Smoke rises over Gaza, as seen from southern Israel
الحرب اندلعت عقب هجوم حماس على مناطق إسرائيلية في 7 أكتوبر 2023.

للمرة الأولى منذ توليه الأمانة العامة في 2017، تطرق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية، محذرا من أن النزاع بين إسرائيل وحماس "يمكن أن يعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر".

وفي رسالة غير مسبوقة إلى مجلس الأمن، حذر غوتيريش من "انهيار كامل وشيك للنظام العام" في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف اسرائيلي مستمر بعد هجمات 7 أكتوبر، مشددا على وجوب إعلان وقف إنساني لإطلاق النار.

وكتب غوتيريش، متطرقا إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التي تتيح له "لفت انتباه" المجلس إلى ملف "يمكن أن يعرض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر"، قائلا: "مع القصف المستمر للقوات الاسرائيلية، ومع عدم وجود ملاجئ أو حد أدنى للبقاء، أتوقع انهيارا كاملا وشيكا للنظام العام بسبب ظروف تدعو إلى اليأس، الأمر الذي يجعل مستحيلا (تقديم) مساعدة إنسانية حتى لو كانت محدودة".

وأضاف "قد يصبح الوضع أسوأ مع انتشار أوبئة وزيادة الضغط لتحركات جماعية نحو البلدان المجاورة"، مشيرا إلى إلى أنه في حين أن المساعدات الإنسانية التي تمر عبر معبر رفح "غير كافية، نحن ببساطة غير قادرين على الوصول إلى من يحتاج إلى المساعدات داخل غزة".

وقال "قوّضت قدرات الأمم المتحدة وشركائها في المجال الإنساني بنقص التموين ونقص الوقود وانقطاع الاتصالات وتزايد انعدام الأمن". 

وحذّر غوتيريش "نحن نواجه خطرا كبيرا يتمثل في انهيار النظام الإنساني. الوضع يتدهور بسرعة نحو كارثة قد تكون لها تبعات لا رجعة فيها على الفلسطينيين وعلى السلام والأمن في المنطقة".

وأضاف "يتحمّل المجتمع الدولي مسؤولية استخدام نفوذه لمنع تصعيد جديد ووضع حد لهذه الأزمة"، داعيا أعضاء مجلس الأمن إلى "ممارسة الضغط لتجنب حدوث كارثة إنسانية".

وعلق ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم غوتيريش، أن "الأمين العام يشير إلى إحدى السلطات النادرة التي يمنحه إياها الميثاق"، متحدثا عن "خطوة ذات دلالة كبيرة" لأنه لم يتم اللجوء الى المادة 99 "منذ عقود".

وأضاف "نريد أن نرى مجلس الأمن يدعو إلى وقف إنساني لإطلاق النار".

ومنتصف نوفمبر، وبعد رفض أربعة مشاريع قرارات، خرج مجلس الأمن عن صمته في نهاية المطاف وتبنى قرارا دعا فيه الى "هدن وممرات للمساعدات الإنسانية" في قطاع غزة.

وأفادت مصادر دبلوماسية أن أعضاء مجلس الأمن يعملون على مشروع قرار جديد يركز على المساعدات الإنسانية.

فلسطينيون في قطاع غزة يحاولون العودة إلى منازلهم بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار- مصدر الصورة: فرانس برس
فلسطينيون في قطاع غزة يحاولون العودة إلى منازلهم بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار- مصدر الصورة: فرانس برس

دعت دوروثي شاي، نائبة مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار، مع التأكيد على ضرورة عدم السماح لحماس بالاستفادة من هذه المساعدات.

وشددت المسؤولة الأميركية في مداخلتها خلال الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الأمن لمناقشة الأوضاع الإنسانية للأطفال في غزة على أهمية نزع السلاح في غزة لتحقيق أمن إسرائيل وضمان مستقبل أفضل للفلسطينيين.

كما أكدت التزام الولايات المتحدة الثابت بتحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال دعم الجهود الدولية لمواجهة نفوذ إيران ووكلائها في المنطقة.

وقالت شاي إن "المعاناة الناجمة عن الحرب التي بدأتها حماس بهجومها الوحشي على إسرائيل منذ أكثر من 15 شهراً، إمتدت لتطال أصغر ضحايا غزة والأطفال الفلسطينيين الذين وقعوا في مرمى النيران، وفقدوا عائلاتهم، وتغيبوا عن مدارسهم" ، مشددةً على أن "الحرب لن تخدم أي طرف" .

وأضافت أن الوقت قد حان لضمان وصول المساعدات الحيوية إلى المحتاجين في جميع أنحاء قطاع غزة، وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر.

كما حثت شاي جميع الدول على دعم هذه الجهود من خلال التمويل و تأمين الموارد الإضافية للمساعدة في زيادة الاحتياجات الإنسانية الملحة، فضلا عن "ضمان عدم السماح لحماس بالاستيلاء على هذه المساعدات أو تحويلها أو الاستفادة منها، وإذا فعلت ذلك، فيجب الإبلاغ عنها على الفور." 

وشددت الدبلوماسية الأميركية في معرض مداخلتها على ضرورة "عدم السماح لحماس بإعادة تشكيل قواها، و ألا يكون لها أي دور في حكم غزة في المستقبل".

وأشارت إلى أن "نزع السلاح من غزة هو أمرٌ ضروري لتحقيق أمن إسرائيل وتوفير مستقبل أكثر إشراقاً للشعب الفلسطيني، وأن لا يكون لحماس، ورعاتها في طهران، أي رأي في مستقبل المنطقة" حسب تعبيره.

كما أعربت شاي عن قلق الولايات المتحدة إزاء التقارير التي تفيد بأن حماس احتجزت رهائن إسرائيليين عائدين في ملاجئ تابعة للأمم المتحدة في غزة أثناء فترة أسرهم الطويلة.

ودعت لإجراء تحقيق كامل لتقييم هذه المزاعم الخطيرة للغاية، وذكرت باستغلال حماس لمعاناة الفلسطينيين عبر استخدامها البنية الأساسية المدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، لتخزين الأسلحة وإيواء المقاتلين وتنسيق الهجمات ضد إسرائيل. 

وأكدت السفيرة الأميركية في مداخلتها على "التزام الولايات المتحدة الثابت بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار حتى يتمكن الرهائن من العودة إلى ديارهم، ويتمكن الأهالي من التطلع إلى مستقبل أكثر إشراقاً تحت قيادة جديدة، و أن هذا هو الطريق الوحيد للمضي قدما".

كما حثت نائبة مندوبة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة المجتمع الدولي على التعاون "لمواجهة النفوذ الخبيث لطهران ووكلائها الإرهابيين، الذين أدت أفعالهم إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط لعقود من الزمن".