أولمرت كان رئيسا للوزراء في إسرائيل من 2006 حتى 2009
أولمرت كان رئيسا للوزراء في إسرائيل من 2006 حتى 2009

قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، الخميس، خطة اعتبر أنها "الوحيدة" التي يمكن أن تحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى جانب تصوره لمرحلة "ما بعد حماس"، قائلا في الوقت نفسه، إن "عمر الحكومة اليمينة الحالية" في بلاده سيكون لـ"أسابيع".

والأربعاء، أكد الجيش الإٍسرائيلي أنه دخل "في عمق" مدينة غزة حيث تستعر المعارك على الأرض، والتي أدت إلى مقتل 36 جنديا إٍسرائيليا منذ بدء الهجوم البري في 27 أكتوبر.

وإزاء ما تصفه منظمات دولية بـ "كارثة إنسانية" في غزة، تفيد أرقام الأمم المتحدة أن 1,5 مليون شخص نزحوا من شمالي قطاع غزة إلى جنوبه.

وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، رفضه وقف إطلاق النار ما لم يتم الإفراج عن الرهائن. وقال في تصريحات، الأربعاء: "أريد أن أنفي أي نوع من الشائعات التي تصلنا من كل الجهات، لأكرر بوضوح أمرا واحدا: لن يكون هناك وقف لإطلاق النار من دون الإفراج عن رهائننا. وكل ما عدا ذلك لا طائل منه".

وفي مقابلة مع قناة "الحرة"، قال أولمرت إن المجتمع الدولي "يعترف" بهدف عملية إسرائيل، المتمثل في "تدمير القدرة العسكرية لحماس وإنهاء حكمها للقطاع"، موضحا: "عندما ندمر القدرة العسكرية لحماس، ستغادر إسرائيل القطاع ونستمر في العمل للحفاظ على أمن إسرائيل، لكن لن نحتل غزة".

وأولمرت (78 عاما) الذي خدم في لواء غولاني – وحدة النخبة الأكبر في الجيش الإسرائيلي، كان رئيسا للوزراء في البلاد خلال الفترة ما بين مايو 2006 وحتى مارس لعام 2009.

واقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "إرسال قوات دولية من حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مرحلة انتقالية لما بعد حكم حماس، تستمر لسنة ونصف، من أجل ضبط الأمن وإعادة الإعمار ومحاولة بناء إدارة مدنية جديدة".

وطالب أولمرت، إسرائيل بتقديم "حلول سياسية لمرحلة ما بعد حماس"، بما في ذلك "الاستعداد للعمل في مفاوضات مع السلطة الفلسطينية بشأن حل الدولتين، لإنهاء هذا النزاع التاريخي".

وقال: "المجتمع الدولي سيقبل بالفترة الانتقالية اللازمة (في قطاع غزة) لتحديد الأهداف السياسية، لكن يجب أن يكون هناك تفاوض بشأن حل الدولتين".

وأشار إلى أنه قدم خطة سلام شاملة لحل النزاع عام 2008 عندما كان رئيسا للوزراء، لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، على أن يكون الجزء العربي من القدس عاصمة لها، في إشارة للقدس الشرقية.

وأردف أنه بموجب الخطة "ستكون إدارة المواقع المقدسة لدى المسلمين واليهود والمسيحيين (في القدس) على عاتق 5 دول، بما فيها فلسطين وإسرائيل والولايات المتحدة تحت إدارة مجلس الأمن الدولي".

واعتبر أن تلك الخطة هي "الوحيدة" التي يمكن أن تحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مضيفا أن "الحكومة الحالية غير مستعدة لتنفيذ هذا المقترح وعليها الاستقالة"، على حد تعبيره.

"على نتانياهو الاستقالة"

وطالب أولمرت في حديثه لقناة الحرة، نتانياهو بالاستقالة من منصبه بعد الحرب، قائلا: "فوجئنا بهجوم حماس وكان هناك فشل عسكري كبير وهائل في إسرائيل، التي لم تستعد لهذه الهجمات".

وتابع: "على نتانياهو الاستقالة من منصبه، فهو الذي تراجع عن مباحثات السلام وفضّل التحدث مع حماس التي لا تعترف بإسرائيل"، مضيفا أن "القيادة الإسرائيلية كان لديها أفكار خاطئة، بأنه بالإمكان التحدث مع الحركة بشأن هدوء على الحدود، في وقت كانت تحضر فيه لهذا الهجوم المباغت".

وتابع: "علينا الفهم أن حماس منظمة إرهابية، وهي لا تريد أن يكون هناك سلام مع إسرائيل، بل تريد القتل والإرهاب على خطى داعش وطالبان والقاعدة، وهذه المنظمات لا يجب أن يكون هناك محادثات معها".

واستطرد بقوله: "بسبب الثقة الزائدة، نجحت حماس في هجومها ودفعنا ثمنا باهظا.. لا يمكننا التفاوض معها. حتى الفلسطينيون الذين يعيشون وسط غزة يدفعون ثمنا باهظا".

وكانت حماس قد شنت هجمات مفاجئة على إسرائيل يوم 7 أكتوبر، عبر إطلاق آلاف الصواريخ وتسلل مسلحيها إلى العمق الإسرائيلي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، علاوة على اختطاف 241 شخصا، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وترد إسرائيل بضربات جوية لا هوادة فيها وتوغل بري لقواتها العسكرية داغل غزة بهدف "القضاء على حماس"، مما أدى لمقتل ما يزيد عن 10 آلاف شخص أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، بحسب سلطات القطاع الفلسطيني الصحية.

وقال أولمرت إن "إسرائيل تحاول تدمير البنية التحتية لحماس وقدراتها العسكرية.. هذة مسألة ليس فيها شك، لكن السؤال يبقى هو الوقت اللازم لهذه العملية".

وردا على سؤال بشأن تزايد أعداد القتلى المدنيين في غزة بعد الرد الإسرائيلي، تبنى أولمت رواية الحكومة بأن حماس "تستخدم المدنيين كدروع بشرية"، مشيرا إلى أن المراكز الأساسية وأماكن إطلاق الصواريخ للحركة المصنفة على لائحة الإرهاب، "موجودة في وسط مدينة غزة وهي أماكن ذات كثافة سكانية عالية".

وتابع: "إسرائيل لا تستهدف المدنيين، بل نحاول تدمير حماس وقادتها، وهذا يتماشى مع القانون الإنساني، لذلك الولايات المتحدة وبريطانيا صوتت ضد وقف إطلاق النار، وهي دول أكثر استنارة في العالم، لأنها تفهم أنه يجب علينا قتل قياديي حماس".

جانب من أثر الدمار في قطاع غزة جراء الحرب المستعرة هناك منذ 7 أكتوبر 2023
ترامب سبق أن تطرق إلى غزة وإمكانياتها

لا شك أن فكرة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" صدمت العالم وبدت غريبة حتى لبعض أقوى مؤيدييه، غير أن تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني شهد أفكارا سابقة لتحويل القطاع إلى منطقة مزدهرة ضمن جهود البحث عن حل للصراع.

وسابقا، ذكرت سنغافورة وموناكو كنماذج لما يمكن أن يتم تحويل قطاع غزة إليها، لذلك قد لا تبدو فكرة ترامب غريبة تماما في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فهل تنجح خطته أم تصطدم كسابقاتها بصخرة الواقع السياسي المعقد في المنطقة ؟

 حلم "سنغافورة" جديدة بجوار إسرائيل

في أواخر تسعينيات القرن العشرين، استخدم شمعون بيريز عبارة "صنع سنغافورة من غزة" للتعبير عن رؤية لتحويل قطاع غزة إلى منطقة مزدهرة ، على غرار الطريقة التي تطورت بها سنغافورة من بلد صغير فقير إلى مركز ثري للتكنولوجيا الفائقة.

وكان بيريز يرى أن تطوير غزة عنصر أساسي في جهود تحقيق السلام مع الفلسطينيين. ولخص بيريز رؤيته في أن تحول غزة إلى مكان ناجح وسلمي سيمكن من تبني السلام والتعاون الاقتصادي مع إسرائيل.

واستندت رؤيته إلى فكرة أن غزة، بالاستثمارات المناسبة والمساعدات الدولية، يمكن أن تزدهر من خلال التجارة والسياحة والتكنولوجيا، مثلما فعلت سنغافورة، مما يؤدي إلى حياة أفضل لسكانها وتقليل التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

كانت هذه الفكرة جزءا من نهج بيريز الأوسع نطاقا لتحقيق السلام والتنمية الاقتصادية في المنطقة. ومع ذلك، غالبا ما أشار النقاد إلى التحديات التي تنطوي عليها هذه الرؤية، نظرا للقضايا السياسية والأمنية والإنسانية المستمرة في غزة.

وقبل بيريز، ترددت فكرة تحويل غزة إلى سنغافورة بعد اتفاق أوسلو في 1993 في عهد الرئيس الأميركي، بيل كلينتون، إذ حمل الاتفاق وعودا كبيرة بتحويل غزة إلى "سنغافورة الشرق" لكن الحلم سرعان ما تبخر بعد اندلاع انتفاضة الأقصى وانتهى اتفاق أوسلو ومعه كل الآمال بتحويل القطاع إلى منطقة مزدهرة.

ترامب.. موناكو قبل ريفييرا

قبل أن يعلن عن فكرته الجديدة بعد توليه الرئاسة من جديد، تحدث ترامب عن غزة قبل عام وكيف يمكن أن تتحول إلى موناكو جديدة.

وفي مقابلة إذاعية تزامنت مع مرور عام على هجوم مسلحي حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل، سئل ترامب عما إذا كان يمكن لغزة، التي دُمرت مساحات واسعة منها خلال الضربات الجوية والبرية الإسرائيلية، "أن تكون موناكو إذا أعيد بناؤها بالطريقة الصحيحة؟ وأن تكون مكانا يفخر به جميع الفلسطينيين، ويرغبون في العيش فيه؟".

ليجيب ترامب، "يمكن أن تكون أفضل من موناكو. لديها أفضل موقع في الشرق الأوسط، وأفضل مياه، وأفضل كل شيء. إنها الأفضل، لقد قلت ذلك لسنوات. لقد كنت هناك، وهي قاسية. إنه مكان قاسٍ، قبل، كما تعلم، قبل كل الهجمات وقبل كل الذي حدث خلال العامين الماضيين".

وتابع: "لم يستفيدوا منها أبدا. تعرف، كمطور، يمكن أن تكون أجمل مكان، الطقس، الماء، كل شيء، المناخ. يمكن أن تكون جميلة جدا.. يمكن أن تكون واحدة من أفضل الأماكن في العالم".

 وقد سبق لصهره جاريد كوشنر أن قال إنّ "العقارات على الواجهة البحرية يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة" في القطاع الفلسطيني.

ريفييرا الشرق الأوسط

وبعد ما يقرب من عام على اعتباره أن "غزة يمكن أن تكون أفضل من موناكو"، ويومها لم تؤخذ على محمل الجدّ تلك التصريحات التي تداولتها وسائل الإعلام على نطاق واسع.

 عاد ترامب هذه المرة وهو رئيسا للولايات المتحدة ليكشف تصوره الجديد لغزة الذي يقتضي إعادة توطسن أكثر من مليوني فلسطيني من القطاع.

وكان ترامب طرح الثلاثاء فكرة غير مسبوقة تقضي بأن تتولى الولايات المتحدة زمام الأمر في غزة وكرّر بعد اجتماع في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّ سكّان القطاع يمكن أن ينتقلوا إلى مصر والأردن المجاورين، وقد رفضت القاهرة وعمّان ذلك بشكل قاطع.

وقال ترامي في منشور على منصته للتواصل الاجتماعي تروث سوشال إنّ فلسطينيي قطاع غزة سيتم نقلهم لمكان آخر حتى "يعاد توطينهم في مجتمعات أكثر أمنا وجمالا بكثير، مع منازل جديدة وحديثة في المنطقة".

أما أرض غزة، فكشف ترامب أنه يريد جعل القطاع الفلسطيني "ريفييرا الشرق الأوسط"، في إشارة إلى الريفيرا الفرنسية هي منطقة تقع جنوب شرق فرنسا على البحر المتوسط، وتكثر فيها المنتجعات السياحية.

و بعد أقلّ من 24 ساعة من الإعلان عن المقترح، سعت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إلى توضيح الخطة.

وأوضحت ليفيت أنّ الولايات المتحدة "لن تموّل إعادة بناء غزة" ولا تنوي راهنا إرسال قوّات أميركية، مؤكّدة أنّ نقل الفلسطينيين لن يكون سوى "تدبير مؤقت"، على حدّ قولها.

غير أن ترامب عاد الخميس للتأكيد على جدّية مقترحه، مؤكدا أنّ "الولايات المتّحدة ستتسلّم من إسرائيل قطاع غزة بعد انتهاء القتال" وأنّه "لن تكون هناك حاجة لجنود أميركيين" لتنفيذ هذه الفكرة.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، تحدث رامب عن تولي زمام الأمر في غرينلاند واستعادة قناة بنما وضم كندا كولاية، لكن خطته لغزة هي ما أثارت ذهول العالم وأدخلت بلدانه في مرحلة انتظار تطور حقيقة ما يسعى له ترامب ومدى قبليته للتحقيق على غرار الأفكار السابقة التي تم تم تدوالها سابقا بشأن تطوير غزة.