صورة نشرتها وزارة الدفاع العراقية من موقع العملية- فيسبوك
صورة نشرتها وزارة الدفاع العراقية من موقع عملية سابقة استهدفت فيها خلايا داعش- فيسبوك

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الجمعة، أن القوات الأميركية قتلت زعيم تنظيم داعش في العراق، عبد الله مكي مصلح الرفاعي، المعروف باسم "أبو خديجة"، وذلك بتنسيق مع الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق.

وأكد ترامب عبر منصته "تروث سوشيال" أن القوات الأميركية "طاردت زعيم داعش في العراق بلا هوادة" حتى تم القضاء عليه مع أحد مرافقيه.

ووصف بيان لرئاسة الوزراء العراقية أبو خديجة بـ "أحد أخطر الإرهابيين في العراق والعالم"، إذ أنه كان مسؤول مكاتب العمليات الخارجية واللجنة المفوضة لتنظيم داعش. 

وبعد يوم على تلك العملية، تمكن جهاز المخابرات والقوات الأمنية العراقية من القبض على الإرهابية الشيشانية أم حسين، وهي زوجة "أبو خديجة" وذلك في عملية أسفرت أيضا عن اعتقال مسلحين آخرين في داعش.

ورغم الضربات المتتالية التي تعرض لها داعش في العراق والمنطقة، بما في ذلك مقتل "أبو خديجة"، إلا أن العديد من المراقبين يحذرون من أن التنظيم لا يزال يشكل تهديدًا مستمرًا للأمن الإقليمي.

قال توماس واريك، نائب مساعد وزير الأمن الداخلي الأمريكي الأسبق لسياسات مكافحة الإرهاب، في حديثه لقناة الحرة، إن مقتل "أبو خديجة" يعد ضربة مهمة للغاية، و"جاءت في وقت لم ينته فيه تهديد تنظيم داعش".

وأوضح واريك أن تنظيم داعش يسعى إلى تعزيز نفوذه واستعادته في شمال شرق سوريا وشمال غرب العراق. وأضاف أن مقتل "أبو خديجة" يمثل ضربة أخرى تحد من محاولات التنظيم في إعادة ترتيب صفوفه.

وأشار إلى أن مقتل "أبو خديجة" يحدث في توقيت حساس، حيث يتزامن مع تشكيل الحكومة السورية الانتقالية، وكذلك مع محاولات بعض الأفراد في هيئة تحرير الشام "وضع نهج جديد في البلاد" بعد سقوط نظام الأسد.

وأكد واريك أن تنظيم داعش، رغم الخسائر التي تكبدها، لا يزال يشكل تهديدًا للمنطقة، وأنه ما زال قادرًا على "ابتزاز مئات الآلاف من الدولارات من الأهالي وأصحاب الأعمال في شمال شرق سوريا". وأضاف أن التنظيم يعتمد على نفس الأسلوب في شمال غرب العراق.

وأشار إلى مشكلة أخرى تتمثل في قدرة داعش على استبدال قادته الذين يتم تصفيتهم بسرعة بكوادر جديدة، لكنه شدد على أن القضاء على قيادات هامة مثل "أبو خديجة" يجعل من الصعب على التنظيم العثور على شخص آخر يمتلك نفس القدرات.

وأعلنت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) تحييد قائد "العمليات الخارجية" في تنظيم داعش والذي كان يشغل منصب الرجل الثاني في التنظيم ونشرت لقطات مصور للحظة استهداف في ضربة من الجو.

وقال الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية "كان أبو خديجة أحد أهم قادة داعش على المستوى الدولي للتنظيم. سنواصل القضاء على الإرهابيين وتفكيك تنظيماتهم التي تهدد وطننا وأفرادنا من القوات الأميركية، والحلفاء، والشركاء في المنطقة وخارجها."

وفي يونيو من 2023 أدرجت وزارة الخارجية الأميركية أبو خديجة في القائمة الخاصة بالإرهابيين، خاصة لدوره في تهديد السلام والاستقرار العالمي بالأنشطة الإرهابية.

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
داعش في العراق.. تحديات ما بعد 2024
تشهد الساحة الأمنية والسياسية في العراق تصاعداً في وتيرة التحديات، ومن بينها تحركات خلايا تنظيم داعش في بعض المناطق، لاسيما سلسلة جبال حمرين الواقعة شرقي العراق وبعض المناطق الصحراوية غرب البلاد، التي يسعى داعش إلى استغلالها ملاذات آمنة، أملاً بإعادة تنظيم صفوفه.

وسيطر تنظيم داعش في العام 2014 على مناطق واسعة في العراق وسوريا، وأعلن قيام "الخلافة" وأثار الرعب في المنطقة والعالم.

وفي العام 2017، أعلن العراق دحر تنظيم داعش في العراق بمساندة من تحالف دولي ضد التنظيم بقيادة واشنطن.

ثم اندحر التنظيم المتطرف في سوريا في العام 2019 أمام المقاتلين الأكراد المدعومين من واشنطن.

ولا يزال عناصر من التنظيم مختبئين في مناطق نائية قادرين على شنّ هجمات ونصب كمائن. 

وذكرت القيادة المركزية الأميركية في يوليو 2024 إن التنظيم يحاول "إعادة تشكيل نفسه بعد سنوات من تراجع قدراته".

وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق، في إطار التحالف الدولي الذي يضمّ كذلك قوات من دول أخرى لا سيّما فرنسا والمملكة المتحدة.

العراق

يضع تذبذب أسعار النفط عالميا العراق على صفيح ساخن اقتصاديا، بسبب اعتماده بشكل شبه كامل في موازنته المالية السنوية على ما يصدره من النفط الخام.

وحدد العراق تصدير النفط بسعر 70 دولارا للبرميل في الموازنة المالية الثلاثية للسنوات المالية (2023،2024،2025) التي أقرها مجلس النواب العراقي قبل عامين.

ورغم أن أسعار النفط شهدت، الثلاثاء الماضي، ارتفاعا طفيفا، لكن سبق ذلك تراجع سريع لأسعار النفط خلال الأسبوعين الماضيين، حيث وصل فيهما سعر البرميل الى عتبة 60 دولارا، الامر الذي وضع العراق على موعد مع ظروف مالية معقدة، فيما إذا استمر هذا التراجع خلال الأشهر المقبلة.

ويعتبر مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية، مظهر محمد صالح، أزمة أسواق النفط العالمية "أزمة مؤقتة"، لافتا إلى أن العراق يتحصن باحتياطيات من النقد الأجنبي ما زالت ساندة للاقتصاد الوطني، وستساعده كثيرا على مواجهة أزمة أسواق النفط العالمية.

ويؤكد صالح لموقع "الحرة"، "على المستوى الوطني، الخطط المالية الحالية والمستقبلية آخذة بالاعتبار الاحتمالات كافة بالتحوط لهذه الأحداث، مع تدابير مالية مختلفة ضامنة للنفقات الضرورية في مقدمتها تأمين رواتب الموظفين والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية وتنفيذ المشاريع الخدمية وفق البرنامج الحكومي بشكل مرن دون توقف بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص".

وتزامن انخفاض أسعار النفط عالميا مع تأخر المصادقة على مخصصات عام 2025 في الموازنة الثلاثية، ويعزو خبراء اقتصاديون تحدث معهم موقع "الحرة"، التأخير الحكومي في إرسال جداول الموازنة إلى مجلس النواب للتصويت عليها إلى محاولات الحكومة لتكييف الإيرادات والنفقات لتفادي حدة الأزمات الاقتصادية التي قد تعصف بالعراق مع استمرار تقلبات الأسواق العالمية.

وأشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الاثنين الماضي، خلال ترأسه اجتماعاً لرؤساء الدوائر الخدمية في محافظة ذي قار جنوب العراق، الى أن حكومته شهدت ظهور العجز فعلياً في الموازنة، لتحقيقها الإنجاز، لافتا الى وجود كفاءة في الصرف والأداء والعمل، فيما كان العجز سابقاً تخطيطياً.

ونقل الموقع الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء العراقي عن السوداني قوله خلال الاجتماع، "حكومتنا رتبت آلية الإنفاق وفق مبدأ الأهم ثم المهم، وعملنا في الكثير من القطاعات وحققنا نتائج إيجابية".

ويلفت الخبير في قطاع النفط والغاز، كوفند شيرواني، الى أن تراجع أسعار النفط إلى 65 دولارا للبرميل أو 60 دولارا سيؤدي إلى تراجع إيرادات العراق، وبالتالي زيادة العجز الموجود في الموازنة الذي يقارب 49 مليار دولار لعامي 2023 و 2024.

ويستبعد أن يتسبب هذا الانخفاض، بأي تأثير على الرواتب والمعاشات، لأن الرواتب والمعاشات بمجملها لا تصل إلى 80 ترليون دينار من موازنة تبلغ سنويا 200 ترليون دينار.

ويضيف شيرواني لموقع "الحرة"، "تراجع الإيرادات سيؤدي إلى استقطاع جزء من الموازنة الاستثمارية التي تختص بإنشاء المشاريع الجديدة التي تدر إيرادات إضافية، وكذلك ستتأثر عملية توفير فرص عمل جديدة، وربما سيؤدي استمرار التراجع إلى تقليل النفقات التشغيلية للدولة".

ووفق شيرواني، سيكون لأي انخفاض في أسعار النفط تأثير كبير على العراق بالذات مقارنة بالدول الأخرى المصدرة للنفط، في إشارة إلى مجموعة أوبك.

ويوضح شيرواني سببين لكون العراق الأكثر تأثرا بالانخفاض، أولهما الإنتاج العالي للعراق الذي يتجاوز 4 ملايين برميل يوميا، ويصدر منها حسب مقررات "أوبك +" نحو 3.3 برميل يوميا.

ويكمن السبب الثاني بحسب شيرواني في اعتماد الاقتصاد العراقي بنسبة تتجاوز 90% على إيرادات النفط، فأي تقلبات في الأسعار تجعله يتأثر بدرجة أكبر، داعيا الدولة العراقية إلى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات العامة، وتنشيط القطاعات الأخرى من الزراعة والصناعة والسياحة وتحسين نظام الضرائب والجمارك لزيادة الإيرادات.

وأكدت الحكومة العراقية الحالية في منهاجها الوزاري، على إجراء إصلاحات اقتصادية للنهوض بالواقع الاقتصادي للبلاد ومواجهة الأزمات.

وحددت ستة محاور من المنهاج للنمو الاقتصادي، تمثلت بالعمل على إحداث تحوّل تدريجي من الاقتصاد الريعي الحالي المعتمد على النفط كمصدر رئيس للدخل إلى اقتصاد متنوع الدخل، ودعم القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المجالات الزراعية والصناعية وتكنولوجيا المعلومات والخدمات والبيئة، التي من شأنها توفير فرص عمل واستقطاب الاستثمارات محليا ودوليا.

ووفق مراقبين للشأن الاقتصادي العراقي تحدثوا لموقع "الحرة"، ما زالت خطوات الحكومة لتنويع الاقتصاد تسير ببطء، بينما يتطلب الوضع الاقتصادي للبلد إصلاحات سريعة لتفادي أي أزمة مالية مرتبطة بأسعار النفط.

ويحذر الخبير المالي إبراهيم علي من ظروف مالية معقدة قد يشهدها العراق إثر تذبذب أسعار النفط وتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية ما سيؤثر بشكل كبير على استقراره الاقتصادي والاجتماعي.

ويبين علي لموقع "الحرة"، أن الوضع المالي في العراق "يتطلب تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة سريعة لتعزيز الإيرادات غير النفطية، وهذه الخطوة بحاجة الى جهود من الحكومة لتعزيز القطاعات الإنتاجية وتحسين بيئة الاستثمار".

وفي مقابلة متلفزة بُثت، في مارس الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن حكومته تمكنت من رفع نسبة الإيرادات غير النفطية خلال العامين والنصف الماضيين إلى %14 بعد أن كانت 7% خلال السنوات الماضية".

وتابع السوداني "وضعنا هدفا في قانون الموازنة وهو رفع الإيرادات غير النفطية إلى %20 خلال 3 سنوات"، مؤكدا مضي حكومته باتجاه تحقيق هذه النسبة.

وأشار السوداني إلى أن العراق قادر على تجاوز هذه النسبة لكنه بحاجة إلى مجموعة من الخطوات، وحددها بوجود حاضنة سياسية للقرارات دون مزايدات، وقبول شعبي، وتشريع قوانين تساهم في رفع الإيرادات غير النفطية.

ويرى الخبير الاقتصادي دريد العنزي أن الاقتصاد العراقي هش ويتأثر بأي أزمة اقتصادية خارجية لأنه مرتبط بالأسواق العالمية، نتيجة عدم وجود إنتاج محلي متنوع يسد حاجات المواطن.

ويؤكد العنزي لموقع "الحرة" أن "الحلول مطروحة وموجودة، لكن ليس هناك جدية من قبل حكومة اعتمدت على النفط وتكاسلت فكريا وليس إداريا، لذلك واقع الاقتصاد العراقي متهالك لا يمكن إدارته ومتحول إلى استهلاكي حكومة وشعبا".

ويسعى العراق وبحسب الهيئة الوطنية للاستثمار، إلى جذب الاستثمارات النوعية، وتنمية ثقة الشركات الدولية بالبيئة الاستثمارية في البلاد.

وقال رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، حيدر محمد مكية، في تصريح نشره موقع الهيئة في 8 أبريل الحالي، إن "مشاركة ممثلين عن 60 شركة أميركية تعمل في مجالات حيوية ومهمة في زيارة العراق، يعد مؤشرًا واضحًا على تنامي ثقة الشركات الأميركية ببيئة الاستثمار في العراق"، مشيرا إلى أن العراق يشهد تطورات إيجابية في إطار الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية.

وأكد مكية على أن فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، والخدمات المصرفية، يشكل محورًا مهمًا في توجهات الحكومة الحالية نحو تنويع الاقتصاد الوطني وتحسين بيئة الأعمال.

وأعلنت السفارة الأميركية في بغداد، في 7 أبريل، وصول وفد تجاري أميركي مكون من 60 شركة إلى بغداد، مبينة أن غرفة التجارة الأميركية ستوقع خلال هذه الزيارة على مذكرة تفاهم مع اتحاد غرف التجارة العراقية لتعزيز العلاقات بين القطاع الخاص الأميركي ونظيره العراقي.

وقالت السفارة في بيان، إن "غرفة التجارة الأميركية برئاسة ستيف لوتس تقود وفدًا مكونًا من 101 عضو من حوالي 60 شركة أميركية في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والصحة إلى العراق"، لافتة إلى أن هذه أول مهمة تجارية معتمدة من وزارة التجارة الأميركية إلى العراق وأكبر وفد تجاري أميركي إلى العراق خلال تاريخ الغرفة.

ويعاني العراق من آثار الأزمات التي شهدها خلال العقود الأربعة الماضية نتيجة الحروب التي خاضها والصراعات السياسية الداخلية والأزمات الدولية إثر تذبذب أسعار النفط، التي أثرت على الواقع الاقتصادي للبلاد.

ولعل أبرز ما يعمق من أزمة الاقتصاد العراقي هو الفساد الإداري والمالي الذي يعيق الإصلاحات الحكومية.

وتؤكد الحكومة العراقية الحالية في منهاجها الوزاري أن مكافحة الفساد الإداري والمالي والحد من هدر المال العام تأتي في مقدمة أولوياتها، عبر دعم وتفعيل الهيئات الرقابية ومتابعة ملفات الفساد الكبيرة التي سبق إعدادها من قبل الجهات الرقابية، وبعضها بالتعاون والشراكة مع جهات دولية مختصة بمكافحة الفساد في فترة الحكومات السابقة.