شهد البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، الإثنين، سجالا حادا خلال جلسة لجنة داخلية للتصويت على مشروع الإصلاح القضائي المثير للجدل التي تعتزم الحكومة المضي قدما فيه.
وصوتت لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست على إرسال الفصل الأول من المشروع إلى الجلسة الكاملة للقراءة الأولى بعد بداية صاخبة طرد على إثرها ثلاثة من نواب المعارضة بعد أن صرخوا بعبارة "عار عار"، وفقا لرويترز.
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن 20 نائبا طردوا خلال الضجة التي شهدتها الجلسة، معظمهم من المعارضة.
وأظهر البث الحي للجلسة التي بثها الكنيست عبر حسابه في تويتر مغادرة النواب المعارضين كراسيهم وتوجهوا عبر الطاولة المستديرة إلى اللجنة المشرفة ووبخوهم، كما أنهم ضربوا بأيديهم طاولة الاجتماع وبدؤوا بالهتاف خلال الجلسة.
وقال النائب، عيدان رول، من حزب "يش عتيد" الوسطي: "سوف تحرقون البلاد".
ويواجه مشروع الإصلاح القضائي في إسرائيل معارضة واسعة النطاق، حيث يتظاهر أسبوعيا عشرات الآلاف من الناس في شوارع تل أبيب رفضا لهذه المقترحات التي من شأنها تعزيز سلطة الكنيست على حساب المحكمة العليا.
وتتضمن المقترحات تقييدا شديدا لقدرة المحكمة العليا على إلغاء القوانين والقرارات الحكومية وتمرير "بند التجاوز" لتمكين الكنيست من إعادة تشريع القوانين التي تم إلغاؤها.
كما يمنح مشروع القانون، الحكومة السيطرة على اختيار القضاة ومنع المحكمة من استخدام اختبار "المعقولية" للحكم على التشريعات والقرارات الحكومية والسماح للوزراء بتعيين مستشاريهم القانونيين، بدلا من انتداب مستشارين يعملون تحت إشراف وزارة العدل.
ويقول منتقدون إن التغييرات ستوجه ضربة قاتلة للديمقراطية الإسرائيلية لأنها ستعمل على تسييس المحاكم وتقويض استقلال القضاء مما قد يسهل الفساد ويعرض حقوق الإنسان والحريات المدنية للخطر.
في خطاب أمام لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست، الإثنين، دعا زعيم الوحدة الوطنية، بيني غانتس، رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، إلى وقف تشريعات الإصلاح القضائي وإنشاء مجموعة عمل من الحزبين لصياغة إصلاحات قانونية وقضائية.
وقال غانتس: "إذا لم نجد طريقة للحفاظ على القانون في دولة إسرائيل وترك سيادة القانون هو ما يوجه حياتنا في دولة إسرائيل، فلن نكون دولة ديمقراطية".
وأضاف: "ما يفعله هذا التشريع الجديد هو تفكيك هذا النظام (الديمقراطي) ويؤسس مكانه استبداد الأغلبية وهذه ليست ديمقراطية"، وفق ما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
ومن المتوقع أن تخرج مظاهرة كبيرة في وقت لاحق، الإثنين، تتزامن مع تحرك للتصويت على مشروع القانون في البرلمان بكامل هيئته، حيث يتجه عشرات الآلاف من الأشخاص إلى مبنى الكنيست في القدس للتظاهر ضد الإصلاح القضائي، حسبما ذكرت الصحيفة الإسرائيلية.
ويحتاج المشروع للتصويت في ثلاث قراءات لكامل هيئة الكنيست حتى يصبح قانونا نافذا.
بالإضافة إلى المعارضة البرلمانية لحكومة نتانياهو الأكثر يمينية في تاريخ البلاد، جاءت تحذيرات من البنوك الإسرائيلية وقطاع التكنولوجيا من أن التغييرات تهدد بتقويض المؤسسات المدنية التي تدعم الازدهار الاقتصادي لإسرائيل.
والأحد، طرح الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، تسوية لتجنيب البلاد ما وصفه "بالانهيار الدستوري" والعنف المحتمل على خلفية هذه التعديلات المقترحة.
وتضمن خطاب تلفزيوني نادر لهرتسوغ في وقت ذروة المشاهدة مناشدة نواب الائتلاف الحاكم تأجيل الخطوات التشريعية الأولية في الكنيست والتي كان بعضهم يعتزم البدء فيها هذا الأسبوع.
ونظمت المعارضة من يسار الوسط، والتي تتهم نتانياهو بالسعي للسيطرة على النظام القضائي حتى في أثناء محاكمته بتهم فساد، مظاهرات ودعت إلى إضرابات احتجاجية على مستوى البلاد في موعد انعقاد الكنيست.
ويقول نتانياهو، الذي ينفي خلال محاكمته ارتكاب أي مخالفات، إن الإصلاحات تهدف إلى إعادة التوازن بين السلطات الإسرائيلية.
وقال هرتسوغ: "نحن على شفا انهيار دستوري واجتماعي... أشعر، ونشعر جميعا، بأننا بالكاد على بعد لحظة واحدة من صدام، بل من صدام عنيف".
وخرجت دعوة مماثلة، وإن كانت مستترة، من البيت الأبيض الذي يتجنب عموما مناقشة الشؤون الداخلية لإسرائيل.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن الرئيس الأميركي، جو بايدن، قوله: "عبقرية الديمقراطية الأميركية والإسرائيلية هي أنهما مبنيتان على مؤسسات قوية وعلى ضوابط وتوازنات وعلى قضاء مستقل... إن بناء توافق في الآراء بشأن التعديلات الأساسية مهم حقا لضمان أن يتقبلها الناس وبالتالي تستمر".
وأظهرت استطلاعات الرأي أن الإصلاحات القضائية المقترحة بصورتها الحالية لا تحظى نسبيا بتأييد كبير.
وحث هرتسوغ على إجراء محادثات فورية بين الحكومة والمعارضة على أساس خمسة مبادئ منها تشريع عملية لسن قوانين إسرائيل الأساسية شبه الدستورية ومنع أي تدخل من المحكمة العليا فيها.
ومن شأن أحد المبادئ أن يحدد بشكل أوضح صلاحيات المحكمة العليا التي تتهمها الحكومة بالتجاوز. كما دعا هرتسوغ إلى إعادة هيكلة لجنة اختيار القضاة.