الحشد الشعبي

لم تتوقف ميليشيات عراقية موالية لإيران ومنضوية في هيئة الحشد الشعبي طيلة السنوات الماضية عن توسيع ترسانتها العسكرية وامتلاك صواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيرة، الأمر الذي جعل قدراتها تضاهي الجيش والقوات الأمنية الأخرى.

وتنضوي تحت جناح الحشد الشعبي أكثر من 70 ميليشيا مسلحة معروفة، إلى جانب العشرات من الميليشيات غير المعروفة، التي أشرف الحرس الثوري الإيراني عبر جناحه الخارجي "فيلق القدس" على تأسيسها في أوقات مختلفة.

وبدأت إيران بتأسيس ميليشيا فيلق بدر عام 1982 في إيران، في حين تشكل الحشد الشعبي بعد فتوى من المرجعية الشيعية في العراق عام 2014، بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق واسعة.

وشاركت فصائل الحشد الشعبي في المعارك التي خاضها الجيش العراقي مع قوات التحالف الدولي لدحر تنظيم داعش، لكنها استمرت بعد انتهاء الحرب على التنظيم المتشدد ولم تحل نفسها.

وواصلت فصائل الحشد الشعبي بناء قوتها العسكرية والتقنية وتطوير قدراتها، ورغم أنها أصبحت قوة رسمية يفترض أن تخضع لقيادة القائد العام للقوات المسلحة، فإنها تدين بالولاء لإيران.

ولم تقتصر عملياتها العسكرية داخل الجغرافيا العراقية، بل أصبحت بعض الفصائل المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي عابرة للحدود، حيث تقاتل ضمن الميليشيات الموالية لإيران في سوريا.

قدرات تضاهي الجيش

ورأى الخبير الاستراتيجي، أحمد الشريفي، أن القدرات التي تمتلكها الفصائل المسلحة تضاهي قدرات الجيش العراقي من حيث التنظيم والقدرات الميدانية والمرونة.

وقال الشريفي، لموقع "الحرة": "تفوق قدرات الحشد الشعبي العسكرية الجيش العراقي بشكل كبير جدًا، لا سيما ما يتعلق بالقدرات الجوية، فهي تمتلك صواريخ بعيدة المدى وصواريخ تحمل رؤوس تشويش على نظام تحديد المواقع (GPS) والطائرات المسيرة، وهذه الإمكانيات لا تجعلها جيشًا موازيًا فحسب، بل جيشًا متفوقًا على الجيش النظامي".

ويشير الشريفي إلى أن بعض هذه الفصائل تقود عمليات عسكرية عابرة للحدود، تتنافى مع الضوابط السياسية العليا للدولة العراقية، وتتنافى مع قيم العلاقات الدولية، سواء على مستوى العلاقات الإقليمية أو الدولية.

وغنمت الميليشيات الموالية لإيران، خلال مشاركتها في معارك تحرير محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين من 2014 إلى نهاية 2017، دبابات وأسلحة ثقيلة متطورة استحوذ عليها تنظيم داعش من مخازن سلاح الجيش العراقي أثناء سيطرته على هذه المحافظات.

ولم تتوقف هذه الميليشيات عند هذا الحد، بل واصلت التسلح بالأسلحة الإيرانية، ومنها أنواع مختلفة من الطائرات المسيرة والصواريخ مختلفة المدى، التي استخدمتها خلال السنوات الماضية في هجماتها على إقليم كردستان وقواعد تستضيف قوات أميركية ومصالح غربية في العراق وسوريا، وأهداف في إسرائيل.

ترسانة ضخمة

وأشار مراقبون وخبراء مختصون بالشؤون العسكرية، تحدث معهم موقع "الحرة"، إلى أن قائمة تسلح الميليشيات العراقية تشمل صواريخ إيرانية من طراز "أبابيل"، و"البتار"، و"القاهر"، وصواريخ "زلزال 1 و2 و3"، و"فاتح 110"، و"فاتح 313"، و"شهاب 3"، و"سجيل".

كما تضم ترسانتها أسلحة أخرى من إنتاج مرافق الصناعات العسكرية الإيرانية ومصانع الميليشيات العراقية، التي يشرف عليها خبراء إيرانيون في مجال صناعة الأسلحة.

أما الطائرات المسيرة التي تمتلكها هذه الميليشيات، فهي الأخرى متنوعة ومصنوعة في إيران، من طراز طائرات "مهاجر"، و"سحاب"، و"طائرات بدون طيار انتحارية"، و"شاهد 136"، و"أبابيل 3".

وقال المحلل السياسي في مركز "رامان" للبحوث والاستشارات، شاهو قرداغي، إن امتلاك الحشد الشعبي والفصائل الموالية لإيران ترسانة سلاح تفوق الجيش، يعد تهديدًا جوهريًا للدولة.

وأضاف قرداغي، لموقع "الحرة"، أن "امتلاك الحشد لهذه الترسانة يضعف احتكار الدولة للقوة، ويعمق الانقسامات عبر ولاءات مجزأة ما بين طائفية وعشائرية وأخرى حزبية".

وأردف قائلًا إن ذلك "يسهل في الوقت نفسه لإيران التدخل عبر هذه الجماعات، كما يهدد سيادة القانون، ويعقد مواجهة الإرهاب، ويجعل العراق عرضة لضغوط دولية".

ولفت قرداغي إلى أن غياب الاحتكار الشرعي للسلاح يُحوِّل العراق إلى ساحة صراع بالنيابة، تهدد أمنه وتجعل استقراره رهينة مصالح الفصائل وأجنداتها المتشابكة.

ولمعرفة أهداف الحشد الشعبي في بناء ترسانة سلاح كبيرة رغم عدم خوض العراق لأي حرب في الوقت الحالي، تواصل موقع "الحرة" مع كلٍّ من المتحدث باسم هيئة الحشد الشعبي، مؤيد الساعدي، وعضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، ياسر إسكندر، إلا أنهما لم يجيبا على أسئلة الموقع.

خريطة المليشيات

ولعل من أبرز المليشيات العراقية الموالية لإيران، التي تتقاسم هذه الترسانة العملاقة من السلاح، مليشيا فيلق بدر وكتائب حزب الله العراق، التي تُعتبر مليشيا النجباء إحدى ألويتها الرئيسية،

بالإضافة إلى مليشيات عصائب أهل الحق، وكتائب سيد الشهداء، وسرايا الخراساني، وكتائب رساليون التابعة لحزب الدعوة، وغيرها من الفصائل.

وتنشط إلى جانب هذه المليشيات، مليشيات أخرى تُعرف بمليشيات الظل، التي تعمل كوكيلة للمليشيات الرئيسية، وأعلنت عن نفسها سنة 2020، تحديدًا بعد مقتل قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" الإيراني، وأبو مهدي المهندس، رئيس أركان هيئة الحشد الشعبي.

وتشمل مليشيات "عصبة الثائرين"، و"أولياء الدم"، و"الغاشية"، و"أصحاب الكهف"، و"قبضة الهدى"، و"قاصم الجبارين"، و"ذو الفقار"، و"سرايا المنتقم"، و"ثأر المهندس"، و"لواء خيبر"، و"سرايا ثورة العشرين الثانية"، و"المقاومة الدولية".

كما تضم القائمة قوات "الشهيد كريم درعم"، و"كتيبة السابقون"، و"أولو العزم"، و"المنتقمون"، و"ألوية الوعد الحق"، و"الثائرون"، و"ربع الله"، و"ولد الشايب"، و"أبناء المهندس".

وتتوزع هذه المليشيات ووكلاؤها بين محافظات نينوى، وديالى، وكركوك، والأنبار، وصلاح الدين، بالإضافة إلى حزام بغداد وبلدة جرف الصخر في محافظة بابل، وعلى الشريط الحدودي العراقي-السوري.

وتتراوح أعداد المسلحين في كل مليشيا من هذه المليشيات، بحسب إحصائيات غير رسمية، ما بين 20 ألف مسلح في المليشيات الكبيرة، و1500 مسلح في الصغيرة منها.

وبعد هزيمة داعش، تضاعف عدد المنتسبين إلى الحشد، بحسب تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، حيث وصل إلى 204 آلاف منتسب عام 2023.

وكانت تيارات سياسية عراقية قد حذرت من تجاهل المطالب الدولية المتمثلة في نزع سلاح الفصائل المسلحة في العراق ودمجها في القوات الأمنية العراقية. وجاءت هذه التحذيرات مع تأكيد مسؤولين عراقيين سعي الحكومة إلى فتح ملف نزع سلاح الفصائل المسلحة في العراق وضمها إلى الجيش الموحد.

ففي منتصف شهر يناير الماضي، قال وزير الخارجية فؤاد حسين إن بغداد تحاول إقناع فصائل مسلحة خاضت قتالًا ضد القوات الأميركية، وأطلقت صواريخ وطائرات مسيرة على إسرائيل، بالتخلي عن سلاحها أو الانضمام إلى قوات الأمن الرسمية.

تحذيرات 

وتزامنت هذه التحذيرات أيضًا مع مطالبات النائب الأميركي جو ويلسون بإجراء "تحقيق شامل" بشأن إمكانية وصول أموال الضرائب الأميركية بطريقة غير مباشرة إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق.

وفي حديث خاص لقناة "الحرة" في 16 فبراير الماضي، أكد ديفيد فيليبس، المستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية، أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تحدد بعد تفاصيل سياستها تجاه التهديدات التي تشكلها الفصائل المسلحة العراقية.

وأوضح فيليبس أن تركيز ترامب في هذه المرحلة سيكون على تعزيز وحدة العراق الوطنية، مشيرًا إلى أن الرئيس الأميركي يفضل أن تكون قوات الحشد الشعبي تحت إشراف الحكومة المركزية في بغداد.

وأشار إلى أن التحدي الذي يواجه العراق حاليًا هو فقدان السيادة نتيجة للتدخل الإيراني المستمر في شؤونه الداخلية، مؤكدًا أن رفض فصائل الحشد الشعبي نزع سلاحها ودمجها في المؤسسة العسكرية والأمنية الرسمية سيكون له أثر سلبي على وحدة العراق واستقلاله.

الميليشيات العراقية

باتت الميليشيات العراقية الموالية لإيران أمام مفترق طرق.

ضغط أميركي على صانع القرار العراقي لنزع سلاحها بطريقة فعالة وسريعة، بالتوازي مع محادثات نووية، تتضمن أيضا، وفق مراقبين، تفكيك شبكة الوكلاء التي تسخدمها طهران في التعاطي مع دول المنطقة.

هل تتخلى إيران عن مليشياتها العراقية؟

سؤال مشروع وفق مؤشرات عديدة.

وقف الهجمات

في ديسمبر، أعلنت مجموعات مسلحة عراقية إيقاف هجماتها على المصالح الأميركية وضد إسرائيل بشكل مؤقت. وأشارت تقارير إلى أن تلك المجاميع أو بعضها على الأقل، أبدت استعدادها لإلقاء السلاح والانضواء ضمن تشكيلات القوات المسلحة العراقية.

يشمل سلاح الميليشيات ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، حسبما ذكر مراقبون وخبراء مختصون بالشؤون العسكرية، سبق وتحدث معهم موقع "الحرة".

والسبت أنهت واشنطن وطهران الجولة الثانية من المفاوضات، دون الكشف عن طبيعة الملفات  الأخرى المطروحة على طاولة المفاوضات إلى جانب البرنامج النووي الإيراني، وما إذا كانت تضمنت ملف الميليشيات العراقية.

يقول الباحث في الشأن السياسي العراقي، رافد العطواني، إن طهران أبلغت الجانب الأميركي أن موضوع الحشد والفصائل المسلحة العراقية وأذرع إيران الأخرى في المنطقة، شأن داخلي خاص بالبلدان التي توجد تلك المجاميع فيها، "أي أنه ينبغي على الولايات المتحدة التفاوض مع هذه الفصائل والاتفاق معها بشكل مباشر".

ويكشف العطواني، المقرب من التيار الوطني الشيعي بزعامة مقتدى الصدر، لـ"الحرة"، أن "الولايات المتحدة أوقفت هجماتها، وكذلك الهجمات الإسرائيلية على الفصائل الموجودة في العراق عقب مباحثات جرت بين الحكومة العراقية والجانب الأميركي، على أمل أن تقنع بغداد الفصائل بإلقاء سلاحها، لتجنيب العراق تداعيات الحرب والعمليات العسكرية التي تشهدها المنطقة".

رغم ذلك، يعتقد العطواني أن إيران لا تزال تملك القدرة على "إسكات هذه الفصائل أو تحريكها داخل العراق، أو المضي بها باتجاه إلقاء السلاح".

صيغة لنزع سلاح المليشيات

وتنضوي الميليشيات العراقية الموالية لإيران في هيئة الحشد الشعبي، ويقدر عددها بأكثر من 70 ميليشيا مسلحة معروفة، إلى جانب عشرات من الميليشيات غير المعروفة، التي أشرف الحرس الثوري الإيراني عبر جناحه الخارجي "فيلق القدس" على تأسيسها في أوقات مختلفة.

وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، قال لرويترز، في يناير الماضي، إن العراق يحاول إقناع الفصائل المسلحة الموالية لإيران بإلقاء أسلحتها أو الانضمام إلى قوات الأمن الرسمية.

ولا ترتبط جميع فصائل الميليشيات العراقية بعلاقات ولائية مع طهران. 

يشير العطواني إلى وجود تصنيفات عديدة للفصائل العراقية، منها الفصائل المنضوية داخل الحشد الشعبي، والفصائل الموجودة خارج الحشد الشعبي، وفصائل تابعة للأحزاب السياسية، والمرجعيات الدينية، إلى جانب فصائل أخرى انخرطت داخل وزارة الدفاع ولم تنتم إلى الحشد وهي المعروفة بحشد العتبات.

ويتوقع العطواني أن تتكشف الأيام القادمة عن صيغة لدمج الحشد الشعبي في وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية الأخرى.

ويعتقد العطواني أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أبلغ بعض الجهات التي تروم الدخول معه بقائمة أو تحالف في الانتخابات المقبلة، أن الولايات المتحدة أبلغت بغداد بأن المرحلة المقبلة يجب أن تكون من دون سلاح خارج سيطرة الدولة.

ويسعى السوداني نفسه إلى حل مشكلة السلاح المنفلت، وفق مسؤولين أميركيين يؤكدون أن رئيس الحكومة العراقية يريد أن يخضع المليشيات لحكومته.

واتصل موقع "الحرة" بكل من المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، والمتحدث باسم هيئة الحشد الشعبي، مؤيد الساعدي، لمعرفة للحصول على تعليق بشأن الموضوع، لكنهما لم يجيبا على أي سؤال من أسئلة "الحرة"، ورفض محللون سياسيون مقربون من الحشد الشعبي وقوى "الإطار التنسيقي"، أي الائتلاف الشيعي الحاكم، الادلاء بأي تصريحات بشأن هذا الملف.

ويحذر العطواني من أن أي تحرك عسكري للفصائل سيجر العراق إلى تداعيات خطيرة منها عقوبات اقتصادية وحتى استهداف عسكري.

"سلاح الفصائل يحتاج إلى تفكيك". ويعتقد العطواني أن هناك تنسيقا بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل "يتمثل باستمرار أحدهما بالتفاوض بينما سيلجأ الآخر إلى استخدام القوة إذا لم نشهد نزعا حقيقيا لسلاح الفصائل".

"المرحلة المقبلة ستكون بلا سلاح وبلا أذرع إيرانية في المنطقة،" يقول الباحث العراقي.

تقليص نفوذ إيران

يتراجع النفوذ الإيران سياسيا وعسكريا بشكل ملحوظ على خلفية الأحداث الجارية في الشرق الأوسط منذ أشهر، وتمثلت في جزء منها تعرض حلفاء إيران المسلحين في غزة ولبنان لضربات مدمرة، إلى جانب الإطاحة بنظام بشار الأسد أوثق حلفاء طهران في المنطقة.

ويلفت رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، إحسان الشمري، إلى أن مخاوف عراقية ناتجة على نحو خاص عن عدم وجود مقاربة أميركية واضحة تجاه العراق إلى الآن.

ويرى الشمري أن المذكرة الرئاسية للأمن القومي التي استعادت من خلالها واشنطن سياسة "الضغوط القصوى" على إيران، بينت أنه لا يوجد فصل بين العراق وإيران.

ويعتقد الشمري في حديث لـ"الحرة" أن "الملف العراقي سيكون ضمن الملف الإيراني كأحد أوراق التفاوض باعتبار أن واشنطن تعتبر المعادلة السياسية التي تسيطر على مجلس النواب العراقي وكذلك الحكومة الحالية مشكلة من قبل الفصائل المسلحة الموالية لإيران، لذلك التعاطي مع العراق بشكل منفصل، مازال مبكرا".

لكن الشمري يرى في الوقت ذاته أن الأمور في العراق تتجه نحو تقليص النفوذ الإيراني على اعتبار أن هذا النفوذ أصبح مرفوضا داخليا، إلى جانب ما يشهده من انهيار الإقليمي. 

ويوضح " تشعر إيران الآن بانكسار كبير على مستوى الداخل العراقي، وحتى على مستوى المنطقة، هذا كله يشجع واشنطن على اتخاذ سياسة تهدف إلى تقليص هذا النفوذ وإنهائه في مراحل لاحقة".

وكثفت الميليشيات العراقية الموالية لإيران المنضوية في ما يُسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" خلال العامين الماضيين هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على البعثات الدبلوماسية وقواعد التحالف الدولي والمصالح الأميركية في إقليم كردستان ومناطق عراقية أخرى.

وشنت هجمات أيضا على إسرائيل وقواعد أميركية في سوريا، انطلاقا من الأراضي العراقية.

الخشية من شرق أوسط جديد

يشدد الشمري على أن "المعادلة السياسية الحاكمة في العراق تخشى من الشرق الأوسط الجديد"، وان إعادة هيكلة هذه العملية السياسية الحالية أصبحت واحدة من الأهداف بالنسبة للمعارضة العراقية والمعارضين لحكومة السوداني وللإطار التنسيقي.

ويشير الشمري الى أن هذا الشعور يتزامن مع الرؤية الأميركية التي تدفع باتجاه إنهاء وتقويض النفوذ الإيراني في الداخل العراقي.

ويعزو الشمري اندفاع القوى السياسية الحليفة لإيران في العراق باتجاه طهران بشكل كبير إلى عدم اعطاء الولايات المتحدة الأميركية أي تطمينات لهذه القوى لذلك يجدون في إيران نوعا من الطمأنينة".

تعتيم إيراني

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية إسماعيل بقائي، الاثنين الماضي، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي، الكشف عن تفاصيل القضايا التي بحثت خلال الجولة الثانية من المفاوضات الإيرانية الأميركية.

وقال بقائي "لا نؤكد أيا من التفاصيل والقضايا التي أثيرت حول الأمور التي نوقشت في المفاوضات"، وأشار إلى أن ما يذكر عن مواضيع المفاوضات ليس سوى تكهنات وتحليلات إعلامية.

وأكد بقائي على أن هذه المحادثات تتركز حصرا على الملف النووي ورفع العقوبات، مبينا "هذا هو إطار التفاوض، ولا يتم تناول أي قضايا أخرى خارجه، كما ذكرنا منذ البداية، رفع الحظر بالنسبة لنا يعد مطلبا جوهريا وأساسيا".

الخوف من الانهيار

ويؤكد الخبير الاستراتيجي العراقي، علاء النشوع، على أن مخاوف الفصائل العراقية الموالية لإيران من أن يكون الملف العراقي من ضمن شروط المفاوضات، نابعة من مخاوفها من تخلي إيران عنها، أي أنها أصبحت عرضة للضربات العسكرية الأميركية، وفي هذه الحالة ستكون هذه الفصائل معرضة إلى الانهيار والتدمير الكامل سواء عن طريق الضربات أو الملاحقات القانونية.

ويتابع النشوع في حديث مع "الحرة" قوله إن "الولايات المتحدة لا تفرط بالعراق لا لإيران ولا لتركيا أو لأي دولة أخرى لأسباب كثيرة منها جيوستراتجية واقتصادية وسياسية".

ويرى النشوع إلى أن الطبقة السياسية في العراق ستكون خاضعة للمتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة.

ويرجح النشوع أن تخضع إيران للشروط  الأميركية وتتخلى عما تمتلكه من المقدرات العسكرية في المنطقة، سواء كانت معدات وأسلحة، أو النفوذ المتمثل بالمليشيات والمجاميع المسلحة التي دخلت في حيز الصراع الإقليمي والدولي، في عدد من الدول، بينها العراق.