تدعم الإدارة الأميركية الهجمات الجوية التي تشنها إسرائيل على حزب الله في لبنان، لكنها تعارض حاليا احتمال غزو بري، وفقا لما صرح به مسؤولون أميركيون كبار لصحيفة "هآرتس" في أعقاب التصعيد المستمر على الحدود الشمالية لإسرائيل والمخاوف من أن تتطور جبهة لبنان إلى حرب شاملة.
وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت الصحيفة الإسرائيلية نقلا عن المسؤولين الذين لم تذكر هوياتهم، أن الإدارة الأميركية تحاول منع إيران من المشاركة المباشرة في القتال، مما قد يزيد من فرص اندلاع حرب إقليمية.
وخلّفت مئات الغارات الإسرائيلية على أهداف لحزب الله في مناطق عديدة في لبنان، الإثنين، 492 قتيلا، بينهم 35 طفلا، وفق السلطات اللبنانية، في أعنف قصف جوي على الإطلاق يستهدف هذا البلد منذ بدء تبادل إطلاق النار على جانبَي الحدود قبل نحو عام على خلفية الحرب في غزة.
وأرسلت إسرائيل رسائل إلى الإدارة الأميركية، خلال الأيام القليلة الماضية، موضحة أنها قررت تصعيد هجماتها على حزب الله في محاولة لدفع الجماعة، المصنفة إرهابية بالولايات المتحدة ودول أخرى، لوقف القتال على طول الحدود.
ووفقا لمصادر الصحيفة، فقد تم عرض هذا الموقف من قبل وزير الدفاع، يوآف غالانت، الذي يتواصل باستمرار مع نظيره الأميركي لويد أوستن، مشيرة إلى أنه بينما لم تعرب واشنطن عن معارضتها، لم تكن مقتنعة أيضا بأن هذه الخطوة ستنجح.
وفي إحدى محادثاته مع غالانت، خلال الأيام القليلة الماضية، أعرب أوستن عن قلقه من أن تحرك إسرائيل سيؤدي إلى تصعيد قد يستمر لأسابيع إن لم يكن لشهور.
وحضّت الولايات المتحدة مواطنيها على مغادرة لبنان، مؤكدة في الوقت عينه مواصلة العمل على لجم التصعيد، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها بصدد إرسال "عدد محدود" من القوات الإضافية إلى الشرق الأوسط، بدون أن تذكر تفاصيل إضافية.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، الإثنين "نعمل على احتواء التصعيد"، وكان أشار إلى أن الولايات المتحدة "ستبذل قصارى جهدها لتجنب اندلاع حرب أوسع نطاقا".
وفي السياق ذاته، واصل المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان، عاموس هوكستين، جهود الوساطة بين الأطراف حتى نهاية الأسبوع الماضي. كما حاولت الحكومة الفرنسية، التي تحتفظ بعلاقات مع جميع الكيانات السياسية في لبنان، بما في ذلك حزب الله، اقتراح صيغة جديدة لوقف التصعيد.
ومع ذلك، تعترف الإدارة الأميركية بأن هذه الجهود لم تنجح حتى الآن، وأن فرص نشوب حرب شاملة قد زادت بشكل كبير في الأيام الأخيرة.
وعلنا، أوضحت الصحيفة، أن الإدارة الأميركية، قدمت حتى الآن دعما كاملًا لأعمال إسرائيل. حتى أن كبار مسؤولي البيت الأبيض أشادوا ببعض عمليات الاغتيال الإسرائيلية لكبار قادة حزب الله المتورطين في هجمات سابقة ضد الولايات المتحدة.
ومع ذلك، يشعر البيت الأبيض بالقلق من أن رد حزب الله على الضربات الإسرائيلية قد يؤدي إلى غزو بري إسرائيلي لجنوب لبنان، وهي خطوة ستجد الولايات المتحدة صعوبة في دعمها. وتقدّر الإدارة أنه في هذه المرحلة، لم يتخذ المسؤولون السياسيون والأمنيون بإسرائيل قرارًا بعد بتنفيذ مثل هذا الغزو، وبالتالي فقد حذروا إسرائيل من العواقب المحتملة.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير مشارك في المحادثات مع الإدارة الأمريكية لصحيفة هآرتس إن الاستراتيجية التي اتبعتها الإدارة في الأشهر الأخيرة - محاولة منع التصعيد في الشمال من خلال المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب في غزة - فشلت بسبب الفجوات الكبيرة بين إسرائيل وحماس في المحادثات، وكذلك الصعوبة في التواصل مع زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار.
ولا تمتلك الإدارة حاليا استراتيجية بديلة، وبالتالي تقتصر على الحوار المستمر مع المسؤولين الإسرائيليين والحكومة اللبنانية، محاولة ضمان ألا يؤدي تبادل إطلاق النار بين الأطراف إلى غزو بري إسرائيلي أو سقوط ضحايا مدنيين بشكل جماعي، وفقا للصحيفة.
في سياق متصل، قال مسؤول أميركي لفرانس برس، الإثنين، أن الولايات المتحدة بصدد تقديم "أفكار ملموسة" لاحتواء الأزمة في لبنان، مجددا معارضة واشنطن غزوا بريا إسرائيليا يستهدف حزب الله.
ومع توافد قادة العالم إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال المسؤول الأميركي الرفيع طالبا عدم ذكر اسمه "لدينا أفكار ملموسة سنناقشها مع حلفائنا وشركائنا هذا الأسبوع لمحاولة إيجاد سبيل للمضي قدما على هذا الصعيد".
وأضاف أنّ الولايات المتحدة تسعى لإيجاد "مخرج يمنع في المقام الأول مزيدا من التصعيد في القتال".
وأعرب عن أمله بأن تتيح المقترحات الأميركية "خفض التوترات والانتقال إلى عملية دبلوماسية تتيح للمجتمعات على جانبي الحدود، على جانبي الخط الأزرق، أن تعود بأمان إلى ديارها في المستقبل القريب".
ولم يشأ المسؤول شرح الأفكار الملموسة بشكل مفصّل، لكنه أشار إلى أنّ وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، وغيره من كبار المسؤولين الأميركيين سيناقشونها خلال اجتماعات ستعقد على هامش أعمال الجمعية العامة.
والاثنين، قال بلينكن إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع مزيد من التصعيد، لكنه لم يوضح كيف تعتزم الإدارة تحقيق ذلك.
والأسبوع الماضي، أعرب عن إحباطه من تأثير التصعيد الشمالي على محادثات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة، قائلاً إنه "مرارا وتكرارا" تعطل الأحداث الخارجية المفاوضات في اللحظات الحرجة.
ومع ذلك، على عكس التفاؤل الذي أعرب عنه لعدة أشهر بشأن محادثات وقف إطلاق النار، لم يكرر بلينكن في الأيام الأخيرة تصريحات مفادها أن الاتفاق في المتناول، أو أن الفجوات المتبقية صغيرة. على العكس من ذلك، أجلت الإدارة خطتها لتقديم اقتراح وساطة جديد، وفقا لهآرتس.
ومن المتوقع أن يلتقي بلينكن في الأيام القادمة بعدد من قادة الشرق الأوسط الذين يحضرون الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما من المقرر أن يصل نتانياهو إلى نيويورك قبل مخاطبة الجمعية العامة، الجمعة، ولكن اعتمادا على الوضع في الشمال، قد يضطر إلى إلغاء الزيارة، وفقا للصحيفة التي أشارت إلى أنه لم يتم اتخاذ قرار المشاركة بعد.