يحيى قاسم- القدس/
خطة الجيش الإسرائيلي متعددة السنوات هي بمثابة خريطة طريق للجيش التي بموجبها يعد قواته للتحديات القادمة. ويتم وضعها من قبل رؤساء الأركان وهي تعبر عن رؤيتهم العسكرية للسنوات القادمة.
رئيس الأركان الحالي الجنرال أفيف كوخافي عرض خطته التي أسماها "تنوفا" التي تعني "دفع"، ترسم خريطة عمل للسنوات 2020-2024 وتأخذ بعين الاعتبار قدرات الطرف المعادي وضرورة الاستعداد لإمكانية اندلاع مواجهة في عدة جبهات في ان واحد.
وفي الوقت الذي تشير فيه تقديرات الدوائر الاستخبارية إلى أن حماس على الحدود الجنوبية وحزب الله على الحدود الشمالية لا يرغبان في شن حرب ضد إسرائيل الان، يتفرغ الجيش من أجل تحضير قواته لتبقى تحافظ على تفوقها النسبي.
واعتبر المحلل العسكري لصحيفة هأرتس عاموس هريئيل أن التقديرات التي يعمل بموجبها الجيش تشير إلى أن السيناريوهات السابقة مثل نشوب حرب مع دول عربية مجاورة ليست واقعية الآن: سوريا لا تزال تجمع قواها، مصر والأردن تربطهما اتفاقات سلام مع إسرائيل. السيناريو الأكثر واقعية الآن هو نشوب مواجهات غير محسوبة: في الشمال مع لبنان وفي الجنوب مع غزة.
رئيس هيئة الأركان العامة، الجنرال أفيف كوخافي، قال عند عرض خطته إن "تطبيق خطة تنوفا متعددة السنوات سيمكن الجيش من تعزيز قدرات جيش الدفاع الفتاكة وستمكن من خلق الظروف لتقصير مدى الحرب. لا وقت لدينا للانتظار - لذلك، ورغم التعقيدات، ستنطلق الخطة متعددة السنوات".
وقد أوعز بالبدء بعدد من التغييرات لبناء القوة متعددة الأذرع كقيادة مسؤولة عن تطوير طرق قتالية ووسائل قتالية. وستعزز هذه الهيئة العلاقة مع هيئة إنتاج الوسائل القتالية في وزارة الدفاع والصناعات العسكرية وستراقب بشكل نوعي سلسة مشاريع متعددة الأذرع وتطبيق خطة تنوفا. وفي المقابل تعميق الاستراتيجية العسكرية عامة وفي الجبهة الإيرانية خاصة.
وحسب خطة "تنوفا" فان الأذرع الاستخبارية للجيش هي مركب هام في القدرات العسكرية في السنوات القادمة. فقد تقرر إقامة خلايا استخبارية في الخطوط الأمامية للقتال حيث سيتم توفير أجهزة اتصال ذات قدرات خاصة من أجل إيصال المعلومات الاستخبارية من المقار المختلفة إلى الميدان. من ناحية أخرى تنص الخطة على تطوير القدرات الحديثة لكشف من تعتبرهم إسرائيل أعدائها.
وأفاد الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي بأنه في العام المنصرم أجريت دراسة معمقة، ومشتركة، عملت في إطارها عشرات الطواقم متعددة التخصصات لتحديد صورة "العدو" وبلورة الخطة الأساسية من أجل التغلب عليه. واستخلاصا للعبر تقرر إقامة هيئة عسكرية مختصة من أجل مواجهة التهديد الإيراني بقيادة ضابط برتبة ميجر جنرال حيث يتفرغ من أجل التخطيط الدفاعي والهجومي.
ولم يكشف الكثير عن هذه الهيئة العسكرية ولكن من الواضح أنها تضع نصب في اهتمامها عدة سيناريوهات وبينها شن هجمات استباقية. وتقرر اقتناء سربيْ طائرات جديديْن - قتالية ونقل. وإقامة فرقة قتالية رابعة لمحاربي الخطوط الأمامية، وإقامة منظومة خاصة للمناورات البرية، ولواء هجومي متعدّد الأذرع في ذراع اليابسة، ومضاعفة عدد الذخائر الدقيقة وبنوك الأهداف.
وفيما يتعلق بسلاح المدرعات فتقرر الغاء الوحدات التي تستخدم دبابات المركافاه 2 التي تعد قديمة وغير ناجعة مقارنة مع الأجيال التي تلتها وهي مركفاه 3 ومركفاه 4.
ويرى الجيش أنه في حال حصول معركة أو حرب فيجب حسمها على الفور حيث أن الأضرار التي قد تتكبدها إسرائيل من الناحية الاقتصادية عالية جدا، كما يخشى الجيش من أن استمرار الحرب لفترة طويلة قد يتم تفسيره لدى الطرف الآخر بأنه نصر كما حدث في جولات سابقة. فتحقيق النصر من ناحية الجيش يعني المس بقوات من يصفهم بالعدو وقدراته بصورة واضحة وحسم المعركة خلال أربعة إلى خمسة أيام.
رئيس الحكومة المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو أعرب عن تأييده لهذه الخطة لكنه طلب العمل على تطوير القدرات الهجومية أكثر. أما وزير الدفاع نفتالي بينيت فقد أبدى دعمه التام لها واعتبرها صحيحة وملائمة.
ولكن العقبة الآن أمام الحكومة والجيش هي الميزانيات التي يجب تخصيصها لتنفيذ ما تم التخطيط له، حيث أن الوضع السياسي غير المستقر في البلاد والفشل في تشكيل حكومة بعد جولتين انتخابيتين دفع رئيس الأركان إلى تأجيل عرض خطته أكثر من مرة، فحكومة تسيير الأعمال الحالية غير مخولة بتمرير ميزانيات وهي تواجه معضلة حقيقية في توفير المبالغ المطلوبة لتنفيذ الخطة متعددة السنوات.
وقد طالبت وزارة المالية أن يتم تقليص ميزانيات الوزارات المتخلفة بسبب العجر المالي بمبلغ إجمالي يصل إلى ما يقارب المليار وخمسمئة مليون دولار بما في ذلك وزارة الدفاع.
ورغم أن ثمة مساعدات أميركية تم إقرارها في فترة الرئيس السابق باراك أوباما بمبلغ يصلع إلى ثلاثة مليارات وثمانمائة مليون دولار سنويا إضافة إلى ميزانيات إسرائيلية تم توجيهها للجيش إلا أن هذه لا تكفي من أجل تحقيق الهدف الذي يصبو إليه رئيس الأركان.