إسرائيل نفذت ليلة الجمعة أكبر عملية توغل بري مؤقتة في قطاع غزة
إسرائيل نفذت ليلة الجمعة أكبر عملية توغل بري مؤقتة في قطاع غزة | Source: IDF

يعد التوغل الذي نفذته إسرائيل داخل غزة يوم الخميس، الأكبر للقوات الإسرائيلية منذ بدء تحشيداتها على القطاع قبل عدة أسابيع، ويدخل ضمن "تكتيكات" الاستعداد لشن هجوم بري شامل، وفقا لخبراء.

وتقول إسرائيل إنها تهدف للقضاء على حركة حماس بعد هجومها المباغت في السابع من أكتوبر على بلدات إسرائيلية راح ضحيته أكثر من 1400 شخص، معظمهم مدنيون.

أعلن الجيش الإسرائيلي بعضا من تفاصيل هذا التوغل الذي شمل دخول قوات مشاة ودبابات إلى المنطقة الشمالية من القطاع استهدفت مسلحي حماس وبنية تحتية ومواقع إطلاق صواريخ موجهة مضادة للدبابات.

استمرت العملية بضع ساعات ونفذت أثناء الليل، وفقا للجيش الإسرائيلي، الذي نشر مقطعا مصورا يظهر عربات مدرعة تتحرك عبر منطقة حدود رملية، فيما يمكن مشاهدة جرافة تهدم جزءا من تلة مرتفعة ودبابات تطلق قذائف وانفجارات بجوار أو بين صف من المباني المهدمة.

هذه ليست المرة الأولى التي تعمد فيها القوات الإسرائيلية لتنفيذ توغلات محدودة داخل قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر بعد اثنين نفذا الأسبوع الماضي، لكنه كان "التوغل الأكبر"، وفقا لإذاعة الجيش الإسرائيلي، فيما يرى خبراء أنه "تكتيك يهدف للتحضير للهجوم البري الواسع".

يقول الخبير الأمني والاستراتيجي الإسرائيلي آفي ميلاميد إن التوغلات المستمرة للقوات الإسرائيلية تهدف لتوفير "تدريب إضافي للقوات الإسرائيلية التي ستقتحم غزة وكذلك من أجل أن تتعود على المنطقة والتحديات المحتملة".

ويضيف ميلاميد في حديث لموقع "الحرة" أن "القوات الإسرائيلية تحاول كذلك إرهاق واستنزاف عناصر حماس، وإخراجهم من أوكارهم تحت الأرض".

كذلك تصب هذه التوغلات في خانة "الحرب النفسية" التي تعتمدها إسرائيل لمواجهة حماس "وجعلها تترقب الهجوم الشامل"، وفقا لميلاميد.

بدأت إسرائيل في اعتماد تكتيك التوغلات البرية المحدودة في غزة منذ يوم الأحد الماضي، ويقول الجيش الإسرائيلي إنها تهدف إلى تطهير المنطقة وجمع معلومات مخابراتية عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس في القطاع.

في ذلك اليوم أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي وإصابة ثلاثة آخرين بجروح طفيفة نتيجة إطلاق صاروخ مضاد للدبابات باتجاه دبابة ومركبة هندسية.

وحشدت إسرائيل أكثر من 300 ألف جندي ودبابات ومدرعات على حدود قطاع غزة تمهيدا للهجوم البري الشامل المتوقع.

ويرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد ماجد القيسي أن "الانتظار الطويل لبدء الهجوم البري أثر كثيرا على معنويات الجيش الإسرائيلي، ومثل هكذا عمليات تعرضية يمكن أن ترفع من معنوياتهم".

ويضيف القيسي أن "التوغلات المحدودة تهدف كذلك لكشف نقاط ضعف حماس ومواقع تموضعهم وضمان عدم قيامهم باستهداف القوات الإسرائيلية المتحشدة على حدود غزة".

بالإضافة لذلك يمكن أن يهدف تكتيك التوغلات المحدودة إلى "تأسيس محاور الهجوم البري الشامل المرتقب، والتهيئة للمرحلة المقبلة من لهجوم"، بحسب القيسي.

ويتابع أن "إسرائيل تريد كذلك استعادة المبادرة من حماس، بعد أن فقدتها نتيجة هجوم السابع من أكتوبر، وبالتالي هي تتأنى في شن هجوم شامل خشية أية مفاجآت من حماس ربما يؤدي لتكرار الانكسار الذي حصل في السابع من أكتوبر".

تحديات وصعوبات

ومع ذلك تطرأ الكثير من التحديات التي يرجح أن تواجهها القوات الإسرائيلية للوصول لأهدافها بالقضاء على التهديد الذي تشكله حماس، المصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى.

ففي تقرير نشر، الخميس، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية نقلا عن 7 ضباط عسكريين و3 مسؤولين إسرائيليين لم تكشف عن هويتهم، أن "العسكريين والسياسيين في البلاد منقسمون" بشأن التوغل البري في قطاع غزة، رغم جاهزية الجيش.

وقال هؤلاء الأشخاص إن "تأجيل التوغل البري الإسرائيلي لقطاع غزة، يهدف إلى منح المفاوضين مزيدا من الوقت لمحاولة تأمين إطلاق سراح المختطفين من قبل حركة حماس في القطاع".

وذكرت الصحيفة أن "القادة السياسيين والعسكريين مختلفون حول كيفية التوغل، ومتى يجب أن يكون، وحتى إذا ما كان التوغل ضروريا للرد على هجمات حماس".

رفض الخبير الإسرائيلي ميلاميد التعليق على ما ورد في هذا التقرير، لكنه أقر بوجود مجموعة من الصعوبات التي تواجه القوات الإسرائيلية للإعلان عن انطلاق الهجوم.

أبرز هذه التحديات وأكثرها صعوبة يتمثل بشبكة الأنفاق التي بنتها حماس داخل غزة، وفقا لميلاميد، الذي أشار أيضا إلى أنه يضاف لها الخلايا المضادة للدبابات التي لدى حماس والألغام الأرضية والقناصة وفرق الاستطلاع المنتشرة في الأحياء السكنية والطائرة المسيرة التي تستغلها حماس لشن هجمات على الجيش الإسرائيلي.

ويتحدث الخبير العسكري القيسي عن مجموعة أخرى من الصعوبات، تتمثل في طبيعة الحرب التي يتعين على إسرائيل خوضها أمام حماس.

يقول القيسي: "الأمر اليوم مختلف، لأن إسرائيل أمام حرب مدن وهي صعبة جدا مقارنة بالحروب المفتوحة".

"أيضا فإن موضوع الرهائن الذين تحتجزهم حماس وأماكن تواجدهم أثر كثيرا على قرار بدء الهجوم" وفقا للقيسي.

وأكدت إسرائيل في وقت سابق أن عناصر حماس يحتجزون 229 شخصا رهائن بينهم أجانب، منذ الهجوم.

وقالت إسرائيل يوم الأربعاء إن أكثر من نصف الرهائن الذين تحتجزهم حماس يحملون جوازات سفر أجنبية من 25 دولة مختلفة. 

ويُعتقد أن العديد منهم كانوا يحملون جنسيتين من بينهما الإسرائيلية، لكن من شبه المؤكد أن هذا لا ينطبق عليهم جميعا.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن القوات الجوية والبرية الإسرائيلية تكثف عملياتها  على قطاع غزة.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مساء الأربعاء أن بلاده تتحضر لشن الهجوم البري.

وقال نتانياهو: "نحن نتحضر لدخول بري.. لا يمكنني الخوض في تفاصيل متى وكيف وأين والأمور التي نأخذها في الاعتبار" قبل هذه الخطوة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو

كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، اتهاماته لحركة حماس بـ"الاستمرار في رفض" مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي يفضي إلى إعادة الرهائن المختطفين في القطاع، مقابل إفراج إسرائيل عن فلسطينيين من سجونها.

وقال مكتب نتانياهو، في بيان الخميس: "حماس تحاول إخفاء حقيقة استمرارها في معارضة صفقة إطلاق سراح الرهائن وإحباطها"، مضيفًا أن إسرائيل قبلت "عرض الوساطة النهائي الذي قدمته الولايات المتحدة في 16 أغسطس 2024، لكن حماس رفضت العرض، بل وقتلت 6 من المختطفين بدم بارد".

ودعا البيان دول العالم إلى "مطالبة حماس بإطلاق سراح المختطفين فورا".

وتتهم بعض أطراف المعارضة الإسرائيلية، نتانياهو بأنه يعرقل التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن، "من أجل الحفاظ على اتئلافه اليميني الحاكم وبقائه في السلطة".

من جانبه، يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي على "الاستمرار في القتال حتى تحقق الحرب أهدافها"، وأبرزها "القضاء على حماس".

ويتمسك نتانياهو ببقاء القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا (صلاح الدين) وهو الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر، خاصة بعد مقتل 6 من المختطفين لدى حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) في غزة، مما زاد مفاوضات الهدنة تعقيدا.

والأربعاء، كانت حماس قد أعلنت في بيان، أن وفدها المفاوض أكد على "استعداد الحركة للتنفيذ الفوري" لاتفاق الهدنة مع إسرائيل، على أساس إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو الماضي، وما تم التوافق عليه سابقا، دون وضع أي مطالب جديدة من قبل أي طرف.

وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، ويليام بيرنز، السبت، إنه سيتم تقديم اقتراح "أكثر تفصيلا" لوقف إطلاق النار خلال الأيام القليلة المقبلة.

وحدد الاقتراح السابق الذي قدمه بايدن في نهاية مايو، وقف إطلاق النار على 3 مراحل، مقابل إطلاق سراح المختطفين المتبقين لدى حماس.

وفشلت المحادثات حتى الآن في التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عام.