الغارة الجوية في جباليا أواخر أكتوبر خلفت حفرة عميقة - أرشيفية - فرانس برس
الغارة الجوية في جباليا أواخر أكتوبر خلفت حفرة عميقة - أرشيفية - فرانس برس

بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في لبنان، تستمر التحركات للوصول إلى اتفاق مماثل في قطاع غزة، وسط استمرار المساعي المتعلقة بهذا الشأن وخاصة من مصر والولايات المتحدة.

ونقل مراسل "الحرة" في تل أبيب عن وسائل إعلام محلية عدة، قولها إن وفدا من جهاز المخابرات المصري سيصل إلى إسرائيل، الخميس، لمناقشة خطة لوقف الحرب في قطاع غزة.

ووفقًا للتقارير، ستطرح مصر مقترحا يشمل وقف إطلاق نار لمدة تتراوح بين شهر وشهرين، يتم خلاله إطلاق سراح الرهائن تدريجيا مع إعطاء الأولوية لكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة. وخلال هذه الفترة، ستستمر المفاوضات بشأن طبيعة العمليات العسكرية الإسرائيلية، بهدف تقليل حدة الضربات الإسرائيلية على القطاع.

كما أفيد أن مسؤولين مصريين أكدوا أن الخطة تشمل بدء وقف إطلاق النار بعدة أيام يتم خلالها تقديم حركة حماس قائمة تفصيلية بالمختطفين الأحياء، لتتم مناقشة آلية الإفراج عنهم. وتتضمن الخطة أيضا فتح معبر رفح بشكل فوري تحت إشراف السلطة الفلسطينية ودول أوروبية، مع ضمانات مصرية بعدم سيطرة حماس على المعبر. ومن المقرر أن يشهد وقف إطلاق النار تسريع دخول المساعدات إلى القطاع، بما في ذلك أدوية للمختطفين.

ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، أن محاولات وقف إطلاق النار في غزة يجب أن تُستأنف، ولكن لا توجد مؤشرات جدية بشأن ذلك.

ويقول في حديثه لموقع "الحرة" إنه لا يرى أي بوادر بشأن هدنة في غزة، أو تغيير بمواقف حماس وإسرائيل.

ويوضح أن "حماس لا تزال متمسكة بنفس المبادئ والمطالب، ولا أرى احتمال حدوث تغيير في ذلك، وأيضا إسرائيل متمسكة برفض الانسحاب الكامل من غزة وإنهاء الحرب".

وأضاف شتيرن "أعتقد أن ما يمكن إنجازه هو صفقة جزئية فقط، وبعد ذلك قد تكون هناك مصلحة للطرفين بالتقدم (في مسار الحل)، ولكن حاليا لا توجد بوادر إيجابية تدل على أننا اقتربنا من إبرام صفقة".

وتطالب حماس بوقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة للبدء بعملية تفاوض والتوصل إلى صفقة تبادل مع إسرائيل، فيما يعارض رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، ذلك، ويصر على بقاء القوات وخاصة في محور فيلادلفيا عند الحدود مع مصر وممر نتساريم في وسط القطاع.

من جهة أخرى، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أن مسؤولين مصريين أجروا اتصالات مع فريق الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، لمعرفة مدى إمكانية تدخل الأخير لإقناع إسرائيل بالتنازل عن بعض مطالبها، مثل إنشاء منطقة عازلة بين إسرائيل وغزة. وأشارت الصحيفة إلى أن مصر أبلغت حماس أن نتانياهو يرفض بشكل قاطع انسحابا إسرائيليا كاملا من القطاع.

وتأتي هذه التحركات في إطار جهود إقليمية ودولية لتهدئة الأوضاع المتوترة في غزة، وسط مساع لتحقيق توازن بين المتطلبات الإنسانية والمطالب السياسية والأمنية للأطراف المعنية.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية
الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يدخلان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، 7 أبريل/نيسان 2025. رويترز - صورة أرشيفية

 يحاول المسؤولون الإسرائيليون التظاهر بعدم الاكتراث في تعاملهم مع تجاهل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لهم في رحلته إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، لكن الواقع هو أن قراره يزيد القلق في إسرائيل بشأن وضعها بالنسبة لأولويات واشنطن.

فبعد أيام قليلة من الإعلان عن خطط لعملية عسكرية موسعة في غزة، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس الأحد إن الولايات المتحدة أبلغته باتفاق لإطلاق سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي، إيدان ألكسندر، بعد محادثات بين واشنطن وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) لم تشمل إسرائيل.

وأثار ترامب، الذي سيزور السعودية وقطر والإمارات، ذعر إسرائيل الأسبوع الماضي بإعلانه فجأة أن الولايات المتحدة ستتوقف عن قصف الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، بعد أيام من سقوط صاروخ أطلقته الحركة بالقرب من المطار الرئيسي في إسرائيل.

وكتب إيتمار آيشنر المراسل الدبلوماسي لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في تعليق يعكس ما قاله معلقون إعلاميون عبر مختلف ألوان الطيف السياسي، "كانت الرسالة واضحة للمنطقة: إسرائيل لم تعد على رأس أولويات الولايات المتحدة".

وقال مسؤول إسرائيلي إن إعلان ترامب بشأن الحوثيين كان "محرجا إلى حد ما" وإن تصرف الرئيس "سلاح ذو حدين".

وتعقد إسرائيل محادثات مع الولايات المتحدة بشأن مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب، ويقول مسؤولون إن العلاقات على المستوى الرسمي لا تزال قوية، لكن بعض المسؤولين يُقرون بصدمتهم من قرارات ترامب.

وقال مسؤول كبير في دائرة نتانياهو، طلب عدم الكشف عن هويته، إن هناك "فوضى" في إدارة ترامب، حيث يعتمد كل شيء على ما يقرره الرئيس في أي لحظة. وأضاف المسؤول أن ذلك يُفيد إسرائيل أحيانا ويُضر بها أحيانا أخرى.

وزاد القرار المتعلق بالحوثيين، الذي لم يُناقش مع إسرائيل مُسبقا، قلق إسرائيل إزاء المحادثات الأميركية مع إيران بشأن برنامج طهران النووي، والتي قد تضعف أي تهديد إسرائيلي بعمل عسكري ضد عدوها اللدود.

وزاد قلق إسرائيل أكثر بعد أن ذكرت وكالة رويترز أن الولايات المتحدة لم تعد تطالب السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل كشرط لإحراز تقدم في محادثات التعاون النووي المدني.

وقال وزير الخارجية، جدعون ساعر، أمس الأحد "نحن ننسق. هذا لا يعني ضرورة الاتفاق التام 100 بالمئة على كل قضية. الولايات المتحدة دولة ذات سيادة. إسرائيل دولة ذات سيادة. لكنني أعتقد أن لدينا أرضية مشتركة كبيرة للغاية في المواقف مع هذه الإدارة أكثر من أي وقت مضى".

وعقد آدم بولر مفاوض ترامب بشأن الرهائن في مارس ما وصفته حماس باجتماعات "مفيدة للغاية" مع الحركة، تجاوزت إسرائيل وركزت على إطلاق سراح ألكسندر.

وفي الأسبوع الماضي، نفى السفير الأميركي، مايك هاكابي، أن يكون ترامب ينأى بنفسه عن إسرائيل. وقال إن العلاقة غالبا ما توصف بأنها متينة، وأن "هذه الكلمة لا تزال سارية".

وأضاف "لقد كان الرئيس ثابتا في دعمه وشراكته، وليس لدي ما يدعو للاعتقاد بأن ذلك لن يستمر".

"فوضى"

تعرض نتانياهو وحكومته لانتقادات، الاثنين، على الرغم حتى من تطلع الإسرائيليين لإطلاق سراح ألكسندر، مع زيادة الإدراك لدى الجمهور بأن للدولتين الحليفتين أولويات مختلفة.

قال جاك جوتليب وهو متقاعد من تل أبيب "كل ما هنالك أنه لا توجد قيادة الآن". وأضاف أنه "لا شك" في أن الصفقة أُبرمت من وراء ظهر نتانياهو، أو أن برنامجي العمل الأميركي والإسرائيلي يختلفان في الوقت الراهن.

ومضى يقول "في الوقت الحالي، كل يركز على مصلحته".

ولم يكن أمام نتانياهو خيار سوى قبول قرار التوقف عن قصف الحوثيين، الذين أوضحوا أنهم لن يتوقفوا عن محاولة ضرب إسرائيل بإطلاق صاروخ آخر بعد ذلك ببضعة أيام.

اعتمدت إسرائيل على الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي منذ قيامها عام 1948. وأي تراجع في الاهتمام الأميركي، في ظل الضغوط الدولية التي تواجهها إسرائيل بسبب حرب غزة، من شأنه أن يشكل ضربة قاسية.

وسلط قرار إسقاط مطلب تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل الأضواء على الضرر الذي لحق بإسرائيل على الصعيد الدولي بسبب هذه القضية. والهدف من إسقاطه تجاوز إصرار الرياض على موافقة إسرائيل على التحرك نحو تسوية مع الفلسطينيين.

كان ضم السعودية إلى الإمارات والبحرين في تطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم خلال ولاية ترامب الأولى هدفا رئيسيا لنتانياهو، لكنه تأجل إلى أجل غير مسمى على ما يبدو.

وواجه جو بايدن، سلف ترامب، انتقادات لاذعة من المتشددين الإسرائيليين بعد وقف تصدير بعض الذخائر الثقيلة التي تستخدم في غزة وفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين ينتهجون العنف في الضفة الغربية.

وعلى النقيض من ذلك، تحدى ترامب في ولايته الأولى الرأي العام العالمي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، التي تعتبرها إسرائيل عاصمة لها، واعترف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان التي احتلتها من سوريا في حرب عام 1967.

وقال مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق إنهم يدركون المخاطر التي تواجهها إسرائيل في ظل وجود رئيس لا يمكن التنبؤ بسلوكه مثل ترامب، والذي لم يبد أي تردد في الانقلاب على حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين.

وقال أحدهم "لكن ليس لدينا خيار آخر".