الجيش الإسرائيلي يعلن السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح
الجيش الإسرائيلي يعلن السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح | Source: idfanc.activetrail.biz

جاءت السيطرة الإسرائيلية "المباغتة" على الجانب الفلسطيني من معبر رفح على الحدود مع مصر، لتثير التساؤلات بشأن أسباب تلك الخطوة، وتداعياتها ومدى تأثيرها على العلاقات بين الجانبين المصري والإسرائيلي واتفاقية السلام الموقعة بين البلدين.

سيطرة إسرائيلية 

والثلاثاء، كشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عن تكثيف القوات الإسرائيلية عملياتها البرية في المنطقة الشرقية لمدينة رفح.

وفي حديثه لموقع "الحرة"، قال أدرعي:" نقوم بإتمام السيطرة العملياتية على منطقة الجانب الفلسطيني من معبر رفح". 

وبعد ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي، سيطرة قوات خاصة إسرائيلية على الجانب الفلسطيني من المعبر، وقيامها بتمشيط المنطقة.

وأضاف أن قوات تعمل في منطقة محددة في شرق رفح، وأنه تم إجلاء الغالبية العظمى من السكان في منطقة العمليات العسكرية.

وأوضح في بيان أن "قوات من الفرقة 162 باشرت عملية مباغتة لتحييد أهداف لحماس شرقي رفح".

لماذا؟

وعن أسباب سيطرة القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، يشير المحلل السياسي الإسرائيلي، مردخاي كيدار، إلى أن "إسرائيل تسعى لوقف إمدادات السلاح لحركة حماس".

وغالبية تسليح حماس يأتي من مصر، وللقضاء على الحركة يجب وقف "إمداداها بالسلاح" الذي يأتي من خلال الحدود المصرية عبر الأنفاق وفوقها، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويؤكد كيدار أن هذه السيطرة تعتبر ذات "أهمية استراتيجية لإسرائيل حتى تستطيع استكمال أهدافها من الحرب في قطاع غزة".

ومن جانبه، يشدد الخبير العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي، كوفي لافي، على أن "العملية البرية في رفح ضرورية لكسر القوة النظامية الباقية من حركة حماس".

وإسرائيل تسعى إلى استكمال أهدافها العسكرية في قطاع غزة بالقضاء على حماس وبنيتها التحتية واستعادة المختطفين لدى الحركة، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ما الرد المصري؟

وأدانت مصر، الثلاثاء، العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح، وسيطرة القوات إسرائيلية علي الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، إن "هذا التصعيد الخطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطيني يعتمدون اعتمادا أساسيا على هذا المعبر باعتباره شريان الحياة الرئيسي لقطاع غزة، والمنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقى العلاج، ولدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأشقاء الفلسطينيين فى غزة".

ودعت القاهرة الجانب الإسرائيلي إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية ذات التأثير بعيد المدى، والتي من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل قطاع غزة".

كما طالبت مصر جميع الأطراف الدولية المؤثرة بالتدخل وممارسة الضغوط اللازمة لنزع فتيل الأزمة الراهنة، وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لتحقق نتائجها المرجوة.

ومن جانبه، يوضح أستاذ العلوم السياسية المصري، طارق فهمي، أن "مصر تكثف اتصالاتها في الوقت الحالي لحث الجانب الإسرائيلي على (الانسحاب اليوم الثلاثاء) من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح".

والسيطرة الإسرائيلية "تهدد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل"، وتسعى مصر للتفاهم مع الجانب الإسرائيلي حتى يقتصر تواجد القوات الإسرائيلية على "منطقة معينة بشرق رفح"، وعدم توسيع نطاق العملية العسكرية بالمدينة الجنوبية، حسبما يوضح فهمي لموقع "الحرة".

وفي سياق متصل، يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، اللواء أركان حرب سمير فرج، أن السيطرة الإسرائيلية بمثابة "تهديد غير مباشر لمصر"، والاتهامات بـ"وجود دعم بالسلاح لا يمت للحقيقة بصلة". 

وفي يناير الماضي، ردّ رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، على تصريحات لمسؤولين إسرائيليين، أشاروا فيها لوجود عمليات تهريب للأسلحة  إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية، معتبرا أنها بمثابة "مزاعم وادعاءات باطلة".

و"التهديد غير المباشر لمصر يمس اتفاق السلام المصري الإسرائيلي"، لأنه "يمثل تحرش بالأراضي المصرية"، وفق حديث فرج لموقع "الحرة".

ماذا يقول القانون الدولي؟

مصر هي أول دولة عربية وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل في العام 1979، بعد عام من توقيع معاهدة كامب ديفيد.

وتمكنت القاهرة بموجب معاهدة السلام من استرداد شبه جزيرة سيناء وخاضت مصر حربا لاستعادتها في 1973.

ويؤكد خبير القانون الدولي، أيمن سلامة، أن هذه السيطرة بمثابة "خرق لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يوضح سلامة أن سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح وممر فيلادلفيا يمثل "اختراقا للبروتوكول الثاني المعدل لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979".

والبروتوكول المعدل تم توقيعه عام 2005 ويسمح ويرخص لمصر بـ"مراقبة ممر فيلادلفيا"، وبالتالي "تسيطر مصر على المعبر وتمنع عمليات التهريب، وتهدم الأنفاق التي حفرتها حماس بين رفح المصرية والفلسطينية لتهريب الأسلحة والذخيرة"، وفق سلامة.

ماذا بعد؟

يشير كيدار إلى أن "إسرائيل لن تنسحب من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح"، ويقول:" آخر من يشتكي من السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح هو الجانب المصري".

وإسرائيل سوف تواصل العمليات العسكرية لـ"القضاء على حماس"، وكان يجب على مصر العمل على "منع وصول الأسلحة والذخائر للحركة"، وفق كيدار.

ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي أن الجانب المصري "لم يقم بالواجب" ما دفع إسرائيل لـ"القيام بذلك الدور والسيطرة على الجانب الفلسطيني من المعبر".

وفي سياق متصل، يؤكد لافي أن "إسرائيل لن تنسحب من الجانب الفلسطيني من معبر رفح"، إلا إذا حدث "اتفاق إسرائيلي حمساوي" حول هدنة في قطاع غزة.

و"العملية العسكرية في رفح والسيطرة جاءت بالتنسيق مع مصر"، وبالتالي "لا يوجد تهديد لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل"، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي.

ولكن فهمي ينفي ذلك، ويؤكد أنه "لا يوجد تنسيق مصري إسرائيلي بشأن عملية السيطرة".

والقاهرة ترفض "تمدد العملية" في رفح وقنوات الاتصال بين مصر وإسرائيل "تعمل حاليا بكثافة"، وفق أستاذ العلوم السياسية المصري.

ومن جانبه، يرى اللواء فرج أن الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة، بنيامين نتانياهو، تسعى لـ"نسف اتفاقية السلام مع مصر".

ويشير الخبير العسكري والاستراتيجي المصري إلى أن الحديث عن التهريب والأنفاق بمثابة "مبررات واهية لا صحة لها من أجل السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح".

ومصر قامت بالفعل بتدمير أكثر من 2000 نفق بين رفح الفلسطينية والمصرية، ولا يوجد تهريب بين الجانبين والسلطات المصرية "تسيطر على الحدود بشكل كلي"، وفق اللواء فرج.

ويوضح الخبير العسكري والاستراتيجي أن "مصر ستدرس هذا التصعيد الإسرائيلي وتتنظر ولن تتخذ أي إجراء مباشر حتى لا يتم إفشال اتفاقية السلام بين البلدين".

ولم تعلق حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى على ما ذكره الجيش الإسرائيلي بشأن السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

واندلعت الحرب إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وخلال هجوم حماس، خُطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في قطاع غزة، بينهم 34 توفوا على الأرجح، وفق مسؤولين إسرائيليين.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل 34735 فلسطينيا، معظمهم من النساء والأطفال، وجرح أكثر من 77 ألف شخص وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار- صورة أرشيفية.
يحيى السنوار كان سجينا في إسرائيل لعقدين من الزمن (أرشيف)

بدأ الجيش الإسرائيلي تحقيقا في مزاعم نشرتها وسائل إعلام محلية، تشير إلى أن صحيفة "جويش كرونيكل" نشرت تقارير تستند إلى "معلومات استخباراتية ملفقة" مرتبطة بحركة حماس.

وذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية، أن الجيش الإسرائيلي بدأ تحقيقه في المزاعم التي تشير إلى أن تلك التقارير التي نشرتها الصحيفة التي تتخذ من لندن مقرا لها، تعتبر "جزءا من حملة تضليل".

ومن بين أبرز التقارير التي نشرتها الصحيفة وأثارت جدلا كبيرا، ما نُشر الأسبوع الماضي ويزعم أن زعيم حركة حماس يحيى السنوار، "ربما يستعد للهروب إلى إيران ومعه المختطفين".

وذكرت "غارديان" أن تقرير الصحيفة هو أحد التقارير المثيرة التي كتبها صحفي يدعى إيلون بيري، خلال الأشهر الأخيرة، وتم التشكيك في سيرته الذاتية، التي تزعم أنه "عمل كصحفي وأكاديمي وجندي سري من النخبة".

وحاولت "غارديان" التحقق من أي دليل لوجود قصص مهمة نشرها بيري كمراسل بالإنكليزية أو العبرية، لكنها لم تجد سوى المقالات التي نُشرت مؤخرا في "جويش كرونيكل"، التي يُزعم أنها مفبركة، على حد وصف الصحيفة.

ومن بين تقارير بيري الأخيرة، كان قد قدم وصفا تفصيليا لعملية مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في طهران، وهو تقرير قالت "غارديان" إنه تم التشكيك في دقته أيضًا.

وعلقت "جويش كرونيكل"، وهي "أقدم صحيفة يهودية في العالم"، على التقارير حول الصحفي الذي يعمل لديها، وقالت في بيان إنها "على علم بالمزاعم المتعلقة بصحفي مستقل، وتتعامل معها بجدية".

وتابع البيان: "جويش كرونيكل أقدم صحيفة يهودية في العالم، وحافظت دائما على أعلى معايير النزاهة. التحقيق جار وسنعلن عن أي تحديث في وقت لاحق".

صورة أرشيفية لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وسط مجموعة من الجنود
متوعدا بالوصول إليهما.. غالانت "في انتظار خطأ" الشقيقين السنوار
أوضح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن زعيم حركة حماس الفلسطيني، يحيى السنوار، وشقيقه، القيادي في الجناح العسكري للجماعة، محمد السنوار، سوف يلقيان مصير من سبقهم خلال الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ نحو 11 شهرا.

وأثير الجدل حول تقرير نقل عن "مصادر استخباراتية" إسرائيلية، أن السنوار "كان يعتزم الهروب ومعه المختطفين الذين على قيد الحياة من غزة إلى إيران"، وهو تقرير تناولته في البداية عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية.

ولدى سؤاله عن هذا الادعاء، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيل هاغاري، إنه "لا يمتلك أية معلومات استخباراتية تفيد بأن السنوار يخطط للهروب مع المختطفين".

وذكر تقرير "جويش كرونيكل" أن الحديث عن هروب السنوار إلى إيران "كان يستند إلى معلومات من مسؤول كبير في حماس ألقي القبض عليه، بجانب وثائق عثر عليها خلال العثور على جثث المختطفين الستة في أحد أنفاق رفح"، وهي ادعاءات نفاها مسؤولون إسرائيليون.

وقالت "غارديان" إنها أرسلت بريدا إلكترونيا للحصول على رد من بيري.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد أشارت، الأسبوع الماضي، إلى أن السلطات العسكرية المختصة تحقق في ملابسات تسريب وثيقة لحركة حماس الفلسطينية، كان قد جرى العثور عليها في قطاع غزة.

ونقلت الهيئة عن "ناطق عسكري"، أن الوثيقة المسربة "قديمة"، وأن "قادة من حماس على مستوى منخفض هم من وضعوها، وليس رئيس الحركة في قطاع غزة، يحيى السنوار".

وأشار الناطق، حسب هيئة البث، إلى أن "المعلومات الواردة في الوثيقة ليست جديدة، وقد طُرحت عدة مرات على صانعي القرار".

وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد ذكرت أيضا، الجمعة، أن وثيقة عُثر عليها على جهاز الكومبيوتر الخاص بالسنوار، "تفصّل استراتيجية تلك الحركة في المفاوضات ومحادثات الرهائن والحرب ككل مع إسرائيل".

والوثيقة، التي نشرتها صحيفة "بيلد" الألمانية ويعود تاريخها إلى ربيع هذا العام، تظهر أن حماس "ضعفت عسكريًا، لكن هدفها الرئيسي هو إضعاف إسرائيل دوليًا، والاستفادة من الرهائن ضد الحكومة الإسرائيلية داخليًا، من خلال الضغط على عائلات الرهائن والجمهور الإسرائيلي".

وأدى هجوم حماس في السابع من أكتوبر، إلى مقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات رسمية.

وتوعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس، وترد منذ ذلك الحين بقصف وعمليات برية في قطاع غزة تسبّبت بمقتل ما لا يقل عن 40861 شخصا، وفقا لوزارة الصحة في القطاع. وتؤكد الأمم المتحدة أن غالبية القتلى من النساء والأطفال.