محور فيلادلفيا يقع على امتداد الحدود بين قطاع غزة ومصر
محور فيلادلفيا يقع على امتداد الحدود بين قطاع غزة ومصر

في ظل استمرار الجمود في المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس - المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، تبرز "خطة جديدة" قد تشكل منفذا للخروج من حالة الانسداد الراهنة، إذ تداولت تقارير إعلامية غربية مقترح نشر قوات فلسطينية مدرّبة أميركياً، على محور فيلادلفيا الحدودي، كبديل عن الجيش الإسرائيلي الذي يصر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، على الاحتفاظ بوجوده هناك.

ويأتي الترتيب الجديد في وقت تتصاعد الضغوط الداخلية والخارجية على نتانياهو للتوصل إلى اتفاق، فمن جهة، تتعالى الأصوات داخل إسرائيل مُطالبةً بإعطاء الأولوية لاستعادة الرهائن، ومن جهة أخرى، تبدي مصر اعتراضها على الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة الحدودية.

"العقبة الرئيسية"

وتظل مسألة انسحاب القوات الإسرائيلية من محور فيلادلفيا "عقبة رئيسية" في المفاوضات الجارية بشأن إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة، في ظل إصرار  رئيس الوزراء الإسرائيلي على بقاء القوات الإسرائيلية في الممر، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".

غير أن نتانياهو، قال، الأربعاء، إن الحكومة قد تناقش الانسحاب من محور فيلادلفيا في المرحلة الثانية من الصفقة مع حماس، إذا تم إثبات قدرة طرف ما على منع عمليات تهريب الأسلحة عبره.

وأشار رئيس الوزراء، خلال مؤتمر صحفي، إلى أنه "لا يرى أن ذلك سيحدث"، مؤكدا أنه إذا انسحبت إسرائيل، فلن تتمكن من استعادة المختطفين أحياء، وفقا لما أفاد به مراسل "الحرة" في تل أبيب.

وفي سياق متصل، كشف مسؤول أميركي بارز، للصحيفة الأميركية، أن قوة فلسطينية مدربة من طرف الولايات المتحدة هي الترتيب الأكثر احتمالا لتأمين الحدود وبالتالي تجاوز هذه النقطة الخلافية. 

كما أعلن الاتحاد الأوروبي استعداده لاستئناف دوره في مراقبة معبر رفح، بالتعاون مع السلطة الفلسطينية.

المحلل الإسرائيلي، شلومو غانور، يؤكد أن الاقتراح باستبدال القوات الإسرائيلية بـ"قوات أخرى إما عربية أو دولية أو غيرهما، قد يكون المخرج من المأزق الذي دخلت إليه المفاوضات".

وبشأن ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية، ستقبل بمثل هذا الاقتراح، يقول غانور في تصريح لموقع "الحرة"، إن "تفاعل ورد الإسرائيليين سيكون بعد تقديم كامل تفاصيله وطريقة تنفيذه"، معتبرا أن "الشيطان يكمن في التفاصيل".

ويوضح المتحدث ذاته، أنه "إذا نجح هذا المقترح في تهدئة المخاوف الإسرائيلية وحل مشكلة استمرار تدفق الأسلحة والذخيرة والصواريخ إلى غزة من صحراء سيناء، فلن يعارضه نتانياهو".

نتانياهو أكد أن إسرائيل لن تتخلى عن وجودها في محور فيلادلفيا
"بشرط واحد فقط".. نتانياهو يتحدث عن إمكانية الانسحاب من فيلادلفيا
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، الأربعاء، بأن الحكومة قد تناقش الانسحاب من محور فيلادلفيا في المرحلة الثانية من الصفقة مع حماس - المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، ولكن فقط إذا تم إثبات قدرة طرف ما على منع عمليات التهريب عبر المحور، وفقا لما أفاد به مراسل "الحرة" في تل أبيب.

وسيطرت إسرائيل على محور فيلادلفيا في مايو الماضي، وتقول إن حماس كانت تستخدمه لتهريب الأسلحة والمواد المحظورة عبر الأنفاق التابعة لها إلى غزة.

وقد أدى التقدم الإسرائيلي إلى إغلاق معبر رفح مما قلص المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة بشكل حاد وعطل معظم عمليات الإجلاء الطبي.

وتقول مصر إن الأنفاق التي كانت تستخدم للتهريب إلى غزة قد أُغلقت أو دُمرت وإنه يتعين أن يعود الوجود الفلسطيني لرفح، وإن منطقة فيلادلفيا العازلة مضمونة بموجب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل الموقعة عام 1979.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن الولايات المتحدة تدرك "الحاجة الحقيقية لإسرائيل لضمان عدم حصول تهريب عبر محور فيلادلفيا".

وأضاف "لكننا نعتقد أن هناك طرقا لحل" هذه القضية، داعيا حماس وإسرائيل إلى تقديم التنازلات اللازمة للتوصل إلى اتفاق.

في هذا الجانب، يقول الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حولتا، إن هناك بدائل متاحة لمعالجة "مسألة تهريب الأسلحة إلى حماس".

ويوضح لواشنطن بوست أن الحلول موجودة، لكنها تتطلب تنسيقا عبر "إبرام اتفاقيات مع الجانب الأميركي، والحصول على موافقة مصرية بشأن بعض النقاط الحساسة".

غير أن المشهد التفاوضي يبدو أكثر تعقيدا، وفقا لحولتا الذي أشار إلى أن أعضاء الوفد التفاوضي الإسرائيلي "منحوا" صلاحيات محدودة خلال جولة المباحثات الأخيرة في الدوحة، الأسبوع الماضي، ويشعرون بأن "زمام المبادرة dفلت من أيديهم".

وختم حولتا تصريحاته: "لو كان هناك أي احتمال لموافقة نتانياهو على هذه المقترحات، لكنا شهدنا تحركا ملموسا بالفعل"، في إشارة إلى أن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يزال يمثل العقبة الرئيسية أمام إحراز أي تقدم في المفاوضات.

ضغوط الداخل

ويواجه نتانياهو ضغوطا لإبرام اتفاق من شأنه إطلاق سراح الرهائن الذين خطفوا خلال هجوم حماس على مواقع ومناطق في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، في أعقاب إعلان السلطات الإسرائيلية، الأحد الماضي، العثور على جثث 6 رهائن قتلوا على أيدي حماس في نفق في جنوب قطاع غزة.

ويثير تشبث نتانياهو بـ"المحور" الذي يعرقل المفاوضات توترات متصاعدة، ليس فقط مع مصر، بل أيضا داخل إسرائيل، بعد أن تعالت أصوات مُعارضة من داخل المؤسستين السياسية والأمنية، تشدد على ضرورة إعطاء الأولوية القصوى لاستعادة الرهائن، على حساب نشر القوات في الممر الحدودي.

وفي مؤتمر صحفي، الثلاثاء، وجه بيني غانتس وغادي آيزنكوت، وهما سياسيان معارضان استقالا من مجلس وزراء الحرب في يونيو، انتقادات حادة لرئيس الوزراء، واتهماه بالتركيز على "ضمان مكانته السياسية عوض إعادة الرهائن".

في هذا الجانب، يقول غانور، إن "مواقف غانتس وآيزنكوت سياسية للغاية"، في حين أن المسائل والإشكالات المرتبطة بمحور فيلادلفيا والمفاوضات "أمنية تتعلق بأمن البلاد بدرجة أولى وليست سياسية".

بدوره، يقول موتي كهانا، وهو رجل أعمال إسرائيلي أميركي، يدير شركة "GDC" الأمنية الأميركية، إلى أن هناك بدائل حدودية قابلة للتطبيق في مسألة معبر فيلادلفيا، لكن يضيف أنه "لا توجد إرادة سياسية إسرائيلية لمتابعتها."

وأضاف  المتحدث ذاته لواشنطن بوست، أن شركات الأمن الخاصة كانت في مناقشات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين حول خطط لإعادة توظيف موظفين سابقين في السلطة الفلسطينية في غزة لإدارة معبر رفح".

"مرونة القاهرة"

ويثير موقف نتانياهو بشأن ممر فيلادلفيا أيضا توترات مع مصر، التي تعترض على أي وجود إسرائيلي هناك وحذرت من أنه ينتهك معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية لعام 1979.

الخبير المصري بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمر الشوبكي، يقول إن الجانب الأميركي يسعى منذ مقترح يوليو الماضي إلى سد الفجوات بين الطرفين، عبر أكثر من مقترح، غير أن جهود واشنطن وباقي الوسطاء تتعثر بسبب تعنت نتانياهو.

ويضيف الشوبكي في تصريح لموقع "الحرة"، أن مقترح تولي قوات فلسطينية مدربة أميركيا للبقاء على المحور مع مراقبة إسرائيلية "يبقى معقولا من أجل كسر الجمود الحاصل".

ويرى أن "الحجج الإسرائيلية بشأن بقاء قواتها لتفادي التهريب والمخاوف الأمنية لا أساس لها"، معتبرا أن "الأساسي هو أن هناك إرادة سياسية لدى مصر والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة من أجل منع عمليات التهريب عبر المحور".

ويشير إلى أنه طالما أن هناك نية وتوافق بين كل هذه الأطراف، "لا يوجد مبرر لبقاء قوات إسرائيلية"، معتبرا أنها "حجة يستعملها نتانياهو للمماطلة، وعدم تنفيذ وقف إطلاق النار مع الجانب الفلسطيني".

وبشأن الموقف المصري من الترتيب المقترح، يقول إن "القاهرة ستبدي مرونة في التعامل مع الموضوع"، مضيفا أنه "إذا انسحبت إسرائيل من المحور خلال المرحلة الثانية، لن يمثل الأمر أي مشكلة لها".

وفي سياق متصل، يشدد الجانب الإسرائيلي على أن مسألة السيطرة على ممر فيلادلفيا ليست النقطة الشائكة الوحيدة في المفاوضات، إذ اتهم نتانياهو حماس بـ"رفض كل شيء" في محادثات الهدنة.

وأوضح أن مسألة عدد السجناء الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل والذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل رهينة تطلق سراحها حماس، أو الفيتو الإسرائيلي المحتمل على إطلاق سراح بعض هؤلاء المعتقلين، هي واحدة من القضايا التي "لم يتم حلها" بعد.

والخميس، كشف موقع "أكسيوس" نقلا عن مسؤولين أميركيين، أن إحدى الأسئلة المحورية التي أثيرت خلال اجتماع الرئيس الأميركي، جو بايدن، مع فريق الأمن القومي، الاثنين الماضي، تمحورت حول إمكانية وجود صفقة لتحرير الرهائن ووقف إطلاق النار تلقى قبولا من حركة حماس.

وأشار الموقع ذاته إلى أن بايدن وكبار مستشاريه "صدموا" بعد قتل الحركة لست رهائن، من بينهم المواطن الأميركي، هيرش غولدبرغ-بولين، وبدأوا في إعادة التفكير في طريقة للمضي قدما في المفاوضات بشأن الصفقة.

وبحسب المصدر ذاته، فقد أثار مطلب حماس الجديد بزيادة عدد السجناء الفلسطينيين الذين تطالب بالإفراج عنهم المزيد من المخاوف والأسئلة بين المفاوضين الأميركيين بشأن ما إذا كان الاتفاق ممكنا.

أطفال يكتبون في دفاتر ملاحظات على أنقاض المباني المدمرة بالقرب من خيمة تستخدم كمركز تعليمي مؤقت لطلاب التعليم الابتدائي في جباليا في شمال قطاع غزة في 8 سبتمبر 2024.
أطفال يكتبون في دفاتر ملاحظات على أنقاض المباني المدمرة بالقرب من خيمة تستخدم كمركز تعليمي مؤقت لطلاب التعليم الابتدائي في جباليا في شمال قطاع غزة في 8 سبتمبر 2024.

قال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن ضربة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا، الأحد أودت بحياة محمد مرسي نائب مدير الدفاع المدني في شمال قطاع غزة وأربعة من أفراد عائلته.

وقال الدفاع المدني في بيان إن مقتل مرسي يرفع عدد أفراد الجهاز الذين قتلوا في الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر إلى 83.

ولم يصدر أي تعليق بعد من إسرائيل بشأن مقتل مرسي.

وذكر سكان أن قوات إسرائيلية فجرت أيضا عدة منازل في حي الزيتون في مدينة غزة على بعد خمسة كيلومترات من جباليا. وقالت فرق طبية إنها لم تتمكن من الاستجابة لنداءات استغاثة من بعض السكان الذين قالوا إنهم محاصرون داخل منازلهم وبعضهم مصاب.

وقال أحد سكان مدينة غزة، يعيش على بعد نحو كيلومتر واحد من حي الزيتون، "طول الوقت بنسمع انفجارات مستمرة في حي الزيتون، احنا بنعرف انهم (الجيش الإسرائيلي) بيدمروا البيوت هناك، احنا ما بننام من صوت الانفجارات، صوت الدبابات العالي والزنانات (الطائرات المسيرة) اللي ما بتتوقف عن التحليق".

وأضاف لرويترز عبر تطبيق تراسل رافضا نشر اسمه "الاحتلال بينفذ إبادة لحي الزيتون، واحنا خايفين على حياة الناس اللي محاصرة هناك".

وفي وقت لاحق من مساء اليوم الأحد، قالت وزارة الصحة في غزة إن غارات شنها الجيش الإسرائيلي تسببت في مقتل 15 شخصا على الأقل في أنحاء القطاع.

وأشار سكان في وسط قطاع غزة وجنوبه إلى انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات.

وقالت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) في رسالة "نأسف للإعلان عن توقف خدمات الإنترنت المنزلي في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، بسبب العدوان المستمر".

وأضافت "طواقمنا تعمل جاهدة على إعادة الخدمات بأسرع وقت ممكن".

وتواصل إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) تبادل الاتهامات بخصوص إفشال جهود الوساطة التي تضطلع بها قطر ومصر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وتستعد الولايات المتحدة لتقديم اقتراح جديد، لكن احتمالات إحراز تقدم كبير تبدو ضئيلة في ظل وجود نقاط خلاف كبيرة بين الجانبين.

وفي الوقت نفسه مددت الأمم المتحدة اليوم الأحد حملة تطعيم الأطفال في جنوب غزة لمدة يوم واحد بالتعاون مع سلطات الصحة المحلية قبل أن تنتقل غدا الاثنين إلى شمال القطاع.

وتهدف الحملة إلى تطعيم 640 ألف طفل في غزة بعد ظهور أول حالة شلل أطفال منذ نحو 25 عاما. وسمحت فترات توقف محدودة في القتال للحملة بالاستمرار.

وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إن الحملة تحرز تقدما، إذ وصلت إلى أكثر من نصف الأطفال المحتاجين للتطعيم في المرحلتين الأولى والثانية في جنوب ووسط قطاع غزة. وستكون هناك حاجة إلى جولة ثانية من التطعيم بعد أربعة أسابيع من الجولة الأولى.

واندلعت أحدث جولة من القتال في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود في السابع من أكتوبر عندما شنت حركة حماس هجوما على إسرائيل التي تقول إنه تسبب في مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة.

وردت إسرائيل منذ ذلك الحين بحملة عسكرية على غزة قالت وزارة الصحة في القطاع إنها أودت بحياة أكثر من 40900 فلسطيني ونزوح جميع سكان غزة تقريبا البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، كما أوجدت أزمة جوع وأثارت اتهامات بالإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية، والتي تنفي إسرائيل ارتكابها.

وتعلن وزارة الصحة الفلسطينية عن أعداد القتلى دون التمييز بين المسلحين والمدنيين، لكن مسؤولي الصحة يقولون إن معظم القتلى مدنيون.

وتقول إسرائيل إن الحرب تسببت في مقتل 340 من جنودها في غزة، وإن ثلث القتلى الفلسطينيين على الأقل من المقاتلين.