الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية تنظر الآن في طلب المدعي العام كريم خان
الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية تنظر الآن في طلب المدعي العام كريم خان

سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الضوء على طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين وعدد من قادة حماس، والذي تقول إنه يشكل "اختبارا للنظام الدولي".

والإثنين، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أنه يسعى للحصول على مذكرات توقيف ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم تشمل "التجويع" و"القتل العمد" و"الإبادة و/أو القتل".

وأضاف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أن إسرائيل ارتكبت "جرائم ضد الإنسانية"، واتهمها بشن "هجوم واسع النطاق وممنهج ضد المدنيين الفلسطينيين".

كما طلب إصدار أوامر اعتقال بحق 3 من كبار قادة حركة حماس المصنفة، إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، وهم يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، ومحمد دياب إبراهيم "ضيف"، قائد كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، بتهم "الإبادة" و"الاغتصاب" و"العنف الجنسي" و"احتجاز رهائن".

ومنذ اللحظة الأولى لقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أعرب مسؤولون إسرائيليون وحلفاؤهم في الولايات المتحدة عن غضبهم، وفق الصحيفة.

وتنظر الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية الآن في طلب خان، لكن الجدول الزمني بشأن قرارها غير واضح، حسب "واشنطن بوست".

لحظة "غير مسبوقة"

وفي حين أن إصدار أوامر الاعتقال بحق قادة حماس لن يكون مفاجئا، فإن أوامر الاعتقال بحق نتانياهو وغالانت من شأنها أن تجعل المسؤولين عرضة للتوقيف في الدول الـ124 الأعضاء في المحكمة (ليس من بينهم الولايات المتحدة وإسرائيل).

وتقول الصحيفة إن هذا يمثل في حد ذاته لحظة "غير مسبوقة" بالنسبة للمحكمة، التي أصدرت أوامر اعتقال بحق أمراء الحرب والطغاة خارج الدول الغربية، بما في ذلك الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، "لكنها نادرا ما لاحقت الزعماء المنتخبين المدعومين من الحكومات الغربية".

وتعليقا على ذلك، أشارت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى أنها ستدعم جهود الحزبين في الكونغرس لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.

وحسب الصحيفة، فإن إدارة بايدن، من خلال القيام بذلك، "ستتبع خطى إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي فرضت في عام 2020 عقوبات على 2 من مسؤولي المحكمة، بما في ذلك المدعي العام في ذلك الوقت، لمحاولاتهم محاكمة أفراد من الجيش والمخابرات الأميركية متورطين في انتهاكات مزعومة بأفغانستان، قبل أن يتم رفع هذه العقوبات في العام التالي من قبل الرئيس بايدن".

لقاء سابق بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو
" شائن".. بايدن يعلق على تحرك مدعي الجنائية الدولية ضد نتانياهو وغالانت
وصف الرئيس الأميركي، جو بايدن، الاثنين، الطلب الذي قدمه مدعي المحكمة الجنائية الدولية للدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة، لإصدار أوامر قبض بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه، يوآف غالانت، بـ"الأمر الشائن".

وهذا الأسبوع، ندد الرئيس الأميركي، بمذكرة التوقيف "المشينة"، وأصر على أن ما يحدث في غزة "ليس إبادة جماعية"، في إشارة إلى تحقيق مواز تجريه محكمة العدل الدولية بناء على دعوى قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل.

فيما كانت ردود فعل الحكومات الأوروبية "أكثر صمتا" تجاه التطورات، حسب الصحيفة، التي أشارت إلى إصدار دول من بينها فرنسا وألمانيا بيانات تؤيد استقلال المحكمة الجنائية الدولية، وتأكيد آخرين مثل إسبانيا وبلجيكا وسويسرا على دعمهم للمحكمة.

"فترة قصيرة من التأييد"

وحسب "واشنطن بوست"، تنهي خطوة خان "فترة قصيرة من التأييد في واشنطن للمحكمة الجنائية الدولية"، والتي أشاد بها المشرعون الأميركيون في تحقيقاتها وملاحقتها لروسيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

وفي بيانه الذي يوضح الطلب، قال خان إن المحكمة "لم يكن أمامها خيار سوى النظر" في دور القيادة الإسرائيلية في الصراع، حيث تشير الأدلة إلى أن الضرر الذي لحق بالمدنيين في غزة كان "مقصودا ومنهجيا".

وأضاف: "إذا لم نظهر استعدادنا لتطبيق القانون على قدم المساواة، وإذا تم النظر إليه على أنه يطبق بشكل انتقائي، فسنقوم بتهيئة الظروف لانهياره".

ووفق "واشنطن بوست"، يتفق عدد من المحللين والخبراء القانونيين مع ما قاله خان، إذ أكد ديفيد شيفر، ممثل الولايات المتحدة في مؤتمر روما عام 1998، الذي أدى إلى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، أن "وضع المحكمة الجنائية الدولية قد يكون في خطر، لكن في نهاية المطاف، ما الذي يفترض أن تفعله المحكمة الجنائية الدولية؟".

وتابع: "إسرائيل هنا لديها ممارسة مشروعة للدفاع عن النفس، وهي حرب عادلة. والمسألة هي كيف تدير تلك الحرب العادلة".

وتؤكد إسرائيل أنها "لا تستهدف المدنيين الفلسطينيين"، وأن اهتمامها يتمحور حول "القضاء على حماس وتحقيق الأمن".

المحكمة الجنائية الدولية ستنظر في طلب المدعي العام- أرشيفية
علاقة "متقلبة".. كيف ستتعامل واشنطن مع مساعي مدعي الجنائية الدولية؟
ألمح مسؤولون أميركيون إلى إمكانية فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، في أعقاب إعلان المدعي العام لها، كريم خان، ملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير دفاعه، يوآف غالانت، على خلفية الحرب في غزة

فيما قال أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، دوف واكسمان، إن "الأمر لا يتعلق برسم معادلة أخلاقية بين حماس وإسرائيل. بل يتعلق بدعم القانون الدولي ومحاسبة صناع القرار".

بدورها، ذكرت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، في بيان، إن هذه الخطوة كانت "فرصة طال انتظارها لإنهاء دائرة الإفلات من العقاب المستمرة منذ عقود".

ورفض وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، "مساواة" مدعي الجنائية الدولية بين إسرائيل وحماس، ووصفها بالأمر "المخزي"، مشيرا إلى أنه لا "سلطة قضائية" للمحكمة الجنائية الدولية على إسرائيل.

وقال بلينكن إن "قرارات اعتقال قد تصدرها المحكمة الجنائية الدولية ربما تقوض جهود التوصل لاتفاق بشأن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، وبشأن ووقف إطلاق النار في غزة وزيادة المساعدات في القطاع".

واندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

كما خُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع.

دبابات إسرائيلية على حدود لبنان (رويترز)
دبابات إسرائيلية على حدود لبنان (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، تمديد فترة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، مؤكداً أن القوات الإسرائيلية ستبقى على الأرض.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر حسابه في منصة إكس، أنه "تم تمديد فترة تطبيق الاتفاق، ولا يزال جيش الدفاع منتشرًا في الميدان، لذلك يمنع الانتقال جنوبًا".

وأضاف أدرعي مخاطبا اللبنانيين، أن الجيش الإسرائيلي "لا ينوي المساس بكم (و) من أجل سلامتكم يحظر عليكم العودة إلى منازلكم في المناطق المعنية، حتى إشعار آخر". 

واعتبر أن "كل من يتحرك جنوبًا يعرض نفسه للخطر".

وكانت وكالة رويترز قد نقلت في وقت سابق عن مسؤول لبناني ودبلوماسي أجنبي قولهما، إن إسرائيل طلبت إبقاء قوات في 5 نقاط بجنوب لبنان، حتى 28 فبراير الجاري.

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر بين إسرائيل وحزب الله، كان لدى القوات الإسرائيلية مهلة حتى 26 يناير  للانسحاب من جنوبي لبنان.

وتم تمديد المهلة بالفعل حتى 18 فبراير، لكن المصدران قالا إن إسرائيل "طلبت تمديا إضافيا عبر اللجنة المشرفة على وقف إطلاق النار".

وكان رئيس الحكومة اللبنانية الجديد، نواف سلام، قد شدد، الثلاثاء، على أن حكومته ستواصل "تجنيد كل القوى الدبلوماسية والسياسية، حتى ننجز الانسحاب ليس في تاريخه بل قبل تاريخه"، حسب وكالة فرانس برس.

وأكّد على أن لبنان "قام بدوره كاملا بإرسال الجيش، وبالتعامل بجدية مع تطبيق القرار 1701"، مستطردا: "نحن غير مقصرين أبدا بتنفيذ التزاماتنا".

ووضع القرار 1701 حدا للأعمال القتالية بعد حرب بين إسرائيل وحزب الله في صيف 2006، ونصّ على عدة بنود، أبرزها ابتعاد الحزب عن الحدود ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة وحصره بالقوى الشرعية.

وأضاف سلام أن البيان الوزاري لحكومته سيتضمن "تأكيدا على التنفيذ الكامل للقرار 1701 وعلى تفاهمات وقف إطلاق النار، والالتزام بعملية إعادة الإعمار" للمناطق التي تعرّضت للدمار خلال الحرب الأخيرة، سيما في جنوب البلاد.

وعن كلفة إعادة الإعمار، قال سلام إنه "كانت هناك تقديرات للبنك الدولي منذ فترة قصيرة، بين 8 مليارات و9 مليارات (دولار)، واليوم ارتفعت لـ10 أو 11 مليار دولار".