حذر فيروز سيدوا، وهو طبيب أميركي مختص بجراحة الصدمات، من خطورة الأوضاع الصحية والإنسانية في القطاع الفلسطيني، وقال متحدثا لقناة "الحرة" من ولاية كاليفورنيا الأميركية، إن الأوضاع في غزة أصبحت أسوأ مما كانت عليه عندما كان يعمل متطوعا في المستشفى الأوروبي في غزة.
"عندما استولت إسرائيل على معبر رفح، انخفضت المساعدات. وأصبح الأمر أسوأ. كمية المياه للفرد أصبحت أقل. 14 بالمئة من سكان غزة لم يتم إبلاغهم بالإخلاء، وإسرائيل ركزت كل سكان غزة في منطقة المواصي. المسألة كارثة إنسانية، وهناك مرحاض واحد لكل خمسة آلاف نسمة، وهذا معيب"، يضيف سيدوا.
التحديات التي تواجه الكوادر الطبية
يقول سيدوا إن الدخول إلى غزة أصبح أكثير تعقيدا منذ استيلاء إسرائيل على معبر رفح، "إسرائيل تسيطر على كل من يدخل إلى غزة، الكل عليه أن يدخل من معبر كرم أبو سالم"، ويتابع أن "إسرائيل تقول إن عليك أن تخدم أربعة اسابيع في غزة وليس أسبوعا واحدا". ويقول إن من الصعب على من أي طبيب يريد الذهاب إلى غزة أن يحصل على إجازة من عمله لمدة أربعة أسابيع".
ورفض الإسرائيليون دخول أي شخص من أصل فلسطيني "حتى المواطنين الأميركييين والمواطنين الأوربيين إذا كانت جذورهم فلسطينية لا تسمح لهم إسرائيل بدخول غزة، وهذا سخيف".
"الإسرائيليون منعوا أكبر مجموعة من الناس المعنيين بالذهاب لمساعدة غزة" يقول سيدوا.
وعن تجربته في الدخول إلى غزة، قال سيدوا لقناة "الحرة": "عندما عبرنا معبر رفح، كنا نأخذ المعدات الجراحية والطبية في حقائبنا وإذا استطعنا وضعها في مركبة فان، فإننا نتمكن من إدخالها إلى غزة. الآن الأشياء تأتي عبر الأردن والضفة الغربية ثم كرم أبو سالم".
ويضيف أن السلطات الإسرائيلية لا "تسمح الآن بإدخال أكثر من 3 كيلوغرامات من الطعام تقريبا، وحقييبة وشنطة تُحمل على الظهر. يمكنك أن تأخذ ملابسك وأي أدوية شخصية لك، هذا كل ما في الأمر. لا يمكن أن تأخذ مضادات حيوية لأناس آخرين، أو معدات جراحية".
"هذا يجعل من المستحيل أن نقوم بأي عمل جيد حتى إذا وصلنا ودخلنا إلى غزة"، يتابع الخبير الجراحي.
مشاهد الكارثة
يصف الطبيب فيروز سيدوا الوضع في غزة بـ"الكارثي"، مضيفا أنه "تفاقم إلى حد كبير في المنطقة التي لدينا أكبر حاجة طبية وصحية في العالم".
يوثق سيدوا تجربته في غزة بالقول: "أشخاص لم يعالجوا منذ عشرة أشهر، وأطفال مصابون بأمراض معدية لا يحصلون على العلاج، وكذلك حوامل لا يمكنهن إرضاع مواليدهن، والرضع يموتون بعد نحو شهر من ولادتهم".
ويتابع "الوضع الصحي في غزة كان سيئا قبل السابع من أكتوبر، والآن أصبح أسوأ. المواليد يموتون حتى لو وجدنا حليب الأطفال، المياه مسمومة، وحوالي 90 ألف نسمة يحتاجون إلى العناية الطبية، لأنهم مصابون بجراح".
وعن إحدى الحالات الطبية، يقول سيدوا "وجدنا طفلة عمرها 9 سنوات مصابة بجراح بليغة، وتطلب علاجها أربعة جراحين، وساعتين أو ثلاث ساعات جراحة كل يوم على مدى عشرة أيام، فقط لجعل حالتها مستقرة. في نفس الوقت النظام الصحي يهاجم بشكل مباشر".
ويشير سيدوا إلى أن النظام الصحفي غزة "لم يكن قويا (أصلا)، وواضح أنه لا يمكن لأي نظام صحي يهاجم من قبل جيش ويستمر في العمل. المستشفيات لم تصمم لمواجهة هجمات خارجية، هذا كله يجعل الأمر في غزة بمنتهى السوء، وقاس بشكل لا ضرورة له، من الصعب أن نتخيل أو نبرر هذه الأشياء".
أثر التحذيرات الدولية
يقول سيدوا إن التحذيرات الدولية مفيدة، لكنه يرى أن المشكلة تكمن "في الولايات المتحدة". وقال إنه و44 طبيبا آخرين كتبوا رسالة إلى إدارة الرئيس جو بايدن بشأن ما رأوه وهم في غزة.
ويتهم سيدوا الإسرائيليين بأنهم "قرروا تدمير غزة، وإذا مات الجميع، لابأس، لا يهتمون، هم ليس لديهم القدرة على عمل ذلك، لكن من خلال الأسلحة والذخائر التي تزودها أميركا يوميا لإسرائيل، هي تستطيع عمل ذلك. نحن في أميركا علينا أن نضغط على القادة الأميركيين كي يعرفوا ما يجري".
في الرسالة، طلب سيدوا وزملاءه بفرض حظر أسلحة على أسرائيل وعلى المجموعات الفلسطينية، لأن الكارثة لا يمكن الدفاع عنها، "الطرفان يجب أن يتوقفا عن القتال وأن يجلسا وأن يعرفا كيف يعيشان سويا".
يشار إلى أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن أقدمت في التاسع من مايو على تعليق شحنة أسلحة لإسرائيل مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي هجمات على مدينة رفح المكتظة بالسكان. وأدت الخطوة إلى أزمة في العلاقات بين حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وإدارة بايدن التي طالما طالبت إسرائيل بتسهيل دخول المساعدات إلى الفلسطينيين المحاصرين في غزة.
وفي 18 يوليو، حذرت 13 منظمة غير حكومية في تقرير من "تعطل" وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي يشهد تكثيفا للعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ الأسبوع الماضي.
وحذرت "أطباء بلا حدود" وهي إحدى هذه المنظمات في بيان نقلت فيه أجزاء من التقرير من أن "الأحداث الأخيرة تؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في حين تستمر المنظمات غير الحكومية في مواجهة العقبات التي يفرضها استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية".
وفي التاسع من يوليو، قالت مجموعة من الخبراء المستقلين في مجال حقوق الإنسان المفوضين من الأمم المتحدة إن زيادة عدد الوفيات مؤخرا بين الأطفال بسبب سوء التغذية في قطاع غزة تشير إلى انتشار المجاعة في أنحاء القطاع، وفقا لوكالة رويترز.
وتقول السلطات الصحية في غزة إن 33 طفلا على الأقل لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية، معظمهم في المناطق الشمالية التي ظلت حتى وقت قريب تتعرض لأعنف قصف في الحملة العسكرية الإسرائيلية التي بدأت بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، وفقا لفرانس برس.
وقالت البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في جنيف، وقتها، إن البيان يصل إلى حد "المعلومات المضللة".
وأضافت "تعمل إسرائيل باستمرار على زيادة التنسيق والمساعدة في إيصال المساعدات الإنسانية في أنحاء قطاع غزة".