فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة على منزل في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة على منزل في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة

قال رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الثلاثاء، إن محادثات وقف إطلاق النار في غزة "وصلت لطريق مسدود" وإن "عملية رفح أعادت الأمور للوراء".

وأضاف محمد بن عبدالرحمن الذي يشغل أيضا منصب وزير الخارجية، خلال منتدى قطر الاقتصادي بالدوح، أنه "في الأسابيع القليلة الماضية، شهدنا بعض الزخم المتزايد، ولكن لسوء الحظ لم تتحرك الأمور في الاتجاه الصحيح ونحن الآن في حالة من الجمود تقريبا. بالطبع ما حدث في رفح أعادنا إلى الوراء".

وأوضح رئيس وزراء قطر أن بلاده ستستمر في الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس، بحسب ما نقلت وكالة رويترز. وتؤدي الدوحة مع القاهرة بجانب واشنطن، ذلك الدور في الصراع المستمر منذ 7 أشهر.

وقال محمد بن عبدالرحمن إن الدوحة لم توقف التفاوض بين إسرائيل وحماس رغم التحديات التي يواجهونها.

وفي سياق متصل، ذكر مسؤول مطلع لرويترز دون الكشف عن هويته، أن مدير المخابرات الأميركية سيتوجه إلى الدوحة لاجتماع طارئ مع رئيس وزراء قطر.

وشدد رئيس وزراء قطر أن مكتب حماس في الدوحة سيظل مفتوحا طالما استمرت الحرب وهناك حاجة للتواصل مع الحركة، لافتا إلى أنه يتعين أن تكون هناك حكومة فلسطينية واحدة في كل من الضفة الغربية وغزة بناء على توافق فلسطيني.

وعلى الصعيد الميداني، قال سكان إن دبابات إسرائيلية تتوغل، صباح الثلاثاء، شرق رفح ودخلت أحياء الجنينة والسلام والبرازيل.

وقال أحد السكان لرويترز عبر تطبيقٍ للمراسلة: "تقدمت الدبابات هذا الصباح غرب طريق صلاح الدين إلى داخل حيي البرازيل والجنينة. هم الآن في المنطقة المأهولة وهناك اشتباكات".

وأظهر مقطع فيديو منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي دبابة في شارع جورج بحي الجنينة. ولم تتمكن رويترز من التحقق من الفيديو.

وفي غضون ذلك، أفادت وزارة الصحة في قطاع غزة، الثلاثاء، بأن حصيلة الحرب بين إسرائيل وحماس ارتفعت إلى 35173 قتيلا منذ السابع من أكتوبر 

وقالت الوزارة في بيان إنه تم احصاء 82 قتيلا على الأقل خلال 24 ساعة، لافتة الى أن عدد الجرحى الإجمالي بلغ 79061 منذ بدء المعارك قبل أكثر من 7 أشهر.

وفي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، أفاد شهود ومراسلون في وكالة فرانس برس بتنفيذ القوات الإسرائيلية غارات جوية على مناطق مختلفة من غزة، فيما أعلن الدفاع المدني الفلسطيني سقوط 8 قتلى على الأقل في قصف استهدف مبنى بمخيم النصيرات (وسط).

كذلك، استهدفت غارات جوية رفح في جنوب القطاع المكتظة بنحو 1,4 مليون فلسطيني كان معظمهم لجأ إلى هذه المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر هربا من القصف والقتال في الأشهر الأخيرة، إلا أن جزءا منهم يهربون الآن منها بعد التهديدات الإسرائيلية بشن عملية كبيرة فيها.

وفي 7 مايو، توغل الجيش الإسرائيلي بدباباته في رفح وسيطر على الجانب الفلسطيني من معبرها. كذلك، أصدرت أوامر إخلاء للمدنيين الذين نزح نحو 360 ألفا منهم وفقا للأمم المتحدة.

في غضون ذلك، استمرت حركة نزوح كثيفة من رفح سيرا أو بمركبات وعلى دراجات أو في عربات تجرّها الدواب، لا يعرفون إلى أي يذهبون بعدما استحالت معظم مناطق القطاع ركاما جراء الحرب الأطول في تاريخ الصراع.

وقال مصطفى ديب وهو أحد سكان القطاع: "ليس هناك تجار في رفح كل الخدمات متوقفة. لا حياة هنا. أنا أبحث عن خبز منذ الصباح (لكنني) لم أجد لأطعم أولادي. لا أعرف إلى أين سأخذهم. رفح مدينة أشباح"، بحسب فرانس برس.

وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بالقضاء على حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ العام 2007، والتي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية".

ومن أجل تحقيق ذلك، يقول نتانياهو إن هجوم رفح ضروري إذ يعتبرها آخر معقل كبير للحركة، وذلك رغم مخاوف المجتمع الدولي بشأن السكان المدنيين.

وتعارض الولايات المتحدة هجوما واسع النطاق في رفح، حتى أن مسؤولين أميركيين شكّكوا في الأيام الأخيرة في إمكان القضاء على الحركة بالكامل.

والاثنين، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، "نحن نواصل العمل مع إسرائيل لإيجاد طريقة أفضل لضمان هزيمة حماس في كل أنحاء غزة، بما فيها رفح" بدلا من "رؤية إسرائيل تنزلق في حملة مكافحة تمرد لا نهاية لها".

الحرب دمرت مساحات كبيرة من قطاع غزة الفلسطيني (رويترز)
الحرب دمرت مساحات كبيرة من قطاع غزة الفلسطيني (رويترز)

مشهد ضبابي يخيّم على مصير اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ففي الوقت الذي من المفترض أن تبدأ فيه مفاوضات المرحلة الثانية بين إسرائيل وحركة حماس، تتعالى الأصوات المعارضة لذلك بين أعضاء في حكومة بنيامين نتانياهو.

وقال وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي، إنه سيعارض المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار واستعادة الرهائن.

واعتبر في مقابلة إذاعية، الإثنين، أن "المرحلة الثانية خطيرة للغاية، وتعني إفراغ السجون من الإرهابيين وإلغاء فكرة السجن مدى الحياة". 

وتابع: "المرحلة الثانية تعني أن محور فيلادلفيا يتم إخلاؤه، وهذا حدث لا يمكننا العيش معه. وأتفهم أن هناك إدراكاً أميركياً بأن المرحلة الثانية في ظل هذه الظروف غير واقعية. أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة القتال، والاستيلاء على الأرض هناك، وليس في شكل مداهمات تفرض علينا أثماناً باهظة".

وشدد الوزير الإسرائيلي على أنه "لا توجد طريقة لإنهاء الحرب دون استسلام حماس الكامل، ولا يوجد خيار آخر أمام دولة إسرائيل.. بعد ما فعلته هذه المنظمة بنا، لن نتمكن من العيش بجانبها وهي واقفة على قدميها".

وبدوره، قال وزير المالية الإسرائيلي، عضو المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت" بتسلئيل سموترتش، مساء الأحد، إنه يعارض الخوض في مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق.

واستطرد: "حكومتنا لن تستسلم لهذا الجنون، وستستمر في العمل بكل حزم من أجل إعادة كل المختطفين، لكنها لن تستسلم لحماس، ولن تتوقف لحظة واحدة قبل تدميرها بالكامل".

ومن المتوقع أن يلتئم المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية، مساء الثلاثاء، لبحث الموقف من المفاوضات حول المرحلة الثانية من الاتفاق، في ظل معارضة عدد من الوزراء للخوض فيها.

من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في مستهل اجتماع الحكومة، مساء الأحد، إن زيارته للولايات المتحدة "تضمنت إنجازات هائلة يمكنها ضمان أمن إسرائيل لأجيال".

وأضاف أنه اتفق مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على "ضرورة استكمال كل أهداف الحرب: القضاء على حماس، وإعادة كل الرهائن، وضمان أن غزة لم تعد تشكل تهديداً لإسرائيل، وإعادة كل السكان الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال على الحدود مع لبنان، وفي الجنوب بمحاذاة غزة، ومنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية".

وأشار نتانياهو إلى أن ترامب قدّم رؤية مختلفة "لليوم التالي"، "دون الحاجة لإشراك السلطة الفلسطينية في مستقبل غزة".

ويجري وفد إسرائيلي مباحثات في العاصمة القطرية الدوحة، حول تفاصيل فنية (تقنية) للاتفاق.

ويضم الوفد منسق شؤون الرهائن والمفقودين غال هيرش، وممثلين عن جهاز الأمن العام "الشاباك"، والموساد، والجيش.

وكان من المفترض أن تبدأ المفاوضات حول المرحلة الثانية في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي مطلع فبراير الجاري، قال مكتب نتانياهو، إن الأخير اتفق مع مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، على أن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من صفقة الرهائن "ستبدأ عندما يلتقيان في واشنطن"، خلال الزيارة التي تمت بالفعل.

وجاء الإعلان عقب نجاح الجولة الرابعة من عمليات تبادل السجناء والرهائن، حينها، التي شهدت إطلاق سراح 3 رهائن مقابل أكثر من 180 معتقلا فلسطينياً من السجون الإسرائيلية.

وينص اتفاق الهدنة المؤلف من 3 مراحل، على وقف الأعمال القتالية وانسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة. وتمتد المرحلة الأولى لـ6 أسابيع، وتشمل الإفراج عن 33 رهينة من غزة، مقابل نحو 1900 معتقل فلسطيني.

كما تتضمن انسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة بالسكان في القطاع، والتزاماً بزيادة المساعدات الإنسانية.

ملامح المرحلة الثانية

نص الاتفاق بشأن المرحلة الأولى على أن تبدأ الأطراف محادثات بشأن المرحلة الثانية عقب مرور 16 يوماً على بدء المرحلة الحالية، التي تستمر 42 يوما.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة غير واضحة، سبق أن أشار الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، إلى أن الانتقال إلى المرحلة الثانية سيكون مبنيا على نجاح المرحلة الأولى من الاتفاق.

كما شدد الرئيس السابق على أن "إسرائيل ستتفاوض خلال الأسابيع الستة المقبلة، على الترتيبات اللازمة للمضي قدما إلى المرحلة الثانية، والتي ستمثل النهاية الحاسمة للحرب".

وقال بايدن: "عندما تبدأ المرحلة الثانية، سيكون هناك تبادل لإطلاق سراح الرهائن المتبقين على قيد الحياة، بما في ذلك الجنود الذكور، وستنسحب كل القوات الإسرائيلية المتبقية من غزة. وعندها سيصبح وقف إطلاق النار المؤقت دائما".

وأكد بايدن أن وقف إطلاق النار يجب أن يستمر طالما استمرت المناقشات بشأن الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية، حتى لو استمرت أكثر من 6 أسابيع.

وتكتسب المرحلة الثانية أهمية استثنائية، كونها تمثل نقطة تحوّل في مسار الأزمة المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، ويرتقب أن تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء المتبقين، بمن فيهم الرجال دون سن الخمسين والجنود.

وفي الوقت نفسه، سيتم الإفراج بشكل جماعي عن سجناء فلسطينيين، بالتزامن مع استمرار انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.وتحويل وقف إطلاق النار المؤقت إلى دائم.

بينما من المفترض أن تتيح المرحلة الثالثة، إعادة إعمار قطاع غزة، وتحديد نموذج للحكم للقطاع الفلسطيني.