ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان وشرقه، الاثنين، إلى 558 قتيلا
ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان وشرقه، الاثنين، إلى 558 قتيلا

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، عن موجة جديدة من الهجمات ضد أهداف يقول إنها تابعة لحزب الله في لبنان، وذلك بعد يوم دام من الغارات التي قتلت المئات وجرحت الآلاف، فيما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن سقوط 6 قتلى و15 جريحا، اليوم، وذلك في خضمّ تصعيد غير مسبوق منذ بدء تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل قبل نحو عام.

وقال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الثلاثاء، إنه يجب عدم منح حزب الله أي فترة راحة، وإن الهجمات على الحزب في لبنان ستتسارع.

وأضاف هاليفي بعد إجراء تقييم أمني "الوضع يتطلب عملا مكثفا ومتواصلا على كل الساحات".

وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الثلاثاء، إن الجيش شن غارة بشكل محدد في منطقة بيروت.

وأفادت مراسلة "الحرة" في بيروت بوقوع غارة إسرائيلية استهدفت مبنى بمنطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية

وأوردت وزارة الصحة اللبنانية في بيان أن الغارة الإسرائيلية على الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت أدت إلى  مقتل ستة أشخاص وإصابة 15 بجروح، في "حصيلة أولية".

من جانبه أعلن وزير الصحة اللبناني، فراس الأبيض، الثلاثاء، ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان وشرقه، الاثنين، إلى 558 قتيلا غالبيتهم "من العزل الآمنين"، وأكثر من 1800 جريح، في أعلى حصيلة تسجّل في يوم واحد منذ حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله.

وقال الوزير في مؤتمر صحفي إن الحصيلة المحدثة لغارات الاثنين بلغت 558 شخصا بينهم 50 طفلا و94 امرأة "غالبيتهم العظمى من العزل الآمنين الذين كانوا في منازلهم".

وأشار إلى إصابة 1835 شخصا مع "بلوغ عدد المستشفيات التي شاركت في استقبال الجرحى أمس 54 مستشفى".

وأفادت حصيلة سابقة لوزارة الصحة في وقت متأخر الاثنين عن سقوط 492 قتيلا و1645 جريحا جراء الغارات.

واعتبر الأبيض أن أعداد القتلى والجرحى "تنافي كل الكذب الإسرائيلي بأن الاستهداف يطال قوات مقاتلة".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أنه شن غارات جوية على نحو 1600 هدف في جنوب لبنان والبقاع (شرق). وكانت هذه الهجمات الأعنف منذ بدء التصعيد بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في أكتوبر الماضي على خلفية الحرب في قطاع غزة.

وردا على الغارات، أعلن حزب الله أنه قصف بالصواريخ مواقع عسكرية إسرائيلية ومصنعا لمواد متفجرة قرب حيفا.

ونفذت إسرائيل غارة، يوم الجمعة الماضي، على الضاحية الجنوبية لبيروت أسفرت عن مقتل 16 عنصرا في الحزب، أبرزهم إبراهيم عقيل، قائد قوة الرضوان، وهي وحدة النخبة في الحزب.

وبحسب الوزير، ارتفعت حصيلة قتلى هذه الغارة إلى 55، بينهم سبعة أطفال. وكانت الحصيلة السابقة للوزارة تفيد عن 45 قتيلا جراء هذه الغارة.

وقتل المئات من عناصر حزب الله والمدنيين اللبنانيين وأصيب الآلاف بجروح نتيجة القصف الإسرائيلي منذ أكتوبر الماضي، فيما قتل وأصيب العشرات من عناصر الجيش الإسرائيلي والمدنيين الإسرائيليين نتيجة القصف من حزب الله باستخدام الصواريخ والمسيرات.

العمليات الإسرائيلية ألحقت دمارا واسعا في جنوب لبنان - أسوشيتد برس
العمليات الإسرائيلية ألحقت دمارا واسعا في جنوب لبنان - أسوشيتد برس

تبحث إسرائيل إمكانية البقاء بمواقع محددة في جنوب لبنان، وذلك بالتزامن مع قرب انتهاء مهلة الستين يوما التي كان من المقرر أن تنسحب خلالها قواتها من جميع القرى والبلدات والمواقع الحدودية، بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار وقع في أواخر نوفمبر الماضي.

وأفادت القناة 13 الإسرائيلية بأن حكومة، بنيامين نتنياهو، توجهت بطلب لإدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بشأن إمكانية بقاء الجيش الإسرائيلي في خمسة مواقع جنوبي لبنان.

وتطرح تساؤلات عن إمكانية اشتعال الحرب مجددا مع قرب انتهاء مهلة الشهرين وعن السيناريوهات المتوقعة في حال عدم انسحاب القوات الإسرائيلية.

ويقول الباحث والمحلل السياسي، طارق أبو زينب، إن "المخاوف تتزايد من احتمال انهيار الهدنة القائمة بين لبنان وإسرائيل في ظل تطورات تنذر بتصعيد محتمل".

خطوة استفزازية

وأشار في حديثه لموقع "الحرة" إلى أن طلب حكومة نتنياهو من إدارة ترمب السماح للجيش الإسرائيلي بالبقاء في خمسة مواقع جنوب لبنان "يُعد خطوة استفزازية وخطيرة تهدد استقرار الوضع الهش في المنطقة. هذا الطلب قد يثير حفيظة حزب الله الذي يعتبر أي وجود إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية تجاوزا صريحا للخطوط الحمراء، مما قد يدفع إلى رد فعل قد يشعل فتيل مواجهة أوسع".

وأضاف "ورغم أن احتمالات اندلاع حرب شاملة تبدو منخفضة في الوقت الراهن، إلا أن المخاطر تظل قائمة. القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، تبذل جهودا دبلوماسية مكثفة لمنع انزلاق المنطقة نحو حرب قد تكون كارثية، خاصة مع التحديات الإقليمية المتفاقمة".

ولفت أبو زينب إلى أن "السيناريو الأرجح حتى الآن هو استمرار التهدئة الهشة مع احتمالات التصعيد المحدود، كإطلاق صواريخ متفرقة من جنوب لبنان أو ضربات إسرائيلية محدودة تستهدف مواقع معينة، وهو ما يُستخدم من قبل الطرفين كرسائل تحذيرية متبادلة دون التورط في مواجهة شاملة".

وتابع "لكن هذا التوازن المؤقت قد ينهار في أي لحظة، خاصة إذا فشلت الجهود الدولية في احتواء الأزمة أو تغيرت الحسابات السياسية لأي من الطرفين".

كما تحدث عن قيام وسائل إعلام محسوبة على حزب الله ببث رسائل مكثفة خلال الأيام الأخيرة، تُبرز "جهوزية المقاومة" و"قدرتها على فرض معادلات جديدة"، وهو ما وصفه بـ"محاولة لتعبئة الحاضنة الشعبية لأي تطورات محتملة بعد انتهاء الهدنة".

وأفادت مراسلة "الحرة" في بيروت، الخميس، بأن لقاء سيعقد بين رئيس لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي، جيسبر جيفرز، ورئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، بحضور السفيرة الأميركية في لبنان، ليزا جونسون.

وذكرت القناة 13 الإسرائيلية، الخميس، أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) سيجتمع مساء اليوم لبحث مسألة انتشار الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، وقالت إن الاجتماع يأتي "عقب طلب نتنياهو من ترمب السماح ببقاء الجيش في مواقع بجنوب لبنان".

ويطالب الجيش الإسرائيلي بتمديد بقائه بمناطق في الجنوب اللبناني، لمدة 30 يوما على الأقل لإنهاء ما وصفه بـ"المهام الأمنية الضرورية"، بحسب ما جاء في تقرير أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت، الأربعاء.

الحرب قد تشتعل مجددا

ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، أن الحرب قد تشتعل مجددا في حال عدم انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وعودة حزب الله إلى القرى والمناطق الحدودية وإطلاقه الصواريخ على إسرائيل.

وقال في حديثه لموقع "الحرة" إن "القضية الأولى هي أن الجيش اللبناني لم ينتشر في جنوب لبنان كما كان مخططا له، وعليه إسرائيل لا تستطيع أن تنسحب من هذه المواقع (في الجنوب) طالما أن الجيش اللبناني لم ينتشر في كافة أنحاء الجنوب".

وأضاف "ثانيا كما سمعنا يوم أمس (الأربعاء) من قائد المنطقة الشمالية، فهناك خروقات جمة من قبل حزب الله، وهذه الأمور لا يمكن أن تمر مرور الكرام، لأن حزب الله يخرق الاتفاق وربما يتهيأ للقيام بعمليات تخريبية" على حد وصف نيسان.

وتابع "ثالثا هناك كما عُلم أن إسرائيل توجهت إلى ترمب بطلب تمديد بقاء القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان، حتى يشعر السكان في شمال إسرائيل بالأمان، ولضمان عدم عودة مخربي حزب الله إلى القرى في جنوب لبنان، والاستعداد للقيام بعمليات تخريبية" على حد تعبيره.

ولفت إلى أنه "سنرى ماذا سيكون الرد الأميركي، خاصة أن الولايات المتحدة هي أحد أطراف اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وسمعت من بعض المتحدثين في حزب الله قولهم إن على إسرائيل أن تنسحب من جنوب لبنان، وإذا لم تنسحب فإن ما كان قائما خلال ستين يوما سيتغير".

وأشار "إذا حزب الله بدأ يهدد بإطلاق الصواريخ، وانهار اتفاق وقف إطلاق النار، فإن إسرائيل ستضربه في كافة المناطق اللبنانية".

وختم حديثه قائلا "إذا لم ينتشر الجيش اللبناني في الجنوب، وحاول حزب الله الانتشار في الجنوب، فإسرائيل لن تقبل بذلك أبدا".