تعتبر الولايات المتحدة المصدر الأكبر الذي يزود إسرائيل بالأسلحة والذخائر بمليارات الدولارات، إذ أن حوالي 70 في المئة من الأسلحة التي وصلت لإسرائيل خلال الأعوام 2019 و2023 مصدرها واشنطن، وفقا لبيانات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام "سيبري".
ولم تترك واشنطن عملية إرسال الأسلحة لإسرائيل مرتبطة بتغير الإدارات الأميركية، إذ تم توثيق ذلك في اتفاقية عسكرية تلزم الولايات المتحدة بإرسال أسلحة مجانا لإسرائيل بقيمة 38 مليار دولار على مدار 10 سنوات، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
وأخر اتفاقية تم توقيعها في 2016 بعهد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، والتي تبقى سارية حتى 2026.
وقال الرئيس أوباما حينها "إن استمرار إمدادات الأسلحة الأكثر تقدما تكنولوجيا في العالم، سيضمن أن إسرائيل لديها القدرة على الدفاع عن نفسها من جميع أنواع التهديدات".
وتشير الصحيفة إلى أن هذا الاتفاق لم يحظ بأي جدل حينها، إذ لم يعرب سوى عدد قليل من المسؤولين في واشنطن عن قلقهم بشأن كيفية استخدام الأسلحة الأميركية من قبل إسرائيل.
والآن تواجه حزمة المساعدات العسكرية ضمن هذا الاتفاق احتجاجات ضمنية، والتي تبلغ قيمتها السنوية 3.3 مليار دولار سنويا لشراء الأسلحة والذخائر، و500 مليون دولار سنويا للدفاع الصاروخي.
وتدعو أقلية من المشرعين في الكونغرس ونشطاء ليبراليين الرئيس الأميركي، جو بايدن "لتقييد أو وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل بسبب حملتها العسكرية في غزة".
وتزعم إسرائيل أنها لا تستهدف المدنيين في هجماتها في غزة، ومع ذلك أسفرت حملتها العسكرية حتى الآن عن مقتل أكثر من 33 ألف شخص من الفلسطنيين معظمهم من النساء والأطفال بحسب بيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر بعد هجوم شنته حركة حماس على بلدات إسرائيلية في محيط غزة، والتي أسفرت عن مقتل 1170 شخصا بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا لأرقام السلطات الإسرائيلية.
كما خطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا ما زال 129 منهم رهائن في غزة، ويعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.
الرئيس الأميركي بايدن كان قد أقر بحملة "القصف العشوائية" في الحرب الإسرائيلية على غزة، ووجه انتقادات لها، ولكنه في الوقت ذاته رفض وضع أي قيود على المساعدات العسكرية، وأكد التزام واشنطن في تزويد إسرائيل بالأسلحة، داعيا إلى تجنب إصابة المدنيين.
ووجه بايدن، الخميس، إنذارا نهائيا لحكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، بعد قتل إسرائيل لعمال إغاثة في غزة، بأن عليه حماية المدنيين وموظفي الإغاثة الأجانب في غزة وإلا فقد تكبح واشنطن دعمها لإسرائيل خلال حربها على حركة حماس.
ويأتي التحذير بعد دعوات أميركية على مدى أشهر لأن تغير إسرائيل أساليبها العسكرية والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين.
غير أن بايدن بعث برسالة الشهر الماضي أكد أنه لن يوقف أبدا "جميع الأسلحة لدرجة تجعلهم لا يملكون القبة الحديدية نظام الدفاع الصاروخي لحمايتهم".
وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تتمتعان بعلاقات عسكرية وثيقة منذ عقود امتدت عبر إدارات ديمقراطية وجمهورية، سهلت تقديم الأسلحة لإسرائيل كمساعدات، أو عبر بيعها معدات عسكرية حيوية مثل الطائرات المقاتلة والمروحيات وصواريخ الدفاع الجوي والقنابل غير الموجهة والموجهة، والتي يتم استخدامها في غزة بشكل مكثف.
وينص الاتفاق العسكري بين واشنطن وإسرائيل، على أن الولايات المتحدة ملزمة بمساعدة إسرائيل على الحفاظ على "التفوق العسكري النوعي" في الشرق الأوسط.
ووصفت الصحيفة عمليات تسليم الأسلحة إلى إسرائيل بـ"الغامضة" تمر عبر "خط أنابيب للأسلحة"، والتي تم تسريع تسيلمها لإسرائيل خاصة بعد السابع من أكتوبر.
ويمتلك بايدن بسلطات للحد من أي من شحنات أسلحة لدول أجنبية، وحتى الآن بدلا من الحد من إمدادات الأسلحة لإسرائيل، إلا أنه يطلب بالحصول على الموافقة تمويل بـ14 مليار دولار مساعدات عسكرية لإسرائيل وللعمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، حيث لا يزال هذا المشروع في الكونغرس وسط خلاف بشأن المساعدات لأوكرانيا وأمن الحدود الأميركية.
وتشير الصحيفة إلى أنه لوجود "ثغرة قانونية" لا يتعين على وزارة الخارجية أن تخبر الكونغرس والإعلان عن طلبات الأسلحة الجديدة التي تقدمها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر، وانتقد مسؤولون ومشروعون في الكونغرس السرية التي يتم التعامل في هذا الأمر.
ومنذ أكتوبر الماضي تواصل وزارة الخارجية بالسماح بشحنات الأسلحة إلى إسرائيل على شكل ما أسموه بـ"حالات" تمت الموافقة عليها بشكل سابق من قبل الوزارة والكونغرس.
وشملت شحنات الأسلحة الأخيرة، إرسال ذخائر أوزانها تتراوح بين 100 كلغم وتصل حتى طن، ولكن غالبيتها كانت من وزن حوالي ربع طن بحسب ما كشف مسؤول أميركي للصحيفة، كما تشمل الأسلحة طائرات أف-15 المقاتلة التي تستخدم لضرب الأهداف في غزة من الجو.
ووجه مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الجمعة، انتقادات شديدة لإسرائيل في قرار تضمن إشارة موضع جدل إلى "إبادة جماعية" في قطاع غزة، وطالب بوقف أي مبيعات أسلحة لإسرائيل.
وهذا أول موقف يتخذه مجلس حقوق الإنسان بشأن النزاع بين إسرائيل وحماس المستمر منذ السابع من أكتوبر.
وإن كانت نبرة النص بالغة الشدة حيال إسرائيل، إلا أن المجلس لا يملك وسائل ملزمة لفرض تنفيذ قراراته.
وصوت 28 من أعضاء المجلس الـ47 لصالح القرار الذي طرحته باكستان، غير أن توصيف "الإبادة الجماعية" أثار تحفظات وحمل بعض الدول على التصويت ضده أو الامتناع عن التصويت.
وصوت ستة من أعضاء المجلس ضد القرار بينهم الولايات المتحدة وألمانيا، فيما امتنعت 13 دولة عن التصويت بينها فرنسا والهند واليابان.
ويحض النص "كل الدول على وقف بيع ونقل وتسليم الأسلحة والذخائر وغيرها من المعدات العسكرية إلى إسرائيل ... لمنع انتهاكات جديدة للقانون الدولي الإنساني وانتهاكات لحقوق الإنسان".
ويدين النص "استخدام إسرائيل أسلحة متفجرة ذات أثر واسع النطاق في مناطق غزة المأهولة" واستخدام الذكاء الاصطناعي "للمساعدة في عملية اتخاذ القرار العسكرية" باعتبار أن ذلك "قد يساهم في جرائم دولية".
وحُذفت الإشارة إلى إبادة جماعية في عدد من فقرات النسخة الاصلية من النص، غير أنه ما زال يشير إليها إذ "يعرب عن قلق عميق حيال المعلومات التي تفيد عن انتهاكات بالغة لحقوق الإنسان، ولا سيما جرائم حرب محتملة وجرائم بحق الإنسانية"، وحيال "تصميم محكمة العدل الدولية التي ترى أن هناك مخاطر معقولة بحصول إبادة جماعية".
ويطالب القرار إسرائيل بـ"وضع حد لاحتلالها" الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية منذ 1967.
كما يطالب إسرائيل بـ"رفع حصارها فورا وكل أشكال العقاب الجماعي الأخرى عن قطاع غزة".
وأصدر مجلس الأمن الدولي أخيرا قرارا في نيويورك يدعو إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة، بفضل امتناع الولايات المتحدة، أقرب حلفاء إسرائيل، عن التصويت. غير أن النص لم يكن له أي تأثير على الأرض حتى الآن.
كما تبنى المجلس بغالبية ساحقة الجمعة قرارين آخرين بشأن إسرائيل التي تتهمه منذ فترة طويلة بالانحياز ضدها.
ويطالب أحد القرارين بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتحرك ضد عنف المستوطنين، ويندد الثاني باحتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان.