قوات إسرائيلية في قطاع غزة
قوات إسرائيلية في قطاع غزة

في اليوم السابع والأربعين من الحرب، أعلنت الحكومة الإسرائيلية تصديقها على "اتفاق الهدنة" مع حركة حماس، مع عدم تمكن الجيش في إعادة مختطفيها من قطاع غزة حتى الآن. 

وتمثل الهدنة التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ، الخميس، وتستمر لأربعة أيام تفرج فيها حماس التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية"، عن 50 رهينة، مقابل إطلاق إسرائيل سراح 150 من النساء والأطفال الفلسطينيين من سجونها، فرصة للجانبين لالتقاط الأنفاس وتقييم الوضع على الأرض، بحسب رؤية خبراء تحدثوا لموقع "الحرة"، معبرين عن اعتقادهم بأن الأعمال القتالية بين الجانبين، ستستأنف مجددا بعد أيام. 

لماذا وافقت إسرائيل على الهدنة؟ 

يرى الخبير الأمني، الضابط في المخابرات المصرية سابقا، اللواء محمد عبد الواحد، في حديثه مع موقع "الحرة" أن الهدنة هي نقطة حاسمة لجعل كل طرف يعيد تقييم حساباته وأخذ الدروس المستفادة. 

ويوضح أنه "في منحنى الصراعات عادة، عندما يوافق طرفا الحرب على وقف مؤقت لإطلاق النار، فإن هذا يعني أن كلا منهما يعي تماما بأنه لا يوجد حسم عسكري". 

فبعد شهر ونصف من الحرب، "رأت إسرائيل أنها لا تستطيع حتى الآن أن تحقق أيا من الهدفين، وفي المقابل، فإن الضربات المتلاحقة والضغوط النفسية العالية للغاية على حركة حماس، يجعلها تحتاج لإعادة ترتيب صفوفها وأولياتها ودفن قتلاها وعلاج مصابيها"، بحسب عبد الواحد. 

القتال في قطاع غزة

في المقابل، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، عوفير جندلمان، في مقابلة مع قناة "الحرة"، إن "النجاحات العسكرية الإسرائيلية في غزة دفعت حماس للرضوخ للضغوط ولصفقة تبادل للمختطفين لديها بمساجين فلسطينيين".

لكن عبد الواحد يرى أن قبول الحكومة الإسرائيلية للاتفاق "بعد مماطلتها في المفاوضات، جاء بعد ضغط داخلي متزايد من عائلات المحتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة، ووجود حالة من عدم الثقة ما بين المكون العسكري والسياسي، وخلافات داخل الحكومة والمؤسسة العسكرية، خاصة مع دخول الحرب يومها السابع والأربعين بدون تحقيق أي من الهدفين المعلنين، بالرغم أن الجيش الإسرائيلي يقاتل بأحدث التقنيات وأفضلها، لكنه بدأ الحرب بمعلومات استخباراتية مضللة". 

وقال عبد الواحد إن "إسرائيل تروج للهدنة بأنها نجاح ونصر، لكنه في الحقيقة هو تهدئة لأسر الأسرى وحالة الغليان داخل المجتمع الإسرائيلي". 

وبالنسبة لإسرائيل، فإن إعادة المختطفين هو "أهم شيء"، بحسب الخبير الأمني الذي عمل في الاستخبارات الإسرائيلية سابقا، آفي ميلاميد، في حديثه مع موقع "الحرة"، مشيرا إلى أنه "كلما عاد الناس أكثر لبيوتهم وعائلاتهم، فهذا يعتبر إنجازا مهما لإسرائيل، لأنه واحد من هدفين رئيسيين، حددتهما الحكومة من هذه الحرب"، مشيرا إلى ان الهدف الثاني هو القضاء على حركة حماس. 

كيف سيستفيد الطرفان من الهدنة؟ 

لا يعتقد ميلاميد أن وقف النار المؤقت سيصمد "بحسب تجاربنا في الحروب السابقة"، مضيفا أن عناصر حماس "إذا استغلوا الهدنة لكي يهاجموا المواقع الإسرائيلية، سيكون هناك رد سريع وقوي وحاسم". 

ويقول ميلاميد، لموقع "الحرة": "بالنسبة لحماس ستستفيد من وقف إطلاق النار المؤقت لاستعادة توازنها والتقاط أنفاسها بعد ضغط عسكري متواصل". 

في المقابل، يقول عبد الواحد: "كمحللين، كنا نعتقد أن  صواريخ الحركات المسلحة في غزة قاربت على الانتهاء، وقدرتها على المقاومة أيضا تقل مع الوقت، لكننا وجدنا أن حماس لا تزال تفرض سيطرتها على الأرض رغم وجود قوات عسكرية إسرائيلية منتشرة وتطوق شمال غزة بالكامل، بأربع لوءات دبابات وأربع كتائب مشاة ومثلها من المدفعة وسارية استطلاع، بالإضافة إلى قوات النخبة غير المدربة على حرب الشوارع". 

لكنه يقول إن "القوات الإسرائيلية أخذت مواقع دفاعية، وفشلت في أن تفرض هيمنة على الأرض، وانتقلت إلى الداخل فأصبحت في وضع السكون، وحماس في وضع الحركة، واستطاعت أن توظف هذه السلبيات لصالحها وتصور عملياتها". 

ومن المقرر أن تتوقف الطائرات الإسرائيلية المسيرة عن العمل خلال بعض ساعات يوميا خلال أيام الهدنة حتى تتمكن الفصائل الفلسطينية المسلحة من نقل المحتجزين الذين ستطلق سراحهم لأنها لا تريد أن تكشف عن أماكن تواجدهم. 

وبالرغم أن ميلاميد يرى أن "أربعة أيام مهمة جدا من الناحية العسكرية لحماس"، فإنه أكد أنها "لن تكون مؤثرة بشكل كبير على القوات الإسرائيلية الموجودة بالفعل في غزة، لأنه بناء على التقارير، فإن جدول العمل يسير حسب التخطيط العسكري والتقدم الإسرائيلي بارز"، مشيرا إلى أن "حماس خسرت بالفعل سيطرتها على شمال قطاع غزة والآن، تريد أن ترتاح من الضغط المستمر". 

وعن الطرف المستفيد من الهدنة، يعتقد جندلمان أن "الفائدة لحماس وإسرائيل، لكن هذا لا يعني أن الحركة ستتمكن من الانتعاش وإعادة التسلح"، مشيرا إلى أن "هناك 3 فرق عسكرية لا تزال موجودة في قطاع غزة، وهي مستعدة للقتال".

وقال جندلمان لـ"الحرة"، إن "الطائرات ستتوقف عن التحليق في أجواء القطاع لمدة 4 ساعات فقط يوميا خلال أيام الهدنة، وهي ستستمر بجمع المعلومات الاستخبارية".

وتابع  أن إسرائيل لا تعتمد فقط على المسيرات، بل لديها أيضا أقمار اصطناعية (ساتلايت) وأجهزة أخرى للمراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية، مشددا على أن الهدنة لن تفيد حماس.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قد قال الثلاثاء، إن الحكومة الإسرائيلية تواجه "قرارا صعبا الليلة لكنه سيكون القرار الصحيح"، في إشارة إلى اتفاق للرهائن مع حماس، قبل مصادقة الحكومة عليه. 

وأشار نتانياهو خلال اجتماع الحكومة للتصويت على الاتفاق إلى أن رؤساء الأجهزة الأمنية يدعمون القرار بالكامل، وأن "الاتفاق سيسمح للجيش بالاستعداد لمواصلة القتال".

من ناحيته، أكد وزير الدفاع السابق، عضو مجلس الحرب، بيني غانتس، أن الاتفاق "هو خطوة أولى نحو إعادة جميع الرهائن"

هل الهدنة خطوة نحو نهاية الحرب؟ 

يؤكد ميلاميد في حديثه مع موقع "الحرة" أن "الحكومة أمرت الجيش بالقضاء على حماس في قطاع غزة، وهو الهدف الثاني من الحرب التي تشنها إسرائيل". 

ويوضح أنه "بناء على قرار الحكومة الرسمي، فإنها أمرت باستئناف الحملة العسكرية فور انتهاء فترة الهدنة، بدون تردد، لأن الرأي العام الإسرائيلي لن يقبل أقل من ذلك بعد الهجوم الوحشي في السابع من أكتوبر ولا يريد أن يرى ذلك يحدث مرة أخرى في المستقبل". 

يتفق معه عبد الواحد في أن الحرب ستستأنف بعد انتهاء صفقة تبادل الرهائن. لكنه يقول إنها "لن تقف عند هذه النقطة، لأن الأهداف السرية أو غير المعلنة من هذه الحرب، تجتاز هدفي إعادة الرهائن والقضاء على حماس". 

ويقول عبد الواحد: "هناك تحالف دولي غير معلن ضد حماس لتحقيق مجموعة من السياسات في المنطقة، من خلال الاستيلاء على شمال غزة وتحقيق مصالح اقتصادية وجيوسياسية". 

ويرى أنه لتحقيق ذلك "قامت إسرائيل بالتهجير القسري لسكان الشمال نحو الجنوب، وإسرائيل مصممة على ذلك، رغم كل ما نسمعه من أحاديث غربية رافضة للتهجير". 

ويقول إن "الهدف هو تجميع سكان شمال غزة في منطقة الجنوب ثم يتجهوا بعد ذلك إلى المعابر، ويفرضوا أمر واقع في ظروف بيئية ومناخية صعبة مع قدوم فصل الشتاء، بدليل التصميم على قتل المدنيين وضرب المستشفيات وخطوط الكهرباء والاتصالات وجعل المنطقة غير صالحة للحياة". 

ويعتقد أن هناك هدفا آخر يتمثل في تقليم أظافر إيران وأذرعها المسلحة في المنطقة، وتقوض المشروع  الاقتصادي الصيني الضخم، وتقويض التواجد الروسي في المنطقة خاصة في سوريا وليبيا، مشيرا إلى أن هناك أدلة تدعم ذلك، من أهمها "الدعم المطلق لإسرائيل وعدم قبول أوروبا والولايات المتحدة لفكرة وقف دائم لإطلاق النار، كما أن إسرائيل لم تكن تترك سابقا جثث جنودها في الخارج لكنها تتغاضى عن ذلك الآن لأن هناك أهداف أهم بكثير لديها، كما أن فكرة إعادة الرهائن لم تكن من أولوياتها لولا ضغط أسر المحتجزين المتصاعد". 

في المقابل، ينفي ميلاميد نية إسرائيل احتلال شمال غزة، أو تهجير السكان أو الاستيلاء على موارد القطاع. 

وقال لموقع "الحرة": "هذه ليست نية إسرائيل، هدفنا هو إبادة حكم حماس وبداية صفحة جديدة في قطاع غزة، ونسعى إلى مبادرة إقليمية بمشاركة الدول المعنية ودعم من الإدارة الأميركية لخلق ظروف جديدة في المنطقة، لكننا لا نريد احتلال شمال غزة أو تهجير السكان، فقط، لا نريد حماس أن تحكم غزة، بل القضاء عليها لكي ينتهي الهجوم على المدن الإسرائيلية". 

وبالنسبة لضرب المستشفيات والمباني الحيوية والبنى التحتية في قطاع غزة قال "لم تستهدف هذه المقرات عمدا، وإنما حماس هي التي تقاتل من الأنفاق والمدارس والمساجد والمستشفيات". 

وأضاف: "لا شك أن هناك أضرارا كبيرة في المنشآت المدنية والمستشفيات، وأن هناك حاجة ملحة لترميمها، ولكن بعد انتهاء الحرب والقضاء على حماس، وبناء ظروف جديدة في غزة تختلف عما قبل السابع من أكتوبر الماضي". 

وبشأن الحديث عن نية إسرائيلية في استغلال الغاز في شواطئ غزة، قال ميلاميد: "نحن لدينا ما يكفي من الموارد وغزة لا تعتبر أهمية لدى إسرائيل لأن حجمها صغير جدا، كما أننا نريد أن يستغل الفلسطينيون الموارد الطبيعية سواء الشواطئ والغاز في البحر وأن يستقلون اقتصاديا، هذا سيكون مهم لأمن إسرائيل أيضا". 

"الطرفان فشلا"

الخبيرة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أوريت بيرلوف، قالت على حسابها على منصة أكس، إنه بالرغم من أن الطرفين بعد أربعة أيام قد يعلنا النصر واستسلام الآخر، فإن ما حدث هو "قصة فشل وخسارة لكلا الجانبين". 

خريطة الدمار في غزة

وقالت: "حماس أعلنت أن السبب الرئيسي لاختطاف الإسرائيليين هو إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين كلهم، وهذا لم يحدث، وأعلنت إسرائيل أن أحد أهداف الحرب هو عودة الرهائن كلهم، وهذا لم يحدث". 

وأضافت: "في الواقع إنه فشل من الجانبين"، موضحة أنه من جانب إسرائيل، فهي فشلت في حماية حدودها ومواطنيها، وعلى المستوى الاستخباراتي والعملياتي واللوجستي وأكثر من ذلك، عندما فشلنا في تحديد مكان الرهائن وإعادتهم، أو تدمير نظام القيادة والسيطرة التابع لحماس، رغم عشرات الآلاف من الأطنان من الذخيرة خلال 46 يوما، كما فشلنا في تحييد ردع حزب الله في الشمال وإطلاق النار من لبنان، كما فشلنا في تحديد أهداف حربية واقعية وقابلة للتطبيق، وفي وضع أهداف مستقبلية واقعية لنهاية الحرب، والاكتفاء بالتعبير عن الأمل". 

لكن بيرلوف أكدت في نفس الوقت أنه "إلى جانب الفشل، يجب إعادة كل طفل ومواطن حي إلى إسرائيل مهما كان الثمن. آمل حقا أن تتم هذه الصفقة في مجملها، وآمل حقا أن نتمكن من إعادة بقية الرهائن أحياء وكذلك الجثث".

وبالنسبة لحماس، فإنها ترى أنها لم تنجح في إنهاء الحصار على غزة، فضلا عن أنه تم تهجير السكان من الشمال، وربما ستفقد الحركة السيطرة على القطاع في المستقبل، كما لم تقم أي دولة عربية بإلغاء اتفاقات السلام. 

وتفرض إسرائيل حصارا على غزة ولم تتوقف عن قصفها منذ هجوم حماس الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين وفقا للإحصائيات الإسرائيلية. ومنذئذ، قُتل أكثر من 14 ألف شخص من سكان غزة، نحو 40 بالمئة منهم أطفال وفقا لمسؤولين من وزارة الصحة في القطاع الذي تسيطر عليه حماس، وهي أرقام تعتمدها الأمم المتحدة.

"ثاد" سلاحا دفاعيا لإسقاط الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى ذات الارتفاعات العالية
"ثاد" سلاح دفاعي لإسقاط الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى ذات الارتفاعات العالية

أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية بات رايدر، الثلاثاء، وصول الفريق الأميركي مع المكونات الأولية لتشغيل بطارية "ثاد" إلى إسرائيل.

وقال رايدر في بيان نُشر على موقع الوزارة، إن فريقاً متقدماً من الأفراد العسكريين الأميركيين والمكونات الأولية اللازمة لتشغيل بطارية الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية (ثاد)، وصل إلى إسرائيل، الاثنين.

وهذه هي الدفعة الأولى، إذ سيصل المزيد من العسكريين ومكونات "ثاد" إلى البلد الذي يستعد لرد عسكري على إيران، بعد الهجمة الصاروخية التي شنتها الجمهورية الإسلامية في 1 أكتوبر الجاري، بنحو 200 صاروخ باليستي.

وأضاف رايدر أن البطارية قادرة على التشغيل الكامل في المستقبل القريب، ولكن لأسباب تتعلق بأمن العمليات "لن نناقش الجداول الزمنية".

وتابع المتحدث باسم البنتاغون أن نشر بطارية "ثاد" في إسرائيل "يؤكد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن عنها والدفاع عن الأميركيين" المتواجدين فيها، من أي هجمات صاروخية باليستية من قبل إيران.

وتُعدّ منظومة "ثاد" سلاحا دفاعيا لإسقاط الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى ذات الارتفاعات العالية، وهو نظام من صنع شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية.

وتقول الشركة المصنعة إن "ثاد" يمثل "النظام الأميركي الوحيد المصمم لاعتراض الأهداف داخل وخارج الغلاف الجوي".

وتشكل منظومة الدفاع الصاروخي جزءا أساسيا من أنظمة الدفاع الجوي متعددة الطبقات للجيش الأميركي، وتضاف إلى دفاعات إسرائيل الصاروخية القوية بالفعل.

وتحتاج بطارية ثاد عادة حوالي 100 جندي لتشغيلها، وفق وكالة رويترز، وتحتوي على 6 منصات إطلاق محمولة على شاحنات مع 8 صواريخ اعتراضية على كل منصة، ورادار قوي.