إسرائيل شهدت مظاهرات حاشدة مساء الأحد إثر مقتل الرهائن الست

تنطلق، الاثنين، موجة إضرابات واسعة النطاق بإسرائيل، يُتوقع أن تؤثر على قطاعات حيوية وتطال مرافق رئيسية، بما فيها مطار بن غوريون الدولي، وقطاعات التعليم والنقل العام والصحة، بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية، وفقا لمراسل الحرة.

ومن المرتقب أن يتوقف "جزء كبير" من الاقتصاد الإسرائيلي، إثر إعلان كبرى النقابات العمالية عن إضراب عام، فضلا عن قرار العديد من الشركات تعليق خدماتها، بحسب ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وفي أوسع تعبير عن المعارضة للحكومة منذ بدء الحرب، اتحد رؤساء النقابات وقادة الأعمال للضغط على حكومة، بنيامين نتانياهو، من أجل إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بعد إعلان الجيش العثور على جثث ستة منهم.

وأعلن  أرنون بار ديفيد، رئيس الاتحاد العام لعمال إسرائيل "الهستدروت"، الذي يعد أبرز نقابة عمالية في إسرائيل، الأحد، "علينا أن نوقف هذا التخلي عن الرهائن (...) توصلت إلى استنتاج مفاده أن تدخلنا فقط هو الذي يمكن أن يحرك أولئك الذين يحتاجون لذلك، غدا الساعة السادسة صباحا، سيعم الإضراب الاقتصاد الإسرائيلي بكامله".

وفي حين اعتبر بار ديفيد، أن الدافع وراء عدم إبرام صفقة لاعادة الرهائن سياسي، رأى مؤيدو الائتلاف الحكومي أن قرار نقابة العمال "سياسي ويجب أن تركز النقابة على هموم العمال والموظفين وظروف عملهم".

وأعلنت مفوضية خدمات الدولة ووزارة المالية، الأحد، أن الموظفين الذين سيضربون عن العمل لن يتقاضوا أجورهم.

كما طالب وزير المالية، بتسلئيل سموريتش، بإصدار أمر من محكمة العمل لمنع الإضراب.

وقالت رابطة المصنعين الإسرائيليين إنها تدعم الإضراب واتهمت الحكومة بالتقاعس عن الاضطلاع "بمهمتها الأخلاقية" المتمثلة في إعادة الرهائن وهم على قيد الحياة.

وأعلن منتدى الأعمال الإسرائيلي، الذي يمثل معظم العاملين في القطاع الخاص في إسرائيل من 200 من أكبر شركات البلاد، بالإضافة إلى مئات شركات التكنولوجيا والشركات المصنعة ومكاتب المحاماة، أنه سينضم إلى الإضراب العام ليوم واحد، بسبب فشل الحكومة في إعادة الرهائن في غزة، بحسب "تايمز أوف إسرائيل".

وصباح الاثنين، كشف بيتر ليرنر، أحد كبار المسؤولين في الهستدروت، أن الإضراب العمالي في إسرائيل بدأ.

مظاهرات حاشدة في تل أبيب مطالبة رئيس الوزراء بالتوصل إلى صفقة لاستعادة الرهائن من غزة
مئات آلاف الإسرائيليين في الشوارع.. هل يستجيب نتانياهو للضغوط؟
مع نزول مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع بعد استعادة جثث سنة رهائن من غزة، وانتشار دعوات للإضراب، يثار التساؤل بشأن ما إذا كان هذا الغضب المتفجر قد يجعل رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يغير من مواقفه المتشددة بخصوص شروط وقف إطلاق النار في غزة والمفاوضات التي لا تزال تراوح مكانها منذ أشهر.

مظاهرات حاشدة

وفي غضون ذلك شهدت تل أبيب ومدن عدة بينها القدس وحيفا في إسرائيل، ليلة الأحد، مظاهرات حاشدة للمطالبة بإعادة المخطوفين، استخدمت فيها الشرطة القنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين الذين سدوا طريق أيالون الرئيسي في تل أبيب وأشعلوا النار في أجزاء منه، وفقا لمراسل الحرة.

ووفقا لتقديرات وسائل إعلام إسرائيلية، نظم ما يصل إلى 500 ألف شخص احتجاجات في القدس وتل أبيب ومدن أخرى، للمطالبة باتفاق يعيد باقي الرهائن المختطفين في قطاع غزة وعدددهم 101 ـ توفي نحو ثلثهم، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وفي القدس أغلق المحتجون الشوارع ونظموا احتجاجا أمام منزل رئيس الوزراء. وأظهر مقطع مصور من الجو إغلاق المحتجين للطريق السريع الرئيسي في تل أبيب وهم يلوحون بالأعلام وصور الرهائن القتلى، وفقا لرويترز.
وعرض التلفزيون الإسرائيلي مقطعا يظهر الشرطة وهي توجه مدافع المياه نحو المحتجين الذين أغلقوا الطرق. وذكرت وسائل إعلام محلية أنه تم اعتقال 29 شخصا.

وعلى مدى شهور من مفاوضات وقف إطلاق النار، رفض نتانياهو الموافقة على هدنة تتضمن انسحاب إسرائيل من غزة وتؤدي إلى وقف دائم للقتال، معتبرا أن أي من الخطوتين يمكن أن تسمحا لحماس بالبقاء وتعريض أمن إسرائيل على المدى الطويل للخطر.

ونتيجة لذلك، رفضت حماس أيضا التنازل، قائلة إنها لن تفرج عن مزيد من الرهائن دون وقف دائم لإطلاق النار.

وقال الجيش الإسرائيلي، الأحد، إن الجثث الست التي عُثر عليها في غزة كانت لرهائن تم "قتلهم بوحشية" على يد حماس.

عائلات وأقارب الرهائن يضغطون منذ أشهر من أجل وقف الحرب
مظاهرات ودعوات للإضراب.. غضب بإسرائيل بعد العثور على جثث رهائن
شهدت مدن إسرائيلية مختلفة، الأحد، مظاهرات للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المختطفين لدى حركة حماس في قطاع غزة، تزامنا مع تصاعد الدعوات من أجل إضراب عام، في أعقاب إعلان الجيش الإسرائيلي استعادة جثث 6 رهائن من نفق بغزة.

وقالت وزارة الصحة الإسرائيلية لاحقا، إن فحصا طبيا شرعيا أظهر أن الرهائن قد تم إطلاق النار عليهم عن قرب. بينما زعمت حركة حماس، المصنفة إرهابية، بالولايات المتحدة ودول أخرى، أن الرهائن قُتلوا بقصف من الجيش الإسرائيلي.

وعثرت السلطات الإسرائيلية، على جثث الرهائن كرمل غات، وعيدن يروشالمي، وهيرش غولدبرغ بولين الذي يحمل أيضا الجنسية الأميركية، وألكسندر لوبانوف الذي يحمل أيضا الجنسية الروسية، وألموغ ساروسي، وأوري دانينو، في نفق بمنطقة رفح جنوب قطاع غزة، ما أثار صدمة وغضبا في إسرائيل.

وفي واشنطن، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن شعوره بـ"الحزن الشديد والغضب" بعد إعلان العثور على الجثث.
ودفن ما لا يقل عن أربعة منهم الأحد في حضور أقاربهم المفجوعين.

وفي ظل ضغوط متزايدة عليه، للتوصل إلى اتفاق لإطلاق الرهائن، بعد أشهر من الجمود في المفاوضات، توعد نتانياهو حماس بـ"تصفية الحساب" معها.

وقال موجها حديثه لحماس "من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقا" على هدنة في غزة، مضيفا "سنطاردكم ونقبض عليكم". 

بينما، قال مسؤولون كبار في حماس إن إسرائيل، برفضها التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، هي المسؤولة عن مقتل الرهائن.

وقال سامي أبو زهري القيادي في حماس لرويترز "نتنياهو هو المسؤول عن مقتل الأسرى الإسرائيليين، وهو حريص على قتل الجميع للاستمرار في الحرب.. ولذا على الإسرائيليين أن يختاروا بين نتنياهو أو الصفقة".

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية
الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية

 يحاول المسؤولون الإسرائيليون التظاهر بعدم الاكتراث في تعاملهم مع تجاهل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لهم في رحلته إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، لكن الواقع هو أن قراره يزيد القلق في إسرائيل بشأن وضعها بالنسبة لأولويات واشنطن.

فبعد أيام قليلة من الإعلان عن خطط لعملية عسكرية موسعة في غزة، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس الأحد إن الولايات المتحدة أبلغته باتفاق لإطلاق سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي، إيدان ألكسندر، بعد محادثات بين واشنطن وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) لم تشمل إسرائيل.

وأثار ترامب، الذي سيزور السعودية وقطر والإمارات، ذعر إسرائيل الأسبوع الماضي بإعلانه فجأة أن الولايات المتحدة ستتوقف عن قصف الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، بعد أيام من سقوط صاروخ أطلقته الحركة بالقرب من المطار الرئيسي في إسرائيل.

وكتب إيتمار آيشنر المراسل الدبلوماسي لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في تعليق يعكس ما قاله معلقون إعلاميون عبر مختلف ألوان الطيف السياسي، "كانت الرسالة واضحة للمنطقة: إسرائيل لم تعد على رأس أولويات الولايات المتحدة".

وقال مسؤول إسرائيلي إن إعلان ترامب بشأن الحوثيين كان "محرجا إلى حد ما" وإن تصرف الرئيس "سلاح ذو حدين".

وتعقد إسرائيل محادثات مع الولايات المتحدة بشأن مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب، ويقول مسؤولون إن العلاقات على المستوى الرسمي لا تزال قوية، لكن بعض المسؤولين يُقرون بصدمتهم من قرارات ترامب.

وقال مسؤول كبير في دائرة نتانياهو، طلب عدم الكشف عن هويته، إن هناك "فوضى" في إدارة ترامب، حيث يعتمد كل شيء على ما يقرره الرئيس في أي لحظة. وأضاف المسؤول أن ذلك يُفيد إسرائيل أحيانا ويُضر بها أحيانا أخرى.

وزاد القرار المتعلق بالحوثيين، الذي لم يُناقش مع إسرائيل مُسبقا، قلق إسرائيل إزاء المحادثات الأميركية مع إيران بشأن برنامج طهران النووي، والتي قد تضعف أي تهديد إسرائيلي بعمل عسكري ضد عدوها اللدود.

وزاد قلق إسرائيل أكثر بعد أن ذكرت وكالة رويترز أن الولايات المتحدة لم تعد تطالب السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل كشرط لإحراز تقدم في محادثات التعاون النووي المدني.

وقال وزير الخارجية، جدعون ساعر، أمس الأحد "نحن ننسق. هذا لا يعني ضرورة الاتفاق التام 100 بالمئة على كل قضية. الولايات المتحدة دولة ذات سيادة. إسرائيل دولة ذات سيادة. لكنني أعتقد أن لدينا أرضية مشتركة كبيرة للغاية في المواقف مع هذه الإدارة أكثر من أي وقت مضى".

وعقد آدم بولر مفاوض ترامب بشأن الرهائن في مارس ما وصفته حماس باجتماعات "مفيدة للغاية" مع الحركة، تجاوزت إسرائيل وركزت على إطلاق سراح ألكسندر.

وفي الأسبوع الماضي، نفى السفير الأميركي، مايك هاكابي، أن يكون ترامب ينأى بنفسه عن إسرائيل. وقال إن العلاقة غالبا ما توصف بأنها متينة، وأن "هذه الكلمة لا تزال سارية".

وأضاف "لقد كان الرئيس ثابتا في دعمه وشراكته، وليس لدي ما يدعو للاعتقاد بأن ذلك لن يستمر".

"فوضى"

تعرض نتانياهو وحكومته لانتقادات، الاثنين، على الرغم حتى من تطلع الإسرائيليين لإطلاق سراح ألكسندر، مع زيادة الإدراك لدى الجمهور بأن للدولتين الحليفتين أولويات مختلفة.

قال جاك جوتليب وهو متقاعد من تل أبيب "كل ما هنالك أنه لا توجد قيادة الآن". وأضاف أنه "لا شك" في أن الصفقة أُبرمت من وراء ظهر نتانياهو، أو أن برنامجي العمل الأميركي والإسرائيلي يختلفان في الوقت الراهن.

ومضى يقول "في الوقت الحالي، كل يركز على مصلحته".

ولم يكن أمام نتانياهو خيار سوى قبول قرار التوقف عن قصف الحوثيين، الذين أوضحوا أنهم لن يتوقفوا عن محاولة ضرب إسرائيل بإطلاق صاروخ آخر بعد ذلك ببضعة أيام.

اعتمدت إسرائيل على الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي منذ قيامها عام 1948. وأي تراجع في الاهتمام الأميركي، في ظل الضغوط الدولية التي تواجهها إسرائيل بسبب حرب غزة، من شأنه أن يشكل ضربة قاسية.

وسلط قرار إسقاط مطلب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل الأضواء على الضرر الذي لحق بإسرائيل على الصعيد الدولي بسبب هذه القضية. والهدف من إسقاطه تجاوز إصرار الرياض على موافقة إسرائيل على التحرك نحو تسوية مع الفلسطينيين.

كان ضم السعودية إلى الإمارات والبحرين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم خلال ولاية ترامب الأولى هدفا رئيسيا لنتانياهو، لكنه تأجل إلى أجل غير مسمى على ما يبدو.

وواجه جو بايدن، سلف ترامب، انتقادات لاذعة من المتشددين الإسرائيليين بعد وقف تصدير بعض الذخائر الثقيلة التي تستخدم في غزة وفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين ينتهجون العنف في الضفة الغربية.

وعلى النقيض من ذلك، تحدى ترامب في ولايته الأولى الرأي العام العالمي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، التي تعتبرها إسرائيل عاصمة لها، واعترف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان التي احتلتها من سوريا في حرب عام 1967.

وقال مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق إنهم يدركون المخاطر التي تواجهها إسرائيل في ظل وجود رئيس لا يمكن التنبؤ بسلوكه مثل ترامب، والذي لم يبد أي تردد في الانقلاب على حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين.

وقال أحدهم "لكن ليس لدينا خيار آخر".