ساحة في تل أبيب بإسرائيل في 12 أغسطس 2024
ساحة في تل أبيب بإسرائيل في 12 أغسطس 2024

وضعت إسرائيل جيشها "في حالة تأهب قصوى"، بينما تعمل على تنويع وتعزيز بنيتها التحتية الحيوية، مع تصاعد المخاوف من هجوم إيراني وشيك على الأراضي الإسرائيلية.

حالة "تأهب قصوى"

تهدد إيران وحزب الله بشن هجوم على إسرائيل، بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، ومقتل القائد العسكري البارز في حزب الله، فؤاد شكر، بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت.

واتهمت حماس وإيران إسرائيل بـ"قتل هنية"، وتوعدتا بالرد، لكن الجانب الإسرائيلي لم يعلن مسؤوليته عن مقتل هنية أو ينف ضلوعه فيه.

وأعلنت إسرائيل عن حالة التأهب القصوى لجيشها لأول مرة هذا الشهر بعد ملاحظة استعدادات إيران وحزب الله لتنفيذ هجمات، وفقا لما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصدر مطلع على الأمر.

وقال المصدر إن "إسرائيل لا تعرف ما إذا كانت الهجمات وشيكة وتتحرك بحذر".

والإثنين، وافق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، على الخطط العسكرية، وقال إن الاستعدادات الهجومية والدفاعية جارية.

وفي سياق متصل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت: "نحن في أيام اليقظة والاستعداد".

وأضاف: "قد تتحقق التهديدات من طهران وبيروت ومن المهم أن نشرح للجميع أن الاستعداد واليقظة ليست مرادفات للخوف والذعر".

وقال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة شاركت معلومات استخباراتية جمعتها بشأن تغيير مواقع القوات الإيرانية، حسبما ذكرته "وول ستريت جورنال".

لكن مسؤولين أميركيين قالوا إن تحديد تحركات الأصول العسكرية لا يوفر معلومات كافية لتحديد توقيت الهجوم المحتمل.

ومن جانبه، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، الإثنين، إن الولايات المتحدة استعدت لهجمات كبيرة قد تشنها إيران أو وكلاؤها في الشرق الأوسط هذا الأسبوع.

"تنوع وتعزيز" البنية التحتية

وفي حين لم تقدّم إيران أو حزب الله أي إشارة إلى المكان الذي قد يختاران استهدافه إذا نفذا "هجوما مباشرا"، فقد ركزت إسرائيل دفاعيا على "البنية التحتية الحيوية والاتصالات".

مقتل هنية في طهران أحرج النظام الإيراني
بين "التردد" و"اللعب بورقة الوقت".. لماذا تأخر الرد الإيراني على إسرائيل؟
يرتفع منسوب التوتر من توسع الصراع وتحول الحرب في غزة إلى إقليمية، حيث تهدد إيران وحزب الله بشن هجوم على إسرائيل، بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، ومقتل القائد العسكري البارز في حزب الله، فؤاد شكر، بغارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت قبل أيام.

وفي الداخل الإسرائيلي، جهز رؤساء البلديات أجهزة الإنذار التي تعمل بالبطاريات، وكذلك هواتف تعمل بالأقمار الصناعية، حيث تعمل إسرائيل على تنويع وتعزيز بنيتها التحتية الحيوية، وفق ما نقله تقرير لوكالة "بلومبيرغ".

والحفاظ على الطاقة المستمرة أمر مهم للاقتصاد الإسرائيلي، الذي يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا لدرجة أن إسرائيل اكتسبت لقب "دولة الشركات الناشئة".

وصمدت إسرائيل بالفعل في وجه وابل من الصواريخ والطائرات بدون طيار التي أطلقتها إيران في أبريل وتحملت هجمات منتظمة من وكلاء طهران في الشمال والجنوب لعدة أشهر.

وفي الوقت الحالي تستعد السلطات الإسرائيلية للأسوأ، بما في ذلك تخزين الوقود البديل لمحطات الطاقة في حالة انقطاع الإمدادات المنتظمة، بحسب الوكالة.

وقالت تامار فيكلر، نائبة الرئيس للعمليات والخدمات اللوجستية والأمن في شركة كهرباء إسرائيل، أكبر مورد للطاقة الكهربائية في البلاد، لبلومبيرغ: "اشترينا كميات لا حصر لها".

ومنذ الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة "منظمة إرهابية"، على إسرائيل في السابع من أكتوبر، قامت شركة الكهرباء الإسرائيلية ببناء دفاعات في مواقع محطات الطاقة التابعة لها، حسبما أضافت فيكلر.

وكانت منصات الغاز البحرية معرضة لخطر الهجمات من حزب الله، الميليشيا اللبنانية المدعومة من إيران والتي تصنفها الولايات المتحدة أيضا "منظمة إرهابية".

وفي حالة اندلاع حرب شاملة في الشمال، ستقرر إسرائيل إغلاق المنصات على أساس كل حالة على حدة، مما يجعل من غير المرجح أن يتم الإغلاق الكامل بسرعة، وفقا لما نقلته "بلومبيرغ" عن مسؤول إسرائيلي مطلع على الأمر.

وحتى انقطاع التيار الكهربائي لفترة قصيرة قد يجعل من الصعب على الجمهور الإسرائيلي متابعة الأحداث، وقد دفع هذا السلطات إلى تركيب مولدات ديزل احتياطية أو بطاريات ليثيوم في أكثر من نصف أبراج الهاتف المحمول في شمال إسرائيل، بما في ذلك في مدينة حيفا الساحلية.

وفي تل أبيب، تم توصيل عشرات الأبراج بمولدات الشركات أو المرافق البلدية القريبة.

ومن جانبها، قالت إنبال مشاش، المديرة العامة لوزارة الاتصالات: "الهاتف الخلوي أمر بالغ الأهمية في حالة الطوارئ".

وأكدت أن الهيئة تحاول تمديد عمليات الهاتف المحمول إلى ما يصل إلى 24 ساعة بعد انقطاع التيار الكهربائي، ارتفاعا من ساعتين عادة.

وكإجراء احتياطي، تم تزويد الوزراء ومسؤولي المدينة ومنسقي الطوارئ بهواتف الأقمار الصناعية.

وقالت مشاش إن شبكة "ستارلينك" التابعة لشركة "سبيس أكس"، ستكون متاحة قريبا لتمكين الاتصال بالإنترنت في البلديات.

وحتى الآن، في الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر، لم يضطر الإسرائيليون عادة إلى قضاء سوى بضع دقائق في غرف محصنة أو ملاجئ عامة بينما أسقطت الدفاعات الجوية للبلاد معظم الصواريخ التي أطلقت من غزة أو لبنان.

توعد خامنئي بإنزال "أشد العقاب" بإسرائيل المتهمة بقتل هنية في طهران
تعزيزات بالشرق الأوسط.. هل الحرب الإقليمية على الأبواب؟
"حرب إقليمية تطرق أبواب منطقة الشرق الأوسط وستؤدي لنتائج كارثية، إذا لم تتدخل الولايات المتحدة لوقف التصعيد"، هكذا يتحدث عدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين عن التطورات التي تشهدها المنطقة في ظل "التوتر" بين إسرائيل وحلفائها من جانب وإيران ووكلائها من جانب آخر.

ولكن في حال وقوع هجوم عنيف ومستمر من إيران أو وكلائها، قد تحتاج هذه الدفاعات إلى التركيز على حماية المنشآت الاستراتيجية، مما يجعل المدنيين يعتمدون بشكل متزايد على الملاجئ التي يمكن لجدرانها السميكة أن تحد من إشارات الهاتف المحمول العادية، حسبما أشارت بلومبيرغ.

وقالت مشاش إن بعض البلديات جعلت الاتصالات اللاسلكية متاحة في الملاجئ.

لقطة من فيلم ملفات بيبي. تصوير: زيف كورين
لقطة من فيلم ملفات بيبي. تصوير: زيف كورين | Source: Photograph: Ziv Koren

على الرغم من المحاولات القانونية لوقفه، عرض الفيلم الوثائقي المثير للجدل "ملفات بيبي" (The Bibi Files)، الذي يظهر لقطات مسربة لاستجواب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في مهرجان تورنتو السينمائي، وفقا لما ذكرته صحيفة "الغارديان"، الثلاثاء.

وقالت الصحيفة إن الجمهور اطلع على مقاطع فيديو مسربة لاستجواب نتانياهو من قبل الشرطة لأول مرة في العرض الأول العالمي للفيلم، رغم محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي منع عرضه.

ورفضت محاكم إسرائيلية طلب نتانياهو قبل عرض الفيلم - الذي يظهر فيه وهو ينفي بشدة مزاعم الرشوة والفساد - أمام جمهور متوتر وصاخب، وكان العديد منهم يحملون لافتات كتب عليها "أعيدوهم إلى ديارهم" و"صفقوا الآن"، في إشارة إلى الرهائن المحتجزين في غزة.

الفيلم، الذي أخرجته، أليكسيس بلوم، وأنتجه، أليكس جيبني، يعرض قضية حساسة ومدانة، ويطرح حجة ربما يكون المراقبون عن كثب على دراية بها بالفعل، وهي أن نتانياهو يطيل أمد الحرب المدمرة في غزة، والتي أدت إلى أكثر من 40 ألف قتيل، لتجنب السجن المحتمل الناجم عن اتهامات الفساد، وبمعنى آخر فإن الأزمة الإنسانية التي تنتهك القانون الدولي تحوم حول الحفاظ على الذات، وفقا للصحيفة.

ووفقا للفيلم الوثائقي - الذي بدأت بلوم العمل عليه قبل 7 أكتوبر، عندما قدم مصدر لجيبني مقاطع الفيديو المسربة - تقدم محامي نتانياهو بطلب لتأجيل المحاكمة المقررة حاليا في ديسمبر المقبل. ويستشهد المحامي بالحرب الجارية في غزة كسبب للتأجيل.

"فساد أخلاقي"

وقال جيبني للجمهور بعد العرض: "لم أر قط عمق الفساد الأخلاقي كما رأيت في هذا الرجل". وقام أحد أفراد الجمهور الذي بدا أنه مؤيد لإسرائيل إلى حد كبير بمقاطعة جيبني لتوضيح أن نتانياهو لم تتم إدانته بعد. ولم ينته الجدل عند هذا الحد.

وتم تسجيل مقاطع فيديو الاستجواب المعروضة في الفيلم من قبل الشرطة بين عامي 2016 و2018 قبل أن تقدم رسميا تهم الفساد ضد نتانياهو. تتضمن اللقطات رئيس الوزراء وهو يتطرق إلى مزاعم مفادها أنه وزوجته قبلا الشمبانيا باهظة الثمن والسيجار الكوبي والمجوهرات من المنتج الهوليوودي، أرنون ميلشان. ويُسمع نتانياهو وهو يقلل من شأن الشمبانيا والسيجار باعتبارهما مجرد هدايا من صديق، بينما ينكر معرفته بالمجوهرات.

شهود

كما يظهر العديد من الشهود الذين عملوا مع ميلشان ونتانياهو وهم يتحدثون إلى الشرطة بشأن هدايا منتظمة لنتانياهو وزوجته سارة في مقابل الحصول على خدمات. ومن بين هذه الخدمات تمديد الإعفاء الضريبي الذي استفاد منه ميلشان. ويزعم نتانياهو أن تدخله غير المعتاد فيما يتعلق بالإعفاء الضريبي كان لصالح الدولة، وليس ميلشان.

كما شوهد نتانياهو وهو ينفي بشدة مزاعم توقيعه على أنظمة لصالح قطب الإعلام الإسرائيلي، شاؤول إلوفيتش. ووصف رئيس الوزراء مرارا وتكرارا أحد كبار مساعديه، نير هيفيتز، بأنه كاذب لقوله ذلك. ويزعم شهود آخرون أن إلوفيتش رد الكرم المزعوم بالسماح لنتانياهو بتغطية مكثفة لعائلته على موقع والا الشهير.

ولفتت الصحيفة إلى أنه تم بالفعل تسريب معلومات من مقاطع فيديو الاستجواب ونشرها في وسائل إعلام إسرائيلية. لكن مقاطع الفيديو لن تُعرض أبدا على الجمهور (على الأقل قانونيا) في إسرائيل. ووفقا لجيبني، يمنح القانون الإسرائيلي الخصوصية للأشخاص الذين تم تصويرهم في إجراءات رسمية، مما يجعل نشر اللقطات غير قانوني. وقال "إنه قانون خاص بالنسبة لإسرائيل ولكن [لا] يؤثر على بقية العالم".

وأوضح أنه تم عرض فيلم ملفات بيبي في تورنتو، باعتباره "عمل قيد التنفيذ"، لأنه كان من الضروري مشاهدته بشكل عاجل بينما يستمر عدد القتلى في غزة في الارتفاع، وأيضا لأنهم يبحثون عن شركاء توزيع في سوق المهرجان، على أمل إصدار الفيلم في أسرع وقت ممكن ليراه العالم.

وأعربت بلوم عن خيبة أملها بعد العرض لأن الكثير من الأشخاص لم يتحدثوا علنا (رفضوا التسجيل). وقالت إنها أجرت مقابلات مع رؤساء أركان سابقين ورؤساء شين بيت وآخرين في مناصب عليا تحت قيادة نتانياهو والذين تحدثوا معها لساعات عن أكاذيبه وفساده.

محاكمة مقبلة

وفي يوليو الماضي، قالت صحيفة "هآرتس"، إن القضاء الإسرائيلي حدد تاريخ الثاني من ديسمبر المقبل، موعدا لإدلاء نتانياهو بشهادته في قضايا فساد ورشوة.

ووفقا للصحيفة، فإن ذلك الموعد "خيّب آمال فريق دفاع نتانياهو"، الذي كان يفضل أن يكون في مارس المقبل بسبب "ظروف الحرب" في قطاع غزة، ولفحص وتقديم الأدلة اللازمة.

وطلب المحامون عقد جلسة قبل بدء مرافعة الدفاع، بشأن "طلب الحماية" الذي سيقدمونه، والذي من المتوقع أن يطالبوا فيه بـ"إسقاط لائحة الاتهام، بسبب إخفاقات ومخالفات في عملية التحقيق وإنفاذ انتقائي للقانون" من قبل الشرطة وأجهزة التحقيق في ملفات الفساد، المتعلقة بالقضايا التي يواجهها نتانياهو.

وبموجب القانون، يجب أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي شاهد الدفاع الأول، لأنه المتهم الرئيسي، ولذلك سيبدأ في الإدلاء بشهادته بعد أكثر من 4 سنوات من بدء المحاكمة في مايو 2020.

ويرى رئيس الوزراء وحلفاؤه أن الاتهامات الموجهة له هي "ذات دوافع سياسية"، واقترحوا إصلاحا قضائيا من شأنه الحد من سلطات المحاكم.