إسرائيل-جيش- غزة

قالت المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية، يفعات تومر يروشالمي، الاثنين، إن الجيش الإسرائيلي يحقق في حوالي 70 قضية تتعلق بانتهاكات لقوانين الحرب في غزة. 

وخلال كلمة لها في المؤتمر السنوي لنقابة المحامين الإسرائيليين، قالت يروشالمي إن تحقيقات الجيش تركز على ظروف الاحتجاز في سجن سدي تيمان في جنوب إسرائيل، ومقتل المعتقلين الفلسطينيين الذين كان الجيش الإسرائيلي يحتجزهم، والحوادث التي قتل فيها مدنيون، على يد القوات الإسرائيلية وحوادث عنف أخرى تشمل جرائم الممتلكات والنهب التي ارتكبها بعض الجنو.

وقالت "نحن نأخذ هذه الادعاءات على محمل الجد ونعمل على توضيحها". 

وفي سياق حديثها أشارت يروشالمي أيضا إلى الغارة التي شنها الجيش الإسرائيلي على مدينة رفح جنوب قطاع غزة ليل الأحد الاثنين، قائلة إنها "حادثة خطيرة للغاية" سيتم التحقيق فيها بشكل شامل.

وبحسب يروشالمي، منذ بداية الحرب في قطاع غزة، يقوم مكتب المدعي العام العسكري بمساعدة قادة الجيش لتحقيق أهداف الحرب التي حددتها الحكومة "وفقا للقانون، ويقدم لهم المشورة بشأن مجموعة متنوعة من القضايا العملياتية".

وقالت "في حرب بهذا الحجم وهذه الشدة، تقع حوادث خطيرة.. حوادث يكون فيها شك في انتهاك قوانين الحرب وأوامر الجيش.. يتم فحص هذه الشكوك بشكل شامل وقاطع، كجزء من التزامنا العميق تجاه القانون".

وأوضحت يروشالمي كذلك أن قنوات التحقيق التابعة للجيش الإسرائيلي محترفة ومستقلة تماما ولا تخضع لتسلسل قيادة الجيش.

وأضافت "يتم اتخاذ كل قرار بعد فحص شامل ومن خلال فهم عميق للتحديات الفريدة للحرب، ولكن دائما بموجب حكم مستقل للمدعي العام والتزامنا الوحيد بالقانون" وفق ما نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

من جانبها، قالت المستشارة القضائية غالي باهراف-ميارا، الذي تحدث أيضا في المؤتمر، إن مكتب المدعي العام "لا يخجل من تقديم أي شخص إلى العدالة - بما في ذلك قادة الجيش والدولة - طالما أن هناك شبهات مبررة بارتكاب جرائم".

وخلال كلمتها، أشارت ميارا أيضا إلى الاتهامات الموجهة ضد إسرائيل في المحكمة الدولية وإمكانية إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وقادة حماس.

القانون الإسرائيلي يسمح بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة تابعة للدولة

وقالت  إن "المقارنة بين العديد من قادة حماس وقادة إسرائيل هي انتقاص أخلاقي"، مضيفة أن الجيش الإسرائيلي ملتزم بالقانون الدولي بينما تنتهكه حماس بشكل صارخ.

وأضافت أن "حرب إسرائيل هي ضد حماس والمنظمات الإرهابية في غزة وليست ضد سكان القطاع". 

وتابعت "سنفحص وننظر بدقة في أي شبهات تتعلق بأعمال غير قانونية. لا نحتاج إلى مساعدة أجنبية للتحقيق في الشكوك المتعلقة بارتكاب جرائم.. مكتب المدعي العام للدولة يشجع أيضًا التحقيق في التصريحات المتعلقة بالحرب التي يدلي بها الجنود والتي تنتهك القانون الدولي".

في فبراير الماضي، أرسلت تومر يروشالمي رسالة إلى قادة الجيش الإسرائيلي تشير فيها إلى أنها واجهت خلال الحرب في غزة تصرفات من قبل بعض الجنود "لا تفي بقيم الجيش الإسرائيلي، وتنحرف عن الأوامر والحدود التأديبية ، وتتجاوز العتبة الإجرامية".

وأضافت ميارا أن المحكمة العليا في إسرائيل تجري مراجعة قضائية للسياسة الإنسانية المتعلقة بالمساعدات التي تذهب إلى غزة والإجراءات الحكومية والعسكرية بشأن هذه المسألة. 

كما أكدت على أن القانون الإسرائيلي يسمح بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة تابعة للدولة.

وأضافت "العام الماضي أظهر لنا جميعا أن ديمقراطيتنا هشة"، في إشارة إلى ما تصفه "هارتس" بـ الانقلاب القضائي" الذي قامت به حكومة نتانياهو. وقالت "ليس لدى إسرائيل نظام شامل من الضوابط والتوازنات التي يمكن أن تنظم السلطة الكبيرة التي تمتلكها الحكومة".

وفي ديسمبر، كشفت صحيفة "هآرتس" أن مئات المعتقلين الفلسطينيين الذين اعتقلوا في غزة ظلوا محتجزين لأسابيع في معتقل سدي تيمان في جنوب إسرائيل. 

وفي المنشأة، يكون المعتقلون معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي معظم اليوم، وتضاء الأضواء في المنشأة طوال الليل. 

وقال مصدر لصحيفة "هآرتس" في يناير إنهم يتعرضون للعنف والعقاب الذي ينفذه الجنود بمحض إرادتهم. 

وتشمل تلك  الأفعال الضرب وتقييد أيدي المعتقلين إلى السياج أو وضع أيديهم فوق رؤوسهم.

وحتى شهر مارس ، توفي 27 معتقلا من غزة أثناء احتجازهم في منشآت عسكرية إسرائيلية منذ اندلاع الحرب، وفقاً للأرقام التي قالت صحيفة "هآرتس" إنها حصلت عليها. 

وفي الشهر الماضي، أفاد طبيب في مستشفى سدي تيمان الميداني أن الظروف في المنشأة يمكن أن تضر بصحة السجناء وتعرض الحكومة لخطر انتهاك القانون. 

وقال الطبيب "هذا الأسبوع فقط، بترت ساقي سجينين بسبب إصابات بالأصفاد، وهو أمر روتيني للأسف".

الحدود اللبنانية الإسرائيلية

للوهلة الأولى، تبدو الحدود اللبنانية - الإسرائيلية وكأنها قد استسلمت تماما لحالة هدوء غريب، منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في نوفمبر الماضي. لا دوي انفجارات، ولا صواريخ متبادلة، ولا تصعيد علني يوحي بعودة وشيكة إلى المواجهة. 

لكن هذا الهدوء، يؤكد مسؤولون عسكريون ومحللون أمنيون، هو مجرد غطاء هش لواقع يوشك على الانفجار في أي لحظة.

خلف خطوط التماس، تنفذ إسرائيل ضربات جوية "استباقية"، تستهدف ما تعتبره تهديدات مصدرها حزب الله أو مجموعات متحالفة. في الوقت ذاته، يتحدث الجيش الإسرائيلي عن دروس وعبر استخلصها من هجوم 7 أكتوبر، ويعكف على إعادة تشكيل عقيدته الدفاعية على الجبهة الشمالية، حيث تتزايد المخاوف من الطائرات المسيّرة، والخلايا المسلحة، والقدرات العسكرية التي يسعى حزب الله لإعادة ترميمها.

ووفقا لمسؤول عسكري في قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، فإن إسرائيل تعتبر السيادة "خطا أحمر"، وتؤكد أن عملياتها العسكرية في الوقت الراهن تأتي ضمن استراتيجية أوسع لاحباط التهديدات قبل وقوعها.

لكن المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه، أعرب في تصريحات لـ"الحرة" عن ارتياح بلاده لآلية المراقبة الدولية لاتفاق وقف إطلاق النار:

"تطور إيجابي ملحوظ يتمثل في نشاط متزايد للجيش اللبناني في متابعة الشكاوى بشأن خروقات من قبل حزب الله أو أي تنظيمات فلسطينية أخرى بحيث يتم التواصل من خلال آلية تنسيق مع ضباط أميركيين وشركاء آخرين، يتم بموجبها نقل المعلومات إلى الجانب اللبناني للتحقق منها أو معالجتها".

مقاتلات إسرائيلية

تعاون محسوب وضربات دقيقة

من أبرز التغيّرات التي طرأت خلال الأشهر الماضية، ازدياد تجاوب الجيش اللبناني مع التحذيرات الإسرائيلية، وذلك من خلال آلية تنسيق يقودها الجانب الأميركي.

وبيّن المصدر الإسرائيلي أن تجاوب الجيش اللبناني مع التحذيرات الإسرائيلية بات أكثر جدية، في تحول لافت مقارنة بالماضي، وأشار إلى أن الوضع على الأرض اليوم يختلف تماما عما كان عليه حين كان يُنظر إلى حزب الله كـ"دولة داخل دولة".

لكنه أشار، في المقابل، إلى وجود حالات تستدعي تحركا إسرائيليا مباشرا دون إبلاغ الشركاء، لا سيما عند رصد تهديدات آنية، مستشهدا باستهداف مسلحين لا يتبعون الجيش اللبناني.

ووصف ذلك بأنه رد مشروع على "خروقات اتفاق وقف إطلاق النار".

رقابة دولية وواقع ميداني معقد

من جهته، أوضح المحلل العسكري إيال عليما لـ"الحرة" أن هناك آلية تنسيق دولية تضم ممثلين عن قوات اليونيفيل، والولايات المتحدة، وفرنسا، ولبنان وإسرائيل. وتُعقد اجتماعات منتظمة في الناقورة، مع تواصل مباشر أحيانا بين إسرائيل وقوات اليونيفيل.

""هذه آلية لعبت دوررا ملموسا في بعض الحالات، مثلا عندما أبلغ الجيش الإسرائيلي بوجود قذائف موجهة ضد إسرائيل، نقلت هذه المعلومات وتم التعامل معها بصورة ناجعة، بينما لم يجرِ التعامل في حالات أخرى"، يقول عليما.

ويعتقد عليما أن السياسة الأمنية الإسرائيلية باتت أكثر حزما منذ فشل الجيش في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023. وأشار إلى أن إسرائيل تستفيد من الدروس المستخلصة للحيلولة دون تكرار ذلك السيناريو على جبهات أخرى.

دبابة إسرائيلية في المنطقة

140 قتيلا منذ بدء الهدنة

منذ سريان وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024، نفذت إسرائيل عشرات الضربات الجوية الدقيقة، استهدفت ما تعتبره عناصر مسلحة، خاصة في القطاع الغربي من الحدود.

وبحسب المصدر العسكري، فقد قُتل نحو 20 شخصا في هذا القطاع فقط، ليرتفع عدد القتلى إلى حوالي 140 عنصرا في عموم لبنان منذ توقيع الاتفاق.

وقد امتدت بعض العمليات إلى مناطق شمال نهر الليطاني، وهي منطقة تخضع لإشراف قيادة العمق الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي، المختصة بتنفيذ عمليات طويلة المدى في عمق أراضي الخصوم.

تهديد االمسيرات

من أبرز التحديات الجديدة التي تواجه إسرائيل بعد الهدنة هو تصاعد استخدام حزب الله للطائرات المسيّرة، "التي شكلت في السابق نقطة ضعف أمنية بالغة،" وفقا للمسؤول الإسرائيلي.

وقد بلغ التهديد ذروته في 1 فبراير 2024، عندما استهدفت طائرة مسيرة منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بلدة قيساريا، وتسببت بأضرار مادية جسيمة دون وقوع إصابات بشرية.

واخترقت طائرات مسيرة أخرى المجال الجوي الإسرائيلي، واستهدفت قواعد عسكرية، ما أسفر عن مقتل جنود إسرائيليين.

ودفعت هذه الهجمات قيادة الجيش إلى إعادة صياغة عقيدة الدفاع الجوي، وتوسيع نطاق التدريب على اعتراض هذا النوع من الطائرات.

وقد رفعت إسرائيل، وفقا للمسؤول العسكري، عدد قواتها المنتشرة على الحدود الشمالية مقارنة بالسابق. "إن عدد القوات المنتشرة هناك أكثر بنحو مرتين ونصف، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الاتفاق".

وأعاد الجيش الإسرائيلي تفعيل ثكنات عسكرية قديمة على الحدود مع لبنان، إضافة إلى المواقع الخمسة التي أنشأها داخل الأراضي اللبنانية.

ويشير المسؤول إلى بناء ثكنات عسكرية ومواقع أخرى بغية تعزيز الردع ومنع التسلل إلى البلدات الشمالية من إسرائيل.

تحركات حزب الله

تراقب إسرائيل عن كثب محاولات حزب الله إعادة التمركز وإعادة التسلّح، خصوصا بعد انهيار نظام الأسد في سوريا، والذي أدى إلى تقليص قدرة الحزب على تهريب الأسلحة عبر الأراضي السورية.

وشدد المسؤول الإسرائيلي على أن بلاده مصممة على منع الحزب من بناء بنية تحتية عسكرية جديدة.

مقاتلات إسرائيلية

ديناميكيات إقليمية

أدى الانهيار الفعلي للنظام السوري إلى فراغ إقليمي تتابعه إسرائيل عن كثب. ومع تراجع النفوذ الإيراني في سوريا، بدأت بعض الأصوات داخل إسرائيل من الأوساط السياسية والأمنية تطالب باستغلال هذا التحول لإطلاق ضربة استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

رغم تزايد الحديث عن احتمال تنفيذ الهجوم في عام 2025، يرى المحلل إيال عليما أن تنفيذ هذا السيناريو غير مرجّح في الوقت الراهن.

"الساحة السياسية الدولية شديدة التعقيد حاليا"، يقول عليما. "الولايات المتحدة منخرطة في مفاوضات نووية مباشرة مع طهران، وهناك معارضة قوية من الاتحاد الأوروبي وداخل الولايات المتحدة نفسها لأي تصعيد".

وأشار إلى تزايد الانتقادات الغربية للحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي تُوصف بأنها الأكثر تطرفًا في تاريخ البلاد الحديث، ما قد يُضعف الدعم الدولي لأي تحرك عسكري كبير.

هدنة هشة

تعكس سلسلة العمليات الإسرائيلية الأخيرة، سواء تلك التي استهدفت مواقع لحزب الله في جنوب لبنان أو بنى تحتية لحلفائه الحوثيين، مدى هشاشة وقف إطلاق النار القائم حالييا.

وعلى الرغم من أن الطرفين، إسرائيل وحزب الله، لا يبدوان راغبين في الانزلاق إلى مواجهة شاملة، لا يزال الوضع متقلبا. فكل طائرة مسيرة، وكل ضربة جوية، وكل تحرك عسكري يُعتبر رسالة استراتيجية موجهة إلى حزب الله، وإلى إيران.

وقف إطلاق النار ليس اتفاق سلام، كما هو معروف، ولكن في حالة حزب الله وإسرائيل، يبدو أقرب إلى هدنة متوترة، رغم استمرارها تبقى على حافة الانهيار.