المرشد الإيراني علي حامنئي والزعيم الديني العراقي مقتدى الصدر والقائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني في طهران
صورة أرشيفية تجمع مقتدى الصدر بالقائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني والمرشد الأعلى علي خامنئي- تعبيرية

علّق مستشار الأمن العراقي قاسم الأعرجي، الثلاثاء، على بيان زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، المتداول منذ ساعات، حاملاً توجيهات وأوامر لمليشيا "سرايا السلام"، تتركز أغلبها على تبديل مقراتها الإدارية والعسكرية وغيرها من المناطق السكنية، ونقلها لمناطق بعيدة عن السكّان، وإزالة أي علامات تدل على مواقع تواجدها.

وقال الأعرجي عبر حسابه الرسمي في إكس: "نُثمن عالياً التوجيهات الحكيمة التي أصدرها سماحة السيد مقتدى الصدر بخصوص مقرات وتحركات سرايا السلام، المنضوية رسمياً تحت مظلة القوات العراقية الرسمية".

وأضاف المستشار الحكومي "في الوقت الذي نُشيد ونبارك هذه الخطوة، نؤكد مجدداً أن العراق قوي بوحدة وتماسك شعبه، وعلى الجميع مسؤولية كبيرة في الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم المجتمعي، وتجنيب البلد مخاطر الانزلاق إلى حرب إقليمية يسعى إلى إشعالها الكيان المحتل"، في إشارة إلى إسرائيل.

وانخرطت "سرايا السلام" (عرفت سابقا باسم جيش المهدي) ضمن تشكيلات الحشد الشعبي، الذي شارك القوات العراقية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة معاركهما ضد تنظيم داعش الإرهابي في 2017.

وبعد ضم الحشد لصفوف الجيش العراقي، تحت مسمى "هيئة الحشد الشعبي"، أصدر كذلك رئيس الوزراء السابق الذي أطاحته انتفاضة أكتوبر 2019، عادل عبد المهدي، قرارا بحصر السلاح بيد الدولة، ليستجيب الصدر بإعلان "انفكاك السرايا عنه".

وشاركت صفحة السرايا الرسمية على فيسبوك، بيان الصدر أيضاً.

واعتُبر البيان المتداول بخط اليد وتمت إعادة صياغته طباعة كذلك، خطوة استباقية لأي ضربات إسرائيلية محتملة على العراق، قد تستهدف المليشيات المسلحة الشيعية، خصوصاً الموالية لإيران المنضوية في جماعة "المقاومة الإسلامية في العراق" التي وجهت عشرات الضربات الصاروخية منذ أكتوبر 2023، نحو مواقع إسرائيلية ومصالح أميركية داخل البلاد.

ودعا فيه زعيم التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقاً) "سرايا السلام" إلى تبديل مقراتها الإدارية والعسكرية وغيرها من المناطق السكنية، ونقلها لمناطق بعيدة عن السكّان، خلال مدة أقصاها 40 يوماً من هذا التوجيه.

كما أمرهم الصدر بإزالة جميع صور آل الصدر عن مقرات "سرايا السلام" خلال 3 أيام، دون أن يشمل ذلك الصور داخل الغرف والممرات، أو المتواجدة في الأماكن العامة من أحياء وشوارع وأزقة، بحسب البيان.

وتضمن البيان توجيهات أخرى من مقتدى الصدر، مثل عدم استخدام سرايا السلام للسيارات "بصورة مفرطة"، مردفاً "يُمنع استعمال أكثر من 5 سيارات رسمية لكل من القيادات" وسحب كافة السيارات غير الشخصية باستثناء منطقة سامراء.

وأوعز بأن يكون علم العراق "أعلى من كل راية بما فيها راية سرايا السلام"، قائلا "نحن التيار الوطني الشيعي. والرجاء عدم رفع راية الإمام المهدي الخضراء مع العلم العراقي وراية سرايا السلام".

ورغم من إعلان الصدر قبل أكثر من عامين انسحابه من المشهد السياسي، إلا أن تأثيره على أنصاره لا يزال قوياً. 

ومنذ بداية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وفصائل فلسطينية مسلحة على رأسها حماس، استجاب عشرات الآلاف من العراقيين لدعواته إلى مظاهرات وحملات تبرع تضامناً مع أهالي غزة.

وتأتي توجيهات الزعيم الشيعي المناوئ لحكومة "الإطار التنسيقي" بعد أيام من تصريحات الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، بأن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجه القوات المسلحة والأجهزة الأمنية كافة بـ"منع وملاحقة أي نشاط عسكري خارج إطار سيطرة الدولة".

كما وجه رئيس الحكومة بتعزيز الحدود العراقية الغربية من خلال النشاط المكثف والانتشار السريع ووضع الخطط اللازمة والعمل على تهيئة وضمان عمق أمني فعّال، بحسب رسول.

وأكد رسول استمرار إدارة السوداني في إجراءاتها لمنع استخدام الأراضي العراقية لشن أي هجوم، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الإجراءات الامنية أثمرت بالفعل عن ضبط أسلحة معدة للإطلاق، لكنه لم يكشف عن مكان ضبط الأسلحة المعدة للإطلاق.

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، إن السوداني سارع بالتحرك على المستوى الخارجي والداخلي "لإيجاد معادلة سياسية وطنية تجنب العراق أن يكون أرضا لمعركة أو طرفا فيها".

مقاتل من ميليشيا كتائب حزب الله موقع غارة أميركية محافظة بابل نهاية عام 2023 المصدر: رويترز
مقاتل من ميليشيا كتائب حزب الله موقع غارة أميركية محافظة بابل نهاية عام 2023 المصدر: رويترز

طالبت ميليشيا "كتائب حزب الله"، الاثنين، الحكومة العراقية بإرسال قوات إلى سوريا للدفاع عن نظام الرئيس بشار الأسد.

"الكتائب" وهي أحد الفصائل الموالية لإيران في العراق، قالت في بيان إنها لم "ترسل مجاهديها" إلى سوريا بعد، لكنها تقترح على الحكومة "التفاهم" مع نظيرتها السورية لإرسال قوات "رسمية" إلى سوريا للتصدي لما "يهدد" الأمن القومي العراقي، بحسب زعمها.

"ما تفعله بعض هذه الفصائل جزء من خطة إيرانية لحماية نظام بشار الأسد، وليس دفاعا عن الأمن القومي العراقي"، يقول عقيل عباس، الباحث، المحلل السياسي العراقي.

ويضيف في حديث مع موقع "الحرة" أن بعض الفصائل العراقية المسلحة انخرطت في الأحداث السورية، وتعرضت إلى ضربات على الحدود.

دعوة الكتائب جاءت بعد ساعات على نفي رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وجود قوات من الحشد تقاتل في سوريا، أو تنوي دخولها.

والحشد الشعبي قوة عراقية تشكلت بعد فتوى الجهاد الكفائي للمرجع الديني الأعلى علي السيستاني في يونيو 2014، وأقر قانونها في عام 2016، وترتبط وفق القانون بالقائد العام للقوات المسلحة العراقية، لكن بعض فصائلها تعمل وفق توجيهات إيرانية مباشرة.

مسلحون من جماعة "هيئة تحرير الشام" يقودون دراجة نارية في الراشدين - مصدر الصورة: رويترز
بعد أحداث سوريا.. مخاوف من عودة نشاط الجماعات الجهادية في المنطقة
مراقبون يرون أن استغلال الجماعات الجهادية للوضع السوري لا يقتصر على العمليات المسلحة فقط، بل يمتد إلى تجنيد عناصر جديدة. الفقر والبطالة والنزوح الناتج عن الصراع المستمر يعد بيئة خصبة لاستقطاب الأفراد، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية والدعم الحكومي.

بالنسبة للمحلل السياسي العراقي أحمد الياسري، فإن العراق لا يستطيع أن يسيطر على حدوده إذا ما أرادت بعض الفصائل الذهاب والمشاركة في القتال في سوريا.

يقول الياسري للحرة إن "بعض الفصائل لديها منافذ دخول لسوريا، واستُهدف بعضها داخل الأراضي السورية".

وتشارك مجموعة من الفصائل العراقية في القتال الدائر بسوريا منذ عام 2011، وبقي بعضها حتى بعد أن هدأت الأوضاع بشكل نسبي هناك.

وتعد "حركة النجباء" بقيادة أكرم الكعبي أبرز هذه الفصائل، بالإضافة إلى كتائب حزب الله التي يقودها أبو حسين الحميداوي، فضلا عن حركة "عصائب أهل الحق" بقيادة قيس الخزعلي، وهي فصائل مدرجة على الائحة الأميركية للمنظات الإرهابية.

ويحذر الباحث عقيل عباس مما أسماه "توريط" العراق في حرب لا علاقة له بها، خاصة وأن المسلحين في سوريا الذين شنوا الهجوم الأخير، ليسوا جزءا من "داعش" ولم يهددوا العراق، على حد قوله.

ويخشى العراق من تكرار سيناريو عام 2014 عندما احتل تنظيم "داعش" ثلث مساحة البلاد بسيطرته على مدن في نينوى والأنبار وصلاح الدين.

ورغم نفي وزارة الداخلية العراقية عبر المتحدث باسمها مقداد ميري خلال مؤتمر صحفي الاثنين، المعلومات التي تفيد بدخول مسلحين عراقيين إلى سوريا، أكد مراسل "الحرة" في سوريا "تسلل" جماعات مسلحة عراقية إلى الأراضي السورية عبر معابر غير رسمية في منطقة ألبو كمال.

من المعروف أن "كتائب حزب الله" تمتلك منفذا حدوديا مع سوريا، لا تتدخل فيه السلطات العراقية، ويعرف باسم منفذ "السكك" في قضاء القائم. استخدمته طيلة السنوات الماضية لعمليات تهريب وإدخال بضائع بعيدا عن أعين السلطات، فضلا عن نقل السلاح الإيراني إلى نظام الأسد.

وتشير تقارير لم تتأكد بعد إلى تعرض لواء "فاطميون" الموالي لإيران، والذي قاتل في سوريا لسنوات طويلة، إلى ضربات جوية على الحدود العراقية السورية مساء الاثنين.

والجمعة الماضية، نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان معلومات تفيد بمقتل 9 عناصر من ميليشيات عراقية موالية لإيران خلال ضربات جوية في منطقة ألبو كمال على الحدود بين البلدين.

وبالنسبة للعراق، فإن مسلحي المعارضة السورية "جماعات إرهابية" وفقا للواء يحيى رسول المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، على الرغم من محاولات مسلحي المعارضة "تطمين" العراق بأنها جماعات تعمل على إسقاط نظام الأسد، وليس القتال في دول أخرى.

وتكمن الفكرة التي تروج لها الميليشيات العراقية الموالية لإيران، في ضرورة الذهاب للقتال في سوريا "منعا" لوصول المقاتلين هناك إلى العراق، وهي فكرة روجتها منذ عام 2011.