Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu stands before a map of the Gaza Strip, telling viewers that Israel must retain…
نتانياهو يصر على البقاء في محور فيلادلفيا ضمن أي اتفاق

تُخرِج الإدارة الأميركية من جعبتها مقترحاً جديداً لـ "جسر الهوة" بين إسرائيل وحماس، وتسهيل إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. فهل نحن أمام مقترح آخر ضمن الإطار العام لاتفاق وقف النار، أم أمام "مقترح الفرصة الأخيرة" كما أسماه البعض؟

ديفيد شنكر وخليل جهشان ناقشا هذا الموضوع في برنامج" عاصمة القرار" على قناة الحرّة.  

شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، وكبير باحثين في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى".  

خليل جهشان هو المدير التنفيذي لـ "المركز العربي في واشنطن". ومن القاهرة، شارك في جزء من الحوار، أشرف أبو الهول، مدير تحرير صحيفة الأهرام المصرية.

أفكارٌ جديدة وعتب أميركي على نتانياهو

أبدى الرئيس جو بايدن عتبه على صديقه بنيامين نتانياهو الذي "لا يفعل ما يكفي للتوصل إلى اتفاق وقف النار" في غزة. اتفاقٌ يقول بايدن أنه بات قريب المنال. لذلك "نحن نواصل المفاوضات مع فريق نتانياهو، وليس مع نتانياهو شخصياً"، كما قال الرئيس الأميركي.

الإدارة الأميركية أبدت عتبها على حليفها نتانياهو، لكن ملامتها دائماً تقع على يحيى السنوار وحماس، الحركة "الإرهابية" في التصنيف الأميركي والتي وجهت واشنطن لقادتها تهمة "تمويل وإدارة عمليات قتل مواطنين أميركيين وتهديد أمن الولايات المتحدة على مدى عقود".

المشرعون الجمهوريون في الكونغرس انتقدوا الرئيس بايدن لعتبه على نتانياهو. يقول النائب الجمهوري دان كرينشاو:"لا يعي بايدن الصراع بين إسرائيل وحماس. والحقيقة المرة هي أن ما يقوم به بايدن من تقويض لعمل نتانياهو والحكومة الإسرائيلية ليس خاطئا فحسب، بل خطير، لكونه يقوي دعاية حماس ويؤخر التوصل لأي اتفاق سلام".

وفي المقابل، يتمنى السناتور الديمقراطي كريس فان هولين أن يكون هناك بصيص أمل للخروج من هذا النفق المظلم، حل فيه "المزيد من الأمن لإسرائيل، وضمان ألّا يكون لحماس حضور في غزة، وجلب السعودية إلى طاولة المفاوضات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، في الوقت الذي نقيم فيه دولة فلسطينية. الوسيلة التي يمكن من خلالها إنهاء هذه الحرب هي القبول بالمقترح الذي عرضه الرئيس بايدن".

اتفاق شبه جاهز.. ومستحيل

يؤكد وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، أن "الطرفين وافقا على تسعين بالمئة من الاتفاق، ولكن بعض القضايا الحرجة لا تزال عالقة، وقد تمّت مناقشة معظمها مؤخراً، بما في ذلك ممر فيلادلفيا، وبعض التفاصيل الدقيقة حول كيفية تبادل الرهائن والسجناء".

ومع تفاؤله الحذر، ذكَّر بلينكن إسرائيل وحماس بمسؤولياتهما، لا سيما أنه "يقع على عاتق كلا الطرفين مسؤولية التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا المتبقية. ونحن في مناقشات نشطة للغاية مع شركائنا في هذا الجهد، مصر وقطر. وقريباً، سنشارك مع إسرائيل وحماس أفكارنا حول كيفية حل القضايا العالقة المتبقية. وبعد ذلك سيكون الوقت مناسباً حقاً للطرفين لاتخاذ قرار بنعم أو لا".

الولايات المتحدة منخرطة في مشاروات مستمرة من أجل التوصل إلى اتفاق وقف نار نهائي. تقدم واشنطن وشركاؤها مصر وقطر، مقترحات جديدة، وتقترح نقاطاً وطرقاً للتوافق بين إسرائيل وحماس، تتضمن انسحاب الجيش الإسرائيلي من جميع المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في المرحلة الأولى، وهذا يشمل تلك المناطق الواقعة على طول محور فيلادلفي وما حوله، و"هذا هو الاقتراح الذي وافقت عليه إسرائيل"، كما يقول جون كيربي، مستشار الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي.

محور فيلاديلفيا... عقدة نتانياهو

جعل نتانياهو من محور فيلاديلفيا عقدة الاتفاق. فما هي الأفكار الأميركية الجديدة لحلّها؟
يتم التركيز الآن على مشكلة واحدة، يقول شنكر، وهي الجدل بشأن محور فيلادلفيا. "إسرائيل تقول، وأنا متأكد أنهم قدموا الدليل للولايات المتحدة، أنه لا تزال هناك أنفاق ما بين غزة وسيناء. مصر قالت إنها دمرت أنفاقاً في 2015، والإسرائيليون وجدوا عشرات الأنفاق الجاهزة. لا فائدة لهذه الحرب إن تمكنت حماس من الاستمرار في التسلح، وتجهيز نفسها بالأسلحة والصواريخ والمواد الحربية. تحاول الولايات المتحدة الوصول إلى حلول توافقية لهذه النقطة الشائكة. ربما وضع قوات دولية على الجانب المصري. ولكن هذا لا يزال موضوعاً شائكاً بالنسبة لإسرائيل".

لا يعتقد خليل جهشان أن "التأخر والتمويه والتأجيل يخدم مصلحة أي طرف سوى طرف واحد هو نتانياهو. سياسياً وشخصياً، نتانياهو غير معني بهذا الاتفاق لأسباب شخصية. وقد حاول منذ البداية أن يجد عذراً لهذا التمويه ولهذا التأخير. محور فيلادلفيا لم يُذكر أبداً من قبل. فمنذ بداية الجولات الأولى من هذه المفاوضات، لم نسمع أي شيء عن هذا المحور، ولم يكن محور فيلادلفيا مهما لإسرائيل، لكن فجأة بدأ الحديث عن ضرورة وجود وبقاء قوات إسرائيلية في محور فيلادلفيا، رغم تعهدات الطرفين المصري والأميركي، وأطراف عربية أخرى عربية بضمان سلامة هذا المحور.

اعتقد أن التمسك بهذا الموضوع هو "عذر أقبح من ذنب"، يحاول نتانياهو أن يخفي به عدم الالتزام بما تعهد به للرئيس بايدن. ومحاولة الانسحاب مما تعهد به في الماضي لوزير الخارجية الأميركي. ومن هنا كان جواب بايدن واضحاً بأن نتانياهو لا يقدم التعاون الكافي للمضي قدماً في هذا الاتفاق. فنتانياهو هو العائق في التوصل إلى اتفاق".

يؤيد بريت ستيفنز، الكاتب في نيويورك تايمز، موقف نتانياهو الرافض للاستجابة لمطلب حماس بانسحاب إسرائيل من محور فيلاديلفيا في إطار أي صفقة بشأن الرهائن، معتبرا أن "حماس نجحت في شن هذه الحرب وما خلفته من قتلى في صفوف الإسرائيليين والفلسطينيين بسبب حفاظها على خط تدفق للإمدادات اللوجستية عبر الحدود مع مصر".

ويضيف ستيفنز أن التخلي عن المحور يعني عودة سيطرة حماس على الغزاويين، وتكرارِ الحرب. فالاتفاق بشأن الرهائن هو "حبة سم لإسرائيل" حسب تعبير الكاتب الأميركي بريت ستيفنز.

من القاهرة، قال أشرف أبو الهول، إنه بعد أن سيطرت حماس على السلطة في غزة، حفرت أنفاقاً في محور فيلاديلفيا. ومصر تضررت من هذه الأنفاق بعد ثوره 25 يناير. حيث تم تهريب السلاح والإرهابيين عبر الأنفاق. ولكن الدولة المصرية قامت بجرف المنطقة المجاورة للحدود لمسافه ثلاث كيلومترات. وأقامت منطقة عازلة، وأغلقت فتحات الأنفاق في الجانب المصري. كل هذا، يضيف أشرف أبو الهول، وما "زال نتانياهو مصراً على أن أنفاق محور فيلادلفيا ما زالت تعمل، رغم نفي قادة الجيش الإسرائيلي لذلك.  فمبررات نتانياهو سياسية، كي يبرر للإسرائيليين فشله في حرب غزة".

هناك الآن بعض الحلول ومنها أن تنسحب القوات الإسرائيلية، وتقام مجسات وأماكن لرصد أي حفر جديد في المحور. لكن "نتانياهو يحاول أن يضخم من وضع المحور لتعطيل المفاوضات وتعطيل الاتفاق. الكل يعرف أنه من أجل الوصول إلى حلّ لا يمكن أن تبقى إسرائيل في محور فيلاديلفيا" برأي أشرف أبو الهول، مدير تحرير الأهرام المصرية.

استمرار الحرب ينقذ نتانياهو والسنوار

شنكر وجهشان اتفقا على أن محور فيلاديلفيا لم يكن محط اهتمام كبيرا من قبل إسرائيل، ونتانياهو تحديداً.  ولم نسمع عن هذا الموضوع سابقاً. لا أعرف حوافز رئيس الوزراء الإسرائيلي، يقول شنكر، وبالتأكيد فإن "إطالة أمد هذه الحرب، والتأخير في الانتخابات الإسرائيلية يجعل رئيس الوزراء يبقى في السلطة، ولا يواجه احتمال ذهاب نتانياهو إلى السجن. السنوار أيضا لديه مصلحة في تمديد أمد الحرب. فكلما طالت الحرب، كلما كانت هناك فرصه لتوسيع النزاع ورد إيراني انتقامي على مقتل هنية، الذي اغتيل في طهران.  وأيضا تصعيد بين إسرائيل وحزب الله. الحقيقة أننا لا نعرف لماذا أثير موضوع محور فيلاديلفيا الآن. أو هل أثير في مناقشات سابقة. لكنه لم يكن موجوداً في الاتفاق".

لا يعتقد خليل جهشان أن "هناك أفكاراً أميركية جديدة فيما يتعلق بالاتفاق. بل هناك اجترار لنفس الأفكار التي تحدثنا عنها منذ أسابيع ومنذ أشهر. نعم هناك محاولة دبلوماسية أميركية لجسر الهوة بين تفسير الطرفين للاتفاق المعروض، لا سيما التغيير في مواقف الطرفين. لذلك تحاول الآن الإدارة الأميركية أن تتغلب على المشكلة التي خلقتها لنفسها عبر التساهل مع إسرائيل منذ البداية. مما سمح لنتانياهو بأن يُجيّر المشروع لصالحه".

يستبعد الكاتب الأميركي زاك بيشامب سقوط الائتلاف الذي يقوده نتانياهو ما لم تحدث داخله انشقاقات. رغم رغبة سبعين في المئة من الشارع الإسرائيلي في استقالة نتانياهو، والمظاهرات المناوئة له ولحكومته. ويضيف بيشامب أن "اليمين المتطرف في حكومة نتانياهو يضغط من أجل مواصلة الحرب مهما كلّف الثمن، وهو ما ينصاع له نتانياهو. في المقابل، لا تبدو المعارضة الإسرائيلية، ممثلة بأحزاب الوسط واليسار والعرب الإسرائيليين، قادرة أو راغبة في توظيف الزخم الشعبي إلى أقصى حد للإطاحة بحكومة نتانياهو. فإسقاط الائتلاف الحاكم يتطلب من المعارضة التحلي بالشجاعة السياسية، وهو ما ينقصهم لحد الآن".

يتجاهل نتانياهو الاحتجاجات الكبيرة من أجل التوصل لوقف إطلاق النار في غزة ما سيسمح بالإفراج عن الرهائن وهم أحياء. لأن "ما يريده نتانياهو هو حرب بلا نهاية لكي يستمر في السلطة". حسب تعبير كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة "هيومن رايتس واتش".

إلى ذلك يضيف الباحث الأميركي مات داس، أن الأمر كان واضحاً منذ أشهر أن نتانياهو سيواصل عرقلة اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن إذا لم يتعرض لأي عواقب، وهو ما يرفض بايدن فرضه. إن "مشروع قانون السناتور ساندرز لحظر السلاح لإسرائيل قد يفرض أخيرا كلفة على نتانياهو، وقد يكون هو أفضل فرصة لدينا لإنهاء الكارثة في غزة".

بايدن والضغط على نتانياهو وحماس

يجزم خبراء في واشنطن أن بايدن يتعمد عدم توظيف أوراق الضغط الكثيرة التي لديه على نتانياهو. وبالمقابل، ينتقد الجمهوريون "تساهل بايدن مع حماس مقابل قساوته تجاه إسرائيل". فهل ما زال بالإمكان، وهل هناك أدوات لم تستخدم من قبل إدارة بايدن حتى الآن مع إسرائيل أو مع حماس؟

يقول ديفيد شنكر إن أدوات التأثير الأميركي على حماس محدودة. كان "هناك حديث سابقاً عن الضغط على قطر لطرد قيادة حماس من الدوحة. لا أعرف إن كانت الأمور ستتحسن في التعامل مع حماس لو كانت قيادتها في طهران. ربما هذا أسهل على إسرائيل أن تقتلهم في طهران. ولكن هناك فائدة محدودة من إرغام قيادة حماس على الخروج من قطر".

بالنسبة للضغط على إسرائيل يضيف شنكر، "كل شيء أو لا شيء، هناك في نهاية المطاف نوع من الحدود على مبيعات الأسلحة، أو تقديم المساعدات، أو التعاون، أو عدم جلب سفن بحريه أميركية إلى المتوسط. ولكن هذا آخر ملجأ."

يعتقد خليل جهشان أن هناك أدوات كثيرة متاحة أمام بايدن للضغط على إسرائيل ـ لكن الرئيس الأميركي "لم يستعمل منها سوى بعض الانتقادات العلنية، من هنا وهناك، وهذا غير معهود بسبب طبيعة العلاقة الخاصة بين واشنطن وإسرائيل. ولكن منذ البداية اعترف مساعدو الرئيس بايدن بأنه مُزمع أن لا يضغط على إسرائيل، لأنه يتبنى الموقف الأميركي التقليدي، وهو أن الولايات المتحدة لا تعترف بأن لديها القدرة للضغط على إسرائيل".

يجادل مارك بين، المستشار السابق للرئيس كلينتون، بأن إسرائيل قبلَت مرتين بالشروط الأميركية بينما رفضتها حماس. من "المشين أن يعتبر الرئيس بايدن أن إسرائيل لا تقوم بما يكفي للتوصل إلى وقف إطلاق النار. إن بايدن هو من لا يقوم بما يكفي لثني ثعابين حماس الشريرة التي تختبئ في الأنفاق عن تصفية الرهائن".

إعادة السلام لغزة... قوات عربية؟

يناقش الكاتب في فورين أفيرز جوناثان لينكولن، سيناريو نشر قوات دولية لضمان الالتزام بوقف إطلاق النار، وسبل تفادي اندلاعه من جديد. ويعتبر أن هذا الخيار يبدو بعيداً، لكن "المؤشرات تدل على أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية ودولا عربية باتت متقبلة للفكرة".

ويرى الكاتب أن غزة "بحاجة إلى قوات حفظ سلام مثل كوسوفو أو تيمور الشرقية، بحيث يتم انخراط طيف واسع من الوكالات الدولية.  وتوكل لها مهام عدة مثل حفظ الأمن والإدارة، وتقديم الخدمات الضرورية وغيرها". ويقول لنكولن إنه سيتعين على واشنطن إعادة مد جسور التواصل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والوكالات الأممية لتسهيل تدفق التمويل وتقديم المساعدات للمدنيين.

يطرح ديفيد شنكر السؤال حول كيفية جعل السلطة الفلسطينية تعود وتحكم غزة من جديد في خضم ما يمكن أن يكون عشرات الآلاف من أعضاء حماس المسلحين الذين لا يريدون التخلي عن حكم غزة منذ سيطرتهم عليها بالقوة في عام 2007 ولا يرغبون في مغادرتها.  والأمر "سيكون حافلا بالتحدي وسيتطلب فترة طويلة من الالتزام من جانب المجتمع الدولي لإنجاح هذه التجربة"، برأي مساعد وزير الخارجية السابق.

من جهته، يعتقد خليل جهشان، أنه ليس هناك إجابة واضحة حول مستقبل قطاع غزة.  لأن هذه الحرب إذا استمرت ستكلف الجميع مليارات الدولارات.  فطبعا من مصلحة الجميع أن يتم التوصل إلى اتفاق. وبإمكاننا التفاؤل "لو كان هناك نيات حسنة من جميع الأطراف، بمن فيهم الطرف الأميركي. حتى الآن ليس هناك وضوح رؤية بالنسبة لما هو مطلوب من الأطراف وما هو ممكن وغير ممكن" فعله هناك.  

يضع حادث قتل حماس لست رهائن، إدارة بايدن أمام ضرورة إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة وأن الحرب الإقليمية وإن تم تفاديها، فخطر اندلاعها ما يزال قائماً. فرغم ضبابية المشهد بخصوص التوصل لاتفاق، لكن كبير المفاوضين الأميركيين في الاتفاق ويليام بيرنز، كشف على إن العمل جار على تقديم مقترح "أكثر تفصيلا" بشأن وقف إطلاق النار في غزة خلال الأيام المقبلة. وأضاف مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، أن واشنطن "تأمل أن يتم ذلك في الأيام المقبلة وهذه مسألة إرادة سياسية".
فأي إرادة سياسية ستنتصر على أعتاب انتخابات رئاسية فائقة الأهمية.

واشنطن أكبر المانحين للمدنيين الفلسطينيين في غزة . أرشيفية
واشنطن أكبر المانحين للمدنيين الفلسطينيين في غزة . أرشيفية

"سنة الحزن"، هكذا وصفت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس إيد"، سامنثا باور، ذكرى السابع من أكتوبر، التي تسببت بحرب غزة وأسفرت عن مقتل مئات الإسرائيليين وآلاف الفلسطينيين.

وقالت في بيان إن "التكلفة البشرية للحرب، التي بدأت بسبب هجمات السابع من أكتوبر، منذ سنة لا يمكن تصورها"، إذ تم "قتل رجال ونساء وأطفال أبرياء في جميع أنحاء المنطقة".

وأضافت "نرثي كل أولئك الذين فقدوا أرواحهم في إسرائيل والضفة الغربية ولبنان وكذلك عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين الذي قتلوا في غزة، بما في ذلك أكثر من 11 ألف طفل".

المساعدات الأميركية في "سنة الحزن"

عراقيل كثيرة أمام شاحنات المساعدات المتجهة إلى غزة . أرشيفية

في تصريح لموقع "الحرة" كشف المتحدث باسم "يو إس إيد" أن الولايات المتحدة أرسلت مساعدات إنسانية لغزة بأكثر من مليار دولار، بما في ذلك مساعدات بـ 656 مليون دولار أرسلت عن طريق الوكالة.

وقالت باور إن "الولايات المتحدة كانت وما زالت أكبر مانح للمساعدات إلى الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر 2023".

وأعربت الوكالة عن "قلق عميق" تجاه الاحتياجات الإنسانية الهائلة، والأوضاع التي يمر بها المدنيون في غزة.

عربي| English منذ السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر، قدمت الحكومة الأمريكية أكثر من 1 مليار دولار لتمويل المساعدات...

Posted by USAID West Bank/Gaza on Wednesday, October 2, 2024

وأكدت أن الـ "يو إس إيد" وشركاءها يواصلون العمل لتوفير الغذاء والمساعدات الإنسانية الحيوية للسكان في غزة، مشيرة إلى أنه تم توزيع أكثر 6.7 مليون وجبة طعام في غزة خلال أغسطس الماضي.

وفي مارس الماضي، كانت باور أعلنت تقديم الولايات المتحدة 53 مليون دولار إضافية على شكل مساعدات إنسانية ذات حاجة ماسة إليها لسكان غزة والضفة الغربية المتأثرين من الصراع المستمر.

ويعاني الكثير من الناس في غزة من الجوع والمرض والبرد، وقد نزحوا من منازلهم ويقتربون من فصل الشتاء دون مأوى يذكر، بحسب باور.

خطر المجاعة قائم

نصف مليون شخص مهدد بالمجاعة في شمال قطاع غزة

وأشار المتحدث باسم الوكالة إلى تقرير التصنيف المرحلة المتكامل للأمن الغذائي، والذي صدر أواخر يونيو والذي يكشف عن "خطر كبير من حدوث مجاعة في قطاع غزة بأكمله، إذا ما استمر الصراع أو ظلت العقبات أمام وصول المساعدات الإنسانية.

عربي | English بدعم من #الوكالة_الأمريكية_للتنمية_الدولية والجهات المانحة الأخرى، قامت اليونيسف في النصف الأول من عام...

Posted by USAID West Bank/Gaza on Tuesday, August 27, 2024

وأوضح أنه "بصرف النظر عن إعلان المجاعة أو تصنيفها، هناك معاناة إنسانية هائلة، تؤدي إلى الجوع والوفيات المرتبطة بالجوع"، ناهيك عن تزايد "خطر الأوبئة، ما يجعل السكان أكثر عرضة للمجاعة".

ودعت الوكالة إلى "اتخاذ إجراءات فورية لتوفير إيصال المساعدات الغذائية والمياه والخدمات الصحية بشكل منتظم"، وتوفير المساعدة للبنية التحتية بتوفير "المياه والصرف الصحي" لتخفيف المعاناة.

اندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر إثر شن حماس هجوما غير مسبوق داخل إسرائيل أسفر عن مقتل 1206 أشخاص، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وتنفذ إسرائيل منذ ذلك الحين حملة قصف عنيفة وعمليات برية بهدف القضاء على حماس التي تتولى السلطة في القطاع الفلسطيني منذ 2007.

وتسبب الرد الاسرائيلي في مقتل 41965 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب بيانات وزارة الصحة التابعة لحماس، وتدمير أو تضرر ثلثي مباني غزة، وفقا للأمم المتحدة، ونزوح غالبية سكانه البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة.

تحديات أمام إيصال المساعدات

الشاحنات تدخل غزة بعد تفتيش إسرائيلي

وحددت الوكالة مجموعة من التحديات التي تواجههم في إيصال المساعدات، والتي في مقدمتها الدمار الذي لحق بالبنية التحتية في قطاع غزة ما تسبب بسوء حالة الطرق، وتعرض بعض القوافل إلى النهب من قبل جهات مسلحة.

وأشارت إلى تأثير كبير للعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي على إيصال المساعدات، ناهيك عن عمليات الإغلاق والتأخير عند المعابر الحدودية ونقاط التفتيش، وإعاقة توصيل المساعدات الحيوية للفلسطينيين المدنيين في غزة.

وتدعو باور، مديرة الوكالة، ومسؤولون في الإدارة الأميركية الحكومة الإسرائيلية إلى "تبسيط عمليات عبور قوافل المساعدات عبر الحدود ونقاط التفتيش".

وأوضحت الوكالة الأميركية أنها "ركزت بشكل حثيث على إيصال المساعدات بكل الطرق المتاحة، عن طريق المعابر البرية التي تعتبر الطريقة الأكثر فعالية، وأيضا عن طريق الجو والبحر".

وتصر إسرائيل على أنها تسمح بدخول ما يكفي من الغذاء لإطعام جميع سكان غزة.

عربي | English بدعم من #الوكالة_الأمريكية_للتنمية_الدولية، حصلت حوالي 1,000 أسرة في شمال #غزة على أغطية ومفروشات وشوادر...

Posted by USAID West Bank/Gaza on Thursday, August 22, 2024

وتحدثت الوكالة عن أهمية إيجاد "بيئة عمل داخل غزة تسمح بوصول المساعدات بشكل آمن وفعال" للمدنيين في القطاع، داعية الحكومة الإسرائيلية لفتح "المجال أمام إيصال المساعدات، واتباع كل ما هو متاح لتقليل أخطار الإصابات بين المدنيين وعمال الإغاثة".

وقالت باور إن الموظفين "في جميع أقسام الوكالة الأميركية تأثروا بشدة بالمذبحة والصدمة التي وقعت في السابع من أكتوبر والسنة الماضية من الحرب والأزمة الإنسانية، بما في ذلك الوفيات المروعة والإصابات الخطيرة للعائلة والأصدقاء في إسرائيل وغزة ولبنان".

وأضافت أن موظفين ومتطوعين في غزة تابعين لشركاء "يو إس إيد" من بين أولئك الذين أصيبوا وقتلوا خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية.

وحذرت منظمات غير حكومية دولية، الثلاثاء، من أن العاملين الإنسانيين في قطاع غزة يسعون إلى البقاء على قيد الحياة فحسب في ظل اضطرارهم للتعامل باستمرار مع الحرمان والتكيف مع انعدام الأمن.

وسجل العاملون في المجال الإنساني بشكل عام خسائر كبيرة في الأرواح، فمنذ بداية الحرب، وخلال سنة، قتل من بينهم أكثر من 280، معظمهم من موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بحسب المنظمة الدولية.

ومنذ مطلع 2024، قتل 227 عاملا في المجال الإنساني في العالم، بينهم 139 في الأراضي الفلسطينية بحسب "قاعدة بيانات أمن عاملي الإغاثة" التي يستند إليها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وشددت باور على الدور الأميركي ومساعيه من أجل "التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار من شأنه أن يعيد الرهائن إلى وطنهم وينهي الحرب في غزة".