الآلاف من المسيحيين العراقيين نزحوا من الموصل باتجاه إقليم كردستان بعد سيطرة تنظيم داعش
الآلاف من المسيحيين العراقيين نزحوا من الموصل باتجاه إقليم كردستان بعد سيطرة تنظيم داعش

قال، آنو جوهر عبد المسيح، السكرتير العام للتحالف المسيحي ووزير النقل والاتصالات في حكومة إقليم كردستان العراق، إن المسيحيين في العراق يواجهون "ظلما وإجحافا كبيرا"، رغم أنهم أحد أقدم المكونات في البلاد.

وفي حديث خاص لقناة "الحرة"، أشار عبد المسيح إلى أن التمثيل السياسي للمسيحيين في بغداد يتعرض للاختطاف من قبل الميليشيات المسلحة التي فرضت نفسها على المشهد السياسي في سهل نينوى، المنطقة ذات الأغلبية المسيحية.

وطالب "التحالف المسيحي" المؤلف من أحزاب ومنظمات مسيحية عراقية الجهات التشريعية والتنفيذية، بسحب الميليشيات المسلحة من سهل نينوى وتعديل قانون الانتخابات وإقرار قانون أحوال شخصية لغير المسلمين.

وأوضح عبد المسيح أن هناك قوانين لا تخدم الأقليات الدينية، بل تساهم في تهميشها وإلحاق الضرر بمصالحها.

وأضاف أن المسيحيين يواجهون موجة هجرة واسعة، سواء عبر النزوح الداخلي أو مغادرة العراق كليا، مما يجعل الوضع "غير قابل للتحمل سياسيا وإنسانيا".

وأشار إلى أن الميليشيات المسلحة التي دخلت إلى سهل نينوى أثناء معارك تحريره من تنظيم داعش لم تعد هناك حاجة لوجودها، خاصة بعد إعلان العراق الانتصار العسكري على داعش في 2017.

ودعا عبد المسيح الحكومة العراقية إلى سحب الميليشيات المسلحة من سهل نينوى، مشددا على ضرورة أن تتولى القوات الرسمية، مثل الجيش والشرطة والبيشمركة، مسؤولية الأمن، مع منح أبناء الأقليات فرصة المشاركة في حماية مناطقهم.

كما طالب الولايات المتحدة بممارسة ضغوط على بغداد لضمان تنفيذ هذه المطالب، معتبراً أن النظام الانتخابي الحالي لا ينصف المسيحيين، حيث سمح للفصائل المسلحة بالتأثير على نتائج الانتخابات وسلب مقاعد الكوتا المخصصة للمسيحيين عبر أصوات ناخبين غير مسيحيين.

وشدد عبد المسيح على ضرورة حصر التصويت في الكوتا المسيحية على الناخبين المسيحيين فقط، لضمان تمثيل حقيقي لهم في البرلمان، مع تخصيص كوتا خاصة بالمسيحيين في جميع المحافظات العراقية لضمان حقوقهم السياسية والاجتماعية.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى تفريغ العراق من مكون أصيل كان جزءاً لا يتجزأ من تاريخه وحضارته، داعياً إلى إصلاحات جذرية تضمن حقوق المسيحيين وتحميهم من التهميش والاضطهاد.

وكشفت وثيقة متداولة في مواقع مسيحية، الخميس، عن مذكرة رسمية موجهة إلى كبار المسؤولين العراقيين، تطالب بسحب الميليشيات المسلحة من سهل نينوى.

ووقع على المذكرة عدد من الكيانات السياسية والدينية المسيحية، بينها المجلس السياسي للتحالف المسيحي، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني، وحزب المجلس القومي الكلداني، وحركة تجمع السريان، والرابطة الكلدانية العالمية، والهيئة الإدارية لشؤون طائفة الأرمن الأرثوذكس، والجمعية الأرمنية، وتيار شلاما.

مظاهرة سابقة للمسيحيين في العراق
مسيحيو العراق.. مهجرون من مدن تغيرت ملامحها
"تركت مدينتي برطلة منذ نحو عشر سنوات، لم أزرها سوى مرات قليلة، تركتها ولن أعود اليها" هذا هو حال شمعون والعديد من المسيحيين في العراق الذين اضطروا لترك مناطقهم الأصلية ونزحوا إلى بلدات أكثر أمنا واستقرارا وهربا من الصراعات وتهديدات الميليشات.

ودعت الوثيقة التي أصدرها "التحالف المسيحي" إلى إسناد الملف الأمني لأبناء المكون المسيحي والأيزيدي "من سكان سهل نينوى الأصليين" من خلال المؤسسات العسكرية والأمنية المنصوص عليها في الدستور العراقي، "لضمان حماية تلك المناطق من استغلال الميليشيات المنفلتة وتدخلاتهم السافرة بشؤون مسيحيي تلك المناطق".

وتضمنت الوثيقة كذلك تعديل قانون انتخابات مجلس النواب وانتخابات مجالس المحافظات "لضمان التمثيل الحقيقي للمكون المسيحي" فضلًا عن تشريع قانون الأحوال الشخصية لأبناء المكونات الدينية غير المسلمة.

وكان الكاردينال لويس ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق، قد أكد، خلال لقائه القائم بأعمال السفارة الأميركية، في بغداد نهاية شهر يناير، أن المسيحيين يعانون من تحديات عديدة، أبرزها "الهجرة، التهميش، البطالة، والاستحواذ على مقدراتهم".

كما طالب ساكو بأن "تُحصر الكوتا بين المجتمع المسيحي ليختار من يمثله، وتسليم الملف الأمني في بلدات سهل نينوى للشرطة الاتحادية والحراسات من أبناء المنطقة، لاستعادة ثقتهم بالمستقبل".

ووجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في 26 يناير، بدمج المزيد من أبناء المسيحيين في صفوف الشرطة المحلية بمحافظة نينوى، شمالي البلاد.

وحسب البيان، يأتي التوجيه في إطار جهود الحكومة دعم الاستقرار والبناء في جميع مناطق العراق، ومنها منطقة سهل نينوى، وضمن مسار تحقيق الأمن وإعادة إعمار هذه المنطقة.

وتتمركز في منطقة سهل نينوى قوات مشتركة من الجيش العراقي والشرطة المحلية، إلى جانب لواءين للحشد الشعبي هما اللواء 30 المعروف بـ"قوات سهل نينوى" وهو لواء خاص بالشبك ومتمركز الان في قرية برطلة.

واللواء 50 المعروف بـ"كتائب بابليون" التابع لحركة بابليون بزعامة (ريان الكلداني)، المدرج على لائحة الإرهاب الأميركي، وتتمركز هذه الميليشيا قرب قرية باطنايا.

طعام مجاني للناس في رمضان بالعاصمة العراقية بغداد
مطبخ الخيرات أسس من قبل نحو ألف عام في العراق

يعود تاريخ مطبخ الخيرات في بغداد إلى قرون مضت، وهو يواصل تقديم وجبات الطعام للمحتاجين مع وصفة حساء خاصة يعتقد عراقيون أنها شفاء للقلوب والنفوس.

وبفضل جهود متواصلة من المتطوعين في طهي وتقديم وجبات الإفطار خلال شهر رمضان، صار مطبخ الخيرات مؤسسة تجذب حشودا من الزوار والصائمين.

قبل نحو ألف عام، أسس الشيخ عبد القادر الكيلاني مطبخ الخيرات، حيث كان يُعدّ ويوزع الحساء على طلاب مدرسته الدينية، وكذلك على الفقراء والمسافرين.

وقال سعد جاسم (67 عاما)، الذي يعمل طباخا بمطبخ الخيرات منذ 32 عاما، لتلفزيون رويترز "بالنسبة إلى مطبخ الخيرات، خاصة شوربة (حساء) الشيخ عبد القادر الكيلاني، من عهده هذه الشوربة موجودة. كان يطبخ لطلابه. حوالى 900 سنة هذه الشوربة موجودة. نحن في رمضان نعمل لونها أصفر لكن هي أصلها بيضاء. بهذه القدر نعملها في رمضان، نطبخ العدس، الوزن يكون 100 كيلو لحم و80 كيلو عدس".

وأضاف "بالنسبة للطبخ، في هذا مطبخ الخيرات، بالدرجة الأولى نعتمد على مساعدات الناس والنذور والتبرعات إن كان عربي أو أجنبي أو عراقي. وفي حالة أصبح لدينا نقص بالمواد السيد خالد الكيلاني والسيد عفيف (مسؤولا إدارة مقام الشيخ عبد القادر) يجهزان المطبخ بالمواد كافة".

ومع مرور الوقت، صار لهذا الحساء أهمية بالغة إذ يتوافد الناس من جميع الخلفيات للاستمتاع بفوائده، معتقدين أنه "مباركة من الله".

وقال المواطن العراقي خلف سلمان في أثناء وقوفه في طابور للحصول على حصته "هذه الشوربة العالم كله يتبارك بها. شوربة أبو صالح (الشيخ عبد القادر) الصغير ياكل منها، الكبير يتشافى. اني عمري سبع سنوات وآتي آخذ شوربة من أبو صالح. والفقير والغني ياخذ منها، الكل ياكل منها خير من الله".

وقال الشيخ يلماز يوسف إمام وخطيب جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني (الحضرة القادرية) "عندما تولى الشيخ عبد القادر الكيلاني سنة 511 هجرية، بعد وفاة شيخه أبو سعيد المخرمي، تولى إدارة المدرسة علميا وعمليا وماليا. نستطيع القول (إن) جميع المؤرخين ذكروا أن الشيخ عبد القادر كان يطعم الطعام للفقراء والمساكين وابن السبيل والأيتام".

وأضاف "سنة 527 إلى يومنا هذا تقريبا، يصل إلى 937 سنة أو أقل بقليل أو أكثر، فهذا يعتبر أقدم مطبخ خيرات في العالم الإسلامي بلا منازع. ينتفع منه الفقير بالدرجة الأولى، والمحتاج وابن السبيل والمسافرون. ينتفع منه الطبقة الأخرى الذين يطلبون التبرك والشفاء به. وهذه من الأمور المجربة، لا سيما في الشوربو منذ أيام أجدادنا الى يومنا هذا. هذا الشي مجرب".

ومع اقتراب غروب الشمس ووقت الإفطار، يتوافد العراقيون على ساحة الجامع الذي يضم ضريح الشيخ عبد القادر الكيلاني، حيث يستمتعون بوجباتهم الغذائية وبالأجواء المميزة.

وقال الزائر محمد ماهر "أجواء رمضانية جميلة هنا، بحضرة الشيخ عبد القادر الكيلاني الناس متجمعة وجالبين معهم إفطارهم. والناس متباركة هنا، يكملون الفطور ويصلون التراويح وأجواء رمضان تكون جميله في الفطور وصلاة التراويح، بعدها السحور والحمد لله".