مقاتل بقوات "قسد" قرب زنزانة سجناء في معتقل بالحسكة يضم معتقلي داعش - 2019
مقاتل بقوات "قسد" قرب زنزانة سجناء في معتقل بالحسكة يضم معتقلي داعش - 2019

كشف نائب في لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية عن خطة يجري بحثها حاليا مع الجانبين التركي والسوري لنقل سجن غويران من سوريا إلى العراق، تمهيدا لمحاكمة نزلائه من معتقلي تنظيم داعش الإرهابي وفقا للقانون العراقي.

وتقع السجون التي تحتضن مسلحي وقادة داعش في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.

وقد أعلن مسؤولون في قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الجناح العسكري للإدارة الذاتية، في تصريحات سابقة لـ"الحرة"، عن خشيتهم من أن تتسبب هجمات الفصائل السورية المدعومة من تركيا على مناطق الإدارة الذاتية في فتح هذه السجون وهروب مسلحي وقادة التنظيم منها.

سجن الصناعة

يعتبر سجن غويران أحد أكبر السجون في شمال شرق سوريا، ويخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ويعرف أيضا باسم "سجن الصناعة"، لأنه كان مبنى إعدادية الصناعة في مدينة الحسكة قبل تحويله إلى سجن من قبل "قسد" عام 2017.

ووفق إحصائيات غير رسمية، يقدر عدد النزلاء في سجن غويران بنحو 5 آلاف نزيل من مسلحي تنظيم داعش، غالبيتهم من قادة التنظيم البارزين ومسلحيهم العرب والأجانب، الذين ألقت "قسد" القبض عليهم خلال المعارك والعمليات العسكرية خلال الأعوام الماضية.

ويعتبر العراق سجن غويران والسجون الأخرى، إلى جانب مخيم الهول الواقع في سوريا، تهديدا حقيقيا لاستقراره. 

ويخشى البلد من أن تؤدي الهجمات التركية أو التي تشنها الفصائل السورية على مناطق سيطرة "قسد" إلى انهيار هذه السجون والمخيم، وبالتالي عودة تنظيم داعش مجددا بقوة وزحفه باتجاه العراق، خاصة أن السجون والمخيم تقع قرب الحدود العراقية السورية، لذلك لا يخفي العراق محاولاته لتفكيكها.

ويؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية، النائب ياسر إسكندر، وجود خطة يجري بحثها الآن مع عدد من الدول على رأسها سوريا وتركيا لإنهاء ملف سجن غويران ومخيم الهول بشكل نهائي.

ويوضح إسكندر لـ"الحرة" أن الخطة تتركز على نقل نزلاء سجن غويران العراقيين إلى العراق، ونقل كافة النزلاء الآخرين المتورطين بالقتال إلى داخل البلاد، حتى لو لم يكونوا عراقيين، تمهيدا لمحاكمتهم وفق القانون العراقي.

ويلفت إسكندر إلى أن العراق سيحصل على دعم دولي لبناء سجن ومنشآت كافية لاستيعاب السجناء المنقولين من سوريا، وسيخضعهم لمحاكمات بموجب القانون العراقي بالاتفاق مع بعثة الأمم المتحدة والتحالف الدولي وتركيا وسوريا.

وتشير إحصائيات رسمية صادرة عن "قسد" إلى وجود 26 سجنا في المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية، تحتضن نحو 12 ألف سجينا من مسلحي وقادة تنظيم داعش غالبيتهم من العرب والأجانب.

بين النفي والإثبات

ولمعرفة تفاصيل أكثر عن خطة تفكيك سجن غويران تواصلت "الحرة" مع ٍالناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق، صباح النعمان، لكنه أشار إلى عدم امتلاكه أي معلومات عن الموضوع ولم يصدر أي بيان رسمي بذلك.

كما نفى مسؤول في إعلام قوات سوريا الديمقراطية لـ"الحرة"، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، وجود اتفاق بهذا الخصوص، قائلا "لا أساس لوجود هكذا اتفاق."

وفي المقابل، رفضت الإدارة السورية الجديدة الادلاء بأي تصريحات عن الاتفاق لـ"الحرة" بحجة عدم اتاحة المسؤول المختص بالتصريح في الوقت الحالي.

وشكلت الأوضاع والتطورات التي تشهدها سوريا واستمرار مكافحة تنظيم داعش، أبرز الملفات التي بحثها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال لقائه في بغداد، الاحد الماضي، مع كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وقائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي.

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
داعش في العراق.. تحديات ما بعد 2024
تشهد الساحة الأمنية والسياسية في العراق تصاعداً في وتيرة التحديات، ومن بينها تحركات خلايا تنظيم داعش في بعض المناطق، لاسيما سلسلة جبال حمرين الواقعة شرقي العراق وبعض المناطق الصحراوية غرب البلاد، التي يسعى داعش إلى استغلالها ملاذات آمنة، أملاً بإعادة تنظيم صفوفه.

وبحسب متابعات "الحرة" لملف تفكيك سجن غويران ومخيم الهول، تؤكد هذه الاجتماعات مباشرة العراق بالتنسيق والتعاون مع تركيا والتحالف الدولي خطة تفكيك السجن والمخيم وانهاء ملفهما على مراحل.

حدود قانونية

وسيخضع مسلحو وقادة الداعش المعتقلين، وفق الخطة، بعد نقلهم إلى العراق للمحاكمة في المحاكم العراقية، حيث يعطي قانون العقوبات العراقي رقم 111 سنة 1969 المعدل للمحاكم العراقية الجنائية اختصاص النظر في كل الدعاوي التي ترتكب على الأراضي العراقية، سواء كان مرتكبها فاعلا أصليا أو شريكا مساهما كمحرض أو ممول وغيرها من أساليب المساهمة الجنائية أو الاشتراك الجنائي.

ويضيف الخبير القانوني وائل البياتي لـ"الحرة": "حتى في حال عدم حصول الجريمة داخل الأراضي العراقية، لكن إذ وقع فعل أو جزء من أفعالها داخل الأراضي العراقية، أو أريد أن ترتكب داخل الأراضي العراقية ولم يتحقق الفعل أمام حالة من حالات الشروع، أيضا القضاء العراقي هو المختص في هذا الجانب ويمتلك الولاية في محاسبة كل من يرتكب جريمة او ينوي ارتكبها داخل الأراضي العراقية".

ويشير البياتي إلى أنه "وفقا المادة 13 من قانون العقوبات، للقضاء العراقي الولاية العامة في محاكمة مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر وجرائم الاتجار بالأطفال وجرائم المخدرات وأيضا الرقيق الأبيض، وتخريب وسائل الاتصال والمواصلات الدولية، حتى لو ارتُكبت خارج الأراضي العراقية، لكن وجد مرتكبها داخل الأراضي العراقية وألقي القبض عليه عن إحدى هذه الجرائم.

ويؤكد البياتي على أنه "وباستثناء جرائم الاتجار بالبشر وما حددته المادة 13 من قانون العقوبات، لا يملك القضاء العراقي الولاية على الجرائم التي ترتكب خارج العراق إذا كان مرتكب الجريمة عربيا أو من جنسية أجنبية".

السلطات السورية الجديدة حلّت الجيش.

يكتنف الغموض مصير نحو 100 من مسؤولي وضباط النظام السوري المخلوع الفارين إلى العراق، وسط تكتم السلطات العراقية والمليشيات الموالية لإيران على أي معلومات تتعلق بهم.

استقبل العراق عبر منفذ البوكمال الحدودي السوري في السابع والثامن من ديسمبر الماضي 2493 جنديًا وضابطًا ومسؤولًا من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في 19 ديسمبر عودة 1905 من الضباط والمنتسبين السوريين وتسليمهم إلى قوة حماية من الجانب السوري عبر منفذ القائم الحدودي.

وسبقتها عملية تسليم أخرى شملت العشرات من الموظفين السابقين في منفذ البوكمال، الذين فروا أيضًا إبان سقوط نظام الأسد.

لكن مسؤولًا عراقيًا في محافظة الأنبار قال لموقع "الحرة"، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، إن "مجموعة من الضباط السوريين رفضوا العودة إلى بلادهم بحجة وجود خطورة على حياتهم عند إعادة الجنود والمراتب الآخرين، لذلك نُقلوا فورًا من الأنبار إلى بغداد".

مع ذلك، لم يؤكد المصدر نفسه استقرارهم في بغداد أو الوجهة التي نُقلوا إليها فيما بعد.

ولمعرفة مصير الضباط والمسؤولين الذين رفضوا العودة إلى بلادهم وكيفية تعامل الحكومة العراقية مع هذا الملف، تواصل موقع "الحرة" مع كل من الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، والناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، لكنهما لم يدليا بأي تصريحات عن الملف بحجة أنه ليس من اختصاصهما.

كما لم يجب الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، والناطق باسم العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، عن أسئلة موقع "الحرة" بخصوص هؤلاء الضباط وملفهم.

وكانت وزارة الداخلية العراقية نفت، الثلاثاء الماضي، منح الإقامة لضباط وقادة النظام السوري المخلوع.

وقال الناطق باسم الداخلية، العميد مقداد ميري، في بيان: "تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن منح العراق الإقامة المؤقتة لدواعٍ إنسانية لعشرات الضباط وقادة جيش النظام السوري السابق، الذين لجأوا إلى العراق. إننا في الوقت الذي ننفي فيه هذه الأنباء جملةً وتفصيلًا، نؤكد أهمية الحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية حصرًا."

وكشفت متابعات موقع "الحرة" لملف الضباط وقادة النظام السوري الذين رفضوا مغادرة العراق إلى بلادهم، أنه بعد نقلهم إلى بغداد في ظل إجراءات أمنية مشددة، قُسِّموا إلى عدة مجموعات، سافرت مجموعة منهم إلى روسيا وبيلاروسيا ودولة خليجية.

ونُقلت مجموعة ثانية منهم إلى مجمع سكني في بغداد، بينما انضمت مجموعة أخرى إلى معسكر "أشرف" في محافظة ديالى شمال شرق بغداد إلى جانب مسلحي مليشيات فاطميون وزينبيون.

وكان عناصر هذه الميليشيات في سوريا قبل أن ينسحبوا أيضًا إلى داخل العراق بعد سقوط نظام الأسد، بينما استقر آخرون، بينهم قادة ومسؤولون، في مدينة النجف وبلدة جرف الصخر في محافظة بابل.

غالبية الضباط والقادة السوريين المتواجدين في العراق هم من الرتب العالية (بدءًا من عميد)، وهم من قادة وضباط الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد، إلى جانب مسؤولين وضباط مخابرات ومستشارين.

"صندوق أسود"

ويشير الخبير السياسي العراقي، عمر عبد الستار، إلى أن من تبقى من الضباط والموظفين السوريين الذين لجأوا إلى العراق انضموا إلى غرفة عمليات أنشأتها إيران بعد سقوط الأسد.

ووفق عبد الستار، فإن غرفة العمليات هذه تهدف إلى تحريك الداخل السوري وتفعيل الخلايا النائمة من الموالين لها ضد الإدارة السورية الجديدة، سواء في الساحل أو في حمص أو في المناطق السورية الأخرى التي تشهد تحركًا لفلول النظام السابق.

وقال عبد الستار، لموقع "الحرة"، إن "إيران تدير هذه الغرفة، وقد شارك عدد من هؤلاء الضباط في الاجتماع الذي نظمه الحرس الثوري بحضور ضباط إيرانيين وقادة المليشيات العراقية قبل أيام في النجف".

ولفت إلى أن الحكومة العراقية والحرس الثوري الإيراني يتكتمان على أسماء ومعلومات من تبقى من هؤلاء الضباط في العراق، ويبلغ عددهم 93 ضابطًا ومسؤولًا.

وتشمل قائمة المسؤولين السوريين والضباط، الذين دخلوا العراق في ديسمبر الماضي، مسؤولين كبارًا في النظام المخلوع وصلوا إلى العراق عبر مطار بغداد الدولي.

ويرى الخبير الأمني والاستراتيجي، أحمد الشريفي، أن النفي الحكومي العراقي بمنح من تبقى من الضباط والمسؤولين السوريين الإقامة غير كافٍ للتأكيد على أن هؤلاء غادروا العراق.

ويعتبر الشريفي الضباط والمسؤولين السوريين، الذين رفضوا العودة إلى بلادهم، الصندوق الأسود للكثير من الأحداث التي جرت في سوريا، لا سيما ملف التعاون بين العراق وسوريا عبر هذه الجهات.

ويضيف الشريفي، لموقع "الحرة"، أن "قضية تحرك هؤلاء الضباط هي مناورة لصندوق أسود يخفي بين جوانبه أسرارًا كثيرة عن تعاون الفصائل العراقية مع سوريا وإيران والعراق، وكيف كان التعاون سائرًا آنذاك".

وأشار إلى أن الضباط لن يعودوا إلى سوريا ويمكن أن تؤمن لهم الموارد المالية من موازنة الحشد الشعبي.

ويلفت الشريفي: "بما أن العراق شكّل حاضنة لهم، وإن ثبت بالدليل أنهم في العراق أو غادروه، فسيكون إعادة تطبيع العلاقة بين العراق وسوريا عسيرًا".

وأشار إلى أن هذا الملف ضمن جملة من الملفات والأوراق التي من شأنها أن تعرقل مسألة تطبيع العلاقة بين البلدين، لا سيما في ظل الحكومة العراقية الحالية التي هي حكومة الإطار التنسيقي، الذي تمثل فيه الفصائل الموالية لإيران العمود الفقري للأغلبية البرلمانية.