يخاطر القتال من أجل السيطرة على مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة "بوضع إسرائيل على مسار تصادمي" مع إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تقرير لها.
ودعت إدارة بايدن إسرائيل إلى تقليل الخسائر في صفوف المدنيين، والالتزام بهدف يتمثل في طرد حماس من السلطة.
في المقابل، فإن العمليات العسكرية الإسرائيلية في خان يونس من شأنها أن تزيد من سقوط ضحايا من المدنيين.
والخميس، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه "لا تزال هناك فجوة" بين نية إسرائيل لحماية المدنيين والنتائج على الأرض في غزة، مضيفا أن واشنطن "تتحدث مع إسرائيل بشكل منتظم بشأن حماية المدنيين".
وذكر في مؤتمر صحفي بواشنطن العاصمة عقب اجتماعه مع نظيره البريطاني، ديفيد كاميرون، أنه "يظل من الضروري أن تعطي إسرائيل الأولوية لحماية المدنيين"، مضيفا: "لا تزال هناك فجوة بين، مثل ما قلت بالضبط عندما كنت هناك، النية في حماية المدنيين والنتائج الفعلية التي نراها على الأرض".
وتعتبر خان يونس الواقعة جنوبي قطاع غزة، هدفا حاسما للجيش الإسرائيلي من الناحية الاستراتيجية والرمزية، على اعتبار أنها "أهم معقل عسكري متبقي لحماس"، وفقا للصحيفة.
وتضاعف سكان المدينة البالغ عددهم 400 ألف نسمة قبل الحرب، مع نزوح سكان المناطق الشمالية في وقت سابق بعد التوغل الإسرائيلي البري.
ويجعل ذلك، وفق "وول ستريت جورنال" من المدينة التي يعود تاريخها لقرون مضت، "ساحة معركة، حيث تقاتل إسرائيل المسلحين وسط الأحياء المزدحمة".
وبحسب الصحيفة ذاتها، فإن السيطرة على أكبر مدينة في جنوب غزة، "من شأنها أن تسمح للقوات الإسرائيلية بمحاصرة مسلحي حماس المتبقين، واقتلاع الجماعة (التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية)، من السلطة في قطاع غزة".
ومع دخول الحرب شهرها الثالث، تدور معارك عنيفة بين الجيش الإسرائيلي ومسلحي حماس في خان يونس، بعد أن وسعت إسرائيل توغلها البري من شمالي القطاع إلى جنوبه.
واندلعت الحرب في أعقاب هجمات شنتها حركة حماس على إسرائيل يوم 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل بقصف جوي مكثف على القطاع ترافق مع توغل بري منذ 27 أكتوبر، مما أوقع أكثر من 17 ألف قتيل، أغلبهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، بحسب سلطات غزة الصحية.
ووفق "وول ستريت جورنال"، فإنه "يتعين على إسرائيل أن تقرر ما إذا كانت ستواصل شن حرب تقليدية ضد ما تبقى من مسلحي حماس، من خلال الضربات الجوية والقوات البرية والمدفعية التي أضعفت القوة القتالية للمسلحين، لكنها تسببت أيضا في سقوط ضحايا من المدنيين".
كذلك، يمكن لإسرائيل أن "تبدأ في التحول إلى شن عمليات محدودة للقوات الخاصة، لاستهداف ما تبقى من خلايا حماس، وهو قتال من المحتمل أن يستمر لسنوات ويحظى بدعم الولايات المتحدة، لكنه يتطلب أيضا وجودا طويل الأمد يمكن انتقاده باعتباره احتلالا"، وفق الصحيفة.
"الأمور أكثر صعوبة"
وفي رحلته الثالثة لإسرائيل منذ اندلاع الحرب الأسبوع الماضي، قال بلينكن لمسؤولين في حكومة الحرب، إن إدارة بايدن تعتقد أن الصراع "يجب أن ينتهي في غضون أسابيع وليس أشهر"، حسبما قال مسؤولون أميركيون مطلعون على المناقشات.
وأضاف المسؤولون الذين لم تكشف الصحيفة عن هويتهم، أن "المسؤولين الإسرائيليين لم يقدموا أي ضمانات، لكنهم أعربوا عن اهتمامهم بالعودة إلى الحياة الطبيعية، حتى لا تتعرض البلاد لضربة اقتصادية".
وقال مسؤول أميركي: "إننا ندرك جميعا أنه كلما طال أمد هذه الحرب، أصبحت الأمور أكثر صعوبة على الجميع".
وقال بلينكن إنه أبلغ المسؤولين الإسرائيليين أن عدد القتلى المدنيين المرتفع بسبب العملية العسكرية الإسرائيلية شمالي غزة "يجب ألا يتكرر في الجنوب".
ومع ذلك، قال المسؤولون الأميركيون إنه "لم يتم تحديد أية عواقب واضحة". وأضافوا أن "حجب المساعدات الأميركية عن إسرائيل والعقوبات المحتملة الأخرى، ليست مطروحة على الطاولة بعد".
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين قولهم إنهم "يأملون بأن تؤدي حملة الضغط التي يقومون بها، إلى إقناع الإسرائيليين بالنظر في الحد من الخسائر في صفوف المدنيين كأمر حتمي".
كما أشاروا إلى "عدم رغبة نتانياهو في البداية في السماح بدخول المساعدات إلى غزة"، وهو الأمر الذي سمح به في النهاية.
وتزايدت مخاوف الولايات المتحدة بشأن الصراع والطريقة التي وصف بها الإسرائيليون أهدافهم بشكل علني.
وفي حين أن المسؤولين الأميركيين ظلوا لأسابيع يظهرون "توافقا" مع إسرائيل، فإن هناك إشارات على أن "الصبر على النهج الإسرائيلي الحالي بدأ ينفد"، وفق الصحيفة.
وقال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في كلمة ألقاها في منتدى ريغان للدفاع الوطني في كاليفورنيا، السبت: "لقد أوضحت مرارا لقادة إسرائيل أن حماية المدنيين الفلسطينيين في غزة هي مسؤولية أخلاقية وضرورة استراتيجية".
وأضاف: "لذلك قمت شخصيا بالضغط على القادة الإسرائيليين لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين، وتجنب الخطاب غير المسؤول، ومنع العنف من قبل المستوطنين في الضفة الغربية، وتوسيع نطاق الوصول إلى المساعدات الإنسانية بشكل كبير".
في المقابل، قال المتحدث العسكري الإسرائيلي، ريتشارد هيخت، إن إسرائيل "ليس لديها أي نية للتراجع حتى تتحقق أهدافها".
وتابع: "هذا يستغرق وقتا. قد تكون هناك مراحل معينة، لذلك إسرائيل لن تتراجع مهما استغرق الأمر".