بعد مرور 45 يوما على اختطاف حركة حماس 239 شخصا خلال هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مازال مصير هؤلاء مجهولا، ولا يوجد أي دليل على ما إذا كانوا أحياء أو أموات، ولا يعلم أسرهم تفاصيل المحادثات حول "صفقة محتملة" لإطلاق سراح بعض المختطفين، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وتقول عائلات المختطفين إن عدم المعرفة أمر لا يطاق، مما يتركهم بحالة يأس في وقت لا يتلقون فيه أي معلومات تقريبا، حتى مع تصاعد التقارير حول صفقة محتملة للإفراج عن بعض النساء والأطفال المختطفين.
وتشير تلك العائلات إلى أن المفاوضات تجري بعيدا عن الرأي العام، حيث أخبر المسؤولون أقاربهم سرا وعلنا أن المحادثات حساسة للغاية بحيث لا يمكن الكشف عن أي شيء.
عائلات "محبطة"
بحسب "نيويورك تايمز"، فإن عائلات المختطفين "محبطة" من منظمات الإغاثة بما في ذلك الصليب الأحمر، التي تقول إن حماس رفضت منح عمالها الإذن برؤية المختطفين.
ومن بين تلك الأسر، عائلة هيرش غولدبرغ بولين، البالغ من العمر 23 عاما، والذي اختطفته حماس، وليس لدى والديه أي فكرة عما إذا كان حيا أو ميتا.
وقال بولين، وهو أميركي يعيش في إسرائيل وزوجته وأطفاله مواطنون أميركيون أيضا: "لا تدع أحدا يقول لك: عذرا، لن نسمح لك بالدخول، هذا غير مقبول".
ومن جانبها، قالت والدة هيرش، راشيل غولدبرغ، إن ليس لديها أدنى فكرة عما إذا كان ابنها على قيد الحياة “أو إذا مات بالأمس، أو إذا مات قبل خمس دقائق".
في حديثها لشبكة " إن بي سي نيوز"، تحدثت ليز هيرش نفتالي، عمة أبيجيل إيدان، عن رؤيتها لمشهد اختطاف الطفلة البالغة من العمر 3 سنوات يوم 7 أكتوبر بينما أطلق مقاتلو حماس النار على والدتها وقتلوها وهربوا مع والدها وشقيقيها.
وقالت نفتالي: "كانت أبيجيل بين ذراعي والدها، وبينما كانوا يركضون، أطلق عليه إرهابي النار وقتله".
وأضافت: "علمنا أن أبيجيل زحفت بالفعل من تحت جسد والدها وذهبت مملوءة بدمه إلى أحد الجيران".
وقالت نفتالي إن "حماس اختطفت في وقت لاحق الجارة وأطفالها الثلاثة وأبيجيل".
وداخل إسرائيل، حيث تلصق وجوه الرهائن في كل مكان على الملصقات التي تعلن أنهم "مختطفون"، شن النشطاء حملة عدوانية لمطالبة الصليب الأحمر باتخاذ إجراءات أسرع.
وقد تم الاستماع لمناشدات عائلات المختطفين داخل مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف، والتي تم تصنيفها في عام 1949 كمنظمة محايدة في العالم مكلفة باكتشاف ونشر المعلومات حول الجرحى والمرضى والمحتجزين في أوقات الحرب.
لكن قادة المنظمة يصرون على أنهم يبذلون كل ما في وسعهم، علانية وخلف الكواليس، للتفاوض مع حماس.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الصليب الأحمر، جيسون سترازيوسو:" نحن نشاطرهم الإحباط، نحن نتفهم الألم، لكن نحن لسنا محصنين ضد الرصاص، وليس من الممكن بالنسبة لنا أن نسير في منطقة صراع في منطقة معادية دون إذن".
وأضاف أن الصليب الأحمر لديه نحو 130 موظفا في غزة، مما يمنحه بعض القدرة على توصيل المساعدات الإنسانية وزيارة مواقع الدمار الناجمة عن الحرب.
وأوضح سترازيوسو أن مسؤولي الصليب الأحمر كانوا يتحدثون مع حماس وإسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى حول حالة المختطفين، لكن تلك المحادثات كانت محاطة بالسرية.
مناقشات وصفقة "محتملة"
تجري الآن مناقشات منفصلة حول احتمال إطلاق سراح بعض المختطفين من خلال وسطاء، حيث تتواصل إسرائيل والولايات المتحدة مع "حماس فقط" عن طريق الرسائل التي ينقلها المفاوضون في مصر وقطر، حسبما توضح "نيويورك تايمز".
والإثنين، أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن أنه "يعتقد" أن التوصل إلى اتفاق للإفراج عن مختطفين تحتجزهم حركة حماس في قطاع غزة بات وشيكا.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، "نحن أقرب الآن مما كنا عليه من قبل".
وفجر الثلاثاء، قال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، إن الحركة "تقترب من التوصل لاتفاق هدنة" مع إسرائيل، بينما يستمر الهجوم على غزة وإطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وقال هنية، في بيان أرسله أحد مساعديه إلى رويترز، "سلمت الحركة ردها للإخوة في قطر والوسطاء، ونحن نقترب من التوصل لاتفاق الهدنة".
ولم ترد أي تفاصيل أخرى حول بنود الاتفاق المحتمل، وفقا لرويترز.
في المقابل، لم تعلق إسرائيل على ذلك بعد.
وتواصل موقع "الحرة" مع المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، ليور حياة، لكنه رفض التعليق على ما قاله هنية وما ذكرته التقارير الإعلامية حول قرب الهدنة مع حماس.
وفي أكتوبر، أكد أحد قادة حماس أن الحركة "لا تحتجز" جميع المختطفين الإسرائيليين الذين تم أخذهم إلى غزة وهو ادعاء من المرجح أن يعقد المفاوضات من أجل إطلاق سراحهم.
وقال عضو المكتب السياسي لحماس في لبنان، أسامة حمدان، إن جماعات أخرى، بما في ذلك حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الحليفة لحماس، تحتجز أيضا بعض المختطفين.
من ناحيتهما، قال مصدران مطلعان على المفاوضات الجارية حول الاتفاق بين إسرائيل وحماس لوكالة "فرانس برس" إن "الصفقة تتضمن هدنة لخمسة أيام تشمل وقفا شاملا لإطلاق النار والأعمال القتالية، ووقفا تاما لتحليق الطيران الإسرائيلي في سماء قطاع غزة، باستثناء مناطق الشمال حيث سيوقف تحليق الطيران لمدة ستّ ساعات يوميا فقط".
وأضاف المصدران أن "الصفقة تتضمن إطلاق سراح ما بين 50 ومئة" مختطف في قطاع غزة "لدى حماس والجهاد الإسلامي من المدنيين وحملة الجنسيات الأجنبية من غير الجنود، مقابل إفراج إسرائيل عن 300 أسير من الأطفال والنساء" الفلسطينيين.
وأوضح المصدران أن الإفراج عن هؤلاء "سيتم على مراحل، بمعدل عشرة أسرى من الإسرائيليين يوميا مقابل ثلاثين أسيرا فلسطينيا، على أن يتم الإفراج عمن يتبقّى في اليوم الأخير".
ويتضمن الاتفاق أيضا، وفق المصدرين، "إدخال ما بين مئة و300 شاحنة من المساعدات الغذائية والطبية بما في ذلك الوقود، إلى كافة مناطق القطاع، بما فيها الشمال".
ولفت المصدران إلى أن "حماس والجهاد الإسلامي أبلغتا الوسيط المصري بموافقتهما مبدئيا على بنود الصفقة"، مشيرين إلى أن "احتمالات التغيير في البنود تبقى قائمة".
وبحسب المصدرين فإن "إسرائيل أصرت على ترابط العائلة، أي أنه في حال الإفراج عن سيدة ينبغي الإفراج أيضا عن زوجها حتى لو كان عسكريا، وهو ما رفضته حماس، لكن مصر وقطر تعملان حاليا بتنسيق مع الإدارة الأميركية لإنهاء هذه النقطة".
وما أن تُحل هذه النقطة العالقة "سيتم إعلان موعد الهدنة الإنسانية لخمسة أيام قابلة للتجديد"، وفق المصدرين.
وفي أواخر أكتوبر، أنقذت القوات الإسرائيلية رهينة واحدة، وأطلقت حماس سراح أربعة آخرين قبل أسبوع تقريبا، ولكن لم تكن هناك اختراقات أخرى.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة أكثر من 13 ألفا و300 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلا عن إصابة ما يزيد على 30 ألف شخص، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، الإثنين.