نتانياهو رد على بايدن
نتانياهو رد على بايدن

يجد، بنيامين نتانياهو، نفسه تحت ضغط متزايد في ظل التظاهرات التي تنظمها المعارضة وعائلات الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بعد مرور حوالى ستة أشهر على بدء الحرب.

غير أن خبراء يرون أنه سيكون من الصعب الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي الذي عرف كيف ينجو من أزمات عديدة في السابق.

ويتعرض المسار الذي اتخذته الحرب ضد حركة حماس في غزة بعد الهجوم الذي شنته الأخيرة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، لانتقادات متزايدة بينما أثار مقتل سبعة من العاملين في مجال الإغاثة في قطاع غزة الإثنين جراء غارة إسرائيلية، موجة من السخط الدولي.

ومن المقرر تنظيم تظاهرة جديدة لمعارضي نتانياهو ولعائلات الرهائن مساء الأربعاء أمام الكنيست في القدس، لليلة الرابعة.

ويتهم نتانياهو، الذي يرأس الحكومة وحزب الليكود (يمين)، بالمسؤولية عن الإخفاقات الأمنية والعيوب الاستخبارية التي سهلت الهجوم غير المسبوق الذي وقع في السابع من أكتوبر وأسفر عن مقتل 1160 شخصا في إسرائيل، غالبيتهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.

وردا على ذلك، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس، وتشن منذ ذلك الحين قصفا مكثفا، كما بدأت هجوما بريا في 27 أكتوبر، ما أدى الى مقتل حوالى 33 ألف شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

تراجع شعبيته

في الأسابيع الأخيرة، تضاعفت التظاهرات ضد نتانياهو، وشارك فيها عشرات الآلاف في نهاية الأسبوع، خصوصا في تل أبيب. ويرى المحتجون أن الانقسامات السياسية العميقة التي نتجت من الإصلاح القضائي الذي أجراه رئيس الحكومة العام الماضي قد أضعفت البلاد. وكان قد اتهمه منتقدوه، أثناء محاكمته في عدة قضايا فساد، بتضارب المصالح وبأنّه أراد القيام بهذا الإصلاح للهروب من مشاكله القانونية.

وبعد انخفاض شعبيته منذ السابع من أكتوبر، أصبح نتانياهو ضعيفا سياسيا وأيضا جسديا. فقد بدا شاحبا ومتعبا مساء الأحد، خلال مؤتمر صحفي عُقد قبل وقت قصير من خضوعه لعملية فتق، كما بدا أكثر شحوبا عندما غادر المستشفى الثلاثاء.

ولكن إيمانويل نافون استاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، يشير في حديث إلى وكالة فرانس برس، إلى أن نتانياهو "كان قد اعتُبر ميتا سياسيا في مناسبات عدة، غير أنه كان قادرا على العودة" خلال مسيرته السياسية التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاما، منها 16 عاما رئيسا للوزراء.

وواجه نتانياهو العام الماضي إحدى أكبر حركات الاحتجاج الشعبية في تاريخ البلاد ضد الإصلاح القضائي، وكانت تلك التظاهرات أكبر من التي تنظّم في الفترة الحالية.

ولكن فضلا عن احتجاجات المعارضة، يتوجب على نتانياهو الآن مواجهة غضب عائلات الرهائن والجدل الدائر حول إعفاء اليهود المتشددين من التجنيد، الأمر الذي يتعرّض لانتقادات متزايدة في ظلّ استمرار الحرب في غزة.

وبينما كان من شأن هجوم مثل ذاك الذي وقع في السابع من أكتوبر أن ينهي الحياة السياسية لأي زعيم آخر، إلا أن نافون الذي كان عضوا في حزب الليكود يشير إلى أنّ نتانياهو "لا يمكن عزله من الداخل"، موضحا أنه "حول الليكود إلى شركة عائلية، حيث لا يوجد من يعارضه".

"من بعدي الطوفان"

وفي السياق، يقول جدعون راهات أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس "لا أعتقد أنّه سيتمّ استبداله من داخل الليكود، على الأقل ليس الآن"، مضيفا أنه "من أجل إجراء انتخابات مبكرة، يجب أن تكون هناك حكومة بديلة ولا أعتقد أنّ ذلك سيحدث".

ويعرب راهات عن اعتقاده بأن استمرار الحرب في غزة هي مسألة بقاء سياسي بالنسبة إلى نتانياهو، مضيفا "طالما استمرت الحرب، يمكنه القول إنه ليس من الممكن تنظيم انتخابات. وهو يسعى دائما إلى تبرير بقائه رئيسا للوزراء".

ويقارن مارتن كرامر مؤرخ شؤون الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، الوضع الحالي في إسرائيل بـ"حرب يوم الغفران"، أي الهجوم المفاجئ الذي شنته مصر وسوريا في أكتوبر 1973، والذي أدى إلى سقوط غولدا مائير التي كانت رئيسة وزراء في ذلك الحين.

ويشير كرامر عبر موقعه إلى أنه بالمقارنة مع الأحداث الحالية "لم يتم تحميل المسؤولية لأحد رسميا، ولم يستقِل أحد" بعد ستة أشهر على بدء الحرب في غزة. ويضيف أن نتانياهو "لا يرى ضرورة للمحاسبة"، ملخصا الأمر بالقول إن "لسان حاله يقول: وليكن من بعدي الطوفان".

الحرب أسفرت عن دمار هائل في قطاع غزة (رويترز)
الحرب أسفرت عن دمار هائل في قطاع غزة (رويترز)

وصف، شمعون شتريت، الوزير الإسرائيلي السابق، أستاذ القانون الدولي، اتهام منظمة العفو الدولية إسرائيل بارتكاب "جريمة إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة بـ "غير المحايد".

واتهم شتريت في حديث لقناة "الحرة" المنظمة الحقوقية بأنها كانت طوال الفترة الماضية "ضد الواقع والأدلة والشهادات" التي قدمها فرع المنظمة في إسرائيل حول طبيعة الانتهاكات التي يتم الحديث عنها.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها الذي أصدرته الأربعاء، إنها وثقت بـ "الشواهد والأدلة" أن إسرائيل "ارتكبت أفعالا تحظرها اتفاقية منع الإبادة الجماعية، بقصد خاص ومحدد وهو تدمير الفلسطينيين في قطاع غزة".

وأوضح شتريت أن إسرائيل في نهاية المطاف مسؤولة عن النظر في الأدلة والشهادات التي قدمتها منظمة العفو الدولية، موضحا "أن ليس كل ما يذكر في هذا التقارير دقيق وصحيح".

وحمل شتريت حماس مسؤولية ما يحدث في غزة من دمار وحرب خلفت آلاف الضحايا "بسبب اختباء المسلحين بين المدنيين وخزن أسلحتهم وبناء شبكة أنفاق ومنشآت تحت الأرض داخل المناطق السكنية".

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي "ينفذ قواعد الحرب ويرد على أي خطر أو تهديد يواجهه"، وأن إسرائيل "قدمت استئنافا" ضد قرار الجنائية الدولية اعتقال رئيس الوزراء، بنيامبن نتانياهو.

وحمل تقرير منظمة العفو الدولية عنوان " لا تشعر أنك إنسان في غزة: الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في القطاع".

وجاء في التقرير الذي صدر، الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي "تعمد إلحاق أذى بدني أو نفسي بسكان القطاع وإخضاعهم عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرهم المادي".

واتهمت المنظمة إسرائيل بـ "تجاهل التحذيرات" بشأن الأوضاع الإنسانية الكارثية، والقرارات الملزمة قانونا من محكمة العدل الدولية التي تأمرها باتخاذ تدابير فورية لتمكين المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المدنيين في غزّة. 

وبحسب الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، فإنه على مدى شهور، ظلّت إسرائيل تعامل الفلسطينيين وكأنهم "فئة دون البشر لا يستحقون حقوقًا إنسانية ولا كرامة".

ومن شأن هذا التقرير أن يزيد الضغط على الحكومة الإسرائيلية، في مطالبات دولية بوقف عمليتها العسكرية المستمرة في قطاع غزة منذ نحو 14 شهرا، سيما في أعقاب إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرات اعتقال بحق نتانياهو ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، بتهم متعلقة بجرائم حرب.

من جهة أخرى، رفض فرع منظمة العفو الدولية في إسرائيل في بيان، الخميس، الاتهامات التي وردت في تقرير أصدرته المنظمة الأم لإسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، لكنه دعا للتحقيق في "جرائم خطيرة".