نتانياهو يؤكد الالتزام بهدف القضاء على حماس. أرشيفية
نتانياهو دفع بايدن إلى حافة "الخط الأحمر"

عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، عن أمله في أن يتمكن هو والرئيس الأميركي، جو بايدن، "من تجاوز خلافاتهما" إزاء الحرب في قطاع غزة، وذلك بعدما منع بايدن إرسال بعض الأسلحة إلى إسرائيل.

وقال نتانياهو خلال مقابلة مع برنامج "دكتور فيل برايم تايم" إنه "كثيرا ما كنا متفقين ولكن كانت بيننا خلافات أيضا. وكنا نتمكن من التغلب عليها. آمل أن نتمكن من تجاوزها الآن، لكننا سنفعل ما يجب علينا فعله لحماية بلدنا".

وأشار إلى أن إسرائيل خسرت "مئات الجنود"، و"يجب أن نهزم حماس في رفح"، لافتا إلى أنه تم تدمير 20 من 24 كتيبة تابعة لحماس حتى الآن.

وذكر نتانياهو أنه "سيتعين أن تكون هناك حكومة مدنية ما في غزة ربما بمساعدة من الإمارات وغيرها ممن ينشدون الاستقرار".

وفي وقت سابق الخميس، أكد نتانياهو في بيان أن إسرائيل مستعدة "للوقوف وحدها" في حربها على غزة.

وأضاف "إذا اضطررنا للوقوف وحدنا، سنقف لوحدنا".

ويهدد نتانياهو بشن هجوم على رفح التي يعتبرها آخر معاقل حركة حماس ويتكدس فيها 1.4 مليون فلسطيني غالبيتهم من النازحين بسبب الحرب.

وخلال مقابلة أجرتها معه شبكة "سي إن إن" الإخبارية، الأربعاء، قال بايدن ردا على سؤال عن السبب الذي دفع إدارته الأسبوع الماضي إلى تعليق إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل إن "مدنيين قتلوا في غزة بسبب هذه القنابل.. إنه ببساطة أمر خاطئ".

وهذه هي المرة الأولى التي يضع فيها بايدن (81 عاما) بصورة علنية شروطا للدعم العسكري الأميركي لإسرائيل.

لكن الرئيس الديمقراطي أكد في الوقت ذاته أن الولايات المتحدة ستواصل "ضمان حماية إسرائيل بواسطة القبة الحديدية"، منظومة الدفاع الجوي الصاروخية.

وبينما لم يتطرق نتانياهو للتهديد الأميركي مباشرة، أصر في تصريحات عشية الذكرى ال 76 لقيام دولة إسرائيل، "كنا قلائل وحاربنا الكثيرين".

وأضاف "اليوم،  نحن أقوى بكثير. إننا حازمون وموحدون من أجل دحر أعدائنا وأولئك الذين يبتغون تدميرنا".

وأضاف "قلت إنه لو لزم الأمر، سنقاتل بأظافرنا".

وما زالت أسلحة أميركية بمليارات الدولارات في طريقها إلى إسرائيل، على الرغم من تأخير شحنة واحدة من القنابل ومراجعة إدارة بايدن لشحنات أخرى خشية استخدامها في هجوم قد يلحق المزيد من الدمار بالمدنيين الفلسطينيين، وفق ما نقلته رويترز.

ومن المقرر أن تذهب مجموعة كبيرة من المعدات العسكرية الأخرى إلى إسرائيل، بما في ذلك ذخائر الهجوم المباشر المشترك، التي تحول القنابل الغبية إلى أسلحة دقيقة التوجيه، وقذائف دبابات ومدافع مورتر ومركبات تكتيكية مدرعة، حسبما قال السيناتور جيم ريش، أكبر عضو جمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ للصحفيين.

من جهته، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، أن الجيش "يملك أسلحة كافية لإنجاز مهمته في رفح".

واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر بعدما نفذت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 37 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.

وتعهدت إسرائيل ردا على الهجوم "القضاء" على حماس. وتنفذ منذ ذلك الوقت، حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة، تسببت بسقوط 34904 قتلى غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية
الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية

 يحاول المسؤولون الإسرائيليون التظاهر بعدم الاكتراث في تعاملهم مع تجاهل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لهم في رحلته إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، لكن الواقع هو أن قراره يزيد القلق في إسرائيل بشأن وضعها بالنسبة لأولويات واشنطن.

فبعد أيام قليلة من الإعلان عن خطط لعملية عسكرية موسعة في غزة، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس الأحد إن الولايات المتحدة أبلغته باتفاق لإطلاق سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي، إيدان ألكسندر، بعد محادثات بين واشنطن وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) لم تشمل إسرائيل.

وأثار ترامب، الذي سيزور السعودية وقطر والإمارات، ذعر إسرائيل الأسبوع الماضي بإعلانه فجأة أن الولايات المتحدة ستتوقف عن قصف الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، بعد أيام من سقوط صاروخ أطلقته الحركة بالقرب من المطار الرئيسي في إسرائيل.

وكتب إيتمار آيشنر المراسل الدبلوماسي لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في تعليق يعكس ما قاله معلقون إعلاميون عبر مختلف ألوان الطيف السياسي، "كانت الرسالة واضحة للمنطقة: إسرائيل لم تعد على رأس أولويات الولايات المتحدة".

وقال مسؤول إسرائيلي إن إعلان ترامب بشأن الحوثيين كان "محرجا إلى حد ما" وإن تصرف الرئيس "سلاح ذو حدين".

وتعقد إسرائيل محادثات مع الولايات المتحدة بشأن مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب، ويقول مسؤولون إن العلاقات على المستوى الرسمي لا تزال قوية، لكن بعض المسؤولين يُقرون بصدمتهم من قرارات ترامب.

وقال مسؤول كبير في دائرة نتانياهو، طلب عدم الكشف عن هويته، إن هناك "فوضى" في إدارة ترامب، حيث يعتمد كل شيء على ما يقرره الرئيس في أي لحظة. وأضاف المسؤول أن ذلك يُفيد إسرائيل أحيانا ويُضر بها أحيانا أخرى.

وزاد القرار المتعلق بالحوثيين، الذي لم يُناقش مع إسرائيل مُسبقا، قلق إسرائيل إزاء المحادثات الأميركية مع إيران بشأن برنامج طهران النووي، والتي قد تضعف أي تهديد إسرائيلي بعمل عسكري ضد عدوها اللدود.

وزاد قلق إسرائيل أكثر بعد أن ذكرت وكالة رويترز أن الولايات المتحدة لم تعد تطالب السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل كشرط لإحراز تقدم في محادثات التعاون النووي المدني.

وقال وزير الخارجية، جدعون ساعر، أمس الأحد "نحن ننسق. هذا لا يعني ضرورة الاتفاق التام 100 بالمئة على كل قضية. الولايات المتحدة دولة ذات سيادة. إسرائيل دولة ذات سيادة. لكنني أعتقد أن لدينا أرضية مشتركة كبيرة للغاية في المواقف مع هذه الإدارة أكثر من أي وقت مضى".

وعقد آدم بولر مفاوض ترامب بشأن الرهائن في مارس ما وصفته حماس باجتماعات "مفيدة للغاية" مع الحركة، تجاوزت إسرائيل وركزت على إطلاق سراح ألكسندر.

وفي الأسبوع الماضي، نفى السفير الأميركي، مايك هاكابي، أن يكون ترامب ينأى بنفسه عن إسرائيل. وقال إن العلاقة غالبا ما توصف بأنها متينة، وأن "هذه الكلمة لا تزال سارية".

وأضاف "لقد كان الرئيس ثابتا في دعمه وشراكته، وليس لدي ما يدعو للاعتقاد بأن ذلك لن يستمر".

"فوضى"

تعرض نتانياهو وحكومته لانتقادات، الاثنين، على الرغم حتى من تطلع الإسرائيليين لإطلاق سراح ألكسندر، مع زيادة الإدراك لدى الجمهور بأن للدولتين الحليفتين أولويات مختلفة.

قال جاك جوتليب وهو متقاعد من تل أبيب "كل ما هنالك أنه لا توجد قيادة الآن". وأضاف أنه "لا شك" في أن الصفقة أُبرمت من وراء ظهر نتانياهو، أو أن برنامجي العمل الأميركي والإسرائيلي يختلفان في الوقت الراهن.

ومضى يقول "في الوقت الحالي، كل يركز على مصلحته".

ولم يكن أمام نتانياهو خيار سوى قبول قرار التوقف عن قصف الحوثيين، الذين أوضحوا أنهم لن يتوقفوا عن محاولة ضرب إسرائيل بإطلاق صاروخ آخر بعد ذلك ببضعة أيام.

اعتمدت إسرائيل على الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي منذ قيامها عام 1948. وأي تراجع في الاهتمام الأميركي، في ظل الضغوط الدولية التي تواجهها إسرائيل بسبب حرب غزة، من شأنه أن يشكل ضربة قاسية.

وسلط قرار إسقاط مطلب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل الأضواء على الضرر الذي لحق بإسرائيل على الصعيد الدولي بسبب هذه القضية. والهدف من إسقاطه تجاوز إصرار الرياض على موافقة إسرائيل على التحرك نحو تسوية مع الفلسطينيين.

كان ضم السعودية إلى الإمارات والبحرين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم خلال ولاية ترامب الأولى هدفا رئيسيا لنتانياهو، لكنه تأجل إلى أجل غير مسمى على ما يبدو.

وواجه جو بايدن، سلف ترامب، انتقادات لاذعة من المتشددين الإسرائيليين بعد وقف تصدير بعض الذخائر الثقيلة التي تستخدم في غزة وفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين ينتهجون العنف في الضفة الغربية.

وعلى النقيض من ذلك، تحدى ترامب في ولايته الأولى الرأي العام العالمي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، التي تعتبرها إسرائيل عاصمة لها، واعترف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان التي احتلتها من سوريا في حرب عام 1967.

وقال مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق إنهم يدركون المخاطر التي تواجهها إسرائيل في ظل وجود رئيس لا يمكن التنبؤ بسلوكه مثل ترامب، والذي لم يبد أي تردد في الانقلاب على حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين.

وقال أحدهم "لكن ليس لدينا خيار آخر".