ضغوط على نتانياهو من أجل العمل على إطلاق سراح الرهائن
ضغوط على نتانياهو من أجل العمل على إطلاق سراح الرهائن

تشهد حكومة الحرب الإسرائيلية تباينات في جهات النظر بشأن إبرام صفقة مع حركة حماس من أجل إطلاق سراح رهائن، مع توغل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

وأشارت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى وجود "انقسام" بين أعضاء الحكومة بشأن التوصل إلى اتفاق محتمل تحدث عنه تقارير إعلامية في الفترة الأخيرة، وعلق عليه مسؤولون في إسرائيل وخارجها.

ووسع الجيش الإسرائيلي عملياته في شمال قطاع غزة، وحتى الآن يبدو أن حماس تجد صعوبة في الدفاع بشكل منظم ضد القوة العسكرية الهائلة التي تواجهها، ولكن من الواضح أن الجيش الإسرائيلي سيواجه مقاومة عسكرية أكبر في الأيام المقبلة، وفق الصحيفة.

وترى هآرتس أنه إلى جانب الاستيلاء على أراض في غزة وضرب أهداف عسكرية تابعة لحماس، فإن نجاح إسرائيل في الحرب سيتوقف على 3 عوامل هي إطلاق سراح الرهائن، وتدمير الأنفاق، والقضاء على كبار قادة حماس.

وفي حين يرى فريق في الحكومة ضرورة أن تتحرك إسرائيل فورا لإنقاذ كل من يمكن إنقاذهم من الرهائن، يصر فريق آخر على ضرورة الاستمرار في الضغط على حماس بكل قوة.

لكن يخشى العديد من أقارب وأصدقاء الرهائن أن يتعرضوا للأذى في الهجمات الإسرائيلية على غزة التي تهدف إلى تدمير حماس، بينما تقول الحكومة إن الهجوم يحسن فرص استعادة الرهائن، وفق تايمز أوف إسرائيل.

وتقول هآرتس إن القضية الأكثر أهمية هي إطلاق سراح الرهائن.

وتحاول قطر والولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق مؤقت، يتم بموجبه إطلاق سراح 70 امرأة وطفلا تحتجزهم حماس، مقابل وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام والإفراج عن 150 امرأة وطفلا تحتجزهم إسرائيل، وفق تقارير إعلامية.

وقال رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مؤتمر صحفي مشترك مع منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الأحد، إن بلاده "أكثر ثقة الآن في إمكانية التوصل إلى اتفاق".

وتابع: "صفقة التبادل مرت بمطبات، لكننا أكثر ثقة بأننا اقتربنا من اتفاق، والتحديات ضمن المفاوضات بسيطة وهي لوجستية وعملية، ويمكننا تذليلها".

وتحتجز حماس نحو 240 رهينة، وفق السلطات الإسرائيلية، منذ هجوم السابع من أكتوبر في إسرائيل الذي أوقع 1200 قتيل، غالبيتهم مدنيون.

وترد إسرائيل منذ ذلك التاريخ بقصف متواصل وتوغل بري، أسفر عن مقتل 13 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، وفق السلطات الصحية في القطاع الفلسطيني الذي تسيطر عليه حماس.

وقالت صحيفة واشنطن بوست إنه تم التوصل لاتفاق من شأنه أن "يسمح بالإفراج عن عشرات النساء والأطفال المحتجزين في غزة، مقابل هدنة لمدة خمسة أيام".

وقالت الصحيفة إن "الإفراج، الذي يمكن أن يبدأ في غضون الأيام القليلة المقبلة في حال تجاوز عقبات في اللحظات الأخيرة، يمكن أن يؤدي إلى أول توقف مستمر في الصراع بغزة"، وفقا لأشخاص مطلعين على تفاصيله.

من جانبها، نفت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، أدريان واتسون، ما ورد في تقرير واشنطن بوست، لكنها أشارت إلى "مواصلة العمل بجد من أجل" تحرير الرهائن، وفق ما نقله مراسل "الحرة".

وأكد الرئيس الأميركي، جو بايدن، الجمعة، الحاجة الملحة للإفراج عن "كل الرهائن".

وربط مسؤولون إسرائيليون وأميركيون بين إطلاق سراح الرهائن والموافقة على وقف موقت لإطلاق النار في غزة.

وجدد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي دعوته لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق نار "فوري".

وتشير هآرتس إلى أن وزراء من حزب الوحدة الوطنية، من بينهم وزير الدفاع السابق، بيني غانتس، ورئيس الأركان السابق، غادي آيزنكوت، يرون أنه يجب على إسرائيل اغتنام الفرصة وإنقاذ كل من تستطيع إنقاذهم على الفور، وإلا فإن حياتهم ستكون في خطر، ويخشون تكرار حالة الطيار رون أراد،  الذي أسقطت طائرته عام في جنوب لبنان 1986، واختفى منذ ذلك الوقت.

ويخشى هذا الفريق أيضا من أن ينقطع الاتصال بالرهائن مع الفوضى السائدة في غزة. 

وكانت وردت تقارير، خلال الفترة السابقة، عن وفاة أربعة رهائن في غزة.

أما المعسكر الآخر، ويقوده وزير الدفاع، يوآف غالانت، ويدعمه جزئيا رئيس أركان الجيش ، هرتزل هاليفي، وكبار ضباط الجيش، وجهاز الأمن العام (الشاباك) فيرون ضرورة استمرار الزخم وتكثيف الضغط العسكري على حماس، ويرون أن هذه هي الطريقة الوحيدة لانتزاع المزيد من التنازلات من حماس.

وهناك من يرى أنه يجب على إسرائيل الإصرار على إطلاق سراح جميع النساء والأطفال السبعين قبل إبرام الصفقة.

أما الشخص الذي لم يحدد بعد موقفه النهائي فهو رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، وتقول هآرتس إنه يواجه ضغوطا  من اليمين، وكذلك من اليسار بشأن ملف الرهائن.

ووصلت مسيرة لعائلات الرهائن ومعها الآلاف من المتضامنين، السبت، إلى مكتب رئيس الوزراء في القدس.

ونفذ المشاركون تظاهرة حاشدة طالبت بوقف فوري للحرب وإعادة الرهائن الإسرائيليين من خلال إبرام صفقة للإفراج عن السجناء الفلسطينيين في المقابل.

وأعلن منتدى أهالي الرهائن والمفقودين، مساء السبت، أن "جميع العائلات" ستلتقي مساء الاثنين "مجلس وزراء الحرب بأكمله"، وسيشارك في اللقاء نتانياهو وغالانت.

وقال كوبي بن عامي، الذي اختطف اثنان من أفراد عائلته لتايمز أوف إسرائيل إن العائلات كانت "تتوسل" من أجل الاجتماع بالوزراء لمعرفة ما يعتزمون القيام به لإعادة الرهائن. 

وقال العديد من أقارب المحتجزين في غزة إنهم يشعرون بأن الحكومة تخلت عنهم.

وفي ختام الاحتجاج، التقت عائلات بغانتس وآيزنكوت، والأخير قال لهم إن "عودة الرهائن هي الأولوية القصوى  قبل تدمير حماس". وأضاف أن الاتفاق المحتمل بشأن الرهائن يجري مناقشته "ليلا ونهارا"، وفق تايمز أوف إسرائيل.

ومن جانبه، قال نتانياهو في مؤتمره الصحفي، مساء السبت، إن هناك "العديد من الشائعات التي لا أساس لها من الصحة" و"التلاعب".

وأضاف "رأيت مسيرة عائلات الأسرى وأقول لهم إنني أسير معكم، وحتى اللحظة ليست هناك صفقة، وحينما يكون هناك صفقة سنبلغ عائلات الأسرى والمحتجزين بغزة".

وتابع نتانياهو: "طلبت أن أجمع عائلات الأسرى مع مجلس الحرب لأريهم ما نقوم به في غزة".

الحرب أسفرت عن دمار هائل في قطاع غزة (رويترز)
الحرب أسفرت عن دمار هائل في قطاع غزة (رويترز)

وصف، شمعون شتريت، الوزير الإسرائيلي السابق، أستاذ القانون الدولي، اتهام منظمة العفو الدولية إسرائيل بارتكاب "جريمة إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة بـ "غير المحايد".

واتهم شتريت في حديث لقناة "الحرة" المنظمة الحقوقية بأنها كانت طوال الفترة الماضية "ضد الواقع والأدلة والشهادات" التي قدمها فرع المنظمة في إسرائيل حول طبيعة الانتهاكات التي يتم الحديث عنها.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها الذي أصدرته الأربعاء، إنها وثقت بـ "الشواهد والأدلة" أن إسرائيل "ارتكبت أفعالا تحظرها اتفاقية منع الإبادة الجماعية، بقصد خاص ومحدد وهو تدمير الفلسطينيين في قطاع غزة".

وأوضح شتريت أن إسرائيل في نهاية المطاف مسؤولة عن النظر في الأدلة والشهادات التي قدمتها منظمة العفو الدولية، موضحا "أن ليس كل ما يذكر في هذا التقارير دقيق وصحيح".

وحمل شتريت حماس مسؤولية ما يحدث في غزة من دمار وحرب خلفت آلاف الضحايا "بسبب اختباء المسلحين بين المدنيين وخزن أسلحتهم وبناء شبكة أنفاق ومنشآت تحت الأرض داخل المناطق السكنية".

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي "ينفذ قواعد الحرب ويرد على أي خطر أو تهديد يواجهه"، وأن إسرائيل "قدمت استئنافا" ضد قرار الجنائية الدولية اعتقال رئيس الوزراء، بنيامبن نتانياهو.

وحمل تقرير منظمة العفو الدولية عنوان " لا تشعر أنك إنسان في غزة: الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في القطاع".

وجاء في التقرير الذي صدر، الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي "تعمد إلحاق أذى بدني أو نفسي بسكان القطاع وإخضاعهم عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرهم المادي".

واتهمت المنظمة إسرائيل بـ "تجاهل التحذيرات" بشأن الأوضاع الإنسانية الكارثية، والقرارات الملزمة قانونا من محكمة العدل الدولية التي تأمرها باتخاذ تدابير فورية لتمكين المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المدنيين في غزّة. 

وبحسب الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، فإنه على مدى شهور، ظلّت إسرائيل تعامل الفلسطينيين وكأنهم "فئة دون البشر لا يستحقون حقوقًا إنسانية ولا كرامة".

ومن شأن هذا التقرير أن يزيد الضغط على الحكومة الإسرائيلية، في مطالبات دولية بوقف عمليتها العسكرية المستمرة في قطاع غزة منذ نحو 14 شهرا، سيما في أعقاب إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرات اعتقال بحق نتانياهو ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، بتهم متعلقة بجرائم حرب.

من جهة أخرى، رفض فرع منظمة العفو الدولية في إسرائيل في بيان، الخميس، الاتهامات التي وردت في تقرير أصدرته المنظمة الأم لإسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، لكنه دعا للتحقيق في "جرائم خطيرة".