تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
داعش في العراق.. إلى أين؟

تحركات داعشية في مناطق عراقية، لاسيما سلسلة جبال حمرين الواقعة شرقي البلاد وبعض المناطق الصحراوية غربها، حيث يسعى داعش إلى استغلالها ملاذات آمنة، أملاً بإعادة تنظيم صفوفه.

تبدو تلك أبرز ما تشهده الساحة الأمنية والسياسية في العراق الآن، وتجسد تصاعداً في وتيرة التحديات، ومن بينها تحركات خلايا تنظيم داعش في بعض المناطق،

تشكل هذه التحركات تهديداً خطيراً لاستقرار البلاد، الأمر الذي دفع القوات الأمنية إلى اعتماد استراتيجيات مغايرة لمقارعة التنظيم، يأتي أحد أركانها بتنفيذ عمليات استباقية تعتمد على معلومات استخبارية دقيقة، لإحباط مخططات داعش وضمان حماية المدنيين من جرائمه.

ويقول المتحدث الرسمي باسم جهاز مكافحة الإرهاب، صباح النعمان، في تصريح خاص لموقع "الحرة"، إن الجهاز يعمل وفق رؤية أمنية خاصة، تهدف إلى تكثيف العمليات العسكرية النوعية لمكافحة تواجد خلايا تنظيم داعش ونشاطاتها في مختلف المناطق على رأسها المناطق النائية وذات الجغرافيا والتضاريس الصعبة، حيث نفذ الجهاز خلال عام 2024 نحو 341 عملية أمنية، أسفرت عن مقتل واعتقال 147 عنصراً من داعش.

وأوضح النعمان، أن العمليات العسكرية تأخذ جوانب عدة بضمنها عمليات خاصة لجهاز مكافحة الإرهاب، وقسم من تلك العمليات كانت مشتركة بناءً على معلومات من الأجهزة الاستخبارية كجهاز المخابرات الوطني وجهاز الأمن الوطني، فضلاً عن عمليات أخرى جاءت بتخطيط من قيادة العمليات المشتركة.

كما أضاف أن جزءاً أخر من تلك العمليات الأمنية جرى بتنسيق عالي المستوى مع الأجهزة الأمنية في إقليم كردستان، بما في ذلك عمليات عسكرية مشتركة في أغلب مناطق الاهتمام المشترك، وعمليات أخرى تتعلق بتسليم متهمين في الإقليم مطلوبين لجهاز مكافحة الإرهاب.

ويؤكد النعمان أن حصيلة العمليات العسكرية في عام 2024، أسفرت عن مقتل نحو 63 عنصراً من داعش من مستويات قيادية مختلفة وصلت إلى الصفين الأول والثاني من قادة التنظيم، بما في ذلك مقتل ما يُسمى بـ"والي العراق" ومساعديه في جبال حمرين، كذلك مقتل 21 مسلحاً من التنظيم في عملية نوعية للجهاز وكان من بين القتلى، ما يعرف بـ"والي الأنبار" و "والي الجنوب"، إضافة إلى المسؤول عن الملف الكيميائي ومسؤول عمليات التنظيم خارج العراق " أبي علي التونسي".

وفيما يخص عمليات إلقاء القبض على عناصر تنظيم داعش، فقد تمكن جهاز مكافحة الإرهاب في عام 2024، من اعتقال 84 عنصراً من التنظيم بينهم قادة كبار، وفق المادة "4 إرهاب" في عمليات نوعية مختلفة، فضلاً عن تدمير أكثر من 260 مقراً ومضافةً لداعش في مناطق عديدة، أهمها في عمق صحراء الأنبار، وفقاً لقول النعمان.

ويشير إلى أن تحقيق هذه النتائج كان جزءٌ منها يعتمد على قادة البيانات التي تحّصل عليها جهاز مكافحة الإرهاب خلال عملياته الاستباقية، والتي تخضع لتحديث دائم من قبل استخبارات الجهاز، فضلاً عن التنسيق مع الأجهزة الاستخبارية العراقية، بالإضافة إلى التعاون المعلوماتي مع أجهزة مكافحة الإرهاب الإقليمية والدولية بناءً على مذكرات تفاهم موقعة.

ولفت النعمان، إلى أن عمل جهاز مكافحة الإرهاب يعتمد على تقنيات حديثة وجوانب فنية بالغة الأهمية أدخلت في عمل الجهاز، سيما هذا العام لتطوير العمل الاستخباري فمهمة الجهاز وفقاً لقانونه، هي كجهاز أمني استخباري، كما يحرص رئيس الجهاز على تطوير القدرات الفنية والبشرية واللوجستية لاستخبارات الجهاز لضمان أداء مهامه على أكمل وجه.

مفاتيح بقاء داعش.. تأثير السياسة وضعف المؤسسة الأمنية

الخبير العسكري عبد الرزاق الجبوري، يفصل في حديث لموقع" الحرة " ما وراء عدم القضاء على تنظيم داعش في العراق بشكل نهائي حتى الآن، برغم النجاحات الميدانية التي حققتها قوات الأمن العراقية، حيث أرجع السبب إلى جانبيّن أحدهما سياسي والأخر أمني.

فيما يتعلق بالشق السياسي، يتجسد بتقاطع المصالح والمكاسب بين الدول الإقليمية والدول العظمى، ومسألة تقاسم النفوذ إلى جانب الأهداف الجيوسياسية لكل من تلك الدول، هذا يعزز من بقاء داعش ويحول دون إنهائه بالكامل، خاصة وأنه يُعتبر أداة أو بندقية مأجورة، قد تحتاج بعض الدول لاستخدامها في ظرف ما، لتنفيذ مخططات محددة ربما لإرباك الوضع الأمني في جغرافية معينة أو للضغط على دول أخرى منها العراق.

أما ما يخص الجانب العسكري، يقول الجبوري، إن هناك مشاكل عدة في عملية بناء الجيش العراقي الحالي والأجهزة الأمنية والاستخبارية تتعلق بالمهنية الأمنية، وذلك لأن الجانب السياسي الذي يتحكم في بناء القوات المسلحة يتأثر ويخضع للضغوط الدولية والاقليمية التي لا تسمح ببناء جيش يمتلك قدرات عالية تمكّنه من القضاء على داعش بصورة نهائية حسب قوله.

ورغم أن تنظيم داعش في العراق يشكل تحدياً أمنياً، يرى الجبوري أن خطر التنظيم حالياً جزئي وتحت السيطرة، ومع ذلك إذا ما تفاقمت الأوضاع شرقي سوريا في ظل سيناريوهات معينة، سيما في سجون قوات سوريا الديمقراطية التي تحتجز معتقلين من داعش، فقد يتم نقلهم إلى صحراء العراق في أحد هذه السيناريوهات، هذا سيشكل تهديداً خطيراً، ويدفع إلى تحفيز خلايا التنظيم النائمة في العراق التي ستسعى إلى الانتقام.

ويؤكد الجبوري أن العراق لا يزال دولة نامية ويحتاج بصورة ملحة إلى الدعم الدولي على عدة مستويات، منها تدريب قواته المسلحة وتسليحها، فضلاً عن حاجته للدعم في ظل التطورات السياسية والأمنية المتسارعة في المنطقة، التي تستدعي وجود حليف خارجي قوي مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

وأبرز التحديات التي تواجه القوات المسلحة العراقية، وفقاً للخبير العسكري، تشمل التدخلات السياسية في المؤسسة الأمنية، والفساد الذي يؤدي إلى انقسام الولاءات داخل المؤسسة العسكرية وهذا يُعد خطر حقيقي ينعكس بالسلب على مهنية هذه المؤسسة.

كما يعاني النظام الأمني من غياب التوازن الوطني والمركزية في إدارته، ما يؤثر على قوة القرار السياسي، فضلاً عن تحدي أخر يتعلق بتبعية مؤسسات أمنية أخرى، مثل هيئة الحشد الشعبي التي تتبع القائد العام للقوات المسلحة شكلياً فقط، لكنها تتلقى أوامر من جهات خارجية، مما يعطل استقرار العراق ويعوق جهود مكافحة داعش.

داعش.. التحديات الأمنية والفكرية المستمرة

أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية في مجلس النواب العراقي، أحمد الموسوي، عن تحالف الفتح، في تصريح لموقع "الحرة" أن تنظيم داعش انتهى من الجانب العسكري لكن لا تزال خلاياه تتواجد في مناطق محددة، اختارتها ملاذات آمنة ومنطلقاً لتحركاتها، هذه المناطق إلى جانب ضعف محاربة الفكر المتطرف تُعدّان من أبرز التحديات في ملف داعش.

مضيفاً أن مخرجات جهود القوات الأمنية العراقية المستمرة عبر عمليات استباقية ونوعية برفقة الاستقرار السياسي الذي يشهده العراق، لا شك أثمرت عن انحسار كبير لهجمات تنظيم داعش، وحجمت خطر التنظيم بعد أن استطاعت اختراق منظومته الأمنية والاستخبارية.

ومع ذلك، يرى الموسوي أن الفاعل العسكري لا يحقق مكافحة متكاملة للإرهاب، سيما أن القوات الأمنية ومنذ سنوات تقاتل داعش وحققت نتائج، لكن التنظيم لم ينته، بل أن الحاجة باتت ملحة لمكافحة الفكر المتطرف بجدية، وتحقيق العدالة الاجتماعية وإنهاء المظالم، لانتفاء المبررات بخلق بيئة حاضنة للتنظيم مجدداً، حتى تتكامل المساعي في هذا الجانب، ودون ذلك لن يتحقق إنهاء ملف داعش.

ومن جانب أخر، يعتقد الموسوي أن العراق لا يمكن لوحده أن يقضي على تنظيم داعش الذي من الممكن أن يظهر في أي دولة حسب الأجندات والدعم المالي المقدم له، لذا فإن لم يتم محاربته دولياً وإقليمياً وبشكل جدي من الحكومات كافة، لا يمكن السيطرة عليه وسيبقى خطره قائماً.

وفي ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة، يرى الموسوي أن الوضع الحالي في سوريا قد يمنح جرعة معنوية لتنظيم داعش في العراق، ورغم أن بغداد تمتلك نقاط قوة تمكنها من مواجهة أي تهديد، إلا أن الخطر يبقى قائماً من الفصائل التي سيطرت على سوريا، خصوصاً أنها تضم تنظيمات متطرفة تتماهى مع داعش في العراق على حد قوله.

ويدعو الموسوي، الحكومة العراقية إلى ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر في التعامل مع الحكومة السورية المقبلة، التي ربما تولد من رحم تلك الفصائل المسلحة والتنظيمات المتطرفة حسب وصفه.

خيوط الإرهاب وتحديات الأمن

يؤكد الخبير في الشؤون الأمنية، صفاء الأعسم في حديث لموقع "الحرة" أن تنظيم داعش لا يزال يتواجد في العراق وبأعداد تتراوح ما بين 3 آلاف عنصر إلى خمسة آلاف عنصر غالبيتهم عراقيون بنسبة تتجاوز 90 بالمئة، فيما يتراوح عدد الأجانب منهم الذين يحملون جنسيات عربية وأجنبية بين 300 – 400 عنصر حسب قوله.

ويبيّن الأعسم، أن عناصر داعش تعمل بشكل خيطي على شكل مجموعات منفردة، ويتركز تواجدها في المناطق الصحراوية سيما في منطقة الجزيرة شمال وغرب محافظة الأنبار والمناطق المحصورة ما بين محافظة نينوى والأنبار وصلاح الدين إضافة إلى تواجدها بين الوديان والكهوف في جبال حمرين التي تربط 4 محافظات، وأيضاً جبال مكحول جنوب شرقي نينوى.

وبرغم أن خطر داعش لا يزال حاضراً في الساحة العراقية بيد أنه لا يشكل تهديداً كبيراً يمكّنه من تنفيذ عمليات نوعية كما في السابق، فيما يحذر الأعسم من الخطر الداهم القريب من العراق الممثل بوجود عناصر وقادة من داعش في 6 معتقلات لقوات سوريا الديمقراطية إضافة إلى وجود ما يقرب من 10 آلاف عائلة من أسر عناصر التنظيم الذين يحملون مشاعر عدائية تجاه المجتمعات.

ومن أكبر المخاطر التي تهدد العراق حسب قراءة الأعسم، توظيف عناصر داعش على يد أجهزة مخابراتية من دول الجوار لتنفيذ مخططات في الداخل العراقي، أو كسر سجون داعش لدى قوات سوريا الديمقراطية وتحرير عناصر وقادته وهذا سيهدد الأمن القومي العراقي.

فيما تشير التوقعات إلى حصول مصالحة بين تنظيم داعش وفصائل هيئة تحرير الشام وبالتالي ستكون له قوة رسمية تجاور العراق تحت مسميات أخرى، خاصة وأن الهيئة تضم بين فصائلها تنظيمات متطرفة وحتى قائدها " ابي محمد الجولاني" كان واحداً من كبار قادة داعش وله حكم قضائي داخل العراق حسب قول الأعسم.

وفيما يخص قدرات قوات الأمن العراقية، أشار الخبير الأمني، إلى أن العراق قادر على محاربة داعش بفاعلية وردع هجماته وإجهاض مخططاته، خاصة وأن أجهزته الأمنية بمختلف صنوفها اكتسبت خبرة كبيرة في قتال التنظيم وتفكيك خلاياه وباتت تعتمد استراتيجيات عسكرية متطورة في مقارعة داعش.

وبرغم ذلك، فإن بغداد ماتزال بحاجة إلى الدعم الدولي لاسيما التحالف الذي تقوده واشنطن في ظل التطورات الخطيرة في المنطقة، خاصة وأن العراق ضعيف من ناحية التسليح والدفاع الجوي، فضلاً عن حاجته إلى الجهد التقني الدولي والتنسيق المعلوماتي وعمليات الاستطلاع التي لا ينبغي له التخلي عنها حالياً.

وختاماً، أكد الأعسم أن القوات العراقية حققت نتائج ميدانية ملموسة، حيث تمكنت من قتل واعتقال قادة الصف الأول من تنظيم داعش ودمرت هيكليته، ومع ذلك فإن أنهاء ملف التنظيم بشكل نهائي في العراق يرتبط بالوضع الاقليمي والدولي المتعلق بالدعم المالي المقدم للتنظيم.

الميليشيات العراقية

باتت الميليشيات العراقية الموالية لإيران أمام مفترق طرق.

ضغط أميركي على صانع القرار العراقي لنزع سلاحها بطريقة فعالة وسريعة، بالتوازي مع محادثات نووية، تتضمن أيضا، وفق مراقبين، تفكيك شبكة الوكلاء التي تسخدمها طهران في التعاطي مع دول المنطقة.

هل تتخلى إيران عن مليشياتها العراقية؟

سؤال مشروع وفق مؤشرات عديدة.

وقف الهجمات

في ديسمبر، أعلنت مجموعات مسلحة عراقية إيقاف هجماتها على المصالح الأميركية وضد إسرائيل بشكل مؤقت. وأشارت تقارير إلى أن تلك المجاميع أو بعضها على الأقل، أبدت استعدادها لإلقاء السلاح والانضواء ضمن تشكيلات القوات المسلحة العراقية.

يشمل سلاح الميليشيات ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، حسبما ذكر مراقبون وخبراء مختصون بالشؤون العسكرية، سبق وتحدث معهم موقع "الحرة".

والسبت أنهت واشنطن وطهران الجولة الثانية من المفاوضات، دون الكشف عن طبيعة الملفات  الأخرى المطروحة على طاولة المفاوضات إلى جانب البرنامج النووي الإيراني، وما إذا كانت تضمنت ملف الميليشيات العراقية.

يقول الباحث في الشأن السياسي العراقي، رافد العطواني، إن طهران أبلغت الجانب الأميركي أن موضوع الحشد والفصائل المسلحة العراقية وأذرع إيران الأخرى في المنطقة، شأن داخلي خاص بالبلدان التي توجد تلك المجاميع فيها، "أي أنه ينبغي على الولايات المتحدة التفاوض مع هذه الفصائل والاتفاق معها بشكل مباشر".

ويكشف العطواني، المقرب من التيار الوطني الشيعي بزعامة مقتدى الصدر، لـ"الحرة"، أن "الولايات المتحدة أوقفت هجماتها، وكذلك الهجمات الإسرائيلية على الفصائل الموجودة في العراق عقب مباحثات جرت بين الحكومة العراقية والجانب الأميركي، على أمل أن تقنع بغداد الفصائل بإلقاء سلاحها، لتجنيب العراق تداعيات الحرب والعمليات العسكرية التي تشهدها المنطقة".

رغم ذلك، يعتقد العطواني أن إيران لا تزال تملك القدرة على "إسكات هذه الفصائل أو تحريكها داخل العراق، أو المضي بها باتجاه إلقاء السلاح".

صيغة لنزع سلاح المليشيات

وتنضوي الميليشيات العراقية الموالية لإيران في هيئة الحشد الشعبي، ويقدر عددها بأكثر من 70 ميليشيا مسلحة معروفة، إلى جانب عشرات من الميليشيات غير المعروفة، التي أشرف الحرس الثوري الإيراني عبر جناحه الخارجي "فيلق القدس" على تأسيسها في أوقات مختلفة.

وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، قال لرويترز، في يناير الماضي، إن العراق يحاول إقناع الفصائل المسلحة الموالية لإيران بإلقاء أسلحتها أو الانضمام إلى قوات الأمن الرسمية.

ولا ترتبط جميع فصائل الميليشيات العراقية بعلاقات ولائية مع طهران. 

يشير العطواني إلى وجود تصنيفات عديدة للفصائل العراقية، منها الفصائل المنضوية داخل الحشد الشعبي، والفصائل الموجودة خارج الحشد الشعبي، وفصائل تابعة للأحزاب السياسية، والمرجعيات الدينية، إلى جانب فصائل أخرى انخرطت داخل وزارة الدفاع ولم تنتم إلى الحشد وهي المعروفة بحشد العتبات.

ويتوقع العطواني أن تتكشف الأيام القادمة عن صيغة لدمج الحشد الشعبي في وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية الأخرى.

ويعتقد العطواني أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أبلغ بعض الجهات التي تروم الدخول معه بقائمة أو تحالف في الانتخابات المقبلة، أن الولايات المتحدة أبلغت بغداد بأن المرحلة المقبلة يجب أن تكون من دون سلاح خارج سيطرة الدولة.

ويسعى السوداني نفسه إلى حل مشكلة السلاح المنفلت، وفق مسؤولين أميركيين يؤكدون أن رئيس الحكومة العراقية يريد أن يخضع المليشيات لحكومته.

واتصل موقع "الحرة" بكل من المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، والمتحدث باسم هيئة الحشد الشعبي، مؤيد الساعدي، لمعرفة للحصول على تعليق بشأن الموضوع، لكنهما لم يجيبا على أي سؤال من أسئلة "الحرة"، ورفض محللون سياسيون مقربون من الحشد الشعبي وقوى "الإطار التنسيقي"، أي الائتلاف الشيعي الحاكم، الادلاء بأي تصريحات بشأن هذا الملف.

ويحذر العطواني من أن أي تحرك عسكري للفصائل سيجر العراق إلى تداعيات خطيرة منها عقوبات اقتصادية وحتى استهداف عسكري.

"سلاح الفصائل يحتاج إلى تفكيك". ويعتقد العطواني أن هناك تنسيقا بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل "يتمثل باستمرار أحدهما بالتفاوض بينما سيلجأ الآخر إلى استخدام القوة إذا لم نشهد نزعا حقيقيا لسلاح الفصائل".

"المرحلة المقبلة ستكون بلا سلاح وبلا أذرع إيرانية في المنطقة،" يقول الباحث العراقي.

تقليص نفوذ إيران

يتراجع النفوذ الإيران سياسيا وعسكريا بشكل ملحوظ على خلفية الأحداث الجارية في الشرق الأوسط منذ أشهر، وتمثلت في جزء منها تعرض حلفاء إيران المسلحين في غزة ولبنان لضربات مدمرة، إلى جانب الإطاحة بنظام بشار الأسد أوثق حلفاء طهران في المنطقة.

ويلفت رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، إحسان الشمري، إلى أن مخاوف عراقية ناتجة على نحو خاص عن عدم وجود مقاربة أميركية واضحة تجاه العراق إلى الآن.

ويرى الشمري أن المذكرة الرئاسية للأمن القومي التي استعادت من خلالها واشنطن سياسة "الضغوط القصوى" على إيران، بينت أنه لا يوجد فصل بين العراق وإيران.

ويعتقد الشمري في حديث لـ"الحرة" أن "الملف العراقي سيكون ضمن الملف الإيراني كأحد أوراق التفاوض باعتبار أن واشنطن تعتبر المعادلة السياسية التي تسيطر على مجلس النواب العراقي وكذلك الحكومة الحالية مشكلة من قبل الفصائل المسلحة الموالية لإيران، لذلك التعاطي مع العراق بشكل منفصل، مازال مبكرا".

لكن الشمري يرى في الوقت ذاته أن الأمور في العراق تتجه نحو تقليص النفوذ الإيراني على اعتبار أن هذا النفوذ أصبح مرفوضا داخليا، إلى جانب ما يشهده من انهيار الإقليمي. 

ويوضح " تشعر إيران الآن بانكسار كبير على مستوى الداخل العراقي، وحتى على مستوى المنطقة، هذا كله يشجع واشنطن على اتخاذ سياسة تهدف إلى تقليص هذا النفوذ وإنهائه في مراحل لاحقة".

وكثفت الميليشيات العراقية الموالية لإيران المنضوية في ما يُسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" خلال العامين الماضيين هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على البعثات الدبلوماسية وقواعد التحالف الدولي والمصالح الأميركية في إقليم كردستان ومناطق عراقية أخرى.

وشنت هجمات أيضا على إسرائيل وقواعد أميركية في سوريا، انطلاقا من الأراضي العراقية.

الخشية من شرق أوسط جديد

يشدد الشمري على أن "المعادلة السياسية الحاكمة في العراق تخشى من الشرق الأوسط الجديد"، وان إعادة هيكلة هذه العملية السياسية الحالية أصبحت واحدة من الأهداف بالنسبة للمعارضة العراقية والمعارضين لحكومة السوداني وللإطار التنسيقي.

ويشير الشمري الى أن هذا الشعور يتزامن مع الرؤية الأميركية التي تدفع باتجاه إنهاء وتقويض النفوذ الإيراني في الداخل العراقي.

ويعزو الشمري اندفاع القوى السياسية الحليفة لإيران في العراق باتجاه طهران بشكل كبير إلى عدم اعطاء الولايات المتحدة الأميركية أي تطمينات لهذه القوى لذلك يجدون في إيران نوعا من الطمأنينة".

تعتيم إيراني

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية إسماعيل بقائي، الاثنين الماضي، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي، الكشف عن تفاصيل القضايا التي بحثت خلال الجولة الثانية من المفاوضات الإيرانية الأميركية.

وقال بقائي "لا نؤكد أيا من التفاصيل والقضايا التي أثيرت حول الأمور التي نوقشت في المفاوضات"، وأشار إلى أن ما يذكر عن مواضيع المفاوضات ليس سوى تكهنات وتحليلات إعلامية.

وأكد بقائي على أن هذه المحادثات تتركز حصرا على الملف النووي ورفع العقوبات، مبينا "هذا هو إطار التفاوض، ولا يتم تناول أي قضايا أخرى خارجه، كما ذكرنا منذ البداية، رفع الحظر بالنسبة لنا يعد مطلبا جوهريا وأساسيا".

الخوف من الانهيار

ويؤكد الخبير الاستراتيجي العراقي، علاء النشوع، على أن مخاوف الفصائل العراقية الموالية لإيران من أن يكون الملف العراقي من ضمن شروط المفاوضات، نابعة من مخاوفها من تخلي إيران عنها، أي أنها أصبحت عرضة للضربات العسكرية الأميركية، وفي هذه الحالة ستكون هذه الفصائل معرضة إلى الانهيار والتدمير الكامل سواء عن طريق الضربات أو الملاحقات القانونية.

ويتابع النشوع في حديث مع "الحرة" قوله إن "الولايات المتحدة لا تفرط بالعراق لا لإيران ولا لتركيا أو لأي دولة أخرى لأسباب كثيرة منها جيوستراتجية واقتصادية وسياسية".

ويرى النشوع إلى أن الطبقة السياسية في العراق ستكون خاضعة للمتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة.

ويرجح النشوع أن تخضع إيران للشروط  الأميركية وتتخلى عما تمتلكه من المقدرات العسكرية في المنطقة، سواء كانت معدات وأسلحة، أو النفوذ المتمثل بالمليشيات والمجاميع المسلحة التي دخلت في حيز الصراع الإقليمي والدولي، في عدد من الدول، بينها العراق.