وزير الدفاع العراقي تفقد القوات على الحدود العراقية السورية - وزارة الدفاع العراقية
وزير الدفاع العراقي تفقد القوات على الحدود العراقية السورية - وزارة الدفاع العراقية

تفقد وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، السبت، القوات المنتشرة على الشريط الحدودي مع سوريا، وذلك في ظل التطورات الأخيرة التي تشهدها مدينة حلب السورية.

ونقلت وزارة الدفاع العراقية على منصة إكس، أن العباسي "يرافقه معاون رئيس أركان الجيش للعمليات والعمليات المشتركة، وقائد القوات البرية"، تفقد القوات على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا "قاطع عمليات غربي نينوى في سنجار، للاطلاع على الأوضاع الأمنية ضمن قاطع المسؤولية".

وتنفذ القوات العراقية بين الحين والآخر عمليات عسكرية لمطاردة الجماعات المسلحة والمتسللين من الأراضي السورية، فضلا عن إقامة خندق وسياج أمني مجهز بالكاميرات على طول الشريط الحدودي بين العراق وسوريا.

وقال الخبير الاستراتيجي والمستشار السابق في وزارة الدفاع العراقية، معن الجبوري، لقناة "الحرة"، الجمعة، إن المنطقة الحدودية "شهدت هدوءا نسبيا في الفترة الماضية، بسبب استقرار الوضع في العراق والتعاون مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لصد الهجمات ومنع الميليشيات من التسلل عبر الحدود".

لكن الجبوري أوضح أن ما يحدث في حلب وتقدم الفصائل السورية المسلحة هناك هو "انهيار مفاجئ وتغيّر كبير في الخارطة الجيو-عسكرية"، مشيرا إلى أن الحدود أصبحت الآن "مهددة"، خاصة أنها لا تزال تعتبر "الخاصرة الرخوة حتى هذه اللحظة".

وشدد المستشار السابق في وزارة الدفاع العراقية، على أهمية "تغيير الخطط العسكرية لتواكب التطورات المتلاحقة في المنطقة، سيما من انهيار النظام السوري في حلب وإدلب" وتبعات الصراعات في المنطقة.

وسيطرت مجموعات مسلحة معارضة بعضها مدعوم من تركيا، على مساحات واسعة من حلب، وأسفرت المعارك عن مقتل أكثر من 300 شخص من بينهم مدنيين.

من جانبه، أعلن النظام السوري في بيان للجيش، السبت، أن العشرات من قواته سقطوا في المعارك وأن انسحابه من مناطق كبيرة في حلب هو "إعادة انتشار" تمهيدا لشن "هجوم مضاد" واستعادة المدينة الاستراتيجية.

مقاتل من ميليشيا كتائب حزب الله موقع غارة أميركية محافظة بابل نهاية عام 2023 المصدر: رويترز
مقاتل من ميليشيا كتائب حزب الله موقع غارة أميركية محافظة بابل نهاية عام 2023 المصدر: رويترز

طالبت ميليشيا "كتائب حزب الله"، الاثنين، الحكومة العراقية بإرسال قوات إلى سوريا للدفاع عن نظام الرئيس بشار الأسد.

"الكتائب" وهي أحد الفصائل الموالية لإيران في العراق، قالت في بيان إنها لم "ترسل مجاهديها" إلى سوريا بعد، لكنها تقترح على الحكومة "التفاهم" مع نظيرتها السورية لإرسال قوات "رسمية" إلى سوريا للتصدي لما "يهدد" الأمن القومي العراقي، بحسب زعمها.

"ما تفعله بعض هذه الفصائل جزء من خطة إيرانية لحماية نظام بشار الأسد، وليس دفاعا عن الأمن القومي العراقي"، يقول عقيل عباس، الباحث، المحلل السياسي العراقي.

ويضيف في حديث مع موقع "الحرة" أن بعض الفصائل العراقية المسلحة انخرطت في الأحداث السورية، وتعرضت إلى ضربات على الحدود.

دعوة الكتائب جاءت بعد ساعات على نفي رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وجود قوات من الحشد تقاتل في سوريا، أو تنوي دخولها.

والحشد الشعبي قوة عراقية تشكلت بعد فتوى الجهاد الكفائي للمرجع الديني الأعلى علي السيستاني في يونيو 2014، وأقر قانونها في عام 2016، وترتبط وفق القانون بالقائد العام للقوات المسلحة العراقية، لكن بعض فصائلها تعمل وفق توجيهات إيرانية مباشرة.

مسلحون من جماعة "هيئة تحرير الشام" يقودون دراجة نارية في الراشدين - مصدر الصورة: رويترز
بعد أحداث سوريا.. مخاوف من عودة نشاط الجماعات الجهادية في المنطقة
مراقبون يرون أن استغلال الجماعات الجهادية للوضع السوري لا يقتصر على العمليات المسلحة فقط، بل يمتد إلى تجنيد عناصر جديدة. الفقر والبطالة والنزوح الناتج عن الصراع المستمر يعد بيئة خصبة لاستقطاب الأفراد، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية والدعم الحكومي.

بالنسبة للمحلل السياسي العراقي أحمد الياسري، فإن العراق لا يستطيع أن يسيطر على حدوده إذا ما أرادت بعض الفصائل الذهاب والمشاركة في القتال في سوريا.

يقول الياسري للحرة إن "بعض الفصائل لديها منافذ دخول لسوريا، واستُهدف بعضها داخل الأراضي السورية".

وتشارك مجموعة من الفصائل العراقية في القتال الدائر بسوريا منذ عام 2011، وبقي بعضها حتى بعد أن هدأت الأوضاع بشكل نسبي هناك.

وتعد "حركة النجباء" بقيادة أكرم الكعبي أبرز هذه الفصائل، بالإضافة إلى كتائب حزب الله التي يقودها أبو حسين الحميداوي، فضلا عن حركة "عصائب أهل الحق" بقيادة قيس الخزعلي، وهي فصائل مدرجة على الائحة الأميركية للمنظات الإرهابية.

ويحذر الباحث عقيل عباس مما أسماه "توريط" العراق في حرب لا علاقة له بها، خاصة وأن المسلحين في سوريا الذين شنوا الهجوم الأخير، ليسوا جزءا من "داعش" ولم يهددوا العراق، على حد قوله.

ويخشى العراق من تكرار سيناريو عام 2014 عندما احتل تنظيم "داعش" ثلث مساحة البلاد بسيطرته على مدن في نينوى والأنبار وصلاح الدين.

ورغم نفي وزارة الداخلية العراقية عبر المتحدث باسمها مقداد ميري خلال مؤتمر صحفي الاثنين، المعلومات التي تفيد بدخول مسلحين عراقيين إلى سوريا، أكد مراسل "الحرة" في سوريا "تسلل" جماعات مسلحة عراقية إلى الأراضي السورية عبر معابر غير رسمية في منطقة ألبو كمال.

من المعروف أن "كتائب حزب الله" تمتلك منفذا حدوديا مع سوريا، لا تتدخل فيه السلطات العراقية، ويعرف باسم منفذ "السكك" في قضاء القائم. استخدمته طيلة السنوات الماضية لعمليات تهريب وإدخال بضائع بعيدا عن أعين السلطات، فضلا عن نقل السلاح الإيراني إلى نظام الأسد.

وتشير تقارير لم تتأكد بعد إلى تعرض لواء "فاطميون" الموالي لإيران، والذي قاتل في سوريا لسنوات طويلة، إلى ضربات جوية على الحدود العراقية السورية مساء الاثنين.

والجمعة الماضية، نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان معلومات تفيد بمقتل 9 عناصر من ميليشيات عراقية موالية لإيران خلال ضربات جوية في منطقة ألبو كمال على الحدود بين البلدين.

وبالنسبة للعراق، فإن مسلحي المعارضة السورية "جماعات إرهابية" وفقا للواء يحيى رسول المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، على الرغم من محاولات مسلحي المعارضة "تطمين" العراق بأنها جماعات تعمل على إسقاط نظام الأسد، وليس القتال في دول أخرى.

وتكمن الفكرة التي تروج لها الميليشيات العراقية الموالية لإيران، في ضرورة الذهاب للقتال في سوريا "منعا" لوصول المقاتلين هناك إلى العراق، وهي فكرة روجتها منذ عام 2011.