ساترفيلد قال إن حل الدولتين هو الضامن الوحيد لمستقبل سلمي لإسرائيل
ساترفيلد قال إن حل الدولتين هو الضامن الوحيد لمستقبل سلمي لإسرائيل

أكد المبعوث الأميركي الخاص للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد، أن "مستقبل غزة يحدده الفلسطينيون"، لافتا إلى أن "حل الدولتين هو الضامن الوحيد لمستقبل سلمي لإسرائيل".

وقال ساترفيلد في مقابلة مع "الحرة" إن الولايات المتحدة لا تدعم أو ترغب في رؤية تهجير الفلسطينيين من غزة، مضيفا بالقول: "الغزاويون الموجودون الآن في الجنوب يجب أن يكون لهم القدرة على العودة إلى الشمال ولا نرى أي نزوح دائم حتى داخل غزة من الشمال إلى الجنوب".

وبين ساترفيلد أن الولايات المتحدة "تعتقد أنه يجب أن يكون هناك دور فلسطيني أساسي في تقرير مستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة، وأنه لا يمكن أن يكون هناك حصار على غزة".

وتابع قائلا: "لا يمكن فصل غزة كمسألة سياسية عن مستقبل الضفة الغربية"، مضيفا أن "حل الدولتين هو الطريقة المؤكدة لتلبية الاحتياجات الحقيقية لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين".

ولفت ساترفيلد إلى أن هناك "أمران لا يجب أن يحصلا في نهاية كل ما يجري، وهما استمرار الاحتلال الإسرائيلي وبقاء حماس في السلطة".

وأشار إلى أن "إسرائيل تتحمل مسؤولية تجاه شعبها لإنهاء التهديد الذي تشكله حماس".

المسؤول الأميركي شدد أن الولايات المتحدة "تقف بقوة مع إسرائيل في سعيها لإنهاء التهديد الذي تشكله حماس، لكننا نعتقد بنفس القدر من الوضوح أنه يجب أن يتم ذلك بطريقة تقلل إلى أقصى حد ممكن من الخسائر في صفوف المدنيين".

وأكد ساترفيلد أن واشنطن تؤمن أيضا "بضرورة توفير أقصى قدر من المساعدة الإنسانية بطريقة آمنة قدر الإمكان لأكبر عدد ممكن من سكان غزة".

وحول إمكانية انجرار لبنان إلى الصراع قال ساترفيلد "نحن لا نعتقد أن الصراع بين لبنان وإسرائيل أمر لا مفر منه بأي حال من الأحوال".

وأضاف "لا يوجد ما يشير من أي جانب إلى أن هناك نية للدخول في الصراع أو الحرب.. ولكن من الضروري ألا تكون هناك أي أعمال استفزازية من جانب إيران أو حزب الله."

ساترفيلد قال إن "العمليات العسكرية التي بدأها حزب الله عبر الحدود الشمالية لإسرائيل تزيد دائما من احتمالات سوء التقدير وهو بحاجة إلى وقفها".

داني ميران

لم يُثنه برد الشتاء ولا قيظ الصيف، يجلس داني ميران وسط تل أبيب، في خيمة صغيرة، نصبها سكان ناحال عوز ـ القرية الجنوبية ذاتها التي اختطف فيها مقاتلو حماس في 7 أكتوبر، ابنه، عمري.

مرّت شهور طويلة منذ ذلك اليوم الدامي، لكن بالنسبة لداني، تكثف الزمن في لحظة غياب مؤلمة:

لا قبر يزوره، ولا وداع يفاوض به نيران الفقد ـ لم يبق له غير صور عمري ذي الـ46 عاما، وهو زوج، وأب لفتاتين صغيرتين.

لم تكن "علما"، أصغر البنتين، يتجاوز عمرها ستة أشهر، عندما اختُطف أبوها، يروي داني لموقع "الحرة".

اليوم، عندما تقول "بابا"، فهي تشير إلى صورة معلقة على حائط. 

لا تتذكر أنها أمسكت بيد والدها قط.

تروي لها الأسرة قصصا عن والدها الغائب ـ الحاضر. "بابا يحبك. بابا شجاع".

لكن الطفلة لا تعرف الرجل الذي تنتظر عودته.

"عمري خسر كل هذه الأيام، خسر أن يرى ابنته تكبر". يتحسر داني عندما يتحدث عن ابنه.

اما روني، الابنة الكبرى، فكانت تبلغ 26 شهرا في 7 أكتوبر. هي تفهم أكثر، وأحيانا تحدّث أمها عن "أشخاص شريرين خطفوا والدها".

يسكن عمري في نحال عوز منذ ثلاثة عشر عاما. ويوم 7 أكتوبر، فتح باب منزل لإنقاذ طفل أحد الجيران، فاختُطف من عائلته.

معبد انتظار

أضحت الساحة أمام متحف تل أبيب ساحة احتجاج، ومعبد انتظار لعودة المختطفين.

داخل خيمة داني، رسائل كثيرة مكتوبة بخط اليد ـ بالعبرية والعربية والإنكليزية ـ عُلّقت بجانب صور الرهائن. وتتكدس بقايا شموع على الأرض قرب أرجل الكراسي. لا موسيقى، همسات فحسب، وصوت أصابع الناشطين تضرب على لوحات مفاتيح أجهزة كمبيوتر.

ما أسهل أن يتحول الألم إلى كراهية. لكن ليس عند داني، الأب الذي لا يطلب أكثر من عودة ولده. هو يتحدث بإصرار عن السلام والحوار والتواصل. يقول: "العالم العربي هام بالنسبة لي،" ويرى أن من الضرورة أن يتوجه الحديث إلى العرب.

يقول عبر موقع "الحرة":

"حماس لا تمثل الإسلام. الإسلام ديانة متسامحة، وفي القرآن تم تحريم قتل النساء والأطفال وكبار السن والمرضى". 

ويتابع "في القرآن هناك وصايا مهمة، ولكن حماس قتلت الأطفال وكبار السن والنساء ومرضى ... وقاموا بذبح الأشخاص. في القرآن هناك أمور جميلة، ولذا فأنا لا أستطيع أن أفهم أولئك الذين يدعمون حماس وكأنهم هم مسلمون". 

"هذا غير إنساني، أن تحتض إرهابيين،" يقول.

يوم سقطت السماء على الأرض

شهد هجوم السابع من أكتوبر، الملقب بـ"السبت الأسود" في إسرائيل، مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة. اخترق مقاتلو حماس الحدود بين غزة وإسرائيل في هجوم غير مسبوق، وصفه بعض المحللين بأنه "لحظة 11 سبتمبر" بالنسبة لإسرائيل. كان عمري من بين عشرات أخذهم مقاتلو حماس رهائن من قرية ناحال عوز.

ولا يزال 59 رهينة في غزة ـ 24 منهم فقط يُعتقد أنهم أحياء.

وردا على هجوم حماس، شنت إسرائيل هجوما على غزة، أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

رسالة في هاتف مهرب

يبعث داني رسائل في مقاطع مصورة من داخل الخيمة، على أمل أن تصل إلى عمري. يحلم أن يحظى ابنه بهاتف مُهرَّب، أن تصله كلمة عابرة من غريب طيّب. 

في أحد المقاطع المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، يتقطع صوته وهو يتحدث إلى ابنه عبر الكاميرا. يقول لابنه إنه وبقية أهالي الرهائن في الساحة. يقول إن وكل إسرائيل تقاتل لإعادة كل رهينة.

ما وراء الخيمة

قدّم داني التماسات لحكومات أجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة وقطر ومصر، للضغط على حماس. انتقد كثيرا ما يسميه "شلل الدبلوماسية"، وخاصة في دول يعتقد أنها "تتمتع بنفوذ وتختار الحياد".

في تصريحات كثيرة منذ اختطاف ابنه، عبر داني عن اعتقاد بأن السلام عطاء متبادل، وأن على إسرائيل أن تكون مستعدة للعطاء. يقول: "لسنا كاملين. لكن السلام يحتاج إلى تنازلات من الجانبين ـ وإلا، فهو مجرد حلم".

في أحد مقاطع الفيديو، يبتسم ابتسامة حزينة كأنه يعتذر: "لست هنا للجدال حول الحدود أو الأعلام. أنا هنا لأنني أفتقد ابني".

في يوليو 2024، زار داني الفاتيكان، وشارك البابا فرنسيس الراحل، لإيصالها إلى المسيحيين على نطاق أوسع.

قال: "بعد الحرب العالمية الثانية، أدركت الشعوب الأوروبية أن الحروب لن تقودهم إلى أي مكان. لذلك، قرروا السعي لتحقيق السلام والازدهار بفتح الحدود، وكان هذا هو السبيل الوحيد للمضي قدما. أدعو من قلبي أن يأتي اليوم الذي يحدث فيه الشيء نفسه في منطقتنا: أن نفتح قلوبنا، وأن نفتح حدودنا، وأن نعيش بسلام في ما بيننا".

وقال في الفاتيكان بحضور حجاج كاثوليك:

"كيهودي، كمؤمن"، قال ميران، "أؤمن أيضا أنه أينما ذهبتُ في إطار الديانات التوحيدية الثلاث - اليهودية، والمسيحية، والإسلام - إذا دُعيتُ للصلاة، فسأنضم إليها لأن الإله واحد". 

لكن "ما حدث في السابع من أكتوبر كان مخالفا تماما لمعتقدات الديانات الإبراهيمية الثلاث"، أضاف.

ألبوم العائلة

في منزل العائلة، يمتلئ "ألبوم" بصور روني إلى جانب صور أبيها. أحيانا تتحدث إلى صوره كما تتحدث طفلة إلى دميتها. تتساءل: لماذا ليس لها أب مثل الأطفال الآخرين؟

في يوم من الأيام، يأمل داني أن ترى روني الرجل نفسه، أباها. لكنه إلى ذلك الحين، سيبقى في الخيمة، أبا وجدا يتمسك بالمستقبل بيدين راعشتين، وأمل كالماء لا ينكسر.