مقتدى الصدر
الزعيم الشيعي مقتدى الصدر

في خطوة مفاجئة، بدأ رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في تجهيز أنصاره للمرحلة السياسية المقبلة، حيث دعاهم إلى تحديث بياناتهم الانتخابية، مما يثير التكهنات حول استعداده للعودة إلى الساحة السياسية بعد غياب دام نحو عامين.

جاءت هذه الدعوة بعد انسحاب الصدر من العملية السياسية في منتصف عام 2022، احتجاجًا على ما قال وقتها إنه فساد مستشرٍ في الأوساط السياسية، بعد أن كان قد سحب نوابه الذين فازوا بأغلبية مقاعد البرلمان في انتخابات 2021.

ويعتبر مراقبون، تحدث معهم موقع "الحرة"، أن هذه الخطوة تهدف إلى تمهيد الطريق للتيار الصدري لاستعادة قوته السياسية وإحداث تحولات في موازين القوى السياسية العراقية.

المرشد الإيراني علي حامنئي والزعيم الديني العراقي مقتدى الصدر والقائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني في طهران
العراق.. تعليق مباشر من الأعرجي بعد توجيهات الصدر "لسرايا السلام"
علّق مستشار الأمن العراقي قاسم الأعرجي، الثلاثاء، على بيان زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، المتداول منذ ساعات، حاملاً توجيهات وأوامر لمليشيا "سرايا السلام"، تتركز أغلبها على تبديل مقراتها الإدارية والعسكرية وغيرها من المناطق السكنية، ونقلها لمناطق بعيدة عن السكّان، وإزالة أي علامات تدل على مواقع تواجدها.

وأعرب المحلل السياسي غالب الدعمي عن اعتقاده بأن دعوة زعيم التيار الصدري لأنصاره لتحديث بياناتهم الانتخابية تعد مقدمة للمشاركة في الانتخابات المقبلة، رغم تأكيده أن التحديث ضروري سواء شاركوا أو لم يشاركوا.

وقال الدعمي لموقع "الحرة" إن هذه الخطوة تأتي في إطار تمهيد مبكر للعودة إلى الحياة السياسية.

وأشار إلى أن تراجع النفوذ الإيراني في العراق والمنطقة قد يسهم في تمكين التيار الصدري من تشكيل حكومة إذا جرت الانتخابات، خاصة مع التوقعات بتعزيز قوة الأطراف السياسية الأخرى نتيجة ضعف التأثير الإيراني.

وقد يكون ذلك دافعًا رئيسيًا وراء قرار التيار الصدري بالعودة إلى الساحة السياسية بعد انسحابه السابق، لعدم تمكنه من تشكيل حكومة أغلبية كان يطمح إليها، وفضّل الابتعاد عن المشاركة في حكومة تقوم على مبدأ المحاصصة.

وأضاف الدعمي أن توقيت عودة التيار الصدري يعتبر مناسبًا في ظل الفراغ السياسي الذي تعانيه العملية السياسية في العراق.

توازن القوى

فهل تشكل عودة التيار الصدري نقطة تحول في المشهد السياسي العراقي، سواء من حيث إعادة التوازن بين القوى السياسية، وتعزيز المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة، أو استعادة الصوت الشيعي لزخمه في الساحة السياسية؟

ورأى الكاتب العراقي غالب الشابندر أن عودة التيار الصدري إلى الساحة السياسية تمثل نقطة توازن بين قاعدة شعبية واسعة وأحزاب سياسية فقدت جزءًا كبيرًا من تأثيرها الجماهيري.

وركز الشابندر على أن التيار الصدري لا يزال يمتلك قاعدة جماهيرية ضخمة، وعليه، إذا اختار البقاء خارج العملية السياسية، فقد يواجه فراغًا يصعب ملؤه، مما قد يؤدي إلى مسارات غير محسوبة.

ولفت الشابندر إلى أن التيار الصدري، بقاعدته الشعبية الكبيرة، قد يواجه تحديات مستقبلية صعبة إذا استمر في هذا الاتجاه.

أما في حال عودته، فإن ذلك، وفق الشابندر، سيساهم في تعزيز شرعية الدولة، حيث إن زيادة نسبة المشاركة السياسية تُعد مؤشرًا على قوة الدولة أو ضعفها، مما قد يدفع أطرافًا سياسية أخرى للمشاركة في العملية السياسية.

كما نوّه الشابندر إلى تراجع النفوذ الإيراني في العراق وفقدان الأحزاب الحاكمة لجماهيريتها، مما أسفر عن فجوة بين هذه الأحزاب والقاعدة الشعبية.

وفي المقابل، حافظ التيار الصدري على سمعته بعدم مشاركته في الحكومة الحالية، مما جعل الأحزاب الأخرى تتحمل مسؤولية الأزمات التي عصفت بالبلاد.

وأكد الشابندر أن التيار الصدري لديه دوافع قوية للعودة إلى الساحة السياسية، أبرزها مطالب جمهوره بلعب دور محوري في المشهد العراقي.

ورأى أن التيار قد يصبح المنقذ للصوت الشيعي في العراق، خاصة في ظل تراجع شعبية القوى الشيعية الأخرى.

وبينما فقدت هذه القوى تأثيرها الشعبي، لا يزال التيار الصدري محافظًا على قاعدته الجماهيرية الضخمة، وهو ما قد يجذب الدعم الشيعي له، سواء لقناعته بدوره السياسي أو رفضًا للأحزاب الشيعية الأخرى، وفق الشابندر.

إشارات نحو تحول سياسي جديد في العراق

وقال الباحث السياسي المقرب من التيار الصدري، صفاء الموسوي، إن دعوة مقتدى الصدر لأنصاره لتحديث معلوماتهم الانتخابية تحمل رسالة واضحة تشير إلى تحول محتمل في موقف التيار بشأن العودة إلى الانتخابات والمشاركة في العمل السياسي.

وأضاف الموسوي أن التيار الصدري قد يعود إلى الانتخابات إذا شعر بوجود قبول شعبي لمشروعه الإصلاحي، الذي أطلقه الصدر في عام 2021، مشيرًا إلى أن التيار لا يسعى إلى السلطة بقدر ما يركز على تنفيذ برنامج إصلاحي حقيقي.

وأردف قائلا إن التيار الصدري لن يعارض تشكيل أي حكومة إذا شعر بأنها قادرة على تنفيذ الإصلاحات المنشودة.

وأعرب الموسوي عن اعتقاده بأن التيار الصدري يسعى لبناء دولة عراقية قوية وشفافة، مع رفض استمرار نظام المحاصصة والتستر على الفساد.

وتوقع أن يكون الصدر شريكًا فاعلًا في تنفيذ برنامج إصلاحي من خلال الانتخابات وآليات الديمقراطية.

تعزيز الحضور السياسي وتحالفات محتملة

قال الباحث في الشأن السياسي، جاسم الغرابي، إن التيار الصدري، وهو تيار وطني لا يتلقى أوامر من أي جهة خارجية، يستعد لخوض الانتخابات المقبلة، إلا إذا واجه موانع تحول دون ذلك.

وأضاف أن الدعوة الأخيرة لتحديث البيانات الانتخابية تشير إلى بداية تحركات جدية نحو تعزيز حضور التيار في المشهد السياسي، وقد يتجه نحو تشكيل تحالفات جديدة مع أطراف سنية وكردية وشيعية.

وأشار الغرابي إلى أن التيار الصدري يتمتع بتنظيم قوي وقاعدة جماهيرية منتظمة ومطيعة لزعيمه مقتدى الصدر، حيث توافد أنصاره إلى مراكز تحديث البيانات الانتخابية، بما في ذلك الشباب الذين أصبحوا مؤهلين للمشاركة في الانتخابات لأول مرة.

ورجح أنه في حال خوض التيار الصدري الانتخابات المقبلة، فقد يحقق ما يقارب 85 مقعدًا برلمانيًا، وهو ما قد يمكّنه من السعي نحو تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بعيدًا عن نظام المحاصصة الذي أنهك الدولة العراقية.

وأضاف الغرابي أن دعوة الصدر الأخيرة لأتباعه ومناصريه أربكت خصومه السياسيين، خصوصًا الأطراف الشيعية التي قطع علاقته معها، متهمًا إياها بالفساد.

وعلى الرغم من موقفه الصارم تجاه هذه القوى، فإنه لا يُستبعد أن ينضم بعض أعضائها إليه، في حال قرر العودة رسميًا إلى الساحة السياسية.

تقلبات سياسية وانسحابات مفاجئة

شارك التيار الصدري في حكومة نوري المالكي عام 2010 قبل أن ينسحب بسبب الخلافات.

وفي 2018، تصدّرت كتلة "سائرون" الانتخابات، لكنه دعم حكومة عادل عبد المهدي دون تولي منصب تنفيذي، ثم سحب دعمه لها في 2019 إثر احتجاجات تشرين، مما أدى إلى استقالة عبد المهدي.

وفي 2021، حقق التيار فوزًا بـ 73 مقعدًا وسعى إلى تشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، لكنه واجه رفض "الإطار التنسيقي"، مما أدى إلى أزمة سياسية انتهت بسحب نوابه من البرلمان في يونيو 2022، قبل أن يقتحم أنصاره مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء.

وحلّ محل نواب الصدر المرشحون الخاسرون الحاصلون على أعلى الأصوات في دوائرهم الانتخابية، ما أتاح لخصومه من الإطار التنسيقي تشكيل حكومة محمد شياع السوداني.

وفي 30 أغسطس 2022، دعا الصدر أنصاره للانسحاب من المنطقة الخضراء، وانتهى الاعتصام رسميًا.

ويعتمد الصدر على المناورة السياسية واستخدام الضغط الشعبي لتحقيق أهدافه، دون تحمّل مسؤولية الحكم المباشر.

ومع استمرار الأزمات السياسية في العراق، يبقى التيار الصدري لاعبًا رئيسيًا، قادرًا على العودة إلى المشهد عبر الانتخابات أو تصعيد الاحتجاجات، ما يجعل مستقبله مفتوحًا على جميع الاحتمالات.

وأكد الخبير الاستراتيجي، قحطان الخفاجي، في حديث لموقع "الحرة"، أن موقف التيار الصدري من العملية السياسية في العراق لا يرتبط بخلل في النظام السياسي بقدر ما يعكس حسابات مقتدى الصدر ومصالحه الخاصة.

فرغم انسحابه من العملية السياسية، لا يزال التيار يحتفظ بنفوذ واسع داخل الدولة وخارجها، ما يجعله قادراً على العودة متى رأى الظروف مواتية، وفق الخفاجي.

معارضة أم عودة للسلطة

ورأى الخفاجي أن انسحاب التيار الصدري لم يكن رفضاً لفساد النظام، كما يروّج الصدر، بل خطوة تكتيكية لإعادة ترتيب المصالح وتحقيق مكاسب أكبر.

وأضاف أنه "مع استمرار إخفاقات الحكومة، قد يجد الصدر الفرصة مناسبة للعودة، مستفيداً من قاعدته الشعبية القادرة على تحريك الشارع، كما ظهر في الانتخابات الأخيرة".

وأعرب الخفاجي عن اعتقاده بأن الصدر يفضّل الاحتفاظ بالنفوذ دون تحمل مسؤولية الحكم المباشر، مستغلاً أدوات الضغط السياسي عبر شخصيات موالية داخل الدولة.

لكنه، في حال توفر تحالفات مناسبة، قد يختار العودة إلى السلطة، عبر واجهات أخرى، خاصة أن تياره يعاني من انشقاقات تحدّ من قدرته على إدارة الدولة بفعالية، وفق الخفاجي.

تم تشييع جثامين القتلى في محافظة السليمانية ودفنهم
تم تشييع جثامين القتلى في محافظة السليمانية ودفنهم

في جريمة يندى لها الجبين، وبشهر رمضان المبارك، أقدم شاب عراقي على قتل أمه وأبيه وأشقاءه بعد عودته من دولة أوروبية.

وذكرت شبكة "رووداو" في تقرير لها أن ستة أفراد من عائلة واحدة قتلوا بالرصاص في قرية كريزة التابعة لقضاء سيد صادق في محافظة السليمانية شمال شرق العراق.

وأوضح مراسل الشبكة أن الضحايا قتلوا برشاش كلاشنيكوف حوالي الساعة 11:30 من مساء الأربعاء.

وأسفر الحادث ووفقا للمصدر ذاته عن "مقتل الأب والأم وشقيقين وشقيقتين".

وأشارت مصادر للشبكة إلى أن "أحد أفراد العائلة قد يكون الجاني"، وأفاد أقارب للعائلة بأن "الجاني هو أحد أبناء العائلة، وكان يعيش في أوروبا، عاد إلى المنزل مؤخرا، ونشب خلاف بينه وبين أفراد عائلته، انتهى بإقدامه على قتلهم جميعا قبل أن ينتحر".

وأكد المتحدث باسم شرطة السليمانية، سركوت أحمد، لرووداو أن "بشير سالار قتل أفراد عائلته قبل أن ينتحر"، مشيرا إلى أن "التحقيقات لا تزال مستمرة".

وأشار الأقارب إلى أن والد الضحايا كان مريضا "وأجرى عملية قلب وكان طريح الفراش في المنزل".

وأفادت الشبكة أن الضحايا من عائلة "سالار" وذكرت أسماءهم، وأكدت أنه تم نقل جثامينهم إلى "دائرة الطب العدلي في السليمانية، تمهيدا لدفنهم في مسقط رأسهم".

والخميس تم تشييع جثامين القتلى في محافظة السليمانية ودفنهم.