معبر رفح يقع ضمن ممر فيلادلفيا. أرشيفية
معبر رفح يقع ضمن ممر فيلادلفيا. أرشيفية

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، السبت، إنه يتعين على بلاده أن تسيطر بشكل كامل على محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وغزة لضمان "نزع السلاح" في المنطقة في حين واصل الجيش توغله في مناطق بوسط وجنوب القطاع.

وأضاف نتانياهو في مؤتمر صحفي "محور فيلادلفيا، أو بعبارة أدق نقطة التوقف الجنوبية في غزة، يجب أن تكون تحت سيطرتنا. يجب إغلاقه. من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".

محور "فيلادلفيا"

يقع محور فيلادلفيا والذي يسمى أيضا "محور صلاح الدين"، على امتداد الحدود بين غزة ومصر، وهو يقع ضمن منطقة عازلة بموجب اتفاقية السلام "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل عام 1979، ويبلغ طوله 14 كلم.

وتسمح هذه الاتفاقية لإسرائيل ومصر بنشر قوات محدودة العدد والعتاد ومحددة بالأرقام ونوعيات السلاح والآليات التي يتم بالإمكان نشرها على ذلك المحور، وذلك بهدف القيام بدوريات على جانب المحور المصري، لمنع التهريب والتسلل والأنشطة الإجرامية الأخرى.

ماذا تتيح "كامب ديفيد" للإسرائيليين؟

المنطقة "د" بحسب ملحق اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل . أرشيفية

تتيح الاتفاقية تواجدا إسرائيليا ضمن هذا الشريط العازل الذي يعرف باسم محور فيلادلفيا، وهو يقع ضمن المنطقة "د" بموجب الملحق الأول، البروتوكول الخاص بالانسحاب الإسرائيلي وترتيبات الأمن، والتي تتيح تواجد قوة عسكرية إسرائيلية محدودة من أربع كتائب مشاة وتحصينات ميدانية ومراقبين من الأمم المتحدة.

ولا تتضمن القوة الإسرائيلية أي تواجد للدبابات أو المدفعيات أو الصواريخ ما عدا الصواريخ الفردية "ارض-جو".

ويمكن أن تمتلك قوات المشاة الإسرائيلية في هذه المنطقة حتى 180 مركبة عسكرية، وبإجمالي عدد مشاة لا يتجاوز 4 آلاف فردا.

وفي المنطقة "ج" من الاتفاقية تسمح بوجود قوات الأمم المتحدة والشرطة المدنية المصرية، وفي المنطقة "ب" يسمح بوجود وحدات حدود مصرية من أربع كتائب مجهزة بأسلحة خفيفة، والمنطقة "أ" تتواجد فيها قوات عسكرية من فرقة مشاة ولواء مدرع وكتائب مدفعية بما لا يتجاوز عن 22 ألف عسكري مصري.

اتفاقية فيلادلفيا 2005

ممر فيلادلفيا يمثل الشريط الحدودي بين غزة ومصر. أرشيفية

وكانت القوات الإسرائيلية تسيطر على هذه المنطقة "د" بما يتضمن محور فيلادلفيا حتى انسحابها منها وتسليمها للسلطة الفلسطينية في عام 2005، ولترتيب تواجد مصري لقوات حرس الحدود تم توقيع اتفاقية جديدة عرفت باسم "اتفاقية فيلادلفيا" والتي تتماشي مع اتفاقية "المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية" التي تم التوقيع عليها في العام ذاته.

ووقعت مع مصر على اتفاقية فيلادلفيا باعتبارها تابعة لاتفاقية كامب ديفيد، والتي حددت مسافة 14 كلم كشريط عازل على طول الحدود بين مصر وغزة.

وجاءت الاتفاقية بعدما أقر الكنيسيت الإسرائيلي، في عام 2004، قرارا لسحب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة والذي دخل حيز التنفيذ في أغسطس عام 2005.

وسمحت الاتفاقية بتنسيق أمني إسرائيلي مصري، وتواجد أمني مصري من قوات حرس الحدود على طول شريط فيلادلفيا والقيام بدوريات من كلا الطرفين.

ونصت على أن التواجد المصري في هذه المنطقة هو "لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود" وليس مخصصا لأي غرض عسكري، وأن هذه الاتفاقية لن تغير أو تعدل في اتفاقية السلام الرئيسية مع مصر بالحفاظ على المنطقة "ج" منزوعة السلاح، واعتبار اتفاقية فيلادلفيا على أنها "بروتوكول أمني" لضمان عدم وجود عسكري مصري قريب من الحدود الإسرائيلية.

وبموجب اتفاق مع اسرائيل، يقوم 750 من عناصر القوات شبه العسكرية المصرية بدوريات على طول الحدود مسلحين بأسلحة خفيفة وعربات مدرعة إضافة إلى عدد غير محدد من عناصر الشرطة غير المسلحين.

وقبل عامين من انسحابهم أقام الإسرائيليون جدارا من الأسمنت والمعدن بطول سبعة كيلومترات وبعلو ثمانية أمتار لعزل قسمي مدينة رفح، التي قُسّمت لشطرين عقب اتفاقية كامب ديفيد، بين مصر وغزة.

اتفاقية المعابر بين إسرائيل والسلطة والفلسطينية 

إسرائيل سلمت معبر رفح للسلطة الفلسطينية في 2005. أرشيفية

وفي نوفمبر من عام 2005، وقعت إسرائيل مع السلطة الفلسطينة اتفاقية "المعابر" لتنظيم حركة العبور، ومن ضمنها معبر رفح الذي يربط مصر بغزة.

وأشارت الاتفاقية إلى أن معبر رفح سيتم تشغيله من قبل السلطة الفلسطينية من جانبها ومن قبل مصر من جانبها بحسب المعايير الدولية وتماشيا مع القوانين.

وأقيم المعبر المخصص لعبور الأشخاص بعيدا عن وسط مدينة رفح، فيما تتواجد مخيمات للاجئين على جانبي الحدود، بحسب وكالة فرانس برس.

ويستخدم معبر رفح لحاملي بطاقة الهوية الفلسطينية، مع إشعار السلطات الإسرائيلية بشكل مسبق وأخذ موافقات من السلطات الفلسطينية، على أن تعمل السلطة الفلسطينية على منع عبور السلاح أو المواد المتفجرة، ومواصلة خدمات التنسيق الأمني.

وتتم إدارة معبر رفح، منذ نوفمبر عام 2005، بموجب الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي، وينص على نشر نحو 90 مراقبا أوروبيا للمساعدة على مراقبة الحدود غير أن هؤلاء المراقبين غادروا، في يونيو من عام 2014.

كما ينص الاتفاق على أن المعبر لا يمكن تشغيله إلا بالتعاون الوثيق بين إسرائيل التي نصبت فيه كاميرات مراقبة والسلطة الفلسطينية ومصر وهؤلاء المراقبين الأوروبيين.

ومنذ الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، في سبتمبر عام 2005، وخصوصا عقب سيطرة حركة حماس على القطاع، في يونيو عام 2007، أصبح معبر رفح مغلقا تماما تقريبا، بحسب وكالة فرانس برس.

لماذا تريد إسرائيل السيطرة على ممر فيلادلفيا؟

إسرائيل تراقب شحنات المساعدات والوقود المحدودة التي تدخل من خلال معبري رفح وكرم أبو سالم

رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتانياهو، لم يخض في تفاصيل السيطرة على محور فيلادلفيا، لكن إذا تم إنجاز ذلك، فإن مثل هذه الخطوة ستمثل بحكم الأمر الواقع تراجعا عن انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، مما يضع الجيب تحت السيطرة الإسرائيلية الحصرية بعد إدارته على مدى سنوات من حركة حماس المصنفة إرهابية، بحسب وكالة رويترز.

وأفاد تحليل نشرته قناة "I24NEWS" الإسرائيلية أن تحرك "الجيش الإسرائيلي باتجاه محور فيلادلفيا يهدف إلى فصل قطاع غزة عن صحراء سيناء ومصر" بحسب ما نقل عن خبراء عسكريين.

وأشار إلى أن إسرائيل ترغب في تأمين أكبر لحدودها الجنوبية كي لا "تصبح معبرا لإمداد الفصائل الفلسطينية بالسلاح" ولهذا هم يحتاجون لاستمرار التعاون مع مصر وعدم تعكير صفو السلام مع القاهرة.

الموقف المصري من توجه إسرائيل للسيطرة على ممر فيلادلفيا

معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة

ولم تصدر تصريحات رسمية من مصر للتعليق عما صدر عن نتانياهو، ولكن عضو مجلس النواب المصري، الكاتب مصطفى بكري قال في منشور عبر منصة "إكس" إن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي "اعتداء سافر على اتفاقية السلام بين البلدين"، محذرا إياه من "الاقتراب. الحدود المصرية خط أحمر".

ودعا السلطات المصرية إلى تقديم "احتجاج رسمي وتحذير معلن، لأن ذلك يمثل اختراقا لاتفاقية السلام الموقعة بين البلدين، ويمثل اعتداء على السيادة المصرية، ويمثل خنقا لغزة ويجعلها تعيش في سجن كبير، ويفرض عليها الحصار الدائم.. ويفتح الطريق أمام تهجير الفلسطينين إلى سيناء".

الحرب دفعت غالبية سكان غزة إلى النزوح - صورة أرشيفية.
الحرب دفعت غالبية سكان غزة إلى النزوح - صورة أرشيفية.

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير، الخميس، إن السلطات الإسرائيلية تسببت في نزوح قسري للشعب الفلسطيني في غزة إلى حد يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وهذا التقرير هو الأحدث في سلسلة من التقارير الصادرة عن منظمات الإغاثة والهيئات الدولية التي تحذر من الوضع الإنساني المتردي في القطاع المحاصر.

وجاء في التقرير أن "هيومن رايتس ووتش"، وجدت أن التهجير القسري واسع النطاق، وأن الأدلة تشير إلى أنه منهجي وجزء من سياسة الدولة. وتشكل مثل هذه الأفعال أيضا جرائم ضد الإنسانية".

ولم يعلق الجيش الإسرائيلي أو وزارة الخارجية حتى الآن على الأمر، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت في السابق اتهامات مشابهة، وتقول إن قواتها تعمل وفقا للقانون الدولي.

ويحظر قانون النزاعات المسلحة التهجير القسري للسكان المدنيين من الأراضي المحتلة، ما لم يكن ذلك ضروريا لأمن المدنيين أو لأسباب عسكرية ملحة.

وبدأت إسرائيل عمليتها العسكرية في غزة العام الماضي في أعقاب الهجوم الذي شنه مسلحون من حركة حماس على جنوب إسرائيل، مما أسفر، بحسب إحصاءات إسرائيلية، عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة في غزة.

وذكرت السلطات الصحية في غزة، أن الحملة الإسرائيلية قتلت منذ ذلك الحين أكثر من 43700 شخص ودمرت جزءا كبيرا من البنية التحتية للقطاع، وأجبرت معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على النزوح عدة مرات.

وفي الشهر الماضي، أمرت القوات الإسرائيلية عشرات الآلاف من الأشخاص بالنزوح من مناطق في شمال القطاع بهدف القضاء على مسلحي حماس الذين يقول الجيش الإسرائيلي إنهم يعيدون تنظيم صفوفهم حول بلدات جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، "من المرجح أن يكون التهجير المنظم والعنيف الذي تقوم به السلطات الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة... مخططا له بأن يكون دائما في المناطق العازلة والممرات الأمنية"، وهو إجراء وصفته المنظمة بأنه يرقى إلى "التطهير العرقي".

وينفي الجيش الإسرائيلي سعيه إلى إنشاء مناطق عازلة دائمة فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر،  الاثنين، إن الفلسطينيين النازحين من منازلهم في شمال غزة سيُسمح لهم بالعودة في نهاية الحرب.