قضاة محكمة العدل الدولية من جلسة الجمعة
أمر المحكمة يدعو إسرائيل إلى وقف إطلاق النار

أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل، الجمعة، بوقف هجومها العسكري على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، بأمر حظي بموافقة لجنة من 15 قاضيا من جميع أنحاء العالم بأغلبية 13 صوتا مقابل صوتين.

ولم يعارض الأمر سوى قاضيين من أوغندا وإسرائيل نفسها، وهما على التوالي القاضية الأوغندية، جوليا سيبوتيندي و رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية السابق، أهارون باراك.

وسيبوتيندي أصبحت في 2012  أول امرأة أفريقية يتم تعيينها في محكمة العدل الدولية، فيما عين باراك بعد دعوى جنوب أفريقيا بموجب النظام الأساسي للمحكمة الذي ينص على أن الدولة التي ليس لديها قاض يحمل جنسيتها في هيئة المحكمة، يمكنها اختيار قاضيا للجلوس في قضيتها.

قضاة محكمة العدل الدولية
من هي القاضية الوحيدة في محكمة العدل التي رفضت الإجراءات ضد إسرائيل؟
لفتت القاضية الأوغندية، جوليا سيبوتيندي،  الأنظار إليها، حيث كانت الوحيدة من بين قضاة محكمة العدل الدولية، السبعة عشر، التي صوتت، الجمعة، ضد الإجراءات المؤقتة التي اتخذتها المحكمة ضد إسرائيل استجابة للدعوى التي رفعتها ضدها جنوب أفريقيا، بخصوص حربها في غزة.

ووقع الاختيار الإسرائيلي على البالغ من العمر 87 عاما، وهو أحد الناجين من المحرقة.

جوليا سيبوتيندي

عارضت  سيبوتيندي كل القرارات التي تضمنها أمر المحكمة الصادر في جلسة الجمعة التي كانت نائبة لرئيسها، القاضي نواف سلام، من لبنان، وهو عضو بالمحكمة منذ 6 فبراير 2018.

وقبل ذلك، كانت الوحيدة من بين قضاة المحكمة، التي صوتت يناير الماضي، ضد الإجراءات المؤقتة التي طالبت المحكمة إسرائيل بتنفيذها في خضم حربها على حماس في غزة.

وكتبت سيبوتيندي مبررة رأيها المخالف لزملائها بأن الإجراءات التي أعلنت عنها محكمة العدل الدولية  "ليس لها ما يبررها لأن اختصاص المحكمة يقتصر على اتفاقية الإبادة الجماعية ولا يمتد إلى الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي" وفق ما نقلت "شبكة أخبار "سي أن أن".

منذ تعيينها 2012 وإعادة تعيينها في عام 2021، خدمت سيبوتيندي في المحكمة خلال ثلاث قضايا إبادة جماعية أخرى. وفي الحالتين اللتين طلب فيهما اتخاذ تدابير مؤقتة، صوت سيبوتيندي لصالحهما. ويشمل ذلك قضية 2022 بين أوكرانيا وروسيا، التي صوتت فيها لصالح جميع التدابير المؤقتة الثلاثة التي تم تمريرها، والتي تضمنت مطالب بأن توقف روسيا عملياتها العسكرية في أوكرانيا على الفور.

وكانت حاضرة أيضا في جلسات الاستماع في نزاع بين بيرو وتشيلي حول الحدود البحرية للبلدين في محكمة العدل الدولية في لاهاي في 2012.

وقبل انضمامها إلى المحكمة، عملت في المحكمة العليا في أوغندا والمحكمة الخاصة لسيراليون، وفق تقرير عنها من موقع "غلوبال أفيرز".

وعن قرار المحكمة ضد إسرائيل يناير الماضي، بررت سيبوتيندي رأيها المخالف لزملائها بأن الإجراءات التي أعلنت عنها محكمة العدل الدولية  "ليس لها ما يبررها لأن اختصاص المحكمة يقتصر على اتفاقية الإبادة الجماعية ولا يمتد إلى الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي".

وإن كانت في جلسة يناير الماضي، المتعلقة بقضية الإبادة التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، الوحيدة من بين قضاة المحكمة، التي صوتت، ضد الإجراءات المؤقتة التي طالبت المحكمة إسرائيل بتنفيذها، ففي جلسة الجمعة انضم لها الإسرائيلي باراك ليمثل بلاده بموجب النظام الأساسي للمحكمة.

باراك.. اختياره لقي انتقادات داخلية

ولد باراك عام 1936 في ليتوانيا، وحينما كان صبيا تم تهريبه داخل كيس من الحي اليهودي (غيتو) في مسقط رأسه في مدينة كوفنو، بعد احتلالها من النازيين، والتي يطلق عليها حاليا كاوناس جنوب وسط البلاد.

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير سابق، إلى أن باراك هاجر مع والديه إلى الأراضي الفلسطينية عام 1947، قبل سنة واحدة من تأسيس إسرائيل.

وهو شخصية قضائية تحظى باحترام دولي كما ينظر إليه في إسرائيل، لكن اختياره لانضمام للمحكمة الدولية قوبل بانتقادات قوية من وزراء وسياسيين بارزين في اليمين المتشدد بسبب معارضته لخطة الإصلاح القضائي لحكومة بنيامين نتانياهو اليمينية.

وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن باراك لطالما تعرض للشتم من قبل الكثيرين في اليمين المتشدد بسبب نهجه النشط، وأدت تعليقاته ضد الإصلاح القضائي إلى مزيد من الانتقادات اللاذعة ضده من مؤيدي الخطة، و احتشد كل من المتظاهرين المؤيدين للإصلاح والمناهضين له خارج منزله عدة مرات على مدار العام.

وتم اقتراح اسم باراك من قبل مكتب المدعي العام في إسرائيل، وبدعم من المدعي العام غالي باهاراف ميارا وبموافقة شخصيا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفقا لما ذكرته القناة 12 الإسرائيلية.

شغل منصب المدعي العام الإسرائيلي من قبل، وعمل مفاوضا خلال محادثات السلام في كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر عام 1978، قبل تعيينه كرئيس للمحكمة العليا حتى تقاعده عام 2006.

ومن بين أبرز قراراته القانونية، حينما قرر كرئيس للمحكمة العليا في البلاد عام 1999، حظر معظم وسائل التعذيب التي تستخدمها الأجهزة الأمنية "لإجبار الإرهابيين المشتبه بهم على الإدلاء باعترافات".

والجمعة، أمرت محكمة العدل الدولية  إسرائيل بوقف هجومها العسكري في رفح، وإبقاء على معبر رفح مفتوحا لضمان وصول المساعدات الإنسانية "بدون عوائق في قرار من شأنه أن يزيد الضغط الدولي من أجل التوصل الى هدنة بعد أكثر من سبعة أشهر من الحرب.

ودعت أيضا إلى الافراج الفوري عن الرهائن الذين احتجزتهم حماس خلال هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر. 

ولاقى الأمر الذي أصدرته المحكمة ردود فعل غاضبة في إسرائيل، في حين رحبت به السلطة الفلسطينية وحماس.

صورة أرشيفية لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وسط مجموعة من الجنود
صورة أرشيفية لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وسط مجموعة من الجنود | Source: X/yoavgallant

وجه 130 جنديا إسرائيليا رسالة تحذيرية، أعلنوا فيها عزمهم على التوقف عن الخدمة العسكرية ما لم تبادر الحكومة بالعمل على إبرام صفقة لتبادل الرهائن ووقف إطلاق النار.

ووقع الرسالة، الموجهة إلى أعضاء الحكومة ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، جنود احتياط ومجندون من رتب ومناصب مختلفة، بما في ذلك سلاح المدرعات والمدفعية، وقيادة الجبهة الداخلية، وسلاح الجو والبحرية، حسبما نقلته صحيفة "هآرتس".

وجاء في الرسالة، أنه "أصبح من الواضح الآن أن استمرار الحرب في غزة لا يؤخر فقط عودة الرهائن من الأسر، بل يعرض حياتهم أيضا للخطر: لقد قُتل العديد من الرهائن بضربات الجيش الإسرائيلي، أكثر بكثير من أولئك الذين تم إنقاذهم في العمليات العسكرية".

وأوضح الجنود"نحن الذين نخدم وخدمنا بتفانٍ مع المخاطرة بحياتنا، نعلن بموجب هذا أنه إذا لم تغير الحكومة مسارها فورا وتعمل على التوصل إلى صفقة لإعادة الرهائن إلى ديارهم، فلن نتمكن من مواصلة الخدمة".

وأوردوا أنه"بالنسبة لبعضنا، تم تجاوز الخط الأحمر بالفعل، وبالنسبة للآخرين، فإنه يقترب بسرعة: يقترب اليوم الذي سنتوقف فيه، بقلوب مكسورة، عن الاستجابة للواجب".

وخلال إحياء ذكرى هجوم السابع من أكتوبر، الاثنين، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بـ"مواصلة القتال" حتى تحقيق أهداف الحرب التي اندلعت في قطاع غزة وامتدت إلى لبنان.

وقال نتانياهو في كلمة مسجلة "ما دام العدو يهدد وجودنا وسلام بلادنا، سنواصل القتال"،  مضيفا "طالما بقي رهائننا في غزة، سنواصل في القتال (...) لن أستسلم".

وتابع "لقد حددنا أهداف الحرب ونحن في طور تحقيقها: القضاء على حماس (في غزة)، إعادة كل الرهائن، الأحياء منهم والأموات. هذه مهمة مقدسة، لن نتوقف ما لم ننجزها".

وشدد على أن للحرب أهداف أخرى هي "القضاء على كل تهديد مستقبلي ضد إسرائيل من قطاع غزة"، و"إعادة كل السكان الى الجنوب والشمال بأمان الى منازلهم"، في إشارة الى الذين نزحوا جراء القتال في الجنوب حيث قطاع غزة، والشمال حيث الحدود مع لبنان.

وجاءت كلمة نتانياهو خلال مراسم مسائية في تل أبيب، مع عائلات وأقارب الأشخاص الذين قتلوا أو خطفوا خلال هجوم حماس.

وشنّت حركة حماس في السابع من أكتوبر، هجوما على جنوب إسرائيل، أسفر الهجوم عن مقتل 1205 أشخاص، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية، بما يشمل الرهائن الذين قتلوا أو لقوا حتفهم أثناء احتجازهم في قطاع غزة. 

وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

ورد الجيش الإسرائيلي بهجوم مدمّر على قطاع غزة تسبب بمقتل 41825 شخصا معظمهم من المدنيين، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.