العراق

يضع تذبذب أسعار النفط عالميا العراق على صفيح ساخن اقتصاديا، بسبب اعتماده بشكل شبه كامل في موازنته المالية السنوية على ما يصدره من النفط الخام.

وحدد العراق تصدير النفط بسعر 70 دولارا للبرميل في الموازنة المالية الثلاثية للسنوات المالية (2023،2024،2025) التي أقرها مجلس النواب العراقي قبل عامين.

ورغم أن أسعار النفط شهدت، الثلاثاء الماضي، ارتفاعا طفيفا، لكن سبق ذلك تراجع سريع لأسعار النفط خلال الأسبوعين الماضيين، حيث وصل فيهما سعر البرميل الى عتبة 60 دولارا، الامر الذي وضع العراق على موعد مع ظروف مالية معقدة، فيما إذا استمر هذا التراجع خلال الأشهر المقبلة.

ويعتبر مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية، مظهر محمد صالح، أزمة أسواق النفط العالمية "أزمة مؤقتة"، لافتا إلى أن العراق يتحصن باحتياطيات من النقد الأجنبي ما زالت ساندة للاقتصاد الوطني، وستساعده كثيرا على مواجهة أزمة أسواق النفط العالمية.

ويؤكد صالح لموقع "الحرة"، "على المستوى الوطني، الخطط المالية الحالية والمستقبلية آخذة بالاعتبار الاحتمالات كافة بالتحوط لهذه الأحداث، مع تدابير مالية مختلفة ضامنة للنفقات الضرورية في مقدمتها تأمين رواتب الموظفين والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية وتنفيذ المشاريع الخدمية وفق البرنامج الحكومي بشكل مرن دون توقف بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص".

وتزامن انخفاض أسعار النفط عالميا مع تأخر المصادقة على مخصصات عام 2025 في الموازنة الثلاثية، ويعزو خبراء اقتصاديون تحدث معهم موقع "الحرة"، التأخير الحكومي في إرسال جداول الموازنة إلى مجلس النواب للتصويت عليها إلى محاولات الحكومة لتكييف الإيرادات والنفقات لتفادي حدة الأزمات الاقتصادية التي قد تعصف بالعراق مع استمرار تقلبات الأسواق العالمية.

وأشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الاثنين الماضي، خلال ترأسه اجتماعاً لرؤساء الدوائر الخدمية في محافظة ذي قار جنوب العراق، الى أن حكومته شهدت ظهور العجز فعلياً في الموازنة، لتحقيقها الإنجاز، لافتا الى وجود كفاءة في الصرف والأداء والعمل، فيما كان العجز سابقاً تخطيطياً.

ونقل الموقع الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء العراقي عن السوداني قوله خلال الاجتماع، "حكومتنا رتبت آلية الإنفاق وفق مبدأ الأهم ثم المهم، وعملنا في الكثير من القطاعات وحققنا نتائج إيجابية".

ويلفت الخبير في قطاع النفط والغاز، كوفند شيرواني، الى أن تراجع أسعار النفط إلى 65 دولارا للبرميل أو 60 دولارا سيؤدي إلى تراجع إيرادات العراق، وبالتالي زيادة العجز الموجود في الموازنة الذي يقارب 49 مليار دولار لعامي 2023 و 2024.

ويستبعد أن يتسبب هذا الانخفاض، بأي تأثير على الرواتب والمعاشات، لأن الرواتب والمعاشات بمجملها لا تصل إلى 80 ترليون دينار من موازنة تبلغ سنويا 200 ترليون دينار.

ويضيف شيرواني لموقع "الحرة"، "تراجع الإيرادات سيؤدي إلى استقطاع جزء من الموازنة الاستثمارية التي تختص بإنشاء المشاريع الجديدة التي تدر إيرادات إضافية، وكذلك ستتأثر عملية توفير فرص عمل جديدة، وربما سيؤدي استمرار التراجع إلى تقليل النفقات التشغيلية للدولة".

ووفق شيرواني، سيكون لأي انخفاض في أسعار النفط تأثير كبير على العراق بالذات مقارنة بالدول الأخرى المصدرة للنفط، في إشارة إلى مجموعة أوبك.

ويوضح شيرواني سببين لكون العراق الأكثر تأثرا بالانخفاض، أولهما الإنتاج العالي للعراق الذي يتجاوز 4 ملايين برميل يوميا، ويصدر منها حسب مقررات "أوبك +" نحو 3.3 برميل يوميا.

ويكمن السبب الثاني بحسب شيرواني في اعتماد الاقتصاد العراقي بنسبة تتجاوز 90% على إيرادات النفط، فأي تقلبات في الأسعار تجعله يتأثر بدرجة أكبر، داعيا الدولة العراقية إلى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات العامة، وتنشيط القطاعات الأخرى من الزراعة والصناعة والسياحة وتحسين نظام الضرائب والجمارك لزيادة الإيرادات.

وأكدت الحكومة العراقية الحالية في منهاجها الوزاري، على إجراء إصلاحات اقتصادية للنهوض بالواقع الاقتصادي للبلاد ومواجهة الأزمات.

وحددت ستة محاور من المنهاج للنمو الاقتصادي، تمثلت بالعمل على إحداث تحوّل تدريجي من الاقتصاد الريعي الحالي المعتمد على النفط كمصدر رئيس للدخل إلى اقتصاد متنوع الدخل، ودعم القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المجالات الزراعية والصناعية وتكنولوجيا المعلومات والخدمات والبيئة، التي من شأنها توفير فرص عمل واستقطاب الاستثمارات محليا ودوليا.

ووفق مراقبين للشأن الاقتصادي العراقي تحدثوا لموقع "الحرة"، ما زالت خطوات الحكومة لتنويع الاقتصاد تسير ببطء، بينما يتطلب الوضع الاقتصادي للبلد إصلاحات سريعة لتفادي أي أزمة مالية مرتبطة بأسعار النفط.

ويحذر الخبير المالي إبراهيم علي من ظروف مالية معقدة قد يشهدها العراق إثر تذبذب أسعار النفط وتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية ما سيؤثر بشكل كبير على استقراره الاقتصادي والاجتماعي.

ويبين علي لموقع "الحرة"، أن الوضع المالي في العراق "يتطلب تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة سريعة لتعزيز الإيرادات غير النفطية، وهذه الخطوة بحاجة الى جهود من الحكومة لتعزيز القطاعات الإنتاجية وتحسين بيئة الاستثمار".

وفي مقابلة متلفزة بُثت، في مارس الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن حكومته تمكنت من رفع نسبة الإيرادات غير النفطية خلال العامين والنصف الماضيين إلى %14 بعد أن كانت 7% خلال السنوات الماضية".

وتابع السوداني "وضعنا هدفا في قانون الموازنة وهو رفع الإيرادات غير النفطية إلى %20 خلال 3 سنوات"، مؤكدا مضي حكومته باتجاه تحقيق هذه النسبة.

وأشار السوداني إلى أن العراق قادر على تجاوز هذه النسبة لكنه بحاجة إلى مجموعة من الخطوات، وحددها بوجود حاضنة سياسية للقرارات دون مزايدات، وقبول شعبي، وتشريع قوانين تساهم في رفع الإيرادات غير النفطية.

ويرى الخبير الاقتصادي دريد العنزي أن الاقتصاد العراقي هش ويتأثر بأي أزمة اقتصادية خارجية لأنه مرتبط بالأسواق العالمية، نتيجة عدم وجود إنتاج محلي متنوع يسد حاجات المواطن.

ويؤكد العنزي لموقع "الحرة" أن "الحلول مطروحة وموجودة، لكن ليس هناك جدية من قبل حكومة اعتمدت على النفط وتكاسلت فكريا وليس إداريا، لذلك واقع الاقتصاد العراقي متهالك لا يمكن إدارته ومتحول إلى استهلاكي حكومة وشعبا".

ويسعى العراق وبحسب الهيئة الوطنية للاستثمار، إلى جذب الاستثمارات النوعية، وتنمية ثقة الشركات الدولية بالبيئة الاستثمارية في البلاد.

وقال رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، حيدر محمد مكية، في تصريح نشره موقع الهيئة في 8 أبريل الحالي، إن "مشاركة ممثلين عن 60 شركة أميركية تعمل في مجالات حيوية ومهمة في زيارة العراق، يعد مؤشرًا واضحًا على تنامي ثقة الشركات الأميركية ببيئة الاستثمار في العراق"، مشيرا إلى أن العراق يشهد تطورات إيجابية في إطار الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية.

وأكد مكية على أن فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، والخدمات المصرفية، يشكل محورًا مهمًا في توجهات الحكومة الحالية نحو تنويع الاقتصاد الوطني وتحسين بيئة الأعمال.

وأعلنت السفارة الأميركية في بغداد، في 7 أبريل، وصول وفد تجاري أميركي مكون من 60 شركة إلى بغداد، مبينة أن غرفة التجارة الأميركية ستوقع خلال هذه الزيارة على مذكرة تفاهم مع اتحاد غرف التجارة العراقية لتعزيز العلاقات بين القطاع الخاص الأميركي ونظيره العراقي.

وقالت السفارة في بيان، إن "غرفة التجارة الأميركية برئاسة ستيف لوتس تقود وفدًا مكونًا من 101 عضو من حوالي 60 شركة أميركية في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والصحة إلى العراق"، لافتة إلى أن هذه أول مهمة تجارية معتمدة من وزارة التجارة الأميركية إلى العراق وأكبر وفد تجاري أميركي إلى العراق خلال تاريخ الغرفة.

ويعاني العراق من آثار الأزمات التي شهدها خلال العقود الأربعة الماضية نتيجة الحروب التي خاضها والصراعات السياسية الداخلية والأزمات الدولية إثر تذبذب أسعار النفط، التي أثرت على الواقع الاقتصادي للبلاد.

ولعل أبرز ما يعمق من أزمة الاقتصاد العراقي هو الفساد الإداري والمالي الذي يعيق الإصلاحات الحكومية.

وتؤكد الحكومة العراقية الحالية في منهاجها الوزاري أن مكافحة الفساد الإداري والمالي والحد من هدر المال العام تأتي في مقدمة أولوياتها، عبر دعم وتفعيل الهيئات الرقابية ومتابعة ملفات الفساد الكبيرة التي سبق إعدادها من قبل الجهات الرقابية، وبعضها بالتعاون والشراكة مع جهات دولية مختصة بمكافحة الفساد في فترة الحكومات السابقة.

العراق

في زوايا معتمة تحت الأرض، وفي مناطق عسكرية مغلقة لا تدخلها حتى الدولة، تتوسع بصمت إمبراطورية تسليح تقودها إيران من قلب العراق.

ليست مجرد شحنات تمر عبر الحدود، بل مصانع متكاملة، وخبراء تحت غطاء دبلوماسي، وتكنولوجيا حربية متقدمة تُبنى وتُختبر داخل الأراضي العراقية ـ وكل ذلك تحت مظلة هيئة الحشد الشعبي.

من الطائرات المسيّرة الانتحارية إلى صواريخ "رعد 1" بعيدة المدى، لم تعد هذه الأسلحة تُصنع في طهران فحسب، بل أيضا في جرف الصخر والزعفرانية وعين التمر والنهراون، لتغذي صراعات في اليمن، وسوريا، ولبنان. 

والنتيجة؟ عراق محاط بالاتهامات، غارق في شبكات السلاح، ومهدد بالتورط في حروب لا تعنيه.

ورغم محاولات الحكومة العراقية التأكيد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، يظهر الواقع على الأرض عكس ذلك، مع عشرات الميليشيات التي لا تزال تحتفظ بترسانتها من الأسلحة وتعمل كذراع إقليمي لطهران.

في خضم الحرب ضد تنظيم داعش قبل بعض سنوات، استطاعت إيران نقل جزء من تكنولوجيتها العسكرية إلى العراق، وأسست بنية تحتية لصناعة الأسلحة وتخزينها، بالتعاون مع الفصائل العراقية المسلحة الموالية لطهران.

تنتج مصانع السلاح التابعة لمديرية الإنتاج الحربي في هيئة الحشد الشعبي طائرات مسيرة وصواريخ بالستية متنوعة المديات، وتطور دبابات ومدرعات روسية وأنظمة اتصالات رقمية وغرف تحكم وسيطرة، إلى جانب مدافع ثقيلة وقذائف وقطع غيار وأسلحة متوسطة وخفيفة وذخائر.

ورغم حديث هيئة الحشد الشعبي عن تطوير قدرات تسليحية أحيانا، اعتذر العديد من السياسيين وحتى الخبراء العراقيين المقربين من أحزاب السلطة والمعارضين أيضا، من الحديث عن الموضوع.

ويرجح خبراء وسياسيون تحدث معهم موقع "الحرة" التكتم عن الموضوع ناتج الخوف من التعرض للاستهداف أيدي مخابرات الحرس الثوري الإيراني التي تتولى "بالتنسيق مع المليشيات العراقية ملف حماية الخبراء الإيرانيين ومواقع صناعة الأسلحة والصواريخ.

ولمعرفة تفاصيل الصناعات الحربية في هيئة الحشد الشعبي، تواصل موقع "الحرة"، 

واعتذر  كريم الكناني، مسؤول العلاقات في هيئة الحشد، عن التصريح، قائلا إنه "ليس مخولا" التصريح عن هذا الموضوع، بينما لم يجب المتحدث الرسمي للهيئة، مؤيد الساعدي، على أسئلة "الحرة".

في المقابل، يشير القيادي في حزب الحرية الكردستاني الإيراني المعارض، خليل نادري، إلى أن إيران ما زالت تواصل تزويد مليشياتها في العراق بالسلاح، وترسل عبر العراق السلاح وقطع الغيار إلى ميليشياتها في اليمن ولبنان.

ويضيف نادري لموقع "الحرة" أن "الحرس الثوري يتبع طريقتين لتزويد المليشيات في العراق والمنطقة بالسلاح: الأولى هي إرسال الأسلحة بشكل مباشر، والثانية إرسال قطع الغيار والخبراء المختصين بصناعة الأسلحة إلى هذه البلدان".

ويلفت نادري إلى أن قطع غيار الأسلحة تصل على شكل قطع متفرقة كي لا تثير الشكوك بينما يدخل الخبير الإيراني تحت غطاء موظف دبلوماسي وينتقل فيما بعد إلى موقع صناعة الأسلحة.

ويشير نادري إلى أن الأسلحة التي يصنعها الحشد  الشعبي في العراق، وخاصة الطائرات والصواريخ، لم تكن خاصة بتسليح المليشيات داخل العراق فحسب، بل زود الحرس الثوري مليشيات الحوثي وحزب الله اللبنانية بها.

وتتوزع مصانع سلاح الحشد الشعبي، وفقا لنادري، في مناطق متفرقة من العراق، منها مصانع تحت الأرض مخفية تمام عن الأنظار، وأخرى في مناطق عسكرية مغلقة لا تستطيع حتى الجهات الحكومية العراقية دخولها، ومنها المصانع الواقعة في بلدة جرف الصخر جنوب غربي العاصمة بغداد.

ويضيف نادري "تحتضن بلدة جرف الصخر مواقع رئيسية لصناعة الصواريخ ومحركاتها وإنتاج وقودها. وتنتج هذه المواقع صواريخ قصيرة المدى إلى جانب إنتاج الصواريخ البالستية واختبارها، بينما تتمركز في بلدة الزعفرانية جنوب شرقي بغداد صناعة صواريخ أرض ـ أرض وقذائف الهاون الثقيلة".

ويشير نادري إلى أن بلدات عين التمر في محافظة كربلاء، والنهراون في بغداد، تحتضن هي الأخرى مصانع صواريخ ومخازن خاصة بتخزين هذه الصواريخ إلى جانب مصانع خاصة بالذخائر ومخازنها أيضا.

ووفق القيادي الكردي الإيراني، أنشأ الحرس الثوري مصنعا لإنتاج الصواريخ ومنها صاروخ "رعد1"، وهو من فئة الصواريخ بعيدة المدى الذي يعرف بإمكانياته الكبيرة في تجنب الدفاعات الجوية.

واستعرضت هيئة الحشد الشعبي طائرات مسيرة قالت إنها من صناعاتها الحربية، خلال الاستعراض العسكري الذي نظمته بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيسها عام 2021.

وأشارت "قناة العالم" الإيرانية في تقرير مصور عن الاستعراض، إلى أن الطائرات المسيرة التي استعرضها الحشد كانت إحداها شبيهة بطائرات "سايا" الإيرانية وطائرات "صماد 3"، التي تستخدمها مليشيات الحوثي اليمنية في هجماتها، وهي طائرات انتحارية.

وفي استعراض لها عام 2022، كشفت هيئة الحشد عن أسلحة جديدة ومتطورة، وأشارت مواقع عراقية وأخرى إيرانية قريبة من الحرس الثوري، إلى أن أبرز الأسلحة التي استعرضها الحشد شملت منظومة حسيب والراصد للقيادة والتحكم في الطائرات المسيرة، ودبابات 72T الروسية، التي أجرت عليها شركة كرار الإيرانية تعديلا تمثل بإضافة الدروع الجانبية لها، إلى جانب استعراض أجهزة تشويش، وأبراج اتصالات متنقلة حديثة.

وتكشف معلومات دقيقة حصل عليها موقع "الحرة" من حزب الحرية الكردستاني المعارض، عن وجود العديد من الشركات الإيرانية المختصة بالصناعات العسكرية مرتبطة بالحشد الشعبي، وتعمل فرق مهندسيها وخبرائها داخل مصانع أسلحة الحشد.

من تلك الشركات شركة "رستافن ارتباط" التي تشكل جزءا من الصناعات الدفاعية الإيرانية، وهي مختصة بتوفير خدمات الاتصال والمعدات المختصة بالاتصالات والمنظومات الإلكترونية وقطع غيار الأسلحة للقوة الجوية التابعة للحرس الثوري ومجموعة صناعات الصواريخ البحرية الإيرانية، إلى جانب الرادارات.

وإلى جانب "رستافن ارتباط"، تنشط في هذا المجال شركة "فناور موج خاور"، المعروفة بـ"فناموج"، المختصة بصناعة الصواريخ وتجربتها وهي شركة تصميم وصناعة كافة أنواع الصواريخ ومكوناتها.

وتشير معلومات "حزب الحرية" الكردستاني الإيراني إلى أن شركة شاهد لصناعات الطيران موجودة أيضا في العراق، وهي شركة إيرانية مختصة بتصميم وصناعة المروحيات والطائرات المسيرة، وتنقل هذه الشركة طائراتها المسيرة من طراز "شاهد101" و"شاهد136" على شكل قطع إلى داخل العراق ليتم تجميعها داخل مصانع الحشد الشعبي.

وضمن متابعته لملف صناعة السلاح الإيراني في العراق، تواصل موقع "الحرة" مع قيادي في أحد الأحزاب العراقية القريبة من الإطار التنسيقي، الذي اشترط عدم الإشارة الى اسمه أو اسم حزبه مقابل الحديث عن ملف صناعات الحشد الشعبي الحربية.

وفي عام 2018، نقلت رويترز في تقرير استقصائي عن مصادر إيرانية وعراقية وغربية "أن طهران قدمت صواريخ باليستية لجماعات شيعية تقاتل بالوكالة عنها في العراق، وإنها تطور القدرة على صنع مزيد من الصواريخ هناك لدرء الهجمات المحتملة على مصالحها في الشرق الأوسط ولامتلاك وسيلة تمكنها من ضرب خصومها في المنطقة".

وخلال السنوات الماضية، تسببت أسلحة المليشيات بإحراج العراق دوليا عبر هجماتها المتكررة على قواعد عسكرية ومصالح أميركية في إقليم كردستان ومناطق العراق الأخرى وسوريا، واستهدافها للداخل الإسرائيلي.

وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية تؤكد باستمرار سعيها لحصر السلاح بيدها، بما في ذلك سلاح المليشيات المسلحة، لكن دون جدوى فهذه المليشيات ما زالت متمسكة بأسلحتها.

وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي للعلاقات الخارجية، فرهاد علاء الدين، في تصريح لموقع "الحرة" في أبريل الماضي، إن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أكد في أكثر من مناسبة التزام العراق الثابت بحصر السلاح بيد الدولة، وضمان خضوع جميع التشكيلات المسلحة، بما في ذلك هيئة الحشد الشعبي، بشكل كامل للقائد العام للقوات المسلحة.

وأوضح علاء الدين أن "الحكومة تمضي بخطى مدروسة نحو استكمال هيكلة المنظومة الأمنية، من خلال حوارات بنّاءة مع مختلف الأطراف الوطنية، بهدف تعزيز سلطة الدولة، وحماية السلم والاستقرار، ومنع أي محاولات لزجّ العراق في صراعات إقليمية لا تخدم مصالحه".

ويرى السياسي العراقي المستقل، مثال الآلوسي، أن هدف إيران من تصنيع المسيرات والصواريخ محليا بأيادي عراقية داخل العراق هو إطلاق يد المليشيات فوق الدولة والقيام بإرهاب الأطراف العراقية لغرض ابتزازها أو السيطرة عليها، وابعاد مسؤولية هذا الإرهاب عن طهران.

ويضيف الآلوسي لموقع "الحرة"، "ينبغي فهم أن عمليات تصنيع السلاح الإيراني خارج إيران تجري ضمن شراكة كبرى تعتمد على المال العراقي والغطاء والنقل بمساهمة عراقية وكذلك العاملين والمصنعين، والجميع شركاء في رسم صورة تحكم طهران بالإرهاب الإقليمي".

وأضاف أن "إيران تعمل بأصابعها العراقية لتنفيذ أهدافها ومنها إعادة تسليح حزب الله اللبناني والجماعات الأخرى الموالية لها في المنطقة".

وتنضوي تحت جناح الحشد الشعبي أكثر من 70 ميليشيا مسلحة معروفة، إلى جانب عشرات من الميليشيات غير المعروفة، التي أشرف الحرس الثوري الإيراني عبر جناحه الخارجي "فيلق القدس" على تأسيسها في أوقات مختلفة، وقد شاركت غالبية هذه الفصائل خلال السنوات الماضية في الحرب الأهلية في سوريا ضمن صفوف المليشيات الإيرانية.

وأعلنت مساندتها لحزب الله اللبناني وشنت العديد من الهجمات الصاروخية على أهداف داخل إسرائيل خلال عامي 2023 و2024 قبل إعلانها إيقاف الهجمات مؤقتا في نهاية العام الماضي 2024.

ويعتقد المحلل السياسي في مركز "رامان" للبحوث والاستشارات، شاهو قرداغي، أن خطاب قيادات الحشد الشعبي وذهابهم سابقا للقتال خارج العراق يبين أن جزءا من هذه الأسلحة، رغم ادعاء استخدامها للدفاع عن العراق فقط، انتهت بيد فصائل موالية لإيران خارج العراق، سواء في سوريا أو غيرها.

ويوضح قرداغي لموقع "الحرة" أن "وصول هذه الأسلحة إلى فصائل غير عراقية خطر حقيقي يهدد بتوريط العراق في صراعات ومشاكل خارجية هو في غنى عنها خاصة في ظل حالة الهدوء والاستقرار وتوفير الخدمات التي يعيشها البلد خلال الفترة الحالية".

ويؤكد قرداغي على أن إيران تستغل الأراضي العراقية كقاعدة خلفية لتسليح وتمويل أذرعها المسلحة في المنطقة، فهي تُدخل خبراء وسلاح عبر حدود غير خاضعة لسيطرة الدولة، وتستخدم الفصائل كغطاء لتمرير السلاح إلى مليشياتها في سوريا ولبنان واليمن، مما يورط العراق في صراعات إقليمية لا ناقة له فيها ولا جمل.