الإحباط يتزايد أسبوعيا بين أفراد الجيش الإسرائيلي بسبب عدم تقديم الحكومة رؤية مستقبلية واضحة بشأن مستقبل غزة
قوة من الجيش الإسرائيلي - أرشيفية

على مدار الحرب الإسرائيلية على غزة والتي بدأت منذ ستة أشهر، حقق الجيش الإسرائيلي انتصارات في معركة تلو الأخرى ضد حماس، لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" ترى أن إسرائيل تواجه حاليا احتمال خسارة هذه الحرب مع فقدان القتال زخمه وعدم وجود خطة متماسكة لما بعد الصراع.

وتتحدث الصحيفة عن الأوضاع على أرض المعركة، قائلة إن اجتياح قطاع غزة أصبح متعثرا مع عودة معظم الجنود الإسرائيليين إلى ديارهم، وكذلك رجوع حماس إلى المناطق التي أعلن الجيش الإسرائيلي تطهيرها من المسلحين في الفترة السابقة.

وعدم نجاح إسرائيل في تحقيق هدفها المعلن من الحرب والمتمثل في القضاء على قادة حماس وتدمير الحركة عسكريا وسياسيا، أرجعته الصحيفة إلى صعوبة الوصول إليهم لاختبائهم بين السكان المدنيين والمتواجدين حاليا في جنوب القطاع المكتظ باللاجئين، فضلا عن الضغوط الدولية.

ووفقا للصحيفة، يلقي بعض القادة العسكريين والسياسيين اللوم على فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في وضع خطة لغزة ما بعد الحرب، قائلين إنها تركت فراغا سياسيا تستغله حماس لبناء نفسها ولاستعادة نفوذها في القطاع.

وفيما يتعلق بموقف الجيش الإسرائيلي، أشارت الصحيفة إلى أن الإحباط يتزايد أسبوعيا بين أفراده بسبب عدم تقديم الحكومة رؤية مستقبلية واضحة، لأنه بدون خطة سياسية لغزة، فإن المكاسب التكتيكية على أرض المعركة لن تترجم إلى أي نصر استراتيجي دائم، كما يقول كبار الضباط والجنود الحاليين والسابقين الذين أمضوا أشهر في القتال الشاق.

وأوضحت الصحيفة أنه رغم إعلان إسرائيل تحقيق نجاحات ضد حماس، إلا أنه في السر، يشعر العديد من الضباط والجنود العاديين بالقلق إزاء احتمالات تبديد نجاحاتهم التكتيكية ضد حماس بسبب التردد السياسي.

وقال الخبير الأمني والاستراتيجي الإسرائيلي، آفي ميلاميد، مؤسس معهد "إنسايد ذا ميدل إيست للدراسات الشرق الأوسطية ITME، لموقع "الحرة" إنه لا شك في أن الجيش الإسرائيلي حقق نجاحات ملحوظة على المستوى الميداني، لكن على المستوى السياسي يواجه نتانياهو نقدا متزايدا بسبب عدم تقديمه رؤية واضحة حتى الآن، ما يبدد هذه النجاحات العسكرية".

وأضاف ميلاميد أن "نتانياهو يزعم أنه ليس بإمكان إسرائيل الاعتماد على منح السلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها حركة فتح حاليا تولي زمام الأمور في غزة"، لكن الحقيقة من وجهة نظره هي أن "رئيس الوزراء يريد استمرار الحرب لأنه يعاني من وضع هش على المستوى الداخلي ويواجه عددا من القضايا أمام المحاكم، لذلك فهو يحاول البقاء في السلطة، ويحاول استخدام جميع الطرق الممكنة لتحقيق ذلك حتى لو كان بإطالة أمد الحرب".

ولذلك يرى الخبير الإسرائيلي أن "الأمر لا يتعلق بقدرة أو إمكانية فتح في إدارة قطاع غزة بل يتعلق بالبقاء السياسي لنتانياهو، الذي يجازف باستمرار إبقاء الجيش في الحرب حتى وقت غير معلوم".

وقال جنود احتياطيون آخرون إن هناك إحباطًا بشأن الفشل في إطلاق سراح أكثر من 120 رهينة إسرائيليًا متبقين في غزة أو قتل كبار قادة حماس مثل يحيي السنوار، وهما هدفان من أبرز الأهداف المعلنة للحرب، وفقا للصحيفة.

وتقول إسرائيل إنها قتلت نحو 13 ألف مسلح وفككت 20 كتيبة من أصل 24 كتيبة تابعة لحماس، لكن الصحيفة أشارت إلى أن أجهزة المخابرات الأميركية والمصرية تعتقد أن عدد مسلحي حماس الذين قتلوا أقل من الرقم المعلن.

وترى الصحيفة أن حماس، التي كان لديها حوالي 30 ألف مسلح قبل الحرب، قادرة أيضًا على تجنيد أعضاء جدد من بين عدد كبير من الشباب في غزة، كما يقول الخبراء.

وبدأ المسلحون في الظهور من جديد في مدينة غزة شمال القطاع في يناير، عندما انسحبت القوات الإسرائيلية بعد احتلال المدينة العام الماضي. ويتكرر هذا النمط في خان يونس حيث خاضت الفرقة 98 الإسرائيلية معركة طويلة قبل الانسحاب.

وقال ميلاميد إن "الأهداف التي حددتها الحكومة الإسرائيلية من الحرب هي تفكيك القدرة العسكرية لحماس في منطقة غزة والقضاء علي حكم حماس في منطقة غزة والإفراج عن الرهائن، ولذلك فإن الحديث عن قتل كبار القادة مثل السنوار هو جزأ قد يتحقق أو لا وهذا ليس الهدف الرئيسي لهذه الحرب".

وذكرت "وول ستريت جورنال" أنه بعد تحقيق إسرائيل نجاحات ضد حماس في معظم أنحاء غزة، توقفت هذه المهمة حاليا عند أبواب رفح، المدينة الواقعة على الحدود الجنوبية لغزة، حيث لا تزال كتائب حماس موجودة وحيث يلجأ نحو 1.5 مليون مدني فلسطيني.

وتعهد نتانياهو منذ أسابيع بالسيطرة على رفح قائلا إن هدفه المتمثل في تحقيق "النصر الكامل" يتطلب ذلك، لكنه لم يصرح بالموعد، ومع ذلك، نقلت الصحيفة عن شخصيات عسكرية رفيعة المستوى قولها إن الهجوم البري على رفح لا يمكن أن يحدث في أي وقت قريب.

ووفقا للصحيفة، تحاول إسرائيل إيجاد طريقة لنقل الأعداد المتزايدة من اللاجئين إلى مكان آخر في القطاع المدمر بشدة. وتعارض الولايات المتحدة، الحليف الذي لا غنى عنه لإسرائيل، أي هجوم بري كبير على رفح، قائلة إن ذلك من شأنه أن يتسبب في وفيات غير مقبولة بين المدنيين.

وترى الصحيفة أن الحرب الطويلة وتزايد خسائرها الإنسانية أدت إلى توتر علاقة إسرائيل مع الولايات المتحدة. ويخشى الكثيرون في إسرائيل من أن تتضرر العلاقات الأميركية-الإسرائيلية بشكل لا رجعة فيه بسبب الحرب.

وقال ميلاميد إنه "من الناحية العسكرية، فلا يوجد شك في أن الجيش الإسرائيلي لديه القدرة على غزو مدينة رفح بشكل بري شامل والقضاء على بقايا القوة العسكرية لحماس، لكنه أوضح أن هذه ليست المسألة الرئيسية لأن فكرة القضاء على حماس غير واقعية".

وأضاف أنه "من الخطأ الاعتقاد أن تختفي حركة حماس من الوجود، خاصة أنها جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وجماعة الإخوان المسلمين وكذلك من المنطقة ككل".

ويعتقد ميلاميد أنه "في نهاية المطاف لا تهدف إسرائيل للقضاء التام والشامل على حماس، بل تخفيف أو تقويض أكبر قد ممكن من قدرات وإمكانيات حماس وإيقافها عن متابعة الخط الأيدولوجي العملي والعسكري المتطرف الذي تنتهجه".

وفيما يتعلق بموقف واشنطن، أكد الخبير الإسرائيلي أنه "بالطبع سيكون هناك تنسيق مسبق بين الولايات المتحدة وإسرائيل قبل اتخاذ قرار الغزو البري الشامل لرفح، خاصة فيما يتعلق بالمدنيين المقيميين حاليا في رفح، ووقتها سيتم إخلاء المنطقة أيضا ونقلهم لمناطق بديلة".

وأوضح أن "الفترة الأخيرة أثبتت أن حماس تنفذ بشكل أو بآخر أجندة إيران المتطرفة فيما يتعلق بزعزعة استقرار المنطقة، وهو ما تخشاه الولايات المتحدة، وهذا هو الهدف الأكبر بالنسبة لإسرائيل".

قافلة من الصليب الأحمر تستعد لاستلام الرهائن الثلاثة (رويترز)
قافلة من الصليب الأحمر تستعد لاستلام الرهائن الثلاثة (رويترز)

قال الجيش الإسرائيلي إن الرهائن الثلاثة الذين أفرجت عنهم حماس في قطاع غزة، السبت، دخلوا الأراضي الإسرائيلية، في إطار عملية التبادل الخامسة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.

وأوضح الجيش في بيان "قبل فترة وجيزة عبر الرهائن العائدون أور ليفي وأوهاد بن عامي وإيلي شرابيي الحدود ودخلوا الأراضي الإسرائيلية" مؤكدا أنهم سيجتمعون بعائلاتهم في جنوب إسرائيل.

وتأتي هذه الخطوة كجزء من عمليات تبادل منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين، والذي دخل حيز التنفيذ بعد حرب استمرت 15 شهرًا.

وفي سياق متصل، أوضح بيان  صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وبعد ظهور المختطفين الثلاثة في حال هزيلة أن إسرائيل "لن تتجاهل المشاهد الصادمة التي رأيناها اليوم".

وقبل ذلك، كان  عشرات من مسلحي حركة حماس الملثمين قد انتشروا في منطقة دير البلح بغزة، حيث أقامت الحركة منصة رفعت عليها صور آليات عسكرية إسرائيلية مدمرة، بالإضافة إلى أعلام الحركة وصور عناصر لها قضوا في القتال. 

كما ركنت شاحنات بيك آب بيضاء تابعة لحماس في المكان استعدادًا لعملية الإفراج، حسب وكالة فرانس برس.

شاشة عملاقة.. وانتظار

وفي تل أبيب، تجمع مئات الأشخاص في "ساحة الرهائن" لمتابعة البث المباشر لعملية الإفراج، حيث نُصبت شاشة عملاقة تعرض العد التنازلي للأيام والساعات منذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أدى إلى اختطاف الرهائن واندلاع الحرب.

وأما رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، فتابع عملية التبادل من الولايات المتحدة، حيث يجري زيارة، وفق مكتبه.

من جانبها، أفادت أماني السراحنة، المتحدثة باسم نادي الأسير الفلسطيني، بأن من بين المعتقلين الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم 18 شخصًا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد، و54 شخصًا بأحكام طويلة، و111 شخصًا من غزة اعتقلوا بعد 7 أكتوبر 2023.

تقرير: الجيش الإسرائيلي يبدي شكوكا حول خطة ترامب بشأن غزة
أفاد تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الجمعة، أن قيادة الجيش الإسرائيلي أبدت شكوكًا بشأن إمكانية تنفيذ خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب بشأن غزة، مشيرةً إلى أن نجاحها يعتمد على عاملين رئيسيين غير متوفرين حاليًا، وهما رغبة سكان غزة في الهجرة، واستعداد دول لاستقبالهم.

وينص اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ تطبيقه في 19 يناير، على الإفراج عن رهائن محتجزين في غزة مقابل معتقلين فلسطينيين، مع وقف العمليات القتالية. ويتضمن الاتفاق ثلاث مراحل، تشمل الأولى الإفراج عن 33 رهينة مقابل 1900 معتقل فلسطيني.

وقد أسفرت  عمليات التبادل الأربعة السابقة عن إطلاق سراح 18 رهينة و600 معتقل فلسطيني.

وأدت الحرب التي اندلعت بعد هجوم 7 أكتوبر إلى مقتل 1210 أشخاص على الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفقًا لإحصاءات رسمية. بينما قُتل في غزة أكثر من 47 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.