مسيحون عراقيون في إحدى كنائس العراق.
مسيحيون عراقيون في إحدى كنائس البصرة

عبر بطريرك الكلدان في العراق والعالم الكاردينال، لويس روفائيل ساكو، عن مخاوف لدى المسيحيين بسبب عودة خطاب الكراهية، وهيمنة الميليشيات على بلدات سهل نينوى، في شمالي العراق.

وقال ساكو خلال استقباله في بغداد الثلاثاء، وفدا من الخارجية الأميركية برئاسة فكتوريا تايلور (نائبة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط) إن المسيحيين يفضلون سلطة الدولة التي يثقون بها، وليس بغيرها.

كما ذكر ساكو أهمية حصر التصويت "للكوتا" في الانتخابات النيابية بين المسيحيين، و"إلا لا معنى لها" حسب تعبيره.

آآنو جوهر عبد المسيح، السكرتير العام للتحالف المسيحي ووزير النقل والاتصالات في حكومة إقليم كردستان قال إن لدى المسيحيين "غصات عدة" وتعرضوا إلى "مذابح" في العراق.

ويضيف جوهر في حديث لقناة "الحرة" أن هذه "المذابح" أجبرت نحو مليون ونصف المليون مسيحي، وخلال أقل من 15 سنة، على الهرب والهجرة إلى خارج العراق.

وأضاف أنه هناك الكثير من القرارات المجحفة بحق المسيحيين مثل "قانون الأحوال الشخصية، وقانون البلديات، ومنع أنتاج وتصدير واستيراد المنتجات الكحولية" مشيرا إلى أن هذه القوانين حولت العراق إلى "لون واحد وقومية واحدة وطيف واحد".

السكرتير العام للتحالف المسيحي أوضح أيضا أن التعايش السلمي والتنوع تتحمل مسؤوليته "الأغلبية"، مشيرا إلى أن رسالة ساكو "مسيحية ولكنها إنسانية ووطنية جامعة وجهها إلى جميع العراقيين سيما القيادات الدينية والسياسية والاجتماعية".

آآنو جوهر عبد المسيح دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى أن يكون "أكثر جراءة وشجاعة وأن يقف بالمرصاد" بوجه بعض القوى التي قال إنها "اختطفت التمثيل المسيحي" في السلطتين التنفيذية والتشريعية في بغداد.

ودعا إلى أن يكون هذا التمثيل عادلا من خلال إجراء انتخابات نيابية "حقيقية تمنح المسيحيين تمثيلا حقيقيا" بناءا على نظام "كوتا يكون محصورا بالمسيحيين" دون تدخل من قبل جهات ذات اجندات لا تمت بالمسيحيين بأي صلة، وفق قوله.

الكاردينال لويس روفائيل ساكو أضاف خلال لقاءه الوفد الأميركي، أن الحكومة العراقية بمقدورها ان تلعب دورا في حركة المنطقة المتغيرة والمتسارعة بحنكة، والحصول على الدعم الإقليمي والدولي الواسع، خصوصا ان الحكومة الحالية نجحت في تجنب جرها للصراع الدائر في المنطقة.

وأكد ساكو أن الشعب العراقي يتطلع الى ان يرتقي الى مستوى الدولة الحقيقية، التي تبسط سلطتها على أراضيها، وتحصر السلاح بيدها، وتضرب الفساد من أجل توفير الخدمات، دولة ذات سيادة كاملة، وبهوية وطنية شاملة، حسب تعبيره.

بالعراقي
على وقع رنين أجراس الميلاد.. ما هو واقع الأقليات في العراق؟
كيف يمكن حماية مستقبل الأقليات في العراق في ظل التهديدات الوجودية التي تواجهها؟ وما الدور الذي يمكن أن تضطلع به الأقليات في بناء الدولة العراقية الجديدة؟ ولماذا يعزف المسيحيون والصابئة وغيرهم من أبناء الأقليات عن العودة إلى وطنهم؟

وعلى مدى أشهر، اشتد الخلاف بين ساكو وريان الكلداني، الخاضع لعقوبات أميركية منذ 2019 الذي يتزعم حركة "بابيلون" المسيحية البرلمانية المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلحة موالية لإيران باتت جزءا من القوات الرسمية.

وفي يوليو الماضي، اتخذت الأحداث منحى تصاعديا مع سحب رئيس الجمهورية مرسوما يحمل الرقم 147 لعام 2013 يمنح وظائف الكاردينال كرئيس للكنيسة الكلدانية وضعا قانونيا.

وكان ساكو غادر مقره في بغداد إلى أربيل في يوليو الماضي، وقال حينها إن الكنيسة مستهدفة وتواجه أنواعا مختلفة من "الإهانة والعنف" قبل أن يعود للعاصمة، خلال الأسبوع الماضي، بدعوة من السوداني. وقال ساكو حينها إن المرسوم يتيح له إدارة أملاك وأوقاف الكنيسة.

وتُعتبر الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية أكبر الطوائف المسيحية في العراق، حيث يُقدّر أن الكلدان يشكلون حوالي 80٪ من المسيحيين في البلاد.

محطة توليد كهرباء في كردستان-العراق
محطة توليد كهرباء في كردستان-العراق

يخشى العراق من تفاقم أزمة الطاقة الكهربائية مع اقتراب فصل الصيف، بعد قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تعديل إو إلغاء الإعفاءات من تطبيق العقوبات المفروضة على إيران.

ويستفيد العراق منذ سنوات من إعفاء أميركي، متجدد، من تطبيق العقوبات، في ما يتعلق باستيراد الطاقة من إيران.

ويتوقع خبراء أن يواجه العراق، بعد القرار الذي أصدره ترامب في 4 فبراير، صعوبات إضافية إذا توقف الغاز الإيراني الذي يزود منظومة الكهرباء العراقية بنحو 40% من إنتاجها الحالي، الذي يقرب من نحو 20 ألف ميغاواط.

ويحتاج العراق إلى نحو 50 ألف ميغاواط لسد حاجته من الطاقة الكهربائية في فصل الصيف اللاهب عادة، وفقا لمتحدث باسم وزارة الكهرباء.

اقتصاد غير محصن ضد العقوبات

"ليس لدى العراق حلول فورية لتجاوز أزمة الطاقة التي قد تنتج بعد القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي،" يقول الخبير، المهندس علي جبار الفريجي، لموقع "الحرة".

مذكرة ترامب التي لم تشر تحديدا إلى الإعفاء الممنوح للعراق، نصت أيضا على "اتخاذ خطوات فورية، بالتنسيق مع وزير الخزانة والوكالات المعنية، لضمان عدم استخدام إيران للنظام المالي العراقي في التهرب من العقوبات أو الالتفاف عليها، وعدم استخدام (طهران) لدول الخليج كنقطة شحن للتهرب من العقوبات". 

"الجسد الاقتصادي العراقي غير محصن ليواجه أزمات وعقوبات اقتصادية بهذا الحجم، فضلا عن السياسة الاقتصادية غير الحكيمة التي تنهجها الحكومة العراقية"، بحسب الفريجي.

ويتفق المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى، على أن القرار الأميركي سينعكس سلبا على حجم الطاقة المنتجة في العراق.

وأضاف موسى في تصريحات لموقع "الحرة،" أن الوزارة لم تتلق قرار ترامب بشكل رسمي لكنها بانتظار توجيهات من الحكومة في هذا الشأن.

 العمل جار مع وزارة النفط لتأمين "خطة" لتوفير الوقود وتشغيل المحطات وتعويض النقص الناتج عن توقف إمدادات الغاز الإيراني، يقول موسى.

وبيّن أن الحكومة، بمعزل عن القرار الأميركي، تعمل على استغلال الغاز الوطني وإنشاء منصات الغاز المسال وتنويع مصادر الطاقة الكهربائية وتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية وإكمال مشاريع الربط الكهربائي مع دول الجوار، الأردن والخليج وتركيا.

وتوفر بغداد فرصا استثمارية لإنتاج الطاقة من تدوير النفايات، "لكن هذه المشاريع بحاجة إلى نحو سنتين لإكمالها".

وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء إن هناك حاجة ماسة لاستيراد الغاز من طرف آخر لتعويض الغاز الإيراني، وإن العراق بحاجة إلى 70مليون متر مكعب من الغاز يوميا لتشغيل محطات توليد الكهرباء.

وأضاف أن الوزارة أبرمت اتفاقا مع تركمانستان، ويجري العمل على إكمال الإجراءات المالية وإجراءات تدقيق الشركة الناقلة التي يتتولى نقل الغاز عبر الأراضي الإيرانية، وهناك تفاهمات مع دولة قطر لاستيراد الغاز، والعمل جار على إنشاء منصات الغاز المسال في الموانئ العراقية.

في المقابل، يعتقد الخبير في أزمات الطاقة، علي جبار الفريجي، أن الغاز القطري والغاز التركمانستاني قد يكونان من الخيارات البديلة بالنسبة للعراق. لكن الخيارين مكلفان، ويحتاجان إلى تأسيس شبكات أنابيب لنقل الغاز.

بالنسبة لغاز تركمانستان، ستكون "كلفة شبكة الأنابيب عالية وكميات الغاز الموردة غير كافية،" والعملية ستحتاج أيضا إلى "استثناء وموافقة أميركية" لأن الأنابيب لابد أن تمر عبر إيران، يستدرك.

لهذا، يرى الفريجي أن الحل الأمثل يكمن في التفاوض مع الإدارة الأميركية لإقناعها بتمديد الأعفاء لحين تمكن العراق من إيجاد بدائل للغاز الإيراني.

يقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء أن توقف إمدادات الغاز الإيراني تكلف منظومة الطاقة الكهربائية فقدان نحو 9 آلاف ميغاوات من قدرتها الإنتاجية.

ويشير إلى أن حاجة العراق تتجاوز 50 ألف ميغاوات، ماسيؤثر على ساعات التجهيز بشكل كبير خاصة في فصل الصيف.

ويعود آخر تجديد أميركي لإعفاء العراق، من تطبيق العقوبات على إيران، إلى مارس العام الماضي.

"لدى العراق حقول غاز عديدة لم تُستثمر خلال السنوات الماضية، والعراق اليوم أمام الأمر الواقع،" يقول عضو لجنة الاقتصاد النيابية كاظم الشمري لموقع " الحرة".

 ويضيف، "حان الوقت لتفعيل جولات التراخيص التي منحها العراق عام 2018 لعدد من شركات الاستثمار في حقول الغاز المشتركة مع إيران في محافظات ديالى وميسان".

ولفت الشمري إلى أن الحديث عن استيراد الغاز من تركمانستان غير واقعي لأن ممر وصوله إلى العراق، سيكون عبر إيران وهي تحت العقوبات الأميركية.

ويرى الشمري أن إيقاف إمدادات الغاز الإيراني هو أكبر تحد يواجهه الحكومة العراقية منذ عام عام 2003، وقد يشكل خطرا حتى على النظام السياسي القائم في العراق.

"على الحكومة إجراء مفاوضات مع واشنطن لإقناعها بتمديد إعفاء العراق لمدة معينة حتى يتسنى إيجاد بدائل للغاز الإيراني،" يقول الشمري.

ويطالب عضو لجنة الاقتصاد النيابية بمنح الشركات الأميركية عقود استثمار في حقول النفط والغاز، والاستفادة من خبراتها وإمكانياتها في مجال الطاقة.

ودعا الشمري مجلس النواب إلى استضافة رئيس الحكومة ووزيري النفط والكهرباء، للوقوف على أسباب "التراخي كل هذه السنوات في إيجاد بدائل للغاز الإيراني رغم علم المسؤولين بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران".

ويعتقد الخبير الاقتصادي، نبيل جبار العلي، أن إلغاء إعفاء العراق من استراد من إيران متوقع، مع استمرار تلكوء الحكومة العراقي في إيجاد بدائل، على مدى سنوات.

يعتمد الاقتصاد الإيراني بنسبة 20% على العراق، وفقا للخبير الاقتصادي، وتعلم واشنطن جيدا أن قطع هذا المنفذ سيكون ذا تاثير كبير على إيران.

ويرى العلي في تصريحات لموقع "الحرة" أن العقوبات الأميركية قد تطال العراق أيضا في ظل اتهامات لأشخاص ومؤسسات عراقية بتحويل مبالغ طائلة من الدولار الأميركي إلى إيران بصفقات خارج نظام (سويفت) الدولي.

ونقلت وكالة رويترز، الأحد، عن "مصدرين مطلعين" الأحد، إن البنك المركزي العراقي سيحظر على خمسة بنوك محلية أخرى التعامل بالدولار، في خطوة تأتي بعد اجتماعات مع مسؤولين من وزارة الخزانة الأميركية في إطار جهود مكافحة غسل الأموال وتهريب الدولار وانتهاكات أخرى.

ويصف الخبير الاقتصادي، نبيل جبار العلي، مشكلة الطاقة الكهربائية في العراق بأنها "مركبة ما بين سوء إدارة والنمو السكاني، وتزايد الاستهلاك في النتيجة".

ويتهم وزارة الكهرباء بالتقصير في جميع مفاصل "الإنتاج والتوزيع والنقل والصيانة والجباية". 

ويلفت العلي إلى أن استثمار حقول الغاز العراقية بحاجة إلى نحو اربع سنوات لتتمكن من تأمين إمدادات الغاز الازمة لمحطات الطاقة في البلاد.

وبعد قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بإلغاء الإعفاءات من تطبيع العقوبات على إيران، وجه رئيس الوزراء العراق، محمد شياع السوداني، أثناء اجتماعه بالفريق الوطني للطاقة المتجددة، في 10 فبراير، المحافظات بالإنطلاق في مشاريع ريادية في مجال الطاقة الشمسية لتخفيف الأحمال على الشبكة الوطنية للكهرباء في أوقات الذروة.

لكن قد يواجه العراقيون، للأسف، ظروفا لاهبة هذا الصيف، بسبب تلكؤ الحكومة في إيجاد بدائل للغاز الأيراني، كما قال أحد الخبراء، أعلاه.