سلمت حركة حماس 4 جثث لرهائن إسرائيليين لديها، من بينهم جثتا الرضيع كفير بيباس وأخيه أرييل، واللذان يُعتبران أصغر الرهائن الذين أسرتهم الحركة في هجوم 7 أكتوبر 2023.
الطريقة التي عرضت بها النعوش السوداء الأربعة قبل تسليمها إلى الصليب الأحمر الدولي أثارت غضب السلطات الإسرائيلية واستنكاراً من قبل الأمم المتحدة.
في هذا السياق، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقضاء على حماس، المصنفة بقائمة الإرهاب الأميركية، والعمل على استعادة جميع المحتجزين، وأعرب عن غضب إسرائيل تجاه من وصفهم بـ"وحوش حماس".
من جانبه، وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عرض الجثث بالتصرف المروع الذي يشكل "صفعة على وجه القانون الدولي".
وتعد هذه العملية هي الأولى التي يتم فيها تسليم جثث القتلى ضمن الاتفاق القائم، بينما تستمر التكهنات حول موعد بدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ومع ذلك، فقد أثار مشهد تسلم الجثث العديد من التساؤلات حول إمكانية إتمام الاتفاق كاملا كما هو مقرر، أو أن الغضب الإسرائيلي قد يؤدي إلى تصعيد القتال من جديد.
قال السفير الأميركي السابق، جايك والاس، في مقابلة مع قناة "الحرة" إن حركة حماس عمدت إلى تسليم جثث الرهائن الإسرائيليين بهذه الطريقة بهدف زيادة الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وأضاف والاس أن هذا التصرف يأتي في وقت حساس بالنسبة لنتنياهو، الذي يواجه ضغوطات من جهات متعددة داخل إسرائيل، حيث يدفع طرفٌ نحو تسريع عملية وقف القتال وإعادة جميع المحتجزين، بينما يدعو طرف آخر لاستئناف الأعمال القتالية ضد حماس.
وأشار والاس إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان يواجه طوال هذه الفترة تحدياً حقيقياً في المناورة بين هذين الطرفين المتناقضين، ويجد نفسه الآن أمام مفترق طرق حاسم بشأن مصير المفاوضات المقبلة.
وأوضح أن التطورات المستمرة في الميدان ستجبره على اتخاذ قرار حاسم بشأن أحد الخيارين المتاحين "إما المضي قدماً في التفاوض ووقف إطلاق النار، أو العودة إلى التصعيد العسكري".
وتابع السفير الأميركي السابق قائلاً أن المفاوضات الجارية تهدف إلى الوصول إلى نتائج إيجابية في المرحلة الثانية من الاتفاق.
ولكن المشكلة، بحسب والاس، "تكمن في اتساع الهوة بين المواقف الإسرائيلية والمطالب التي تطرحها حماس، وهو ما يزيد من صعوبة تحقيق تقدم حقيقي في هذا الملف."
وأضاف أن هذه الفجوة الواسعة بين الطرفين تجعل من غير المرجح أن يتم التمديد في اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن المفاوضات المستقبلية ستكون معقدة في ظل هذه الظروف، وأن احتمالية التوصل إلى اتفاق شامل يظل ضعيفاً، وفق قوله.

المحلل السياسي عبد الله الخاطر من الدوحة قال من جهته في مقابلة مع قناة "الحرة" إن فكرة التصعيد العسكري من جديد ستكون صعبة للغاية بالنسبة لجميع الأطراف المعنية، نظراً للعديد من العوامل التي تحول دون استمرار المواجهات.
وأضاف أن مواقف الرأي العام في إسرائيل والعالم العربي، بالإضافة إلى المجتمع الدولي والإدارة الأميركية، تتجه بشكل متزايد نحو دعم الحلول السلمية وإنهاء الحرب في غزة.
وأوضح الخاطر أنه في ظل الوضع الراهن، من غير المرجح أن يعود الصراع العسكري بين "الجيش الإسرائيلي المتعب" وحركة حماس، مشيراً إلى أن الرأي العام العالمي يرفض تماماً العودة إلى القتال، ويشدد على ضرورة تجنب المزيد من الصور المأساوية القادمة من غزة التي باتت تؤلم الجميع.
وأكد الخاطر أن الوضع في غزة يحتاج إلى إيجاد حلول حقيقية، لأن الأزمة أصبحت تؤثر بشكل كبير على كل من الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأشار إلى أن من المهم أن يتم وضع "خريطة طريق" واضحة لتهدئة الأوضاع وتنفيذ المطالب بشكل منهجي، والخروج من المأزق السياسي الذي وقع فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حسب تعبيره.
وصباح الخميس، عرض مقاتلون ملثمون ومسلحون على منصة في خان يونس في جنوب قطاع غزة النعوش الأربعة السوداء التي حملت صورة لكل من الرهائن الإسرائيليين، وفوق المنصة نصبت لافتة تمثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على شكل مصاص دماء.
ونقلت النعوش بعد ذلك إلى مركبات تابعة للصليب الأحمر الدولي غادرت الموقع بعد ذلك، وقد تجمع مئات الأشخاص في المكان لمتابعة عملية التسليم وراء حواجز.
وفي إسرائيل، وقف أشخاص يلوّحون بالأعلام على جانب الطريق قرب كيسوفيم جنوب إسرائيل، في انتظار مرور المركبات.
المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فولكر تورك، قال في بيان "بموجب القانون الدولي، فإن أي تسليم لرفات يجب أن يتوافق مع حظر المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وضمان احترام كرامة المتوفين وأسرهم".
والجثث عائدة إلى الطفلين أرييل وكفير بيباس اللذين كان عمرهما أربع سنوات وتسعة أشهر على التوالي عند خطفهما في 7 أكتوبر 2023 فضلا عن والدتهما شيري بيباس وعوديد ليفشيتز الذي كان في سن الثالثة والثمانين وقت الهجوم.
وتنفذ إسرائيل وحماس حاليا المرحلة الأولى من الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها في 19 يناير، وما زالت صامدة رغم تبادل الجانبين الاتهامات بارتكاب انتهاكات.
ووفق الاتفاق الهشّ، يتمّ خلال المرحلة الأولى إطلاق سراح 33 رهينة محتجزين في غزة في مقابل 1900 معتقل فلسطيني في سجون إسرائيل. ومنذ بدء المرحلة الأولى من الهدنة التي يفترض أن تنتهي في الأول من مارس، تم إطلاق سراح 19 رهينة إسرائيليا و1134 معتقلا فلسطينيا.