ضغوط سياسية متزايدة على بنيامين نتانياهو لإبرام صفقة بشأن الرهائن
بنيامين نتانياهو

قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن رئيس الورزاء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، يتعرض لضغوط متزايدة ومتجددة، بشأن إعطاء الأولوية للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، وسط خلافات سياسية بهذا الشأن.

وذكرت الصحيفة أنه "مع إظهار استطلاعات رأي عامة حتى الشهر الماضي، أن أكثر من 57 في المئة من الإسرائيليين يعتبرون عودة الرهائن أكثر أهمية من الإطاحة بحركة حماس في غزة، واجه نتانياهو في نهاية هذا الأسبوع معارضة من داخل مجلس الحرب"، وفقاً لمصدر مطلع على المناقشات.

وتفاقمت المعضلة التي تواجهها حكومة نتانياهو في وقت متأخر الإثنين، بعد أن نشرت حركة حماس، المصنفة إرهابية، مقطعا مصورا يظهر 3 رهائن إسرائيليين يناشدون رئيس الوزارء شخصيا لإطلاق سراحهم.

وقالت نوا أرغاماني، إحدى الرهائن، في الفيديو: "أوقفوا هذا الجنون وأعيدونا إلى عائلاتنا بينما لا نزال على قيد الحياة". 

ويصر نتانياهو وقادته الأمنيون، كما فعلوا منذ بداية الحرب، على أن الضغط العسكري المستمر وتواصل القتال هو وحده القادر على تأمين عودة الرهائن.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الإثنين: "إذا توقفت الحرب الآن، فإن مصير الرهائن سيكون مؤجلا لسنوات عديدة"، مضيفا: "فقط من موقع القوة يمكننا ضمان إطلاق سراحهم".

وفي هذا الصدد، ظهرت تصدعات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي الذي تم تشكيله لإدارة الحملة العسكرية على قطاع غزة، وفق الصحيفة.

الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
إسرائيل تسحب آلاف الجنود من غزة.. هل تؤتي الضغوط ثمارها؟
سحبت إسرائيل الآلاف من جنودها في قطاع غزة بعد ضغوط من الولايات المتحدة تهدف إلى الانتقال إلى مرحلة أكثر دقة في الحرب التي تشنها ضد حركة حماس، وهي خطوة أثارت بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، مخاوف مسؤولين إسرائيل من تصاعد الأنشطة المسلحة في البلاد.

وطالب غادي آيزنكوت، وهو سياسي وسطي وقائد عسكري سابق، الحكومة بالبدء في "التفكير خارج الصندوق" وإظهار "الشجاعة" في السعي إلى التوصل إلى اتفاق أوسع مع حماس لإطلاق سراح الرهائن، وفقا لتقارير وسائل الإعلام المحلية.

وانضم آيزنكوت إلى ائتلاف نتانياهو مع زعيم حزبه، بيني غانتس، في أكتوبر، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان آيزنكوت وغانتس، اللذان يُنظر إليهما على أنهما أقل تشددا من رئيس الوزراء، سيذهبان إلى حد دعم وقف إطلاق نار مستدام لتمكين إطلاق سراح الرهائن.

ونظم أقارب الرهائن المتبقين مسيرة استمرت 24 ساعة في تل أبيب خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، لإحياء ذكرى مرور 100 يوم على اختطافهم خلال هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر.

وأعربت هاجر برودوتش، وهي واحدة من أكثر من 100 رهينة أطلق سراحهم خلال الهدنة الإنسانية المؤقتة في أواخر نوفمبر، عن مخاوفها الكبيرة بشأن مصير أولئك الذين ما زالوا محتجزين بقطاع غزة، مطالبة المجلس الوزاري الأمني المصغر أن يجعل إطلاق سراح المختطفين "على رأس أولوياته، وأن يوافق على أية صفقة تعيدهم إلى وطنهم".

ويتردد صدى هذا الشعور لدى عدد متزايد من السياسيين، إذ قال زعيم المعارضة، يائير لابيد، في نفس التجمع، إن إطلاق سراح الرهائن هو "هدف أكثر إلحاحا من الإطاحة بحماس في غزة".

وتابع: "يحيى السنوار (زعيم حماس في غزة) سنقتله عاجلا أم آجلا .. لكن يجب إعادة الرهائن إلى ديارهم الآن."

وتحاول قطر، إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، التفاوض على اتفاق جديد "متعدد المراحل" بين إسرائيل وحماس يتضمن هدنة ممتدة، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة.

وسيكون الهدف أيضًا استخدام الهدنة لتأمين وقف دائم لإطلاق النار، وفقًا لشخص مطلع على المحادثات.

لكن اعتبر وزراء يمينيون في الحكومة الإسرائيلية، أن مثل هذا الاتفاق "سيسمح لحماس بالبقاء والخروج من الحرب منتصرة"، وهي خطوة يرفضها الوزراء بشكل قاطع.

وهدد كل من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، (وهما سياسيان من اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم لنتانياهو)، في الأسابيع الأخيرة بإسقاط الحكومة، إذا توقف الهجوم ضد حماس.

ويرفض نتانياهو، الذي تراجعت شعبيته في استطلاعات رأي، الانفصال عن حلفائه السياسيين من اليمين المتطرف، من أجل ضمان بقائه السياسي، حسب "فاينانشال تايمز".

وفي مؤتمر صحفي عقده في نهاية الأسبوع الماضي، تحدث رئيس الوزراء عن "اعتبارات" الأمن القومي الأوسع نطاقا.

وقال: "تمامًا كما لا يمكننا أن نضع أنفسنا في مكانهم.. فهم أيضا (عائلات الرهائن) ورغم كل الأسى والألم والحزن والمعاناة، لا يمكنهم وضع أنفسهم في مكان القيادة السياسية التي تحتاج إلى اتخاذ القرارات الصعبة".

وعاد نتانياهو، الخميس، للتأكيد على أن بلاده مستمرة في الحرب، معلنا أيضا رفضه إقامة دولة فلسطينية، وهو أمر أكدت الإدارة الأميركية، أهم حليف لإسرائيل، إلى جانب دول عربية، على ضرورة تطبيقه في مرحلة ما بعد الحرب. وكانت الولايات المتحدة قد دعت أيضا إسرائيل مرارا، إلى اتباع تكتيكات عسكرية أكثر استهدافا.

وفي السابع من أكتوبر، قتل مسلحو حماس ما لا يقل عن 1200 شخص، أغلبهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات الإسرائيلية.

كما اختطفت حركة حماس أكثر من 240 رهينة، وذلك قبل الإفراج عن أكثر من 100 منهم خلال الهدنة الإنسانية في أواخر نوفمبر.

في المقابل، أدى القصف الإسرائيلي والعمليات البرية إلى مقتل أكثر من 24 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات الصحية في القطاع الفلسطيني الذي تحكمه حركة حماس منذ عام 2007.

This combination of photos shows Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu, left, in Ramat Gan, Israel, on June 8, 2024, and…
مدعي المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار أوامر اعتقال للسنوار ونتانياهو

جدد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، دعوته للدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة إلى إصدار أوامر الاعتقال التي طلبها، في مايو الماضي، بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، وكذلك زعيم حماس يحيى السنوار "بأقصى سرعة".

وفي مذكرة قدمها، الأسبوع الجاري، قال خان إن أوامر الاعتقال ضرورية بسبب "الجرائم المستمرة والوضع المتدهور في فلسطين" بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس اللتان استنكرتا طلب إصدار مذكرات الاعتقال.

وأثارت دعوة خان تساؤلات بشأن السبب وراء عدم إصدار أوامر الاعتقال حتى الآن، وهوية القضاة الذين ينظرون في طلبه.

خلفيات أوامر الاعتقال

يستند طلب خان إلى الأدلة التي تم جمعها منذ الهجمات التي وقعت، في السابع من أكتوبر، عندما قتلت حماس نحو 1200 إسرائيلي واحتجزت 250 آخرين كرهائن، وبدء العمل العسكري الانتقامي الإسرائيلي في غزة. ومنذ ذلك الحين، قُتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وشرد مئات الآلاف غيرهم وأصبحوا يواجهون المجاعة.

وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج مايسون الأميركية، فادي جورج، لموقع "الحرة" إن دعوة خان تؤكد أن "السنوار مسؤول جنائي عن الفظائع بما في ذلك القتل واحتجاز الرهائن والتعذيب والعنف الجنسي منذ السابع من أكتوبر على الأقل، في حين أن نتانياهو وغالانت مسؤولان جنائيا عن استهداف المدنيين والقتل العمد واستخدام تجويع المدنيين كسلاح حرب، من بين جرائم أخرى في غزة منذ الثامن من أكتوبر على الأقل".

وتنفي إسرائيل تجويع المدنيين في غزة وتقول إنها تحرص على حماية المدنيين في عملياتها العسكرية ضد حماس المصنفة إرهابية في أميركا والاتحاد الأوروبي.

وأضاف جورج أن "لفظة (على الأقل) مهمة، إذ يركز خان على الحرب الحالية، لكنه يفحص أيضًا مجموعة أوسع من الانتهاكات (بما في ذلك الإبادة الجماعية المفترضة من قبل حماس و/أو إسرائيل) على مدى فترة زمنية أطول. وقد قدمت وزارة العدل الأميركية بشكل منفصل اتهامات جنائية ضد قادة حماس".

وتابع أن "التحقيق يمتد على مدى عقد من الزمان، بدءا من عام 2015 عندما قبلت السلطة الفلسطينية اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم الفظيعة المفترضة (مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية) في قطاع غزة والضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية) اعتباراً من 13 يونيو 2014 فصاعداً".

وقال "وكانت -دولة فلسطين- التي تمثلها رسمياً منظمة التحرير الفلسطينية، دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة منذ عام 2012. ويسمح هذا التصنيف لها بالانضمام إلى معاهدات مثل نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".

وأضاف "وهناك حكومتان متنافستان في الأراضي الفلسطينية، هما السلطة الفلسطينية التي تتحدث باسم منظمة التحرير الفلسطينية، وتحكم الضفة الغربية، وبدأت التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية، وسلطة حماس في غزة. وكانت حماس جزءا من السلطة الفلسطينية لفترة وجيزة، بعد فوزها في الانتخابات العامة عام 2006 في غزة والضفة الغربية، لكنها انفصلت عندما رفضت فتح، الفصيل المنافس، الاعتراف بنتائج الانتخابات".

وأوضح "نظرا أن نشطاء حماس من مواطني الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، فإنهم ينطبق عليهم قرار الملاحقة القضائية عن الفظائع التي ارتكبت في إسرائيل أو فلسطين؛ أما الأفراد الإسرائيليون، باعتبارهم مواطنين غير أعضاء، فإنهم مسؤولون فقط عن الفظائع التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينية".

ويرى أنه "سواء أدت في نهاية المطاف إلى اعتقالات أم لا، فإن أوامر الاعتقال مهمة، ولا ينبغي لحلفاء حماس وإسرائيل أن يهاجموا المحكمة الجنائية الدولية بسبب نتائجها. فالقيام بذلك يقوض القانون الدولي ويعرض العدالة الدولية للخطر بالنسبة لضحايا الجرائم الفظيعة الإسرائيليين والفلسطينيين".

هل يستغرق القضاة وقتًا طويلاً عادة؟

وقال أستاذ القانون الدولي بالجامعة الأميركية بالقاهرة، سليم عبدالمحسن، لموقع "الحرة" إنه "لا يوجد وقت محدد لقضاة المحكمة الجنائية الدولية للمداولة، لكنهم يستغرقون وقتًا أطول في هذه القضية مقارنة بما فعلوه مع مذكرات الاعتقال البارزة الأخيرة".

وأضاف أنه "في الماضي، كان قضاة المحكمة الجنائية الدولية يستغرقون بضعة أسابيع إلى عدة أشهر لإصدار أوامر الاعتقال، لكنهم يقبلون دائماً تقريباً طلبات المدعي العام. وعندما طلب المدعون العامون إصدار أمر بالقبض على الزعيم السوداني عمر البشير في يوليو 2008، وافق القضاة على الطلب في مارس من العام التالي".

وتابع "لكن على العكس من ذلك، ففي عام 2023، استغرق القضاة ثلاثة أسابيع فقط لإصدار أوامر اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وأحد نوابه بتهمة الترحيل غير القانوني ونقل الأطفال الأوكرانيين إلى روسيا".

لكن فيما يتعلق بالقضية الحالية، يرى عبدالمحسن أنه "قد يستغرق القضاة في إصدار هذا القرار وقتًا أطول لأسباب عديدة، بما في ذلك عدد الجناة والانتهاكات، والعديد من ملاحظات أصدقاء المحكمة (أو المذكرات التي قدمها المدافعون الخارجيون) التي قدمتها الدول والمجموعات الأخرى للنظر فيها".

وقال إنه "قد يرغب القضاة أيضًا في اتخاذ قرار بشأن جميع أوامر الاعتقال قبل إصدار إعلان لأنه إذا فكرنا في هذا الافتراض أنه إذا أصدر القضاة أوامر اعتقال لقادة حماس أولاً ثم فعلوا ذلك لقادة إسرائيليين في وقت لاحق، فقد يواجهون نوعين من ردود الفعل العنيفة، وهما إما أن يتم اتهامهم بأنهم متحيزين ضد الفلسطينيين، أو مستسلمين للضغوط من قبل الإسرائيليين. ولذلك، سيكون هناك رد فعل عنيف مهما حدث، لكن رد الفعل على جبهة واحدة يبدو أفضل من رد الفعل على جبهتين".

وتحدث الخبير القانوني عن الضغوط التي تواجهها المحكمة حاليا والتي قد تكون سببا وراء عدم إصدار القرار حتى الآن، وقال "لقد تحدى المسؤولون الإسرائيليون والرئيس الأميركي، جو بايدن، وآخرون ما يرون أنه تكافؤ أخلاقي زائف في الاتهامات الموجهة إلى كل من حماس والقادة الإسرائيليين. لكن وظيفة المدعي العام ليست إصدار أحكام أخلاقية، بل تطبيق القانون".

وأضاف أن"خان أشار بشكل غير مباشر إلى محاولة التدخل في تحقيقه وهدد باتخاذ إجراء قانوني بموجب المادة 70 من نظام روما، والتي تنص على فرض غرامات وسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات للأفراد الذين يعرقلون العدالة".

وتابع "وبعد أسبوع، ذكرت صحيفة (غارديان) أن إسرائيل نشرت وكالاتها الاستخباراتية لمراقبة واختراق وضغط وتشويه سمعة وتهديد كبار موظفي المحكمة الجنائية الدولية في محاولة لعرقلة تحقيقات المحكمة، ومن المرجح أن تكون هذه الإجراءات التي كان خان يشير إليها، رغم أن المتحدث الإسرائيلي نفى هذه المزاعم".

ويرى عبدالمحسن أن هذه "لن تكون المرة الأولى، أو على الأرجح الأخيرة، التي تواجه فيها المحكمة الجنائية الدولية الترهيب. وخلال إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مسؤولي المحكمة، وقد تفعل ذلك مرة أخرى. وحذر بعض المشرعين، (استهدفوا إسرائيل وستستهدفكم). لكن آخرين تحدثوا ضد مثل هذه التهديدات، بما في ذلك البيت الأبيض".

ومع ذلك، وصف بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن تصرفات خان بأنها "شائنة" و "مخزية"، ما عزز فكرة أن النظام غير عادل. وذهب المسؤولون الإسرائيليون إلى أبعد من ذلك، حيث اتهموا المحكمة الجنائية الدولية بالتحيز المعادي للسامية.

وبشأن مدى أهمية أوامر الاعتقال، قال أستاذ القانون الدولي: "لا تسفر أوامر الاعتقال دائماً عن اعتقالات بكل تأكيد، ولكنها لا تزال مهمة، فهي تحمل قيمة رمزية، وتضع المتهمين في خانة المنبوذين دولياً وتعترف بمعاناة الضحايا".

وأضاف أن "مجرد إمكانية إصدار أوامر الاعتقال يجعل من الصعب على الحلفاء الاستمرار في تقديم المساعدات العسكرية والدبلوماسية. وفي الأسابيع الأخيرة، سحبت حكومات أجنبية، مثل المملكة المتحدة، المساعدات التي تعتقد أن إسرائيل قد تستخدمها لانتهاك القانون الدولي".

وتابع "وتعني أوامر الاعتقال أيضاً أن أعضاء المحكمة الجنائية الدولية- 124 دولة ــ لديهم التزام قانوني باعتقال المشتبه بهم الذين يدخلون أراضيهم (بموجب المادة 59 من نظام روما الأساسي) والتعاون مع إجراءات المحكمة (بموجب المادة 86). لكن البلدان لا تمتثل دائماً".

وأوضح أنه "على سبيل المثال، فشلت جنوب أفريقيا في اعتقال الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، خلال قمة الاتحاد الأفريقي في جوهانسبرغ عام 2015. لكن في عام 2023، وافق الرئيس سيريل رامافوزا على عدم حضور بوتن لقمة البريكس في جوهانسبرغ. وكان بوتن قد هدد بإعلان الحرب إذا حاولت حكومة رامافوزا اعتقاله، لكن في النهاية، تجنب الزعيمان المواجهة".

من هم القضاة؟

قدم خان، في مايو، طلبات للحصول على أوامر اعتقال أمام الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تضم 4 قضاة، 3 سيدات ورجل، حسب موقع المحكمة.

وتضم الدائرة القاضي نيكولاس غيلو، فرنسي الجنسية، وقبل انتخابه قاضيًا في المحكمة الجنائية الدولية، شغل منصب قاضي ما قبل المحاكمة في دوائر كوسوفو المتخصصة لمدة أربع سنوات. وفي السابق، عمل رئيسًا لديوان رئيس المحكمة الخاصة بلبنان (2015-2019) ومدعيًا عامًا للاتصال في وزارة العدل الأميركية (2012-2015) حيث سهّل التعاون القضائي في المسائل الجنائية والمدنية.

وبين عامي 2006 و2012، شغل القاضي غيلو عدة مناصب في وزارة العدل الفرنسية كنائب رئيس قسم القانون التجاري، ومستشار الوزير للشؤون الجنائية ومستشار الوزير الدبلوماسي.

وبدأ غيلو حياته المهنية كقاضي تحقيق، وحصل على درجة الماجستير في القانون الجنائي الدولي والأوروبي في جامعة السوربون. وتخرج في المدرسة الوطنية الفرنسية للقضاء، حيث يقوم بانتظام بتدريس وإدارة برامج تدريبية للقضاة في مجال العدالة الدولية.

كما تضم الدائرة القاضية رين ألابيني جانسو، من بنين. وقبل انضمامها إلى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2018، أمضت جانسو 12 عامًا في اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، كرئيسة للجنة (2009-2012)، ومقررة خاصة معنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان في أفريقيا (2005-2009 و2012-2017).

وكانت عضوًا في العديد من لجان التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، وترأست فريق العمل المشترك المعني بالإجراءات الخاصة للأمم المتحدة واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. وفي عام 2011، تم تعيينها قاضية في محكمة التحكيم الدائمة.

والقاضية الثالثة التي تضمها الدائرة هي يوليا موتوك من رومانيا. وقبل انضمامها إلى المحكمة الجنائية الدولية، كانت موتوك قاضية في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (2013-2023) وأستاذة في القانون الدولي. وشغلت منصب المقرر الخاص للأمم المتحدة في الكونغو الديمقراطية حيث قامت بالإبلاغ عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. القاضية موتوك عضو في معهد القانون الدولي.

وباعتبارها قاضية في المحكمة الدستورية في رومانيا وقاضية في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تعاملت موتوك مع قضايا خطيرة ومعقدة بما في ذلك الفساد والعنف الجنسي والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، في قضايا مثل قضية دريلينجاس ضد ليتوانيا وقضايا بين الدول مثل قضية أوكرانيا وهولندا ضد روسيا أو قضية تشيراجوف وآخرين ضد أرمينيا وقضية سركيسيان ضد أذربيجان.

والقاضية الرابعة هي سوكورو فلوريس لييرا من المكسيك. وقبل انضمامها إلى المحكمة الجنائية الدولية، كانت لييرا تتمتع بمسيرة مهنية متميزة في السلك الدبلوماسي المكسيكي، حيث شغلت عددًا من المناصب العليا، وكان آخرها (2017-2021) منصب الممثلة الدائمة للمكسيك لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى التي تتخذ من جنيف مقرًا لها. ومن بين وظائفها الأخرى، شغلت منصب نائب رئيس مجلس حقوق الإنسان لعام 2020.