أبو عاقلة قتلت خلال تغطيتها عملية للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين
أبو عاقلة قتلت خلال تغطيتها عملية للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين

أصدرت النيابة العامة الفلسطينية، الاثنين، بيانا يرفض إعلان الخارجية الأميركية بشأن نتائج الفحص الفني للمقذوف الناري الذي قتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، فيما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي على استمرار التحقيق بالحادث.

وأبدت النيابة الفلسطينية استغرابها بشأن الإعلان الأميركي عن وجود أضرار بالغة في المقذوف الناري حالت دون التوصل إلى نتيجة واضحة بشأنه، وأكدت "عدم صحة ذلك (..) باعتبار أن "التقارير الفنية الموجودة لدينا تؤكد أن الحالة التي عليها المقذوف الناري قابلة للمطابقة مع السلاح المستخدم".

واعتبرت النيابة أن استهداف أبو عاقلة، وفقاً للأدلة والبينات القاطعة كان بشكلٍ متعمد، و"من غير المقبول ما ورد من تصريح الجانب الأميركي بعدم وجود أسباب تشير أن الاستهداف كان متعمدا، سيما وأنهم كانوا على اطلاع بمجمل تحقيقات النيابة العامة التي أكدت مسألة التعمد في القتل سواء بما هو موثق بتسجيلات الفيديو أو من خلال شهود العيان أو مسار ومسافة وارتفاعات اطلاق النار أو من خلال استهداف من حاول إسعاف الشهيدة (..)". بحسب البيان.

وكانت الخارجية الأميركية أعلنت، في وقت سابق، الاثنين، أن المحققين لم يتمكنوا من التوصل لنتيجة نهائية بعد تحليل جنائي مفصل للمقذوف الذي قتل الصحفية الفلسطينية.

وكشفت الوزارة أن خبراء المقذوفات خلصوا إلى أن الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة "تضررت بشدة" مما منع الوصول إلى نتيجة قاطعة.

وأضافت أن المنسق الأمني الأميركي خلص إلى أن إطلاق النار، من مواقع القوات الإسرائيلية، مسؤول على الأرجح عن مقتل أبو عاقلة.

وفي المقابل أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، بعد نشر نتائج التحقيق، عن حزنه مجددا لوفاة أبو عاقلة.

وأضاف: "رغم التحقيق المختبري للرصاصة والأسلحة ذات الصلة، للأسف، لا يمكن تحديد من نفذ إطلاق النار، وسيستمر التحقيق في الأمر. من المهم أن نتذكر، حتى في حادثة العمليات المعنية، تم إطلاق مئات الرصاص على جنود جيش الدفاع الإسرائيلي الذين ردوا بإطلاق النار في اتجاه مصادر  إطلاق النار فقط".

وأضاف غانتس، أن "المسؤولين عن الحادث هم أولاً، وقبل كل شيء، الإرهابيون الذين ينشطون بين السكان المدنيين. على جنود جيش الدفاع الإسرائيلي وقادتهم واجب حماية مواطني إسرائيل. وكل دعم من المستوى السياسي لإنجاز مهمتهم. في الوقت نفسه، نحافظ على نقاء الأسلحة ونفعل ما لا يفعله أي جيش لتجنب إلحاق الأذى بمن هو غير متورط والحفاظ على حرية الصحافة: من اختيار الأسلحة، مرورا بالبعثات، إلى التحقيق والاستعداد للتعاون مع صديقتنا الولايات المتحدة في السعي للوصول إلى دراسة الحقيقة (..)".

وقُتِلت أبو عاقلة، التي كانت تعمل لدى قناة "الجزيرة" القطريّة منذ 25 عاما، في 11 مايو إثر إصابتها برصاصة في الرأس أثناء تغطيتها عمليّة عسكريّة إسرائيليّة عند أطراف مخيّم جنين، شمال الضفّة الغربيّة.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية
الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية

 يحاول المسؤولون الإسرائيليون التظاهر بعدم الاكتراث في تعاملهم مع تجاهل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لهم في رحلته إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، لكن الواقع هو أن قراره يزيد القلق في إسرائيل بشأن وضعها بالنسبة لأولويات واشنطن.

فبعد أيام قليلة من الإعلان عن خطط لعملية عسكرية موسعة في غزة، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس الأحد إن الولايات المتحدة أبلغته باتفاق لإطلاق سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي، إيدان ألكسندر، بعد محادثات بين واشنطن وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) لم تشمل إسرائيل.

وأثار ترامب، الذي سيزور السعودية وقطر والإمارات، ذعر إسرائيل الأسبوع الماضي بإعلانه فجأة أن الولايات المتحدة ستتوقف عن قصف الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، بعد أيام من سقوط صاروخ أطلقته الحركة بالقرب من المطار الرئيسي في إسرائيل.

وكتب إيتمار آيشنر المراسل الدبلوماسي لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في تعليق يعكس ما قاله معلقون إعلاميون عبر مختلف ألوان الطيف السياسي، "كانت الرسالة واضحة للمنطقة: إسرائيل لم تعد على رأس أولويات الولايات المتحدة".

وقال مسؤول إسرائيلي إن إعلان ترامب بشأن الحوثيين كان "محرجا إلى حد ما" وإن تصرف الرئيس "سلاح ذو حدين".

وتعقد إسرائيل محادثات مع الولايات المتحدة بشأن مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب، ويقول مسؤولون إن العلاقات على المستوى الرسمي لا تزال قوية، لكن بعض المسؤولين يُقرون بصدمتهم من قرارات ترامب.

وقال مسؤول كبير في دائرة نتانياهو، طلب عدم الكشف عن هويته، إن هناك "فوضى" في إدارة ترامب، حيث يعتمد كل شيء على ما يقرره الرئيس في أي لحظة. وأضاف المسؤول أن ذلك يُفيد إسرائيل أحيانا ويُضر بها أحيانا أخرى.

وزاد القرار المتعلق بالحوثيين، الذي لم يُناقش مع إسرائيل مُسبقا، قلق إسرائيل إزاء المحادثات الأميركية مع إيران بشأن برنامج طهران النووي، والتي قد تضعف أي تهديد إسرائيلي بعمل عسكري ضد عدوها اللدود.

وزاد قلق إسرائيل أكثر بعد أن ذكرت وكالة رويترز أن الولايات المتحدة لم تعد تطالب السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل كشرط لإحراز تقدم في محادثات التعاون النووي المدني.

وقال وزير الخارجية، جدعون ساعر، أمس الأحد "نحن ننسق. هذا لا يعني ضرورة الاتفاق التام 100 بالمئة على كل قضية. الولايات المتحدة دولة ذات سيادة. إسرائيل دولة ذات سيادة. لكنني أعتقد أن لدينا أرضية مشتركة كبيرة للغاية في المواقف مع هذه الإدارة أكثر من أي وقت مضى".

وعقد آدم بولر مفاوض ترامب بشأن الرهائن في مارس ما وصفته حماس باجتماعات "مفيدة للغاية" مع الحركة، تجاوزت إسرائيل وركزت على إطلاق سراح ألكسندر.

وفي الأسبوع الماضي، نفى السفير الأميركي، مايك هاكابي، أن يكون ترامب ينأى بنفسه عن إسرائيل. وقال إن العلاقة غالبا ما توصف بأنها متينة، وأن "هذه الكلمة لا تزال سارية".

وأضاف "لقد كان الرئيس ثابتا في دعمه وشراكته، وليس لدي ما يدعو للاعتقاد بأن ذلك لن يستمر".

"فوضى"

تعرض نتانياهو وحكومته لانتقادات، الاثنين، على الرغم حتى من تطلع الإسرائيليين لإطلاق سراح ألكسندر، مع زيادة الإدراك لدى الجمهور بأن للدولتين الحليفتين أولويات مختلفة.

قال جاك جوتليب وهو متقاعد من تل أبيب "كل ما هنالك أنه لا توجد قيادة الآن". وأضاف أنه "لا شك" في أن الصفقة أُبرمت من وراء ظهر نتانياهو، أو أن برنامجي العمل الأميركي والإسرائيلي يختلفان في الوقت الراهن.

ومضى يقول "في الوقت الحالي، كل يركز على مصلحته".

ولم يكن أمام نتانياهو خيار سوى قبول قرار التوقف عن قصف الحوثيين، الذين أوضحوا أنهم لن يتوقفوا عن محاولة ضرب إسرائيل بإطلاق صاروخ آخر بعد ذلك ببضعة أيام.

اعتمدت إسرائيل على الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي منذ قيامها عام 1948. وأي تراجع في الاهتمام الأميركي، في ظل الضغوط الدولية التي تواجهها إسرائيل بسبب حرب غزة، من شأنه أن يشكل ضربة قاسية.

وسلط قرار إسقاط مطلب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل الأضواء على الضرر الذي لحق بإسرائيل على الصعيد الدولي بسبب هذه القضية. والهدف من إسقاطه تجاوز إصرار الرياض على موافقة إسرائيل على التحرك نحو تسوية مع الفلسطينيين.

كان ضم السعودية إلى الإمارات والبحرين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم خلال ولاية ترامب الأولى هدفا رئيسيا لنتانياهو، لكنه تأجل إلى أجل غير مسمى على ما يبدو.

وواجه جو بايدن، سلف ترامب، انتقادات لاذعة من المتشددين الإسرائيليين بعد وقف تصدير بعض الذخائر الثقيلة التي تستخدم في غزة وفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين ينتهجون العنف في الضفة الغربية.

وعلى النقيض من ذلك، تحدى ترامب في ولايته الأولى الرأي العام العالمي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، التي تعتبرها إسرائيل عاصمة لها، واعترف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان التي احتلتها من سوريا في حرب عام 1967.

وقال مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق إنهم يدركون المخاطر التي تواجهها إسرائيل في ظل وجود رئيس لا يمكن التنبؤ بسلوكه مثل ترامب، والذي لم يبد أي تردد في الانقلاب على حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين.

وقال أحدهم "لكن ليس لدينا خيار آخر".