وصفت سفيرة إسرائيل في القاهرة أميرة أورون اتفاق إبراهيم الموقع بين إسرائيل والامارات والبحرين بالخطوة التاريخية التي تدعم "مخيم السلام" في الشرق الأوسط .
وأورون هي سياسية ودبلوماسية اسرائيلية قدمت أوراق اعتمادها كأول امرأة تتولى منصب سفيرة اسرائيل لدى مصر في ٢٣ سبتمبر الماضي، لكنها تملك خبرة طويلة من العمل في مصر فقد عملت ضمن طاقم السفارة على مدى سنوات طويلة وتخصصت في الشؤون المحلية والأحزاب استنادا على دراستها الأكاديمية للشؤون الاسلامية والشرق أوسطية وإجادتها للغة العربية، كما تولت مسؤولية الملف المصري في الخارجية الإسرائيلية، وترأست إدارة العلاقات الاقتصادية للشرق الأوسط، كما تولت منصب القائم بأعمال القنصلية الاسرائيلية في أنقرة.
وقالت أورون في تصريحات خاصة لموقع الحرة إن السلام هو الطريق الوحيد أمام شعوب المنطقة للتعايش من خلال التفاوض والاتفاق والتفاهم، مضيفة: "لقد رأينا هذا السلام قبل ٤٢ عاما عندما وقعت مصر اتفاقها مع إسرائيل، واليوم نشاهد جميعا أن السلام هو الطريق الوحيد لكل الشعوب والذي يمكننا من إنهاء جميع الخلافات الحالية، مصر دعمت هذا الاتفاق كما رأينا ذلك من خلال الرئيس السيسي وهذا الدعم كان هاما للمساعدة في بناء الاستقرار".
وفي رد على سؤال لموقع الحرة حول دور مصر في دفع السودان لدفعه لتوقيع اتفاق مع اسرائيل، قالت أورون ان مصر دولة قائدة في منطقة الشرق الأوسط ولديها كلمة مسموعة بالطبع، موكدة أن "إسرائيل تبذل جهودا حثيثة من أجل توقيع المزيد من الاتفاقات مع الدول العربية، وبالتأكيد يتم ذلك مع مصر نحن سعداء بالسلام القائم مع مصر وسيسعدنا أكثر انضمام دول أخرى".
وعلقت أورون على بدء المفاوضات الاسرائيلية واللبنانية لترسيم الحدود البحرية قائلة انها خطوة أولى وهامة نحو إقامة علاقات مع لبنان. وقالت: "هذا الاتفاق في حال اتمامه سيعطي الطرفين إمكانيات كبيرة، وسيساعد الاقتصاد اللبناني، لقد جلس الاسرائيليون واللبنانيون وجها لوجه للمرة الأولى، أريد أن اؤكد على ان الاتفاق والتعايش يوفر الحياة والنماء لدول المنطقة، لبنان هي المستفيد الأول من هذا لأنها ستتمكن من مساعدة اقتصادها المتضرر بصورة كبيرة عن طريق الثروات الطبيعية الموجودة في البحر المتوسط ، وكذلك إسرائيل ستستفيد، لأنه سيكون هناك اتفاق".
و تعتقد أورون أن إتفاق إبراهيم والمفاوضات الإسرائيلية اللبنانية ستحرك المياه الراكدة في عملية السلام بالشرق الأوسط ومع السلطة الوطنية الفلسطينية، قائلة: "نحن نطلب مرارا وتكرارا العودة إلى طاولة المفاوضات، وزير الخارجية الإسرائيلي قال ذلك مؤخرا في برلين، ونتمنى أن تفهم السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني".
مع كل هذا التفاؤل في حديث السفيرة الاسرائيلية إلا أنها مازالت تعتقد أن جميع شعوب المنطقة تحتاج إلى تغيير في الوعي والأفكار بعد سنوات طويلة من الحروب والنزاعات: "يجب أن يتغير ذلك فالعالم يواجه تهديدات غير مسبوقة ومختلفة منها كوفيد-19 والتغييرات المناخية ولذلك يجب على الجميع التعاون للتصدي لهذه التهديدات".
إيران تريد السيطرة على بعض الدول العربية
ترى أورون أن التهديدات الإيرانية في الشرق الأوسط خطيرة وهي تبذل كل جهودها للسيطرة على بعض الدول العربية، لكن هناك مصلحة مشتركة تجمع الدول العربية مع إسرائيل لمواجهة هذه التهديدات.
وأضافت أن "سياسة ايران هي الدمار والإرهاب، وتدخلاتها أفضت إلى المزيد من المعاناة للدول العربية مثل العراق ولبنان وفي غزة أيضا، نحن نرى ذلك ونتابعها ويجب أن يتعاون الجميع للوقوف في وجه هذه التهديدات، إسرائيل تريد أن تواجه ذلك مع الدول العربية ومنع إيران من إثارة التوترات".
مصر وإسرائيل بين التهديدات والمصالح المشتركة
رغم أن السلام بين مصر وإسرائيل دائما مايوصف بـ" السلام البارد "، إلا أن أميرة اورون تصف العلاقات حاليا بـ"المستقرة والإيجابية"، وترجع ذلك إلى الثقة المتبادلة على مستوى القيادات في الدولتين.
وأضافت أورون لموقع الحرة أن مصر واسرائيل تجمعهما تهديدات مشتركة ومصالح مشتركة، ومن المهم أن تستفيد الدولتان من الإمكانات الهائلة المتوفرة لديهما، مضيفة: "الحدود الثنائية هامة لنا، ونحن نريد أن يستمر الهدوء على الحدود، ونتفهم الاحتياجات المصرية حاليا في سيناء لمعاونتها على الحرب ضد الجماعات الارهابية وندعم أيضا هذه الجهود لأن هذا ايضا يساعد إسرائيل".
وتحدثت سفيرة إسرائيل عن أهمية الدور المصري في قطاع غزة، واصفة إياه بالهام جدا نظرا لأن إسرائيل ليس لديها علاقات مباشرة مع حماس التي تسيطر على القطاع، قائلة: "مصر دولة عظمى ولديها ارتباط تاريخي بقطاع غزة، ونحن نقدر جميع الجهود المصرية من أجل منع التصعيد الذي يضر بالجميع".
مجال الطاقة هو أحد مجالات التعاون الثنائي الذي ذكرته أورون وأرجعت التطور الكبير الذي حدث مؤخرا إلى اكتشافات الغاز الكبيرة في البحر المتوسط، وهو التعاون الذي ظهر في توقيع اتفاق لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر وإنشاء منظمة غاز شرق المتوسط التي تجمع في عضويتها اسرائيل ومصر، إضافة إلى اليونان وقبرص وإيطاليا والأردن،.
وقالت أورون: "كان من الطبيعي أن تتعاون مصر وإسرائيل للاستفادة من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى تبادل المميزات التي تملكها كل دولة، فمصر مثلا لديها منشآت لإسالة الغاز، وهي لاتتوفر في اسرائيل، والآن أصبح بامكان الجميع تصدير الغاز إلى دول المنطقة التي تحتاجه مثل أوروبا، وهذا أيضا سيفتح مجال الاستثمار لشركات الطاقة".
أورون أيضا تضع آمالا كبيرة على منظمة غاز شرق المتوسط: "المنظمة هي الخطوة العملية والحقيقة للتعاون بين دول شرق المتوسط، ومستقبلا ستشهد انضمام أعضاء جدد".
وتطمح أورون إلى زيادة التعاون الاقتصادي مع مصر من خلال اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة " الكويز "، وهي اتفاق تجاري بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية جرى توقيعه عام 2004 ويسمح للمنتجات المصرية بالدخول إلى الأسواق الأميركية دون جمارك على أن تستخدم مدخلات إنتاج بنسب معينة من إسرائيل، وساهمت أورون في عملية توقيع هذا الاتفاق وقت عملها قبل سنوات في السفارة الإسرائيلية بالقاهرة .
مجالات اقتصادية جديدة
تطمح أورون إلى توسيع مجالات التجارة داخل اتفاقية الكويز لتضم المنتجات الغذائية والصناعات المعدنية، بالإضافة الى زيادة حجم الصادرات من قطاع المنسوجات والذي بلغ حجم المنتجات المصرية المصدرة الى الولايات المتحدة نحو مليار دولار .
وفي اجابة على سؤال موقع الحرة حول المطالب المصرية بتخفيض نسبة المكون الاسرائيلي في اتفاقية الكويز قالت أورون: "إن النقاش في هذا الجزء مازال مستمرا مع مصر والولايات المتحدة، أعتقد انه اذا ماتم فتح مجالات جديدة للتصنيع، فسوف نتمكن من الوصول إلى قرار بشأن تخفيض النسبة بما يحقق مصلحة المصانع الإسرائيلية والمصرية".
وفي مجال السياحة قالت أورون إن عام 2019 شهد ارتفاعا قياسا للسياح الإسرائيليين في مصر، حيث وصل العدد إلى 300 ألف سائح وهذا يدل على الثقة والتجربة الإيجابية التي يمر بها السياح في مصر، بالطبع أثرت أزمة كورونا على السياحة العالمية وننتظر اصدار قرارات من الحكومة الاسرائيلية فيما يتعلق بقيود السفر خارجا ، لايمكن ان اتحدث انا او الحكومات عن السلام دون أن تلتقي الشعوب مع بعضها وجها لوجه عذا مايصنع السلام الحقيقي "
وعن قرار محكمة مصرية بمنع الاحتفال بمولد أبو حصيرة، وهو مقام رجل دين يهودي في محافظة البحيرة المصرية، قالت: "مازلنا ندرس قرار المحكمة المصرية وعندما ننتهي نتمنى أن نتحاور مع الحكومة المصرية لبحث إمكانية عودة الاحتفال بهذه المناسبة لأنها هامة لليهود ليس فقط في اسرائيل وإنما في جميع إنحاء العالم".
واختتمت أورون حديثها بالتأكيد على أنها ستعمل على تقوية العلاقات المصرية الإسرائيلية والتعاون في جميع المجالات، خصوصا المجال الاقتصادي والذي تضعه على رأس اولوياتها مضيفة أنها ستعمل على إعادة التعاون في مجال الزراعة والري إلى سابق عهده قبل ١٥ عاما عندما كان البلدان يبذلان جهودا كبيرة لتطوير الزراعة ونظم الري، وتمنت أن تجد الشركاء المصريين المتحمسين للتعاون ودفع العلاقات المشتركة نحو مزيد من التقدم.