاذ خطوات حاسمة بموجب القسم الثالث من اتفاقية الإطار الاستراتيجي لردع السلطات المحتلة (إسرائيل)".

ودعا البيان العراقي التحالف الدولي ودوله الأعضاء إلى "التصدي لهذه التهديدات ومنع المزيد من تصعيد الصراع". لكن البيان لم يحدد الخطوات المطلوبة تحديدا في هذا المجال.

والقسم الثالث من اتفاقية الإطار الاستراتيجي ينص على أنه "تعزيزا للأمن والاستقرار في العراق، وبذلك المساهمة في حفظ السلم والاستقرار الدوليين، وتعزيزا لقدرة جمهورية العراق على ردع كافة التهديدات الموجهة ضد سيادتها وأمنها وسلامة أراضيها، يواصل الطرفان (الولايات المتحدة والعراق) العمل على تنمية علاقات التعاون الوثيق بينهما فيما يتعلق بالترتيبات الدفاعية والأمنية، دون الإجحاف بسيادة العراق على أراضيه ومياهه وأجوائه".

وتشير الاتفاقية إلى تعاون "في مجالي الأمن والدفاع وفقا للاتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية العراق بشأن سحب قوات الولايات المتحدة من العراق وتنظيم أنشطتها خلال وجودها المؤقت فيه".

ولم يعلق المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في مؤتمره الصحفي، الأربعاء، على هذه النقطة بالتحديد.

تدعم الولايات المتحدة سيادة الجيش العراقي، وتطالب بغداد بكبح الميليشيات المسلحة

شرارة المواجهة المفتوحة؟

وتجد بغداد نفسها في مأزق جيوسياسي حاد يضعها بين التحذيرات الأميركية والتصعيد الإسرائيلي.

وكشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن وجود خطة لاستهداف الفصائل المسلحة في العراق من قبل إسرائيل.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، قد حمل الحكومة العراقية مسؤولية ما يحدث على أراضيها، مؤكدا أن لبلاده "الحق في الدفاع عن نفسها" في حال استمرت الهجمات من الأراضي العراقية.

وطالب في رسالة وجهها إلى رئيس مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات فورية بشأن نشاط الميليشيات الموالية لإيران في العراق.

ومع تصاعد الأزمات في لبنان وغزة، تحذر أصوات داخل العراق من أن هجوم إسرائيل على الفصائل قد يشعل مواجهة واسعة تشمل استهداف المصالح الأميركية في العراق والمنطقة.

المحلل السياسي العراقي، نزار حيدر، يرى أن طلب العراق من الولايات المتحدة الدفاع عن سيادته ضد الهجمات الإسرائيلية يمثل "اعترافا صريحا بعجز بغداد عن حماية نفسها ويعكس اعتمادها المستمر على التحالف الدولي بقيادة واشنطن".

وانتقد حيدر الموقف العراقي الذي يطالب الولايات المتحدة بالالتزام بتعهداتها "في الوقت الذي أخفق فيه العراق في كبح جماح الفصائل المسلحة التي تستهدف المصالح الأميركية والدولية".

وأشار حيدر إلى أن "تأجيل الضربة الإسرائيلية قد يكون واردا، أما استمرار الفصائل العراقية المسلحة خارج سيطرة الدولة سيعزز من احتمالات التصعيد".

وبينما تسعى الحكومة العراقية لتجنب الانجرار إلى مواجهة مباشرة، فإن بغداد تعي تماما أن أي تصعيد سيجعل من العراق ساحة جديدة لصراعات القوى الإقليمية والدولية.

مقاتلون من المعارضة في ريف حمص.
مقاتلون من المعارضة في ريف حمص. Reuters

يكتنف الغموض حول مشاركة المليشيات العراقية الموالية لإيران في الحرب السورية، التي عادت لدائرة الضوء مجددا منذ بدء فصائل المعارضة هجوما واسعا ضد نظام بشار الأسد والمليشيات الإيرانية وسيطرتها على مدينتي حلب وحماة واستمرار زحفها باتجاه العاصمة دمشق.

ويؤكد الموقف الرسمي العراقي على عدم السعي للتدخل العسكري بسوريا، وجدد الناطق باسم الحكومة، باسم العوادي، الجمعة، تأكيده على ذلك الموقف، مضيفا في بيان أن "العراق يعمل بقوة على إيجاد حل سياسي متوازن للتداعيات الأخيرة".

لكن موقف هيئة الحشد الشعبي وكذلك المليشيات العراقية غير واضح حتى الآن، رغم أنها أكدت عدم المشاركة في الحرب السورية الا بموافقة رسمية من الحكومة.

ويتزامن غموض موقف المليشيات العراقية من المشاركة في الحرب مع دعوة زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقا) مقتدى الصدر، الخميس الماضي، الحكومة والفصائل العراقية المسلّحة إلى "عدم التدخل" فيما يحصل بسوريا.

وشدّد الصدر في منشور على منصة "إكس" على "ضرورة عدم تدخل العراق حكومة وشعبا وكل الجهات والميليشيات والقوات الأمنية في الشأن السوري كما كان ديدن بعضهم فيما سبق"، داعيا "الحكومة إلى منعهم من ذلك ومعاقبة كل من يخرق الأمن السلمي والعقائدي."

ويوضح المحلل السياسي المقرب من التيار الوطني الشيعي،عصام حسين، لـ"الحرة"، "يرى مقتدى الصدر أن الأحداث في سوريا صراع دولي، بمجرد أن يتدخل العراق سينتقل هذا الصراع الدولي إلى العراق الذي يشهد أمانا."

ويشير حسين الى أن الفصائل العراقية التي كانت في منطقة البوكمال السورية الحدودية مع العراق انسحبت، الجمعة، مستبعدا مشاركة الفصائل العراقية في الحرب السورية هذه المرة لامتلاكها مصالح سياسية واقتصادية وارتباطات دولية.

وعلى نقيض الصدر أعلنت مليشيا "أبو الفضل العباس" بزعامة أوس الخفاجي، الخميس، عن إعادة تشكيل قواتها، وأنها ستتجه بعد استكمال العدد والعدة إلى دمشق وستتمركز بجوار مرقدي "السيدة زينب" و"السيدة رقية" دون المشاركة في أي عمليات عسكرية خارج محيط المرقدين التزاما بقرارات الحكومة العراقية والمرجعية الشيعية.

ويبدو أن المليشيات العراقية تسعى لتقاسم الأدوار في المرحلة الحالية تجاه الأحداث في سوريا، حيث تعلن قسم منها أنها ستدخل الأراضي السورية لممارسة دورها في حماية دمشق من السقوط بيد فصائل المعارضة، التي يعتبرها العراق"جماعات إرهابية"، بينما تشير مليشيات أخرى الى أنها تتطلع إلى حل سياسي وأنها ملتزمة بالموقف الحكومي الرسمي.

ويرى الخبير السياسي إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، أن تقاسم الأدوار قد يكون في المرحلة الأولى، على اعتبار أن الحكومة العراقية أو حتى الفصائل بحاجة إلى مسار دبلوماسي ومسار آخر عسكري.

ويبين الشمري لـ"الحرة"، "لكن إذا كان هناك تهديد بسقوط الحكومة السورية أو حتى بشار الأسد، أتصور ان الفصائل قد تنخرط بشكل كامل ومن ثم ينتهي الحد الفاصل في المناورة وتبادل الأدوار"، مشيرا الى أنه ورغم إعلان الفصائل الاستعداد للانخراط في الحرب السورية، إلا أنها في نفس الوقت متمركزة في بعض النقاط داخل سوريا.

وتحتضن سوريا نحو 20 فصيلا من المليشيات العراقية منذ عام 2012، وكانت تتمركز جزء كبير من هذه المليشيات حتى نوفمبر الماضي في حلب وحماة قبل انسحابها مع المليشيات الإيرانية الأخرى وجيش النظام السوري من هاتين المدينتين، اللتين سيطرت عليها الفصائل المعارضة السورية إلى جانب بلدات أخرى ضمن عملياتها الواسعة ضد الجيش السوري والمليشيات المتحالفة معها.

ويشير الشمري الى أن إيران تطرح فكرة إرسال مستشارين إلى سوريا، معربا عن اعتقاده بأن هذه الفكرة "قد تدفع جميع الفصائل إلى الاشتراك إذا ما كان هناك قرار بهذا المستوى، لكن مع ذلك لا يزال الرأي المطروح بأن الذهاب إلى سوريا مع انسحاب كامل للجيش السوري من بعض المحافظات والمدن قد يكون ذا كلف وأثمان باهظة جدا."

وتظهر تصريحات قادة المليشيات العراقية حتى المنخرطة منها في العملية السياسية، أنها ستدخل الى الأراضي السوريا فيما إذا اشتد حصار المعارضة على نظام الأسد.

وأكد هادي العامري، الأمين العام لمنظمة بدر أقدم المليشيات العراقية الموالية لإيران، السبت، خلال مشاركته في مهرجان "أبناء المجاهدين"، أنه "إذا هُدد أمننا القومي يجب أن ندخل للقتال في سوريا"، مشددا "الهجوم خير وسيلة للدفاع ومن غير الصحيح أن نبقى نترقب التصعيد من بغداد".

لكن الخبير السياسي الناصر دريد، يعتبر الفصائل العراقية كلها غير متشجعة وغير راغبة في دخول أجواء المعركة في سوريا هذه المرة.

ويسلط دريد الضوء على أبرز الأسباب التي تجعل الفصائل غير راغبة بدخول الأراضي السورية، موضحا لـ"الحرة"، "الوضع الحالي لم يعد شبيه بالأوضاع الطائفية، التي كانت سائدة خلال السنوات الماضية عندما دخلت الفصائل في معارك سورية للدفاع عن مرقد السيدة زينب، ومنها أن المعارضة الحالية في سوريا استطاعت إلى حدما أن تطرح بشكل مختلف الشكل الطائفي الذي ظهرت فيه في المرة الأولى، إلى جانب ضعف القبضة الإيرانية بعد المعارك التي أعقبت 7 أكتوبر 2023."

ومن أبرز المليشيات العراقية المتمركز في سوريا حاليا، هي مليشيا النجباء ومنظمة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراق، لواء أبو الفضل العباس، التي كانت اول مليشيات عراقية تشكل في سوريا لحماية مرقد السيدة زينب، وكتائب سيد الشهداء وكتائب الإمام علي.

كما أن هناك عددا آخر  من المليشيات التي شكلها الحرس الثوري الايراني من مجندين شباب عراقيين تلقوا تدريباتهم في العراق وانضموا للحرب في سوريا، وتتمركز المليشيات العراقية حاليا في العاصمة دمشق ومطارها وفي محيط مرقد السيدة زينب، وريف دمشق وحمص وريفها والقلمون والغوطة الشرقية واللاذقية.