تتزايد عمليات الفصل بناء على الجنس في إسرائيل، مما يثير مخاوف بشأن حقوق المرأة، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن الأعضاء الأرثوذكس المتشددين في ائتلاف رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، يرغبون بتوسيع صلاحيات المحاكم الحاخامية الذكورية بالكامل، ومنع النساء والرجال من الاختلاط في العديد من الأماكن العامة.
وأصبحت المواصلات العامة أحدث جبهة لحرب ثقافية في إسرائيل حول وضع المرأة داخل مجتمع منقسم بشكل حاد بين أغلبية علمانية، وأقلية قوية سياسيا من اليهود الأرثوذكس المتدينين، الذين يستهجنون اختلاط النساء والرجال في الأماكن العامة.
ومنذ وصول الائتلاف اليميني للسلطة في نهاية العام الماضي، تشهد إسرائيل جدلا واسع النطاق واحتجاجات شعبية ضخمة بسبب مشروع الإصلاح القضائي الذي تتبناه الحكومة.
لكن الائتلاف يقترح قوانين أخرى خلاف تلك التي من شأنها تقويض صلاحيات المحكمة العليا، حيث تشمل بعضها مقترحات فصل بين الجنسين في المناسبات العامة، وإنشاء مجتمعات سكنية دينية جديدة، وتوسيع صلاحيات المحاكم الحاخامية التي تضم الرجال فقط.
ويرى مؤيدو توسيع اختصاص المحاكم الحاخامية، أنه "كمجتمع تعددي، يجب على إسرائيل أن تتسامح مع الفصل بين الجنسين في بعض المجالات، لاستيعاب الأرثوذكس الذين يعتبرون ذلك طريقة حياة بالنسبة لهم".
وقال ماتان كاهانا، وزير الشؤون الدينية السابق الذي احتفظ بعضوية الكنيست، لكنه ليس عضوا في الائتلاف الحاكم، على موقع "إكس" خلال وقت سابق من هذا العام: "أنا أؤيد جميع المحاكم الحاخامية - فهي رمز للسيادة الإسرائيلية على أرضنا وارتباطنا الأبدي بالقانون العبري".
ويمكن لمطالب الأحزاب الأرثوذكسية واليمينية في الائتلاف الحاكم الجديدة، أن تغير بشكل جذري وجه بلد يتم فيه ضمان الحقوق المتساوية للمرأة (في عام 1948)، وتعزيزها في العديد من قرارات المحكمة العليا الرئيسية، بحسب "نيويورك تايمز".
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية الأسبوع الماضي، أن خدمة الطوارئ الطبية الوطنية، وخدمات الكوارث في إسرائيل، تفصل لأول مرة بين الرجال والنساء خلال الجزء الأكاديمي من تدريب المسعفين، لتلبية متطلبات الخدمة الوطنية.
وعلى مدى العقد الماضي، شهدت البلاد عمليات فصل بين الجنسين بالعديد من المجالات، بما في ذلك الكليات العامة الصغيرة التي تسجل الطلاب الأرثوذكس المتشددين.
ونظمت بعض دورات تعليم السائقين والدورات التدريبية على الوظائف الحكومية جلسات منفصلة حسب الجنس، كما أن بعض المكتبات العامة تخصص ساعات منفصلة للفتيات والفتيان.
وفي تقرير الفجوة بين الجنسين العالمي الصادر يونيو الماضي، عن المنتدى الاقتصادي العالمي والذي يصنف 146 دولة، تراجعت إسرائيل إلى المركز 83 من 60 العام الماضي.
وتراجع ترتيب الدولة فيما يتعلق بالتمكين السياسي للمرأة، من المرتبة 61 في العام الماضي إلى المرتبة 96 هذا العام.
ويشعر المدافعون عن حقوق المرأة بـ"القلق إزاء جهود الحكومة لإضعاف المحكمة العليا، التي دعمت المساواة في الحقوق للمرأة في العديد من المجالات".
وكان ذلك يسهل رفع دعوى ضد عدم المساواة في الأجور، علاوة على الفصل في القطارات والحافلات العامة غير القانوني، الذي أصبح ينتشر مؤخرا.
وقالت نائبة عميد كلية الحقوق بجامعة تل أبيب، يوفي تيروش، إن "المحكمة سمحت بالفصل بين الجنسين في الفصول الدراسية الجامعية لتقديم امتياز يحفز الرجال الأرثوذكس المتشددين على الحصول على التعليم والانضمام إلى القوى العاملة".
وينخرط العديد من الرجال الأرثوذكس المتشددين في الدراسات الدينية بدوام كامل، ولا يعملون أو يخدمون في الجيش.
وقالت تيروش: "النساء سيخسرن مع استثمار المزيد من الموارد المالية في برامج الرجال وتحويل الطالبات إلى وظائف يُنظر إليها عادةً على أنها مجال خاص بالنساء، وينتشر الفصل بين الجنسين في أماكن العمل والأماكن العامة".
ويمثل مشروع قانون اقترحه الائتلاف لتوسيع صلاحيات المحاكم الحاخامية، التي تبني أحكامها بناء على القانون الديني اليهودي، آخر تهديد لوضع المرأة في البلاد، وفق الصحيفة.
وتتمتع المحكمة الحاخامية الأرثوذكسية بالفعل بسلطة قضائية على الطلاق لجميع اليهود في إسرائيل، وتمنح الرجال فقط سلطة حل الزواج رسميا.
وستمنحهم التغييرات المقترحة أيضا سلطة قضائية محتملة على الجوانب الاقتصادية للطلاق، وتسمح لهم بالعمل كمحكّمين في المسائل المدنية مثل نزاعات العمل أو العقود، طالما وافق الأطراف.