صورة تعبيرية لعنصر في الشرطة الاتحادية العراقية
صورة تعبيرية لعنصر في الشرطة الاتحادية العراقية

عائلة المهندس العراقي بشير خالد في حالة صدمة وحزن كبيرة على وفاته، ومطلبها الآن بعد أن شيعته لمثواه الأخير تحقيق العدالة ومحاسبة "قاتله".

يعتقدون أنه قتل "بتواطؤ" داخل السجن المركزي في ناحية الكرخ.

هم أساساً استهجنوا نقله لهذا السجن المخصص لذوي الأحكام العالية، بعد أن كان محتجزاً في مركز توقيف حطيّن في العاصمة بغداد.

والداه وإخوته منهارون نفسياً، كما يقول ابن خالته جمال محمد لموقع "الحرة".

ظهرت الأم وهي مهندسة معمارية في مقابلة تلفزيونية غارقة بدموعها، غير مصدّقة أنها فقدت بشير "لمجرد مشاجرة".

وصفت وفاة بشير بأنه "غدر" و"راح بدون ذنب".

وقالت للمذيع العراقي "ما أقدر أدخل فيسبوك وأشوف صوره.. الله يخليكم كافي (كفى)".

فقد ملأت صور وفيديوهات توثق الاعتداء عليه وظهور كدمات على جسده، صفحات العراقيين في مواقع التواصل، وتفاعل عشرات الآلاف معها.

بعض مقاطع الفيديو نشرها الإعلام الرسمي لوزارة الداخلية ووزيرها عبد الأمير الشمري.

الاثنين، وجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتشكيل لجنة تحقيق وإعلان نتائجها أمام الرأي العام.

نقابة المهندسين، من جهتها، نعت بشير وأعلنت الحداد وتعطيل الدوام الرسمي في المركز العام للنقابة وجميع فروعها في المحافظات لمدة ثلاثة أيام ابتداءً من الثلاثاء.

وقالت إن المهندس الشاب فارق الحياة "جرّاء التعذيب".

و"الحداد على روحه يمثل طريقتها في الاحتجاج على هذه الجريمة البشعة والتضامن مع عائلته"، بحسب تعبيرها.

وقالت النقابة عبر حسابها الرسمي في إكس إنها "تتابع القضية بشكل جاد".

 

رواية العائلة

في أواخر مارس الماضي، وصل بلاغ لبشير بأن اللواء عباس التميمي يريد مقابلته. 

يقول ابن خالته، جمال محمد لـ"الحرة":

"ذهب لمنزل اللواء من أجل الاستيضاح منه حول السبب، لكن الحرس عند المجمع السكني اعترضوا طريقه وأصرّ بشير على الدخول، لتندلع مشاجرة بينهم شارك فيها أبناء اللواء. تعرض بشير للضرب المبرح، وبعدها تم استدعاء عناصر الشرطة فتم اعتقاله وإيداعه في مركز توقيف حطّين".

وهناك تعرض لاعتداء من طرف عدد من السجناء، وهو ما يُظهره الفيديو الذي نشرته وزارة الداخلية الأحد.

هما مشاجرتان، الأولى أمام بيت اللواء، والثانية داخل السجن كما وصفها الإعلام الرسمي. 

الأمم المتحدة تقول إن هناك انتهاكات لحقوق المعتقلين في السجون العراقية
"صعق وعنف جنسي".. تقرير: التعذيب مستمر في السجون العراقية والقوانين "حبر على ورق"
كشف تقرير صدر عن الأمم المتحدة، الثلاثاء، استمرار ممارسات "التعذيب" للمحتجزين في السجون العراقية، وغالبيتهم من المقبوض عليهم في قضايا تتعلق بالإرهاب، على الرغم من الضوابط القانونية التي تمنع هذه الممارسة التي قالت إنها منتشرة في السحون في جميع أنحاء البلاد

في 31 مارس الماضي نشر الإعلامي العراقي قصي شفيق مناشدة من عائلة بشير للشمري مرفقة بثلاثة مقاطع فيديو مددها ثوان. 

فيديو (1): بشير في مركز الشرطة، يقول له أحد العناصر "ماذا تريد؟" فيرد "أوخد حقي وأرفع دعوى".

فيديو (2): بشير على سرير المستشفى، يظهر كدمات على قدميه وبطنه، يقول مصور الفيديو خلف الكاميرا "هذا التعذيب.. هذا التعذيب".

فيديو (3): يُظهر رأسه، حول عينيه كدمات. يقول الصوت "مضروب على رأسه بوكس ومضروب من الخلف على ما يبدو بأخمص حديدة أو مسدّس أو رشّاش".

ويبدو أن هذه كانت المرة الأولى التي يتم النشر فيها حول قضيته ومحاولة جذب انتباه السلطات والرأي العام لها.

هذه الفيديوهات تم تداولها خلال الأيام الماضية من أبريل الحالي من قبل مئات العراقيين الذين ناشدوا السلطات لإنقاذ حياته، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة الاثنين.

وفي فيديو آخر، نشر لاحقاً، يظهر بشير داخل زنزانة صغيرة يحاول بقدمه وهو جالس على الأرض منع أفراد الدخول أحدهم يرتدي قميصاً. 

قال لمن يحاول الدخول عنوة "إنت مو شرطي" قاصدا أنه شخص مدني.

يقول ابن خالته "سمحوا لمدنيين بأن يدخلوا مركز الشرطة ويقتلوه.. هذا كان آخر فيديو له".

لكن في المؤتمر الصحفي لوزارة الداخلية قالت إن آخر فيديو هو للمشاجرة في سجن "جعيفر" وبعدها نقل لمستشفى الكرخ.

بشير كان مهندساً "بارعاً" وقبلها "طالباً متفوقاً"، يقول محمد، مضيفاً "وهو أخ وابن عائلة عريقة، فقد أسّس جدّه اللواء نشأت البكري كليّة الشرطة، وهو معروف ليس على مستوى العراق فحسب بل عربياً".

وكان بشير مهندساً معمارياً كوالدته، وعمل قبل اعتقاله ووفاته في أكبر المشاريع الهندسية في بغداد.

يصمت خلال المكالمة.. ثم يكمل بحسرة "للأسف خسارة كبيرة.. خسارة كبيرة".

رواية السلطة

الأحد، عقدت وزارة الداخلية العراقية مؤتمراً صحفياً للوقوف على ملابسات وفاة بشير خالد، مثلها كل من وكيل الوزارة لشؤون الشرطة الفريق هادي رزيج كسار، والناطق الرسمي مقداد ميري، ورئيس لجنة التحقيق التي شكلتها الوزارة وليد خالد علي أكبر.

قالت إن القصة بدأت في 27 مارس والمؤتمر في 6 أبريل (الأحد) وهذا ملخص رواية الوزارة:

"حاول المهندس بشير دخول مجمّع الأيادي ليلاً بحجة دعوة سحور، رغم رفض رجال الأمن لعدم وجود تنسيق مسبق. لاحقاً، تسلل إلى العمارة رقم 11 حيث يسكن اللواء عباس، مدّعياً رغبته بلقائه. نفى اللواء معرفته ببشير، وحدث شجار بينهما".

وأضافت :نُقل الطرفان لمركز شرطة حطين، حيث اتُّهم بشير باقتحام منزل، واحتُجز. لاحقاً ظهرت عليه تصرفات هستيرية، فنُقل إلى مركز جعيفر، وهناك تعرّض للاعتداء من موقوفين. أُدخل مستشفى الكرخ فاقداً للوعي. لم تُسجل اعتداءات من الشرطة، وشُكلت لجنة تحقيق لكشف علاقة بشير باللواء وتحولت القضية لمكافحة الإجرام".

وتابعت "لكننا نعتقد بوجود علاقة بينه وبين اللواء لأنه يعرف منزله جيداً وما زال التحقيق جاريا وتم استدعاء اللواء وأولاده لذلك".

الهاشمي اغتيل في يوليو 2020 أمام منزله في بغداد
محكمة التمييز العراقية تلغي حكم الإعدام بحق قاتل هشام الهاشمي
نقضت محكمة التمييز الاتحادية العراقية حكم الإعدام الصادر بحق المدان باغتيال الباحث هشام الهاشمي، الجريمة التي أثارت تنديدا محليا وخارجيا، وأعادت القضية إلى محكمة التحقيق، ما يعني إلغاء الحكم، كما علمت وكالة فرانس برس، الخميس.

خلال المؤتمر عرض فيديو قالت فيه الوزارة إنه يوثق "حالة الهستيريا" التي أصابت بشير وهو في مركز الاحتجاز، وهو نفس الفيديو الذي يقول فيه لعنصر شرطة وأفراد بملابس مدنية "إنت مو شرطي.. أريد حقي وارفع شكوى".

وعبر حسابها الرسمي على فيسبوك وكذلك حساب "إعلام الوزير" للشمري، نشرت وزارة الداخلية العراقية الأحد كذلك فيديو، قالت إنه لمشاجرة داخل غرفة السجن التي كان يقيم فيها المهندس بشير.

ويُظهر الفيديو بحسب التعليقين الصوتي والمكتوب، بشير وهو يأخذ ثوباً "ليس له.. ليس من حقّه".

هذا هو سبب المشاجرة، وفق التعليق، فقام "صاحب الثوب" بمحاولة أخذه من يدي بشير قائلاً "هذي مالتي (لي)".

تدخّل بعض السجناء لحل المشكلة، لكن دون جدوى.

وفي الفيديو يدخل بشير لحمام الغرفة "لتبديل ملابسه" على ما يبدو، ليدخل لاحقاً عدد من السجناء ويبدأون بضربه.

أخرجوه، وأتمّوا ضربه أمام بقية النزلاء.

رأي السلطة ليس واحداً، فمجلس النوّاب مثلاً رأى حصول تعذيب لبشير.

في منشور لحسابه الرسمي يوم السبت الماضي، ظهرت صور للجنة حقوق الإنسان النيابية تزور بشير في مستشفى الكرخ، ممثلة بالنائبة نيسان الزاير.

ونقل على لسانها أن "التعذيب في مراكز التحقيق ليس جديدا ووزير الداخلية لا يسمع نداءاتنا".

 وأضافت أن "التحقيق الأولي في هذه القضية يبين تواطؤ واضح من الضباط لإيقاع أشد الضرر بالضحية".

ونشرت على حسابها الرسمي الاثنين صوراً تُظهر مشاركتها في جنازة بشير.

 

الرأي العام

يقول ابن خالة بشير،  جمال محمد لـ"الحرة"، إن مسعى العائلة الآن محاسبة المسؤول عن وفاة بشير وأن تصبح قضيته قضية رأي عام.

القضية بالفعل وصلت للرأي العام، فمتابعة مواقع التواصل وقرارات الحكومة تشير إلى تفاعل عشرات الآلاف مع القضية، غالبيتهم يطالبون بالتحقيق والمحاسبة.

يعتقد العميد مقداد ميري، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي تم تسجيلها قبل الإعلان عن وفاة بشير "الحقيقة الموضوع أخذ حيز كبير في العراق، قد يكون الحيز أكبر بكثير مما أشير في بعض الاتهامات".

عدد ممن أبدى رأيه وموقفه من القضية لا يثق بالحكومة أو بلجانها، مستذكراً حالات من الماضي لم يتم فيها معاقبة الجناة، من بين هؤلاء منظمات حقوقية، مثل منظمة إنهاء الإفلات من العقاب.

تشكلت هذه المنظمة بعد انتفاضة تشرين (2019-2020)، التي ذهب ضحيتها أكثر من 600 عراقي وفق أرقام رسمية وتلتها وقائع اغتيال عديدة لنشطاء وباحثين ناصروا مطالب المتظاهرين.

وتطالب منذ سنوات بتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن قتل العديد من ضحايا الرأي في العراق.

نقابة المهندسين، من جهتها، أصدرت بياناً الاثنين قالت فيه إن بشير توفي "نتيجة التعذيب".

وهذا يمثل "اعتداء صارخا على كرامة الإنسان العراقي وانتهاك فاضح للقيم الإنسانية التي تتأسس عليها المجتمعات المتحضرة"، وفق تعبيرها.

وأكدت النقابة أنها "لن تتوانى عن الدفاع عن حقوق المهندس بشير ولن تتخلى عن المطالبة بكشف الحقيقة كاملة ومحاسبة جميع المتورطين في هذه الجريمة، مهما كان نفوذهم أو مواقعهم".

من جانبه، أصدر مركز العراق لحقوق الإنسان الاثنين، بياناً نعى فيه بشير وقال إنه قضى "تحت التعذيب في أحد السجون العراقية".

وعدّ ذلك "انتهاكا صارخاً لحقوق الإنسان ومخالفة واضحة لاتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، فضلاً عن خرق للمادة 37 من الدستور العراقي التي تنص في فقرتها (ج) على حرمة التعذيب ولا عِبرة بأي اعتراف يُنتزع بالإكراه".

وطالب المركز بضرورة إنفاذ القانون والالتزام بالاتفاقيات الدولية التي تُعنى بحماية حقوق الإنسان.

واعتبر ما جرى للمهندس الراحل "دليلا على ما هو مخفي داخل السجون من ممارسات مرفوضة، ودعا إلى فتح تحقيق حيادي بإشراف مجلس القضاء الأعلى ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة".

وتعليقاً على تصريح للمتحدث باسم وزارة الداخلية مقداد ميري بأن عناصر الأمن "ليسوا ملائكة ومن الممكن حدوث حالات تعذيب"، قال الكاتب والباحث العراقي أياد العنبر إن مثل هذه التصريحات "استفزازية ولا تعالج المشكلة".

وأضاف "ليس موضوعنا أن تكون مواصفات المنتسب بالداخلية ملائكية. الموضوع هو محاسبة كل من يتورط بانتهاك حقوق الإنسان، ويستغل منصبه الأمني بفساد أو مصالح شخصية، ويتم الاستهتار بأرواح الناس".

وفي ختام حديثه مع "الحرة"، يقول جمال محمد قريب بشير، إن العائلة "لا تعرف بالضبط ماذا أراد اللواء عبّاس منه ولماذا حاول بشير الدخول لبيته.. لقد توفي وذهب سرّه معه".

الميليشيات العراقية

باتت الميليشيات العراقية الموالية لإيران أمام مفترق طرق.

ضغط أميركي على صانع القرار العراقي لنزع سلاحها بطريقة فعالة وسريعة، بالتوازي مع محادثات نووية، تتضمن أيضا، وفق مراقبين، تفكيك شبكة الوكلاء التي تسخدمها طهران في التعاطي مع دول المنطقة.

هل تتخلى إيران عن مليشياتها العراقية؟

سؤال مشروع وفق مؤشرات عديدة.

وقف الهجمات

في ديسمبر، أعلنت مجموعات مسلحة عراقية إيقاف هجماتها على المصالح الأميركية وضد إسرائيل بشكل مؤقت. وأشارت تقارير إلى أن تلك المجاميع أو بعضها على الأقل، أبدت استعدادها لإلقاء السلاح والانضواء ضمن تشكيلات القوات المسلحة العراقية.

يشمل سلاح الميليشيات ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، حسبما ذكر مراقبون وخبراء مختصون بالشؤون العسكرية، سبق وتحدث معهم موقع "الحرة".

والسبت أنهت واشنطن وطهران الجولة الثانية من المفاوضات، دون الكشف عن طبيعة الملفات  الأخرى المطروحة على طاولة المفاوضات إلى جانب البرنامج النووي الإيراني، وما إذا كانت تضمنت ملف الميليشيات العراقية.

يقول الباحث في الشأن السياسي العراقي، رافد العطواني، إن طهران أبلغت الجانب الأميركي أن موضوع الحشد والفصائل المسلحة العراقية وأذرع إيران الأخرى في المنطقة، شأن داخلي خاص بالبلدان التي توجد تلك المجاميع فيها، "أي أنه ينبغي على الولايات المتحدة التفاوض مع هذه الفصائل والاتفاق معها بشكل مباشر".

ويكشف العطواني، المقرب من التيار الوطني الشيعي بزعامة مقتدى الصدر، لـ"الحرة"، أن "الولايات المتحدة أوقفت هجماتها، وكذلك الهجمات الإسرائيلية على الفصائل الموجودة في العراق عقب مباحثات جرت بين الحكومة العراقية والجانب الأميركي، على أمل أن تقنع بغداد الفصائل بإلقاء سلاحها، لتجنيب العراق تداعيات الحرب والعمليات العسكرية التي تشهدها المنطقة".

رغم ذلك، يعتقد العطواني أن إيران لا تزال تملك القدرة على "إسكات هذه الفصائل أو تحريكها داخل العراق، أو المضي بها باتجاه إلقاء السلاح".

صيغة لنزع سلاح المليشيات

وتنضوي الميليشيات العراقية الموالية لإيران في هيئة الحشد الشعبي، ويقدر عددها بأكثر من 70 ميليشيا مسلحة معروفة، إلى جانب عشرات من الميليشيات غير المعروفة، التي أشرف الحرس الثوري الإيراني عبر جناحه الخارجي "فيلق القدس" على تأسيسها في أوقات مختلفة.

وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، قال لرويترز، في يناير الماضي، إن العراق يحاول إقناع الفصائل المسلحة الموالية لإيران بإلقاء أسلحتها أو الانضمام إلى قوات الأمن الرسمية.

ولا ترتبط جميع فصائل الميليشيات العراقية بعلاقات ولائية مع طهران. 

يشير العطواني إلى وجود تصنيفات عديدة للفصائل العراقية، منها الفصائل المنضوية داخل الحشد الشعبي، والفصائل الموجودة خارج الحشد الشعبي، وفصائل تابعة للأحزاب السياسية، والمرجعيات الدينية، إلى جانب فصائل أخرى انخرطت داخل وزارة الدفاع ولم تنتم إلى الحشد وهي المعروفة بحشد العتبات.

ويتوقع العطواني أن تتكشف الأيام القادمة عن صيغة لدمج الحشد الشعبي في وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية الأخرى.

ويعتقد العطواني أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أبلغ بعض الجهات التي تروم الدخول معه بقائمة أو تحالف في الانتخابات المقبلة، أن الولايات المتحدة أبلغت بغداد بأن المرحلة المقبلة يجب أن تكون من دون سلاح خارج سيطرة الدولة.

ويسعى السوداني نفسه إلى حل مشكلة السلاح المنفلت، وفق مسؤولين أميركيين يؤكدون أن رئيس الحكومة العراقية يريد أن يخضع المليشيات لحكومته.

واتصل موقع "الحرة" بكل من المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، والمتحدث باسم هيئة الحشد الشعبي، مؤيد الساعدي، لمعرفة للحصول على تعليق بشأن الموضوع، لكنهما لم يجيبا على أي سؤال من أسئلة "الحرة"، ورفض محللون سياسيون مقربون من الحشد الشعبي وقوى "الإطار التنسيقي"، أي الائتلاف الشيعي الحاكم، الادلاء بأي تصريحات بشأن هذا الملف.

ويحذر العطواني من أن أي تحرك عسكري للفصائل سيجر العراق إلى تداعيات خطيرة منها عقوبات اقتصادية وحتى استهداف عسكري.

"سلاح الفصائل يحتاج إلى تفكيك". ويعتقد العطواني أن هناك تنسيقا بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل "يتمثل باستمرار أحدهما بالتفاوض بينما سيلجأ الآخر إلى استخدام القوة إذا لم نشهد نزعا حقيقيا لسلاح الفصائل".

"المرحلة المقبلة ستكون بلا سلاح وبلا أذرع إيرانية في المنطقة،" يقول الباحث العراقي.

تقليص نفوذ إيران

يتراجع النفوذ الإيران سياسيا وعسكريا بشكل ملحوظ على خلفية الأحداث الجارية في الشرق الأوسط منذ أشهر، وتمثلت في جزء منها تعرض حلفاء إيران المسلحين في غزة ولبنان لضربات مدمرة، إلى جانب الإطاحة بنظام بشار الأسد أوثق حلفاء طهران في المنطقة.

ويلفت رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، إحسان الشمري، إلى أن مخاوف عراقية ناتجة على نحو خاص عن عدم وجود مقاربة أميركية واضحة تجاه العراق إلى الآن.

ويرى الشمري أن المذكرة الرئاسية للأمن القومي التي استعادت من خلالها واشنطن سياسة "الضغوط القصوى" على إيران، بينت أنه لا يوجد فصل بين العراق وإيران.

ويعتقد الشمري في حديث لـ"الحرة" أن "الملف العراقي سيكون ضمن الملف الإيراني كأحد أوراق التفاوض باعتبار أن واشنطن تعتبر المعادلة السياسية التي تسيطر على مجلس النواب العراقي وكذلك الحكومة الحالية مشكلة من قبل الفصائل المسلحة الموالية لإيران، لذلك التعاطي مع العراق بشكل منفصل، مازال مبكرا".

لكن الشمري يرى في الوقت ذاته أن الأمور في العراق تتجه نحو تقليص النفوذ الإيراني على اعتبار أن هذا النفوذ أصبح مرفوضا داخليا، إلى جانب ما يشهده من انهيار الإقليمي. 

ويوضح " تشعر إيران الآن بانكسار كبير على مستوى الداخل العراقي، وحتى على مستوى المنطقة، هذا كله يشجع واشنطن على اتخاذ سياسة تهدف إلى تقليص هذا النفوذ وإنهائه في مراحل لاحقة".

وكثفت الميليشيات العراقية الموالية لإيران المنضوية في ما يُسمى "المقاومة الإسلامية في العراق" خلال العامين الماضيين هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على البعثات الدبلوماسية وقواعد التحالف الدولي والمصالح الأميركية في إقليم كردستان ومناطق عراقية أخرى.

وشنت هجمات أيضا على إسرائيل وقواعد أميركية في سوريا، انطلاقا من الأراضي العراقية.

الخشية من شرق أوسط جديد

يشدد الشمري على أن "المعادلة السياسية الحاكمة في العراق تخشى من الشرق الأوسط الجديد"، وان إعادة هيكلة هذه العملية السياسية الحالية أصبحت واحدة من الأهداف بالنسبة للمعارضة العراقية والمعارضين لحكومة السوداني وللإطار التنسيقي.

ويشير الشمري الى أن هذا الشعور يتزامن مع الرؤية الأميركية التي تدفع باتجاه إنهاء وتقويض النفوذ الإيراني في الداخل العراقي.

ويعزو الشمري اندفاع القوى السياسية الحليفة لإيران في العراق باتجاه طهران بشكل كبير إلى عدم اعطاء الولايات المتحدة الأميركية أي تطمينات لهذه القوى لذلك يجدون في إيران نوعا من الطمأنينة".

تعتيم إيراني

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية إسماعيل بقائي، الاثنين الماضي، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي، الكشف عن تفاصيل القضايا التي بحثت خلال الجولة الثانية من المفاوضات الإيرانية الأميركية.

وقال بقائي "لا نؤكد أيا من التفاصيل والقضايا التي أثيرت حول الأمور التي نوقشت في المفاوضات"، وأشار إلى أن ما يذكر عن مواضيع المفاوضات ليس سوى تكهنات وتحليلات إعلامية.

وأكد بقائي على أن هذه المحادثات تتركز حصرا على الملف النووي ورفع العقوبات، مبينا "هذا هو إطار التفاوض، ولا يتم تناول أي قضايا أخرى خارجه، كما ذكرنا منذ البداية، رفع الحظر بالنسبة لنا يعد مطلبا جوهريا وأساسيا".

الخوف من الانهيار

ويؤكد الخبير الاستراتيجي العراقي، علاء النشوع، على أن مخاوف الفصائل العراقية الموالية لإيران من أن يكون الملف العراقي من ضمن شروط المفاوضات، نابعة من مخاوفها من تخلي إيران عنها، أي أنها أصبحت عرضة للضربات العسكرية الأميركية، وفي هذه الحالة ستكون هذه الفصائل معرضة إلى الانهيار والتدمير الكامل سواء عن طريق الضربات أو الملاحقات القانونية.

ويتابع النشوع في حديث مع "الحرة" قوله إن "الولايات المتحدة لا تفرط بالعراق لا لإيران ولا لتركيا أو لأي دولة أخرى لأسباب كثيرة منها جيوستراتجية واقتصادية وسياسية".

ويرى النشوع إلى أن الطبقة السياسية في العراق ستكون خاضعة للمتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة.

ويرجح النشوع أن تخضع إيران للشروط  الأميركية وتتخلى عما تمتلكه من المقدرات العسكرية في المنطقة، سواء كانت معدات وأسلحة، أو النفوذ المتمثل بالمليشيات والمجاميع المسلحة التي دخلت في حيز الصراع الإقليمي والدولي، في عدد من الدول، بينها العراق.