البابا حذر في أكثر من مناسبة من خطورة المعاناة في غزة ودعا إلى وقف دائم لإطلاق النار
البابا حذر في أكثر من مناسبة من خطورة المعاناة في غزة ودعا إلى وقف دائم لإطلاق النار

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تفاصيل مكالمة هاتفية غير علنية "مشحونة" جرت مؤخرا بين البابا فرنسيس والرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ ناقشا خلالها الحرب في غزة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير مطلع على المكالمة، التي لم يتم الإبلاغ عنها مسبقا، القول إن البابا فرانسيس شدد لهرتسوغ أنه "ممنوع الرد على الترهيب بالترهيب".

وقالت الصحيفة إن المسؤول الإسرائيلي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أثناء مناقشة مسألة حساسة، مشيرة إلى أن كلمات البابا جاءت ردا على حديث الرئيس الإسرائيلي الذي كان يصف الرعب الذي أصاب بلاده من هجوم حماس في السابع من أكتوبر خلال المكالمة.

الصحيفة أشارت إلى أن هرتسوغ كرر موقف بلاده القائل بأن الحكومة الإسرائيلية تفعل ما هو مطلوب في غزة للدفاع عن شعبها، لكن البابا أبلغه أنه "ينبغي بالفعل محاسبة المسؤولين عن ذلك، وليس المدنيين".

وبالنظر إلى "التوتر" الذي تضمنته المكالمة لم تعلن إسرائيل عن حصولها، وفقا للصحيفة، التي أشارت إلى أن المعنى الضمني كان واضحا في تصريحات البابا ووصفه للحملة الإسرائيلية في غزة "بأنها عمل إرهابي".

ورفض متحدث باسم مكتب الرئيس الإسرائيلي التعليق على مضمون المكالمة الهاتفية مكتفيا بالقول: "لا نميل إلى الإشارة إلى محادثات خاصة".

وكان البابا أثار الجدل قبل ذلك في خطاب علني أدلى به في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان في 22 من هذا الشهر عندما قال: "هذا ما تفعله الحروب، لكننا تخطينا الحروب. هذه ليست حرب إنها إرهاب" من دون تحديد ما إذا كان يشير إلى الهجوم الذي شنته حركة حماس أو إلى العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة ردا على ذلك الهجوم، أو الإثنين معا.

ورفض الفاتيكان توضيح ما إذا كان البابا يصف العمليات الإسرائيلية في غزة علنا أو سرا بأنها "إرهاب"، لكنه ذكر في بيان لصحيفة واشنطن بوست أن المكالمة مع الرئيس الإسرائيلي حصلت بالفعل.

وجاء في البيان أن "المكالمة الهاتفية، مثل غيرها، تجري في سياق جهود البابا الرامية لاحتواء خطورة ونطاق وضع الصراع في الأراضي المقدسة".

في 22 من نوفمبر أيضا كان البابا قد عقد اجتماعين منفصلين: الأول مع أقارب الأشخاص الذين قتلوا في غزة والآخر مع عائلات الرهائن الذين احتجزتهم حماس.

وتنقل الصحيفة عن الأستاذة الفلسطنية شيرين هلال، التي فقدت اثنين من أفراد أسرتها، القول إن البابا بكى خلال اللقاء مع الفلسطينيين، وهم يتحدثون عن عدد القتلى الهائل. 

وقالت هي وآخرون من الحضور إن البابا استخدم كلمة "إبادة جماعية" باللغة الإنكليزية، مضيفة "كان يعرف بالضبط ما كان يحدث، ومدى صعوبة العيش في غزة".

وأكد متحدث باسم الفاتيكان للصحفيين بعد اللقاء أن البابا، على حد علمه، لم يقل كلمة "إبادة جماعية"، لكنه لم يستبعد ذلك بشكل قاطع. 

يشار إلى أن البابا حذر في أكثر من مناسبة من خطورة المعاناة في غزة ودعا إلى إرسال مزيد من المساعدات الإنسانية ووقف دائم لإطلاق النار. 

ويقول الفاتيكان إن البابا يحافظ أيضا على اتصالات يومية مع الكنيسة الكاثوليكية في غزة التي تؤوي 700 فلسطيني.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في أعقاب هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، أدى الى مقتل نحو 1200 شخص غالبيتهم من المدنيين وقضى معظمهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.

وخطفت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى 240 شخصا من إسرائيليين وأجانب في ذلك الهجوم.

ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف مدمّر على قطاع غزة أوقع أكثر من 15 ألف شخص، بينهم 5840 طفلا، وفق حكومة حماس.

ومنذ نحو أسبوع أُعلن التوصل لاتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس بوساطة قطرية جرى بموجبه اطلاق سراح عدد من الرهائن فيما افرجت إسرائيل بالمقابل عن معتقلين فلسطينيين.

جنود من الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
تم استدعاء 350 ألف شخص إلى الخدمة الاحتياطية بالجيش الإسرائيلي

في ظل الحملة العسكرية المستمرة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على حركة حماس في قطاع غزة منذ نحو عام، يتزايد "شعور الاستياء" لدى الكثير من الإسرائيليين الذين تم استدعاؤهم إلى قوات الاحتياط، خاصة مع طول فترة خدمتهم، وفق تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية.

ومن هؤلاء، يوآف أدومي، الذي أمضى ما يقرب من 6 أشهر في الخدمة الاحتياطية بالجيش، منذ اندلاع الحرب الذي انطلقت شرارتها في السابع من أكتوبر الماضي، عقب هجمات غير مسبوقة شنتها حماس على إسرائيل، مما أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب بيانات رسمية.

وردت إسرائيل على الهجمات، بإعلان الحرب وشن قصف مكثف وعمليات برية نجم عنها مقتل أكثر من 41 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في قطاع غزة.

وقال أدومي إنه ترك وراءه زوجته وأطفاله ووظيفته في مجال تكنولوجيا التأمين في تل أبيب، لأداء خدمة الاحتياط، ليكون بذلك واحدا من 350 ألفاً من المواطنين الذين وجدوا أنفسهم في الوضع عينه.

وقد اضطر مئات آلاف الرجال إلى التخلي عن التزاماتهم العائلية وإيقاف أعمالهم وتأجيل دراستهم للمشاركة في الحملة العسكرية في غزة، أو صد الهجمات الجوية التي يشنها حزب الله المدعوم من إيران، عبر الحدود، تجاه شمالي إسرائيل.

ومع وجود نحو 170 ألف فرد نشط بالجيش، من إجمالي عدد سكان يبلغ 10 ملايين نسمة، فإن جيش إسرائيل يعد كبيرا وفقاً للمعايير العالمية، لكنه لا يزال صغيراً بحيث لا يستطيع التعامل مع التهديدات التي تواجه البلاد من عدة جبهات في نفس الوقت، وفقا للوكالة الأميركية.

ويبدو أن شعار الجيش "صغير وذكي" الذي كانت تفتخر به إسرائيل، مع تفضيل التقدم التكنولوجي العالي على القوة البشرية، "لم يعد مناسبا" في الأوضاع الحالية.

ونوهت الوكالة الأميركية، بأن الأعباء التي يتحملها هؤلاء الجنود، "تكشف كفاح إسرائيل لتعزيز صفوف القوات المسلحة، مع منع نقص العمال من الإضرار بالاقتصاد، كل ذلك في حين يتصاعد الاستياء بسبب مقاومة مجتمع الحريديم للاستجابة لدعوة الخدمة الوطنية".

وفي الوقت نفسه، ذكرت أن "الدعم الشعبي الإسرائيلي للحرب لا يزال قوياً"، مشيرة إلى أن "الحاجة إلى التعزيزات العسكرية لا تظهر أية علامة على (قرب) الانتهاء".

"لسنا بنفس الكفاءة"

ويشعر أرباب العمل وكذلك جنود الاحتياط أنفسهم بالعبء، حيث تضطر الشركات إلى العمل بقوى عاملة مخفضة، حيث ساهم استدعاء مئات آلاف الرجال في العام الماضي بانخفاض النمو الاقتصادي إلى 2 بالمئة، أي ما يقرب من نصف المعدل الذي توقعته وزارة المالية قبل اندلاع الحرب، وذلك مع تباطؤ إضافي من المتوقع أن يصل إلى 1.1 بالمئة في عام 2024.

وفي هذا الصدد، وجد مناشيه تامير، مالك شركة تطوير معدات زراعية في كيبوتس إيلون، نفسه يكافح لسد الفجوات عندما تم استدعاء العديد من موظفيه، بما في ذلك مديرين رئيسيين (وهما ولديه) إلى قوات الاحتياط، عند اندلاع الحرب.

ومع وصول خدمة ولديه الاحتياطية إلى ما يقرب من 180 يوما، قال تامير: "توجب علينا أن نسد الفراغ الذي تركاه، ونفعل ما يفعلانه.. بالطبع هذا يبطئ الأمور، فنحن لسنا بنفس الكفاءة".

ونظرًا لأن التجنيد الجماعي لليهود المتشددين لا يبدو حلاً سهلاً، فقد اتخذ الجيش الإسرائيلي خطوات "قصيرة الأجل" لزيادة أعداد مقاتليه.

وتضمنت تلك الحلول، طرح مشروع قانون لتمديد الخدمة العسكرية لعدة أشهر، فضلاً عن تغيير اللوائح بما يرفع الحد الأقصى لسن الاستدعاء.

وكان المئات من الضباط والجنود المقاتلين السابقين، الذين تجاوزوا بالفعل الحد الأقصى للسن، للخدمة، قد تطوعوا للمشاركة في القتال.

ومن بين المتطوعين، وزير الاتصالات السابق يواز هندل (49 عامًا)، الذي ساعد في تنظيم كتيبة جديدة من جنود القوات الخاصة السابقين، ومعظمهم في الأربعينيات والخمسينيات من العمر.

وقال هندل إنه بالرغم من أنهم قد لا يكونون في حالة جيدة كما كانوا في العشرينيات من العمر، فإنهم "ما زالوا لائقين بما يكفي للقيام بالمهام العسكرية"، مضيفا أنهم "قاتلوا بنجاح" لعدة أشهر في غزة.

وتابع: "نحن بحاجة إلى التأكد من أن حدودنا آمنة بما فيه الكفاية، وأننا نعرف كيف نحمي شعب إسرائيل.. لا يوجد حل حقيقي آخر سوى وجود قوات على الأرض".