إسرائيل عازمة على تنفيذ عملية عسكرية في رفح رغم التحذيرات الدولية
إسرائيل عازمة على تنفيذ عملية عسكرية في رفح رغم التحذيرات الدولية

أثار تقييم استخباراتي أميركي جديد شكوكا بشأن ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، سيبقى في السلطة، وسط تحذيرات من "خطر يحيط بالائتلاف اليميني" في إسرائيل، وفي الوقت ذاته تجدد الاحتجاجات في الشارع.

ويكشف مختصون لموقع "الحرة" مدى إمكانية تسبب تلك العوامل في تغيير حكومي وانهيار ائتلاف نتانياهو اليميني. 

والاثنين، كشف تقييم جديد للمخابرات الأميركية، يحمل اسم "التهديد السنوي لعام 2024"، عن مخاوف بشأن رؤية إسرائيل لإنهاء الحرب، وقال إن ائتلاف نتانياهو "قد يكون في خطر".

وحاول موقع "الحرة" التواصل مع المتحدث باسم الحكومة، ديفيد باكير، إلا أنه رفض التعليق على ذلك. 

وتعمقت واتسعت حالة عدم الثقة في قدرة نتنياهو على الحكم لدى الجمهور من مستوياتها المرتفعة بالفعل قبل الحرب، بحسب التقرير الذي توقع احتجاجات كبيرة تطالب باستقالته وإجراء انتخابات جديدة.

ويتفق المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، مع ما جاء بالتقرير الاستخباراتي، ويقول: "بالفعل هذا صحيح.. والشارع في إسرائيل يرغب في التغيير".

ويتابع: "التغيير قادم لا محالة ".. لكن السؤال هو متى يحدث ذلك؟، وهل يمكن طرح الخلافات الكبيرة داخل الحكومة الإسرائيلية، بينما الحرب في غزة ما زالت مستمرة"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويتحدث شتيرن عن "أزمات تؤثر على تركيبة الائتلاف الحكومي، وانقسامات داخل حزب الليكود نفسه"، إذ يتسم الوضع العام في إسرائيلي بـ"غياب الثقة في نتانياهو".

من جانبه، يؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي، مردخاي كيدار، أن "الائتلاف اليميني في خطر، لكن ذلك لم يصل للحد المؤثر على استمرار نتانياهو في منصبه".

وطالما أن نتانياهو يحظى بالأغلبية فسوف يستمر كرئيس للحكومة، لكن "الوضع قد يتغير وجميع السيناريوهات مفتوحة"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

وخلال الفترة الماضية، عمت التظاهرات الشارع الإسرائيلي، وربما تتجدد هذا التظاهرات خلال الفترة المقبلة، ويكون هناك "انتقادات مباشرة ومطالب بالتغيير"، حسبما يوضح كيدار.

ومساء السبت، تظاهر آلاف الأشخاص في تل أبيب للمطالبة برحيل حكومة نتانياهو "الفاسدة" وتضميد جراح "بلد مزقته" صدمة 7 أكتوبر، هاتفين "انتخابات! الآن!" و"أعيدوا الرهائن!".

وهتف الحشد بلا كلل "انتخابات! الآن! الآن! عار! عار! عار على الحكومة"، وفق وكالة "فرانس برس".

وتداخلت السياسة والمشاعر إلى حد كبير في التظاهرة التي رفعت خلالها شعارات لاذعة تنتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بينما كُتبت على القمصان واللافتات عبارة "أعيدوا الرهائن إلى الوطن".

وحتى الآن، لا يزال 130 رهينة، بينهم 31 يُعتقد أنهم لقوا حتفهم، محتجزين في غزة، وفق السلطات الإسرائيلية.

وضم الحشد رجالا ونساء اعتادوا التظاهرات الضخمة التي شهدتها إسرائيل على مدى أشهر للاحتجاج على إصلاح قضائي أراده نتانياهو.

مؤشرات على "غياب الثقة"؟

يرى شتيرن في الانتخابات البلدية الإسرائيلية "مؤشرا على غياب الثقة في حكومة نتانياهو"، لكونها مقياسا للمزاج العام في إسرائيل.

وفي كثير من البلدات تم استبعاد قوائم حزب الليكود الحاكم، وهناك شعور عام  في الشارع، بأن حزب نتانياهو "فشل" ويجب الابتعاد عنه، ويمكن أن نرى ذلك أيضا في "أي انتخابات مقبلة"، حسب المحلل السياسي الإسرائيلي.

ويتفق معه كيدار، ويؤكد أن كثيرا من المصوتين للتيار اليميني اتجهوا خلال "انتخابات البلدية"، لأحزاب أخرى، وعلى رأسها حزب "الوحدة الوطنية" الذي يترأسه بيني غانتس، وحزب "هناك مستقبل" برئاسة يائير لابيد.

وتشير استطلاعات الرأي العام في إسرائيل إلى استمرار تراجع شعبية نتانياهو وحزبه "الليكود".

وتظهر أحدث استطلاعات الرأي أن حزب الوحدة الوطنية بزعامة بيني غانتس المرشح الأوفر حظا لاحتلال الصدارة في أي انتخابات تجرى اليوم.

وتشهد حكومة الحرب الإسرائيلية، منافسة سياسية بين نتانياهو وغانتس، المتقدم في نوايا التصويت، وفق وكالة "فرانس برس".

وتضم حكومة الحرب 5 أعضاء أبرزهم نتانياهو وغانتس ووزير الدفاع، يوآف غالانت.

ووافق غانتس، وهو خصم نتانياهو السياسي، ووزير الدفاع السابق على الانضمام إلى "حكومة الحرب" بعد هجوم السابع من أكتوبر.

متى يحدث التغيير؟

يشير كيدار، إلى أن "تغيير نتانياهو من عدمه يتوقف على فقدانه الأغلبية في الكنيست".

ويلزم تشكيل حكومة الحصول على تأييد 61 نائبا على الأقل من الكنيست، ولدى معسكر نتانياهو 64 مقعدا.

وتغيير رئيس الوزراء سيكون عبر "الانتخابات فقط"، ولن يتم عزل نتانياهو، من خلال الاحتجاجات والتظاهرات، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.

ومن جانبه، يؤكد شتيرن أن على "المدى القصير وفي الوقت الراهن"، هناك "التفاف" حول نتانياهو رئيسا للوزراء، طالما هناك تقدم في العملية العسكرية، ومازال الرهائن الإسرائيليين في يد حماس، وفق شتيرن.

وبالتالي فالتغيير الحكومي لن يحدث بشكل فوري، لكن في المستقبل القريب فإن "تشكيل حكومة مختلفة وأكثر اعتدالا أمر محتمل"، حسبما يؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي.

ويرى شتيرن أن "الوضع في إسرائيل ضبابي"، متسائلا:" هل تستمر الحرب؟ وهل يجتاح الجيش الإسرائيلي رفح بريا، وهل سيتم عقد صفقة بشأن الرهائن مع حماس؟".

ويشدد المحلل السياسي الإسرائيلي، على أن إجابة تلك الأسئلة تنعكس على "استمرار نتانياهو في منصبه من عدمه، في ظل الغضب الشعبي وعدم الثقة في رئيس الحكومة الحالي".

واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، تسببت بمقتل أكثر من 31 ألف شخص غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة أكثر من 72 ألفا، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في قطاع غزة.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية
الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية

 يحاول المسؤولون الإسرائيليون التظاهر بعدم الاكتراث في تعاملهم مع تجاهل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لهم في رحلته إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، لكن الواقع هو أن قراره يزيد القلق في إسرائيل بشأن وضعها بالنسبة لأولويات واشنطن.

فبعد أيام قليلة من الإعلان عن خطط لعملية عسكرية موسعة في غزة، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس الأحد إن الولايات المتحدة أبلغته باتفاق لإطلاق سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي، إيدان ألكسندر، بعد محادثات بين واشنطن وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) لم تشمل إسرائيل.

وأثار ترامب، الذي سيزور السعودية وقطر والإمارات، ذعر إسرائيل الأسبوع الماضي بإعلانه فجأة أن الولايات المتحدة ستتوقف عن قصف الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، بعد أيام من سقوط صاروخ أطلقته الحركة بالقرب من المطار الرئيسي في إسرائيل.

وكتب إيتمار آيشنر المراسل الدبلوماسي لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في تعليق يعكس ما قاله معلقون إعلاميون عبر مختلف ألوان الطيف السياسي، "كانت الرسالة واضحة للمنطقة: إسرائيل لم تعد على رأس أولويات الولايات المتحدة".

وقال مسؤول إسرائيلي إن إعلان ترامب بشأن الحوثيين كان "محرجا إلى حد ما" وإن تصرف الرئيس "سلاح ذو حدين".

وتعقد إسرائيل محادثات مع الولايات المتحدة بشأن مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب، ويقول مسؤولون إن العلاقات على المستوى الرسمي لا تزال قوية، لكن بعض المسؤولين يُقرون بصدمتهم من قرارات ترامب.

وقال مسؤول كبير في دائرة نتانياهو، طلب عدم الكشف عن هويته، إن هناك "فوضى" في إدارة ترامب، حيث يعتمد كل شيء على ما يقرره الرئيس في أي لحظة. وأضاف المسؤول أن ذلك يُفيد إسرائيل أحيانا ويُضر بها أحيانا أخرى.

وزاد القرار المتعلق بالحوثيين، الذي لم يُناقش مع إسرائيل مُسبقا، قلق إسرائيل إزاء المحادثات الأميركية مع إيران بشأن برنامج طهران النووي، والتي قد تضعف أي تهديد إسرائيلي بعمل عسكري ضد عدوها اللدود.

وزاد قلق إسرائيل أكثر بعد أن ذكرت وكالة رويترز أن الولايات المتحدة لم تعد تطالب السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل كشرط لإحراز تقدم في محادثات التعاون النووي المدني.

وقال وزير الخارجية، جدعون ساعر، أمس الأحد "نحن ننسق. هذا لا يعني ضرورة الاتفاق التام 100 بالمئة على كل قضية. الولايات المتحدة دولة ذات سيادة. إسرائيل دولة ذات سيادة. لكنني أعتقد أن لدينا أرضية مشتركة كبيرة للغاية في المواقف مع هذه الإدارة أكثر من أي وقت مضى".

وعقد آدم بولر مفاوض ترامب بشأن الرهائن في مارس ما وصفته حماس باجتماعات "مفيدة للغاية" مع الحركة، تجاوزت إسرائيل وركزت على إطلاق سراح ألكسندر.

وفي الأسبوع الماضي، نفى السفير الأميركي، مايك هاكابي، أن يكون ترامب ينأى بنفسه عن إسرائيل. وقال إن العلاقة غالبا ما توصف بأنها متينة، وأن "هذه الكلمة لا تزال سارية".

وأضاف "لقد كان الرئيس ثابتا في دعمه وشراكته، وليس لدي ما يدعو للاعتقاد بأن ذلك لن يستمر".

"فوضى"

تعرض نتانياهو وحكومته لانتقادات، الاثنين، على الرغم حتى من تطلع الإسرائيليين لإطلاق سراح ألكسندر، مع زيادة الإدراك لدى الجمهور بأن للدولتين الحليفتين أولويات مختلفة.

قال جاك جوتليب وهو متقاعد من تل أبيب "كل ما هنالك أنه لا توجد قيادة الآن". وأضاف أنه "لا شك" في أن الصفقة أُبرمت من وراء ظهر نتانياهو، أو أن برنامجي العمل الأميركي والإسرائيلي يختلفان في الوقت الراهن.

ومضى يقول "في الوقت الحالي، كل يركز على مصلحته".

ولم يكن أمام نتانياهو خيار سوى قبول قرار التوقف عن قصف الحوثيين، الذين أوضحوا أنهم لن يتوقفوا عن محاولة ضرب إسرائيل بإطلاق صاروخ آخر بعد ذلك ببضعة أيام.

اعتمدت إسرائيل على الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي منذ قيامها عام 1948. وأي تراجع في الاهتمام الأميركي، في ظل الضغوط الدولية التي تواجهها إسرائيل بسبب حرب غزة، من شأنه أن يشكل ضربة قاسية.

وسلط قرار إسقاط مطلب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل الأضواء على الضرر الذي لحق بإسرائيل على الصعيد الدولي بسبب هذه القضية. والهدف من إسقاطه تجاوز إصرار الرياض على موافقة إسرائيل على التحرك نحو تسوية مع الفلسطينيين.

كان ضم السعودية إلى الإمارات والبحرين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم خلال ولاية ترامب الأولى هدفا رئيسيا لنتانياهو، لكنه تأجل إلى أجل غير مسمى على ما يبدو.

وواجه جو بايدن، سلف ترامب، انتقادات لاذعة من المتشددين الإسرائيليين بعد وقف تصدير بعض الذخائر الثقيلة التي تستخدم في غزة وفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين ينتهجون العنف في الضفة الغربية.

وعلى النقيض من ذلك، تحدى ترامب في ولايته الأولى الرأي العام العالمي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، التي تعتبرها إسرائيل عاصمة لها، واعترف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان التي احتلتها من سوريا في حرب عام 1967.

وقال مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق إنهم يدركون المخاطر التي تواجهها إسرائيل في ظل وجود رئيس لا يمكن التنبؤ بسلوكه مثل ترامب، والذي لم يبد أي تردد في الانقلاب على حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين.

وقال أحدهم "لكن ليس لدينا خيار آخر".