سياسيون إسرائيليون دعوا إلى شن حرب على لبنان عقب الهجوم
سياسيون إسرائيليون دعوا إلى شن حرب على لبنان عقب الهجوم

دعا سياسيون إسرائيليون، من بينهم معارضون، "بإجماع"، السبت، إلى "رد إسرائيلي شديد" لهجوم صاروخي اتهم حزب الله بتنفيذه وتسبب بمقتل 12 شخصا على الأقل، بينهم أطفال، في مجدل شمس بالجولان، والتي يغلب فيها سكان من الطائفة الدرزية، تزامنا مع دعوات أممية للتهدئة و"التحلي بأقصى درجات ضبط النفس". 

وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الوزراء الإسرائيليين المنتمين لليمين المتطرف كانوا أكثر "تشددا" في ردود أفعالهم. 

وكتب وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، على إكس: "يجب أن يدفع (زعيم حزب الله حسن) نصر الله ثمن مقتل الأطفال اليافعين"، مؤكداً أنه "الوقت قد حان للتصرّف" وأن "لبنان ككل يجب أن يدفع الثمن".

كما قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير: "منذ الثامن من أكتوبر، قلتُ إننا في حالة حرب في الشمال ويجب هزيمة العدو"، لكن صناع القرار الإسرائيليين "تجنبوا الاعتراف بأننا في معركة ضد حزب الله منذ 10 أشهر"، داعيا إلى "حرب في الشمال الآن!". 

وطالب وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهار، إسرائيل "بالتوقف عن المماطلة وتوجيه ضربة قاتلة لحزب الله"، بحجة أنه "كلما أرجأنا الحملة، كانت الأثمان التي ندفعها أكثر إيلاما".

وذكرت الصحيفة أن المعارضة دفعت "بقوة" للرد على حزب الله، حيث أكد عضو الكنيست عن حزب "الأمل الجديد" ميشيل بوسكيلا، بأن على إسرائيل أن "تمزق بيروت إربا"، وأعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، أن نصر الله يجب أن "يدفع ثمن" أفعاله. 

وفي منشور باللغة الإنكليزية على موقع إكس تعهد رئيس "حزب الوحدة الوطنية" وعضو مجلس الوزراء الحربي السابق، بيني غانتس، الذي استقال من ائتلاف رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، في يونيو، "بالدعم الواسع من خارج الحكومة لأي استجابة حازمة وفعالة من شأنها استعادة الأمن لمواطني الشمال". 

وفي بيان له، طالب زعيم المعارضة يائير لابيد الحكومة "بوضع حد للتخلي عن الشمال".

وأكد رئيس حزب يش عتيد أن الأحداث "لا يمكن أن تستمر على هذا النحو"، واتهم رئيس الوزراء بالتنصل من مسؤولياته، قائلاً إن "حقيقة أنه لم يقرر بعد العودة إلى إسرائيل (من الولايات المتحدة) هي دليل مخز آخر على انفصاله التام وفوق كل شيء أنه لا يهتم بأي شيء سوى نفسه".

ورد نتانياهو في وقت لاحق أنه لم يؤخر عودته إلى إسرائيل من العاصمة واشنطن، حيث كان قد ألقى خطابا أمام الكونغرس، والتقى الرئيس الأميركي، جو بايدن، ونائبته، كامالا هاريس. 

من جانبه، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في مقابلة مع "تايمز أوف إسرائيل" إن بلاده "تقترب من لحظة الحرب الشاملة ضد حزب الله ولبنان"، مضيفا أن نصر الله "سيُدمر مع منظمته إذا اندلعت مثل هذه الحرب، وحذر من أن لبنان سيتضرر بشدة"، وفق ما نقلته الصحيفة على لسانه.

وفي أعقاب هجوم السبت، أعلن عضو الائتلاف الحاكم، أوفير كاتس، من حزب الليكود أن جميع مشاريع القوانين غير الأساسية سوف تُحذف من جدول أعمال الكنيست ليوم الأحد، وهو اليوم الأخير من الدورة التشريعية الصيفية.

وقال: "في أعقاب المذبحة المروعة التي ارتكبها حزب الله بحق أطفال مجدل شمس، تقرر أن مشاريع القوانين الحكومية العاجلة فقط ستكون على جدول أعمال الكنيست غدا. قلوبنا مع السكان والمجتمع الدرزي بأكمله".

من جانبه، قال النائب، يائير غولان، رئيس حزب "الديمقراطيين" الذي نجم عن دمج حزبي "العمل" و"ميرتس"، إن عطلة الكنيست يجب أن تُلغى. 

وأضاف "من غير المعقول أن يذهب أعضاء الكنيست في إجازة غدا، وهو يوم حرب شبه مؤكدة في الشمال، ودفن جثث لا يمكن تصوره، وحرب في غزة، و115 رهينة في أيدي حماس، وعشرات الآلاف من النازحين في الشمال والجنوب".

"كارثة لا يمكن تصورها"

وحثت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لدى لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، وقائد قوة حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية، الجنرال أرولدو لاثارو، على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

وقال المسؤولان في بيان مشترك: "نستنكر مقتل المدنيين من أطفال صغار ومراهقين في مجدل شمس. تجب حماية المدنيين في جميع الأوقات".

وطالب المسؤولان بالأمم المتحدة بوضع حد للتبادل المكثف والمستمر لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. وقالا إن تبادل القصف قد يشعل صراعا أوسع نطاقا من شأنه أن يغرق المنطقة بأكملها في "كارثة لا يمكن تصورها".

وتجري بعثة الأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" ومكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة اتصالات مع كل من لبنان وإسرائيل بهدف احتواء الموقف.

وأعلن الناطق الرسمي باسم اليونيفيل، أندريا تيننتي، أن "اليونيفيل على اتصال بالأطراف لمحاولة خفض التوتر".

كما أصدرت الحكومة اللبنانية، بيانا  أدانت فيه "كل أعمال العنف والاعتداءات ضد جميع المدنيين"، ودعت فيه إلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية على كل الجبهات".

وشدد البيان على أن "استهداف المدنيين يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي ويتعارض مع مبادئ الإنسانية".

وفي وقت سابق السبت، قال موقع "أكسيوس"، السبت، إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ من أن يؤدي هجوم الجولان الذي أسفر عن مقتل 10 أشخاص، إلى حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله.

ونقل الموقع عن مسؤول أميركي القول إن "ما حدث اليوم قد يكون السبب الذي شعرنا بالقلق بسببه وحاولنا تجنبه لمدة 10 أشهر".

وأضاف المسؤول الأميركي أن مسؤولي حزب الله أبلغوا الأمم المتحدة أن الحادث كان نتيجة سقوط صاروخ إسرائيلي مضاد للصواريخ في ملعب كرة القدم، في حين نفى الجيش الإسرائيلي حدوث ذلك. 

وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيل هاغاري، في مؤتمر صحفي عقده في وقت لاحق السبت أن نتائج التحقيقات الجنائية تشير إلى أن صاروخا "إيراني الصنع يستخدمه حزب الله فقط"، استخدم في الهجوم. 

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية
الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية

 يحاول المسؤولون الإسرائيليون التظاهر بعدم الاكتراث في تعاملهم مع تجاهل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لهم في رحلته إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، لكن الواقع هو أن قراره يزيد القلق في إسرائيل بشأن وضعها بالنسبة لأولويات واشنطن.

فبعد أيام قليلة من الإعلان عن خطط لعملية عسكرية موسعة في غزة، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس الأحد إن الولايات المتحدة أبلغته باتفاق لإطلاق سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي، إيدان ألكسندر، بعد محادثات بين واشنطن وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) لم تشمل إسرائيل.

وأثار ترامب، الذي سيزور السعودية وقطر والإمارات، ذعر إسرائيل الأسبوع الماضي بإعلانه فجأة أن الولايات المتحدة ستتوقف عن قصف الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، بعد أيام من سقوط صاروخ أطلقته الحركة بالقرب من المطار الرئيسي في إسرائيل.

وكتب إيتمار آيشنر المراسل الدبلوماسي لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في تعليق يعكس ما قاله معلقون إعلاميون عبر مختلف ألوان الطيف السياسي، "كانت الرسالة واضحة للمنطقة: إسرائيل لم تعد على رأس أولويات الولايات المتحدة".

وقال مسؤول إسرائيلي إن إعلان ترامب بشأن الحوثيين كان "محرجا إلى حد ما" وإن تصرف الرئيس "سلاح ذو حدين".

وتعقد إسرائيل محادثات مع الولايات المتحدة بشأن مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب، ويقول مسؤولون إن العلاقات على المستوى الرسمي لا تزال قوية، لكن بعض المسؤولين يُقرون بصدمتهم من قرارات ترامب.

وقال مسؤول كبير في دائرة نتانياهو، طلب عدم الكشف عن هويته، إن هناك "فوضى" في إدارة ترامب، حيث يعتمد كل شيء على ما يقرره الرئيس في أي لحظة. وأضاف المسؤول أن ذلك يُفيد إسرائيل أحيانا ويُضر بها أحيانا أخرى.

وزاد القرار المتعلق بالحوثيين، الذي لم يُناقش مع إسرائيل مُسبقا، قلق إسرائيل إزاء المحادثات الأميركية مع إيران بشأن برنامج طهران النووي، والتي قد تضعف أي تهديد إسرائيلي بعمل عسكري ضد عدوها اللدود.

وزاد قلق إسرائيل أكثر بعد أن ذكرت وكالة رويترز أن الولايات المتحدة لم تعد تطالب السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل كشرط لإحراز تقدم في محادثات التعاون النووي المدني.

وقال وزير الخارجية، جدعون ساعر، أمس الأحد "نحن ننسق. هذا لا يعني ضرورة الاتفاق التام 100 بالمئة على كل قضية. الولايات المتحدة دولة ذات سيادة. إسرائيل دولة ذات سيادة. لكنني أعتقد أن لدينا أرضية مشتركة كبيرة للغاية في المواقف مع هذه الإدارة أكثر من أي وقت مضى".

وعقد آدم بولر مفاوض ترامب بشأن الرهائن في مارس ما وصفته حماس باجتماعات "مفيدة للغاية" مع الحركة، تجاوزت إسرائيل وركزت على إطلاق سراح ألكسندر.

وفي الأسبوع الماضي، نفى السفير الأميركي، مايك هاكابي، أن يكون ترامب ينأى بنفسه عن إسرائيل. وقال إن العلاقة غالبا ما توصف بأنها متينة، وأن "هذه الكلمة لا تزال سارية".

وأضاف "لقد كان الرئيس ثابتا في دعمه وشراكته، وليس لدي ما يدعو للاعتقاد بأن ذلك لن يستمر".

"فوضى"

تعرض نتانياهو وحكومته لانتقادات، الاثنين، على الرغم حتى من تطلع الإسرائيليين لإطلاق سراح ألكسندر، مع زيادة الإدراك لدى الجمهور بأن للدولتين الحليفتين أولويات مختلفة.

قال جاك جوتليب وهو متقاعد من تل أبيب "كل ما هنالك أنه لا توجد قيادة الآن". وأضاف أنه "لا شك" في أن الصفقة أُبرمت من وراء ظهر نتانياهو، أو أن برنامجي العمل الأميركي والإسرائيلي يختلفان في الوقت الراهن.

ومضى يقول "في الوقت الحالي، كل يركز على مصلحته".

ولم يكن أمام نتانياهو خيار سوى قبول قرار التوقف عن قصف الحوثيين، الذين أوضحوا أنهم لن يتوقفوا عن محاولة ضرب إسرائيل بإطلاق صاروخ آخر بعد ذلك ببضعة أيام.

اعتمدت إسرائيل على الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي منذ قيامها عام 1948. وأي تراجع في الاهتمام الأميركي، في ظل الضغوط الدولية التي تواجهها إسرائيل بسبب حرب غزة، من شأنه أن يشكل ضربة قاسية.

وسلط قرار إسقاط مطلب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل الأضواء على الضرر الذي لحق بإسرائيل على الصعيد الدولي بسبب هذه القضية. والهدف من إسقاطه تجاوز إصرار الرياض على موافقة إسرائيل على التحرك نحو تسوية مع الفلسطينيين.

كان ضم السعودية إلى الإمارات والبحرين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم خلال ولاية ترامب الأولى هدفا رئيسيا لنتانياهو، لكنه تأجل إلى أجل غير مسمى على ما يبدو.

وواجه جو بايدن، سلف ترامب، انتقادات لاذعة من المتشددين الإسرائيليين بعد وقف تصدير بعض الذخائر الثقيلة التي تستخدم في غزة وفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين ينتهجون العنف في الضفة الغربية.

وعلى النقيض من ذلك، تحدى ترامب في ولايته الأولى الرأي العام العالمي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، التي تعتبرها إسرائيل عاصمة لها، واعترف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان التي احتلتها من سوريا في حرب عام 1967.

وقال مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق إنهم يدركون المخاطر التي تواجهها إسرائيل في ظل وجود رئيس لا يمكن التنبؤ بسلوكه مثل ترامب، والذي لم يبد أي تردد في الانقلاب على حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين.

وقال أحدهم "لكن ليس لدينا خيار آخر".