السلطات العراقية تعلن مرارا اتلاف الاف الأطنان من السلع الرديئة
السلطات العراقية تعلن مرارا اتلاف الاف الأطنان من السلع الرديئة

تغزو الأسواق العراقية منتجات غذائية ذات جودة رديئة أو مقلدة، أو غير ملتزمة بالمعايير المعتمدة، وأصبح ارتفاع حالات الغش الصناعي وبيع بضاعة تحتوي على مكونات غير مطابقة لما هو مدون على العبوة أو الغلاف، يشكل تهديداً لصحة المواطنين ويؤدي إلى استنزاف أموالهم.

غياب الرقابة الحكومية

المواطنة سحر حسين قالت لموقع "الحرة " إنه لم يعد بمقدور المواطن التمييز بين السلعة الجيدة والرديئة بسبب حالات التلاعب بصلاحية السلع وعلاماتها التجارية، في ظل غياب الرقابة.

وبينت حسين أن مواد "السلة الغذائية الحكومية" ليست بالجودة المطلوبة وأحيانا غير صالحة للاستهلاك مايضطر المواطن إلى بيعها بأسعار زهيدة وإستبدالها بسلع مستوردة.

وأضافت حسين أن الغش طال المحاصيل الزراعية الطازجة المستوردة أيضا، واضافت أن ناشطين في مدينة السليمانية (شمال العراق) كشفوا في ديسمبر الماضي عن نوع من الباقلاء والخيار الإيراني المستورد يحتوي على نسبة عالية من سماد النترات ولا يصلح للاستهلاك البشري، ليتم لاحقا إتلاف كميات كبيرة من هذين المحصولين "ولكن بعد أسابيع من تسويقها واستهلاكلها".

وتساءلت حسين: كيف تدخل هذه السلع والمحاصيل الزراعية من المنافذ الحدودية دون فحص وتدقيق، و"لماذا يتهاون المسؤولون ويسترخصون حياة الناس"، ودعت إلى تشديد الرقابة على السلع الغذائية المستوردة.

المواطن لايتحمل المسؤولية

الباحث الاقتصادي كاوة عبد العزيز يرى أن المشكلة تكمن في أن العراق لا يملك إنتاجاً محلياً لسد الاحتياجات وأن المشاريع الإستثمارية "عقيمة" رغم وجود قانون يمنح المسثمرين العديد من الامتيازات والتسهيلات، ما يجبر العراق على الاعتماد على الإستيراد بشكل كامل.

وبين عبد العزيز، في حديثه لموقع "الحرة" أن ضعف الجهاز الرقابي يتيح للتجار إستيراد سلع رخيصة ذات جودة رديئة أو صلاحيتها قريبة على الإنتهاء، فضلا عن حالات التلاعب بأوزان بعض السلع المستوردة.

وأوضح عبد العزيز أن الدخل المنخفض للفرد العراقي يضطره الى شراء هذه البضائع.

وشدد على أن تحميل المواطن جزءا من المسؤولية بداعي غياب الوعي وثقافة الإستهلاك أمر غير منصف ، ودعا إلى تعديل قوانين حماية المستهلك ومنع الإحتكار وحماية المنتوج الوطني وتوجيه الإستثمار نحو تقوية الجهاز الصناعي والزراعي.

وزاد عبد العزيز أن دول الجوار ( تركيا وايران ) تتنافس على خفض أسعار منتوجاتها للتجار العراقيين في ظل تراجع عملتها مقارنة بالعملة العراقية.

إجراءات غير رادعة

كريم علي مواطن قال لموقع " الحرة " إن ألاسواق العراق تحولت إلى "مكب" للسلع الرديئة وعمليات الغش والتلاعب، أما الجهات الرقابية "فهي عاجزة عن إيقاف هذه الفوضى التجارية".

واضاف علي أن المنافذ الحدودية غير مؤمنة والسلع والمنتوجات الزراعية الرديئة تدخل من دول الجوار يوميا دون رقابة ولا توجد ملاحقات قانونية بحق التجار المستوردين للبضائع الفاسدة.

أمراض مزمنة وسرطانية

خبيرة التغذية غصون وتوت حذرت من المخاطر الصحية الناجمة عن إستهلاك المواد الغذائية الرديئة والمنتهية الصلاحية مثل التسمم والحساسية والإلتهابات المعوية وأمراض مزمنة وأحيانا التسبب بأورام سرطانية.

واكدت في حديث لموقع " الحرة " ضرورة أن تخضع السلع الغذائية المستوردة للرقابة المشددة للتاكد من صلاحيتها ومنشأها ومكوناتها وطريقة الخزن الصحيحة قبل طرحها في الاسواق.

ودعت وتوت المواطنين اإلى التأكد من أن البضاعة صالحة للاتسهلاك البشري، من خلال التدقيق في شكل علبة او غلاف المنتج والإنتباه لتاريخ إنتهاء الصلاحية ونسبة المواد الحافظة وقراءة جدول الحقائق الغذائية المكتوب على المنتج الغذائي والحرص على التسوق من أماكن معتمدة ومعروفة.

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن الاطعمة غير المؤمنة والحاوية على انواع ضارة من البكتريا والمواد الكيميائية، تتسبب في إمراض 600 مليون شخص وتحصد أرواح 420 الف شخص سنويا.

كما تتسبب هذه الأطعمة الفاسدة في تكوين حلقة مفرغة من الأمراض والإعتلالات الناجمة عن سوء التغذية التي تؤثر تحديدا على الاطفال وكبار السن والمرضى، وتؤكد المنظمة على ضرورة تعاون الحكومات مع منتجي الأغذية ومستهلكيها للمساعدة في ضمان سلامة الأغذية وتعزيز المنظومات الغذائية.

مصادرة وإتلاف السلع الرديئة

دائرة الرقابة في وزارة التجارة العراقية أعلنت منتصف ديسمبر الماضي ضبط كميات كبيرة من المواد الغذائية المنتهية الصلاحية.

وأكدت في بيان أنها وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، صادرت كميات كبيرة من اللحوم المستوردة والمواد الغذائية المعلبة والعصائر والألبان والأجبان ومساحيق التجميل، وأتخذت الإجراءات القانونية بحق المخالفين "والمتلاعبين بصحة المواطنين".

مدير دائرة الرقابة التجارية في وزارة التجارة العراقية رياض الموسوي قال لموقع "الحرة " إن الوزارة مستمرة في مراقبة الأسواق وتنفيذ حملات مصادرة وإتلاف السلع الرديئة والمنتهية الصلاحية ومحاسبة التجار المخالفين، مشيرا إلى أن السلطات أتلفت العام الماضي الاف الاطنان من هذه السلع، وفرضت غرامات مالية على المحال التجارية والتجار.

وأشار الموسوي إلى صعوبة السيطرة على دخول السلع الرديئة الى الأسواق "رغم الرقابة الشديدة في المنافذ الحدودية"، ودعا المواطنين إلى الإعتماد على مفردات " السلة الغذائية الحكومية " لانها معتمدة من قبل الوزارة، حسب تعبيره.

مدير الرقابة التجارية في وزارة التجارة رياض الموسوي لفت إلى إحباط عمليات تلاعب بمفردات السلة الغذائية عبر تعبئتها وتغليفها ثم بيعها في الاسواق باسعار مرتفعة على أنها سلع مستورة.

ويتبع العراق منذ عام 1991 برنامج " السلة الغذائية " بهدف تحقيق الامن الغذائي عبر توفير المواد الغذائية الاساسية للأسر ذات الدخل المحدود. وتضم السلة حزمة مواد غذائية رئيسية مثل الرز والدقيق والسكر والزيت توزعها الحكومة على المواطنين شهريا وبسعر مدعوم.

السلطات السورية الجديدة حلّت الجيش.

يكتنف الغموض مصير نحو 100 من مسؤولي وضباط النظام السوري المخلوع الفارين إلى العراق، وسط تكتم السلطات العراقية والمليشيات الموالية لإيران على أي معلومات تتعلق بهم.

استقبل العراق عبر منفذ البوكمال الحدودي السوري في السابع والثامن من ديسمبر الماضي 2493 جنديًا وضابطًا ومسؤولًا من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في 19 ديسمبر عودة 1905 من الضباط والمنتسبين السوريين وتسليمهم إلى قوة حماية من الجانب السوري عبر منفذ القائم الحدودي.

وسبقتها عملية تسليم أخرى شملت العشرات من الموظفين السابقين في منفذ البوكمال، الذين فروا أيضًا إبان سقوط نظام الأسد.

لكن مسؤولًا عراقيًا في محافظة الأنبار قال لموقع "الحرة"، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، إن "مجموعة من الضباط السوريين رفضوا العودة إلى بلادهم بحجة وجود خطورة على حياتهم عند إعادة الجنود والمراتب الآخرين، لذلك نُقلوا فورًا من الأنبار إلى بغداد".

مع ذلك، لم يؤكد المصدر نفسه استقرارهم في بغداد أو الوجهة التي نُقلوا إليها فيما بعد.

ولمعرفة مصير الضباط والمسؤولين الذين رفضوا العودة إلى بلادهم وكيفية تعامل الحكومة العراقية مع هذا الملف، تواصل موقع "الحرة" مع كل من الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، والناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، لكنهما لم يدليا بأي تصريحات عن الملف بحجة أنه ليس من اختصاصهما.

كما لم يجب الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، والناطق باسم العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، عن أسئلة موقع "الحرة" بخصوص هؤلاء الضباط وملفهم.

وكانت وزارة الداخلية العراقية نفت، الثلاثاء الماضي، منح الإقامة لضباط وقادة النظام السوري المخلوع.

وقال الناطق باسم الداخلية، العميد مقداد ميري، في بيان: "تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن منح العراق الإقامة المؤقتة لدواعٍ إنسانية لعشرات الضباط وقادة جيش النظام السوري السابق، الذين لجأوا إلى العراق. إننا في الوقت الذي ننفي فيه هذه الأنباء جملةً وتفصيلًا، نؤكد أهمية الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية حصرًا."

وكشفت متابعات موقع "الحرة" لملف الضباط وقادة النظام السوري الذين رفضوا مغادرة العراق إلى بلادهم، أنه بعد نقلهم إلى بغداد في ظل إجراءات أمنية مشددة، قُسِّموا إلى عدة مجموعات، سافرت مجموعة منهم إلى روسيا وبيلاروسيا ودولة خليجية.

ونُقلت مجموعة ثانية منهم إلى مجمع سكني في بغداد، بينما انضمت مجموعة أخرى إلى معسكر "أشرف" في محافظة ديالى شمال شرق بغداد إلى جانب مسلحي مليشيات فاطميون وزينبيون.

وكان عناصر هذه الميليشيات في سوريا قبل أن ينسحبوا أيضًا إلى داخل العراق بعد سقوط نظام الأسد، بينما استقر آخرون، بينهم قادة ومسؤولون، في مدينة النجف وبلدة جرف الصخر في محافظة بابل.

غالبية الضباط والقادة السوريين المتواجدين في العراق هم من الرتب العالية (بدءًا من عميد)، وهم من قادة وضباط الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد، إلى جانب مسؤولين وضباط مخابرات ومستشارين.

"صندوق أسود"

ويشير الخبير السياسي العراقي، عمر عبد الستار، إلى أن من تبقى من الضباط والموظفين السوريين الذين لجأوا إلى العراق انضموا إلى غرفة عمليات أنشأتها إيران بعد سقوط الأسد.

ووفق عبد الستار، فإن غرفة العمليات هذه تهدف إلى تحريك الداخل السوري وتفعيل الخلايا النائمة من الموالين لها ضد الإدارة السورية الجديدة، سواء في الساحل أو في حمص أو في المناطق السورية الأخرى التي تشهد تحركًا لفلول النظام السابق.

وقال عبد الستار، لموقع "الحرة"، إن "إيران تدير هذه الغرفة، وقد شارك عدد من هؤلاء الضباط في الاجتماع الذي نظمه الحرس الثوري بحضور ضباط إيرانيين وقادة المليشيات العراقية قبل أيام في النجف".

ولفت إلى أن الحكومة العراقية والحرس الثوري الإيراني يتكتمان على أسماء ومعلومات من تبقى من هؤلاء الضباط في العراق، ويبلغ عددهم 93 ضابطًا ومسؤولًا.

وتشمل قائمة المسؤولين السوريين والضباط، الذين دخلوا العراق في ديسمبر الماضي، مسؤولين كبارًا في النظام المخلوع وصلوا إلى العراق عبر مطار بغداد الدولي.

ويرى الخبير الأمني والاستراتيجي، أحمد الشريفي، أن النفي الحكومي العراقي بمنح من تبقى من الضباط والمسؤولين السوريين الإقامة غير كافٍ للتأكيد على أن هؤلاء غادروا العراق.

ويعتبر الشريفي الضباط والمسؤولين السوريين، الذين رفضوا العودة إلى بلادهم، الصندوق الأسود للكثير من الأحداث التي جرت في سوريا، لا سيما ملف التعاون بين العراق وسوريا عبر هذه الجهات.

ويضيف الشريفي، لموقع "الحرة"، أن "قضية تحرك هؤلاء الضباط هي مناورة لصندوق أسود يخفي بين جوانبه أسرارًا كثيرة عن تعاون الفصائل العراقية مع سوريا وإيران والعراق، وكيف كان التعاون سائرًا آنذاك".

وأشار إلى أن الضباط لن يعودوا إلى سوريا ويمكن أن تؤمن لهم الموارد المالية من موازنة الحشد الشعبي.

ويلفت الشريفي: "بما أن العراق شكّل حاضنة لهم، وإن ثبت بالدليل أنهم في العراق أو غادروه، فسيكون إعادة تطبيع العلاقة بين العراق وسوريا عسيرًا".

وأشار إلى أن هذا الملف ضمن جملة من الملفات والأوراق التي من شأنها أن تعرقل مسألة تطبيع العلاقة بين البلدين، لا سيما في ظل الحكومة العراقية الحالية التي هي حكومة الإطار التنسيقي، الذي تمثل فيه الفصائل الموالية لإيران العمود الفقري للأغلبية البرلمانية.