سيارة تابعة لحزب الله تحمل صاروخين قرب بيروت
سيارة تابعة لحزب الله تحمل صاروخين قرب بيروت

مرة أخرى تعود مسألة معامل صواريخ حزب الله في لبنان إلى الواجهة بعد تأكيد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، أن بلاده تناقش هذه القضية مع الولايات المتحدة وأطراف في الداخل اللبناني.

الحريري رفض الخوض في تفاصيل هذه المناقشات وقال في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في واشنطن الخميس، إنه يحاول إيجاد أفضل طريقة لعدم وضع لبنان في موضع الخطر.

وأعلنت إسرائيل في سبتمبر الماضي أن حزب الله يبني مواقع إنتاج للصواريخ في مواقع عدة في بيروت من بينها أحياء سكنية.

​​وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حديث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر إن المواقع توزعت على حي الأوزاعي في بيروت، وموقع ثان بالقرب من مطار رفيق الحريري الدولي، وثالث داخل ملعب لكرة القدم تابع للحزب الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية.

​​ونشر الجيش الإسرائيلي بعدها بأيام تفاصيل عن تلك المصانع أكد فيها أن عملية بناءها تجري بمساعدة خبراء إيرانيين وبتمويل وتوجيه من طهران.

ولم تقتصر المعلومات المتعلقة بمصانع حزب الله على الجانب الإسرائيلي فقط، ففي أبريل الماضي كشف تقرير لموقع آكسيوس الأميركي بأن لدى الحزب مصنعا جديدا للصواريخ الدقيقة في لبنان.

​​​استخدام المدنيين

ولا يمثل الكشف الخاص ببيروت المرة الأولى التي يضبط فيها حزب الله في إخفاء أسلحة أو منشآت إنتاج صواريخ داخل مناطق سكنية.

ففي يوليو 2017، على سبيل المثال، نشرت إسرائيل صورا جوية لأماكن في القرى الجنوبية بلبنان تظهر أن الحزب قام ببناء مصنع للصواريخ ومخزن للأسلحة، وكانت إحدى البنايات تقع على بعد حوالي 110 أمتار من مسجدين.

وذكر الجيش الإسرائيلي في حينه، أن حزب الله يلجأ، وبشكل اعتيادي، لاستخدام المناطق المأهولة بالسكان لإنشاء مواقع إطلاق الصواريخ وغيرها من الأسلحة.

وفي الفترة ذاتها نشرت مجلة "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية معلومات تؤكد أن حزب الله يقوم ببناء مصنعين محليين جديدين للأسلحة، أحدهما بالقرب من بلدة الهرمل الشمالية، ويهدف إلى إنتاج صواريخ "فاتح ـ 110"، وآخر بين مدينتي صيدا وصور الجنوبيتين الساحليتين ويرمي إلى إنتاج ذخائر أقل عيارا.

جنود من الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
تم استدعاء 350 ألف شخص إلى الخدمة الاحتياطية بالجيش الإسرائيلي

في ظل الحملة العسكرية المستمرة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على حركة حماس في قطاع غزة منذ نحو عام، يتزايد "شعور الاستياء" لدى الكثير من الإسرائيليين الذين تم استدعاؤهم إلى قوات الاحتياط، خاصة مع طول فترة خدمتهم، وفق تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية.

ومن هؤلاء، يوآف أدومي، الذي أمضى ما يقرب من 6 أشهر في الخدمة الاحتياطية بالجيش، منذ اندلاع الحرب الذي انطلقت شرارتها في السابع من أكتوبر الماضي، عقب هجمات غير مسبوقة شنتها حماس على إسرائيل، مما أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردت إسرائيل على الهجمات، بإعلان الحرب وشن قصف مكثف وعمليات برية نجم عنها مقتل أكثر من 41 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في قطاع غزة.

وقال أدومي إنه ترك وراءه زوجته وأطفاله ووظيفته في مجال تكنولوجيا التأمين في تل أبيب، لأداء خدمة الاحتياط، ليكون بذلك واحدا من 350 ألفاً من المواطنين الذين وجدوا أنفسهم في الوضع عينه.

وقد اضطر مئات آلاف الرجال إلى التخلي عن التزاماتهم العائلية وإيقاف أعمالهم وتأجيل دراستهم للمشاركة في الحملة العسكرية في غزة، أو صد الهجمات الجوية التي يشنها حزب الله المدعوم من إيران، عبر الحدود، تجاه شمالي إسرائيل.

ومع وجود نحو 170 ألف فرد نشط بالجيش، من إجمالي عدد سكان يبلغ 10 ملايين نسمة، فإن جيش إسرائيل يعد كبيرا وفقاً للمعايير العالمية، لكنه لا يزال صغيراً بحيث لا يستطيع التعامل مع التهديدات التي تواجه البلاد من عدة جبهات في نفس الوقت، وفقا للوكالة الأميركية.

ويبدو أن شعار الجيش "صغير وذكي" الذي كانت تفتخر به إسرائيل، مع تفضيل التقدم التكنولوجي العالي على القوة البشرية، "لم يعد مناسبا" في الأوضاع الحالية.

ونوهت الوكالة الأميركية، بأن الأعباء التي يتحملها هؤلاء الجنود، "تكشف كفاح إسرائيل لتعزيز صفوف القوات المسلحة، مع منع نقص العمال من الإضرار بالاقتصاد، كل ذلك في حين يتصاعد الاستياء بسبب مقاومة مجتمع الحريديم للاستجابة لدعوة الخدمة الوطنية".

وفي الوقت نفسه، ذكرت أن "الدعم الشعبي الإسرائيلي للحرب لا يزال قوياً"، مشيرة إلى أن "الحاجة إلى التعزيزات العسكرية لا تظهر أية علامة على (قرب) الانتهاء".

"لسنا بنفس الكفاءة"

ويشعر أرباب العمل وكذلك جنود الاحتياط أنفسهم بالعبء، حيث تضطر الشركات إلى العمل بقوى عاملة مخفضة، حيث ساهم استدعاء مئات آلاف الرجال في العام الماضي بانخفاض النمو الاقتصادي إلى 2 بالمئة، أي ما يقرب من نصف المعدل الذي توقعته وزارة المالية قبل اندلاع الحرب، وذلك مع تباطؤ إضافي من المتوقع أن يصل إلى 1.1 بالمئة في عام 2024.

وفي هذا الصدد، وجد مناشيه تامير، مالك شركة تطوير معدات زراعية في كيبوتس إيلون، نفسه يكافح لسد الفجوات عندما تم استدعاء العديد من موظفيه، بما في ذلك مديرين رئيسيين (وهما ولديه) إلى قوات الاحتياط، عند اندلاع الحرب.

ومع وصول خدمة ولديه الاحتياطية إلى ما يقرب من 180 يوما، قال تامير: "توجب علينا أن نسد الفراغ الذي تركاه، ونفعل ما يفعلانه.. بالطبع هذا يبطئ الأمور، فنحن لسنا بنفس الكفاءة".

ونظرًا لأن التجنيد الجماعي لليهود المتشددين لا يبدو حلاً سهلاً، فقد اتخذ الجيش الإسرائيلي خطوات "قصيرة الأجل" لزيادة أعداد مقاتليه.

وتضمنت تلك الحلول، طرح مشروع قانون لتمديد الخدمة العسكرية لعدة أشهر، فضلاً عن تغيير اللوائح بما يرفع الحد الأقصى لسن الاستدعاء.

وكان المئات من الضباط والجنود المقاتلين السابقين، الذين تجاوزوا بالفعل الحد الأقصى للسن، للخدمة، قد تطوعوا للمشاركة في القتال.

ومن بين المتطوعين، وزير الاتصالات السابق يواز هندل (49 عامًا)، الذي ساعد في تنظيم كتيبة جديدة من جنود القوات الخاصة السابقين، ومعظمهم في الأربعينيات والخمسينيات من العمر.

وقال هندل إنه بالرغم من أنهم قد لا يكونون في حالة جيدة كما كانوا في العشرينيات من العمر، فإنهم "ما زالوا لائقين بما يكفي للقيام بالمهام العسكرية"، مضيفا أنهم "قاتلوا بنجاح" لعدة أشهر في غزة.

وتابع: "نحن بحاجة إلى التأكد من أن حدودنا آمنة بما فيه الكفاية، وأننا نعرف كيف نحمي شعب إسرائيل.. لا يوجد حل حقيقي آخر سوى وجود قوات على الأرض".